الثلاثاء، 2 أبريل 2013

لماذا لا يجدي الوعظ الديني ؟!

لماذا لا يجدي الوعظ الديني ؟!



قبل أيام حضرت محاضرة ضافية لأحد المشايخ الكرام ، و قد كان خطيبا بليغا رائعا فقد تحدث عن سلوك الانسان المسلم تجاه موارد الحياة و شخّص المشكلة في سوء التصرف الحاصل خصوصا في التبذير و الاسراف ، لقد حمل خطيبنا سلوك الناس العاديين جل مصائب ارتفاع الاسعار و ضيق المعيشة ، و ختم بسرد صور رائعة من سلوك سلف هذه الامة و كيف ضربوا المثل العليا في الاقتصاد و الزهد و الانصراف عن الدنيا و زبرجها و زينتها .
بعد الخطبة العصماء كان فضيلة الشيخ و جمع من الناس مدعويين لمائدة في منزل أحد الأعيان و كنت حاضرا و قد هالني حجم الاسراف و التبذير في تلك المناسبة ، لقد كان صحن الطعام الواحد يحمل ذبيحة كاملة تكفي لثلاثين نفرا و قد تحلق حولها اربعة أشخاص ، فضلا عن صنوف الفواكة و السلطات و الحلويات .
تساءلت في نفسي أين ذهبت المحاضرة القيمة التي استمعنا لها قبل قليل؟ لماذا لم ينطق الشيخ الكريم بحرف في هذا المحفل ؟ لماذا يصمت عندما يكون الاسراف من أجله ؟ أفصحت لصاحبي عما يختلجني ، و قلت له: سأقوم لأكلم الشيخ بذلك لا يجوز السكوت عن هذا ، فأمسك صاحبي بيدي قائلا : "تكفى خلنا نخلص غدانا و نتقهوى و بعدين سو اللي تبي ، لأنك إذ تكلمت بننطرد و لا راح يتغير شي" .
هذه الحادثة ذكرتني بقصة الخليفة هارون الرشيد الذي كان يذهب لأحد الوعاظ فيقول له :عظني ، فيبدأ الشيخ بذكر أهوال القيامة و ما يجري على الناس فيها ، فيبكي الرشيد حتى يغمى عليه ، فإذا أفاق ألتفت للشيخ و قال له : زدني ، فيعاود الشيخ الى آيات التقريع و الوعيد، ويزداد بكاء الرشيد حتى يغمى عليه و هكذا ، و ما إن تنتهي جلسة الوعظ هذه و يجن الليل على بغداد حتى يُحيي الخليفة جلسة السمر على انغام الطنبور و هز البطون .
هكذا ننافق أنفسنا و نمارس التناقض بين القول و العمل ، هكذا يكون سلوك النخب من مشايخ و مثقفين و وجهاء ، هكذا نتغنى بالقيم العليا الرائعة في الخطب الرنانة ثم ننساها في ارض الواقع .
في الحقيقة أن هذه السالفة العابرة هي نموذج مصغر عن عشرات السلوكيات التي نعيشها في ارض الواقع ، وهي تقدم لنا تفسيرا للكثير من الظواهر الاجتماعية (النفاقية) و هي تجيب على سؤال : لماذا لا تجدي محاضرات الوعظ الديني ؟!

الأربعاء، 20 مارس 2013

حنظل الظلم

حنظل الظلم



خلق الله الناس سواسية كأسنان المشط لا تفاضل بينهم و حرم الظلم على نفسه  و جعله بينهم محرما ، و بالرغم من كثافة النصوص المقدسة التي تنهى عن الظلم و بالرغم من كونه مكروه طبعا و فطرة إلا أن الانسان لا ينفك عن ممارسته و إيقاعه على من هم دونه ومن قدر عليهم .
و بعيدا عن التنظيرات الشرعية أو الاجتماعية أو القانونية فإن للظلم وجه نفسي قاسي على المظلوم لا يفهمه و يستطيع قراءته إلا من كرع من كأسه المر .
إن للظلم مرارة أشد من الحنظل و خشونة أشد من مبرد حديد و قسوة أشد من الفولاذ و حرارة أشد من القطران .
ألم الظلم يشوه النفس البشرية و يجعلها شبحا مخيفا ، حتى يتمنى المظلوم الموت على الحياة .
و أشد على الانسان أن يرى ظلما واقعا على أحبة و أخوة له فلا يقدر على الدفع عنهم ، و هنا نسترد صورة من كربلاء حين رأى امام المظلومين أهل بيته و اصحابه يجزرون ظلما و عدوانا  فلا يستطيع الدفع عنهم ، فقال لأبن أخيه : يعز على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا ينفع .
و عبر التاريخ تحمل الشرفاء عذابات الظلم القاسي و كأنه قدر لهم و كأن المظلومية شرف عزيز المنال ، فاكتوى به خلق هم أطهر من الماء القراح و أطيب من المسك الفواح ، و أدمى لعذاباتهم قلوب الاشراف ، فهذا رسول الله عليه الصلاة و السلام يمر على آل ياسر و هم يعذبون ظلما في الله ، فيدمى قلبه و يصبرهم و يعدهم الجنة .
نعم أنه الصبر الذي لا بديل عنه ، و لا يهون الظلم  إلا رب العدل ، فهو بعينه كما قال الحسين عليه السلام " هون ما نزل بي أنه بعين الله" .

السبت، 16 مارس 2013

مشاهدات : معرض الرياض للكتاب 2013

مشاهدات
معرض الرياض للكتاب 2013



أسدل الستار أخيرا عن معرض الرياض الدولي للكتاب للعام 2013 بعد عشرة أيام استثنائية عاشت فيها المملكة ربيع الكتاب ، و ارصد لكم هنا بعض مشاهداتي :
-         من خلال حضوري السنوي لمعرض الرياض منذ 2006 لم  اشهد ازدحاما و كثافة في الحضور كما حدث هذا العام و رسميا فقد تجاوز عدد زوار المعرض حاجز المليوني زائر .
-         عدد الدور المشاركة ايضا كان قياسيا إذ كان دون الالف بقليل ، و قامت ادارة المعرض بإضافة قاعة جديدة مختصة بكتب الاطفال لإستعاب الزيادة في عدد الدور .
-         كما استمرت ظاهرة شراء الكتب بشكل استهلاكي و كميات كبيرة فقد تجاوزت مبيعات المعرض الثلاثة و الستون مليونا ، بالاضافة لأستمرار حضور القوائم بأيدي المشترين ، و قد طغى حضور الشباب من الجنسين على الكهول و كبار السن  .
-         توزعت اهتمامات الجمهور بين الكتب السطحية و بين الكتب الفكرية الجدلية ، و مازالت الدور الجاد تشهد كثافة عالية مثل : الانتشار العربي ، دراسات الوحدة العربية ، المركز الثقافي العربي ، دار طوى ، دار جداول ، دار الفارابي .. و غيرها ، بالاضافة الى الدور الشعبية مثل مدارك – المسبار ، جرير ، العبيكان .. ، و استمرت " الشبكة العربية للابحاث و النشر" في توسيع حضورها بطرح عدد من الكتب المميزة فقط طرحت هذه السنة أكثر من عنوان ابرزها .. كتاب الوهابية بين الشرك و تصدع القبيلة ، و كتاب الحراك الشيعي ، و كتاب الجهاد في السعودية ..
-         ارتفع سقف العناوين المعروضة هذا العام و شهدنا نوعا من الانفتاح على حضور كتب التيارات الفكرية التي كانت من المحرمات و ايضا بعض العناوين السياسية .
-         ضيف المعرض هذه السنة كان المملكة المغربية ، و لكننا لم نشهد حضورا مميزا لها ، و لا نعرف الاسباب .
-         استمر غياب الدور العراقية و الدور اللبنانية الشيعية و كذلك الدور السورية عدا دار الفكر التي حضرت هذا العام ، كما شاركت أول مرة دار أطياف من القطيف التي تهتم بنشر النتاج الثقافي من المحافظة .
-         و حضر هذا العام عدد من الدور الاوربية ، و لعل " المركز الاكاديمي للابحاث" المشارك لأول مرة سيكون له حضور بارز إذا استمر بالمشاركة ، حيث يركز في اصداراته على ابحاث و رسائل جامعية مترجمة .
-         يمكن القول ان المعرض كل سنة يتعلم من أخطاءه و يتجاوز بعض السلبيات في التنظيم ، مع وجود بعض الثغرات مثل عدم قدرة بعض الموظفين على الاجابة عن اسئلة الجمهور ، و تعطل موقع المعرض أثناء عملية البحث ، و غياب شبكة الانترنت المفتوحة كما في بعض المعارض الدولية الاخرى  .
-         لوحظ هذا العام تواجد الكثير من الوجوه الاعلامية و الثقافية المعروفة ، و كثيرا ما تصادف بعضا منهم في ردهات المعرض بشكل لم يكن كثيفا كهذا العام ، كما ان العديد من المناطق نظمت الرحلات للمعرض خصوصا من الاحساء و القطيف .
-         بالنسبة للبرنامج الثقافي فقد كان عاديا برأيي و لم يكن له حضور يذكر لولا الملاسنة الحادة بين الروائي عبده خال مع احد الحضور .
-         استمر الحضور الشكلي للهيئة و كان البيع يستمر بالمعرض أوقات الصلاة حتى مع طلب اعضاء الهيئة من العارضين التوقف عن البيع ، و مع اداء الصلاة جماعة وسط المعرض .
-          لم الحظ وجود اي جماعات احتساب كما حصل العام الماضي ، عدا ما قرأنا في الصحف عن توزيع فتيات لحلوى ملصق بها عبارات (احتسابية) و حضور جماعة احتسابية آخر ايام المعرض .
-          عاد هذا العام حضور البائعات في بعض الدور بعد أن منعت العام الماضي دون اي مشاكل تذكر ، و لوحظت هذا العام كثافة حضور الفتيات لمنصات توقيع الكتاب و التصوير مما استدعى استنفار رجال أمن المعرض بل تم إيقاف توقيع أحد الكتب بسبب الفوضى ، كما ان بعض السيدات كن حاضرات بدون غطاء الوجه دون تعرضهن للنصح من الهيئة كما كان يحصل العام الماضي .
-         كان لابد ان يبدد الهدوء الذي شهده المعرض هذا العام فكانت النهاية مثيرة ، حيث شهد بهو فندق مداريم كروان الذي يستضيف ضيوف المعرض احداثا مثيرة في الليلة الختامية للمعرض ، فقد اقتحم (رجال الحسبة) البهو الذي كان يضم تجمعا للضيوف و المثقفين بحضور نسائي بذريعة وجود مخالفات شرعية و حصل احتكاك مما استدعى حضور الدوريات الامنية ، و تم الترويج لوجود المسكرات و الاوضاع المخلة و حالات هروب ، و لكن احد الاخوة الحاضرين أكد أن كل ذلك غير صحيح ، فقد كانت جلسة عادية بحضور نسائي محتشم و معزول  .

الأربعاء، 6 مارس 2013

استطلاع : رجال الدين ... من هم ؟؟

استطلاع : رجال الدين ... من هم ؟؟
أعده : عقيل عبدالله



عرف الانسان منذ أن وجدت المجتمعات تصنيف الافراد الى فئات و جماعات داخل المجتمع الواحد فكل فئة منها تقوم بعمل يتكامل مع بقية الفئات ، فهناك فئة التجار و فئة و الصناع و فئة الفلاحين و هكذا ، كما أن الانسان عرف فئة رجال الدين أو علماء الدين المنشغلين في علوم اللاهوت و هذه الفئة وجدت في كل الاديان السماوية و غير السماوية .
في المجتمعات الاسلامية ايضا نشأت هذه الطبقة و اصبحت لها تقاليد و اعراف مع الزمن ، و لكن الجدل دائر منذ زمن حول هذه الفئة الاجتماعية ، حاولنا فهم ما يدور من نقاشات فطرحنا عدة اسئلة حول طبقة رجال الدين على مجموعة من رجال الدين و الشباب في محاولة لفهم كيف ينظر الى هذه الفئة ..
من هو رجل الدين ؟ هل هناك فرق حقيقي بين رجل الدين و عالم الدين؟
توجهنا بهذا السؤال للشيخ جاسم الحسن فقال : أما مصطلح رجال الدين فإنه بحسب مقالة للسيد جعفر مرتضى مصطلح غير إسلامي وإنما نقل من المسيحية ، وله في تلك الثقافة دلالة سلبية ، ولذلك فاستعماله في ثقافتنا الإسلامية خطأ . وأما عالم الدين فمشترك لفظي ، لكن إن أريد به من يطلب العلوم الحوزوية فهو في اعتقادي امتداد لدور المعصوم في كل الوظائف الممكنة له كإنسان غير معصوم ، فهو ليس متخصصا في العلوم الدينية فحسب ، ولا مبلغا فحسب ، وإنما العلوم وسيلة وآلة يكمل بها نفسه أولا ، وإنما المدار على تكامله المعنوي الذي يؤهله للقيام بوظائف المعصوم. هذا على مستوى المفهوم ، ومصاديقه نادرة لعظمة المفهوم نفسه ومن مصاديقه البارزة مراجع الطائفة .

اما الاستاذ يحيى الجاسم فينقل لنا رأي السيد كمال الحيدري إذ يقول بان هناك فرق بين عالم الدين و عالم الفقه .. و يقول  الجاسم بأن الدين اشمل من ان يكون فقها ..أما اجتماعيا فإن عالم الدين اشارة فورية لعالم الفقه و بون شاسع بين الاثنين .

القاص زكريا العباد  حول هذا الموضوع يقول : بما أن المصطلح متداول فينبغي ادماجه وتعريفه بحسب الكيفية التي يتم تداوله عليها في العرف إذ  ليس لتخطئته كثير فائدة فهو لا يزال قيد الاستعمال بقوة من جهة ، و استخدامه بشكل سلبي في ثقافة لا يدل على سلبية استعماله في ثقافة أخرى، وهو ما أرجحه في الثقافة الشيعية ، و  جرت عادة الأمم النشطة على تحديث معاجمها وإدخال ما استجد في الاستعمال اليومي من مفردات ومصطلحات، ولا أعلم أن لدى الشيعة معجما لكلماتهم ومصطلحاتهم الخاصة، ولذا نسأل الله تعالى أن يوفق العلماء في مؤسساتنا العلمية وخارجها لإنجاز مثل هذا المعجم .
أما كلمة رجل الدين في العرف الشيعي بحسب ادراكي القاصر فهي تتضمن المعاني التالية؛
1- المنشغل بالتفقه في الدين وتبليغه وممارسة إمامة الجماعة بغض النظر عن وسيلته: تعلم شخصي عن طريق الكتاب، عن طريق أساتذة دون انتظام، عن طريق الحوزة
2- المنشغل والمشتغل بالخطابة الحسينية ولكن كلمة رجل الدين أكثر اختصاصا بالصنف الأول وإن شملت الثاني
3- المنشغل بالدرس الحوزوي المتحصل على قدر كبير من التعلم والحاصل على بعض الألقاب المتعارفة في الحوزة

و عن سلبية مصطلح (رجل الدين) يقول العباد : بروز طبقة المثقفين هو ما يصبغ مصطلح رجل الدين بالصبغة السلبية ربما عكسا لما تحمله في الثقافة الغربية من سلبية ،  فنحن إذا بحاجة ربما إلى الحديث عن مصطلحين واستخدامين، أحدهما لدى عموم الشيعة والآخر لدى خصوص المثقفين .


كيف نشأت طبقة رجال الدين في العالم الاسلامي بشكل عام .. و عند الشيعة بشكل خاص
هذا السؤال جدلي و فيه إختلاف بين الناس ، حاولنا ان نجد جوابا فسألنا الباحث عبدالله الرستم فقال : رجال الدين نشأوا وتعلموا فصار ممن يشار لهم بالبنان من خلال عطائهم العلمي، وهم متواجدون في كل بقعة يؤدون رسالتهم العلمية بين الناس.
قد يكون بروزهم في عصر الأئمة الأوائل محدودا، وذلك لغلبة الجانب المسلح على الحياة، ولكن ذلك لايعني عدم تواجدهم !! فوقوفهم مع الأئمة ينبثق من الإيمان والإيمان يصحبه العلم. على خلافه في عصر الأئمة المتأخرين فوجودهم بارز وكانت لهم حلقات كما يذكر المؤرخون.

أما الاستاذ حسين العقيلي فكان جوابه حاسما إذ قال : علماء الدين نشؤا مع نشأة الدين. وكفى

كيف ولدت الالقاب الخاصة بالمشايخ مثل علامة و آية الله وغيرها .. و كيف بدأ  اختصاص السادة بالعمامة السوداء و غيرهم بالبيضاء  .. و هل هذه الحالة يصدق عليها انها كهنوتية؟؟ ما هو حقيقة دور الدولة الصفوية في التشيع ؟؟؟


يجيب الباحث عبدالله الرستم  : الألقاب قد تكون من صنع المؤرخين الذين يضفون آيات التبجيل والثناء للعلماء، مع تحديد توجهاتهم العلمية، وغرض ذلك منحهم مكانتهم السامية لعلمهم، فالمفيد رغم جلالة شأنه وعظم قدره يبقى الاسم البارز له [الشيخ] ومن قبله الصدوق وغيرهما.

اما ما يتعلق بشأن العمامة، فلا أظن أنها ذات أساس ديني!!  فورد في بعض المصنفات أن الأئمة ع لبسوا العمامة الخضراء كما هو موجود عند بعض القبائل العراقية، وتحويلها إلى عمامة سوداء كان في عهد المأمون كعملية استقطاب سياسي للشيعة ونحو ذلك ، ولا داعي لتضخيم المسألة ووصفها بالكهنوتية!!

أما الاستاذ عبدالله العلي فيقول : بالنسبة للألقاب يبدو لي أنها متأخرة جاءت نتيجه صناعة حالة من تحديد المستوى العلمي.
الاستاذ أحمد العقيلي ينقل لنا عن مقدمة ابن خلدون التالي :
الحديث عن الكهنوت والكهان في اليهودية
" .... الكاهن هو القائم بأمور دينهم وكأنه خليفة موسى(ع) يقيم لهم امر الصلاة والقربان ، ويشترطون فيه أن يكون من ذرية هارون (ع) لان موسي لم يُعقب ،، الخ "
ثم جاء المسيح (ع) ومن معه من الحواريين الاثني عشر ، وكان القائم بأمور الدين والطقوس يسمونه البطرك ، وهو رئيس المله عندهم وخليفة المسيح فيهم ، ثم الاسقف وهو نائب البطرك ، ثم القسيس وهو الامام الذي يقيم الصلوات ويفتيهم في الدين ، ويسمون المنقطع الذي حبس نفسه للعبادة بالراهب .!
والاساقفة يدعون البطرك بالاب تعظيماً له ، او البابا ومعناها ابو الاباء
هل سوف تجد تفصيل لمراتب ومسميات علماءنا كما هو مفصل عند غيرنا ؟

الاستاذ انور البديوي: يرى أن هذه المسميات اطلقت على علمائنا تبعا لأحاديث مثلاً كلمة حجة الله مأخوذه من حديث مضمونه (فهم حجتي عليكم وانا حجة الله عليهم....الخ) اما (ايه الله) فكل الخلق ايه لله ولكن يطلق (آيه الله) لمن كان علمه بلغ من العظمه مبلغ بحيث لو رأيت علمه لبهرك به واما الشيخ فكلمة الشيخ تطلق في العربية منذ القدم ..  

يضيف الاستاذ البديوي :  أظن ان العلماء الصاديقين لايسعون وراء الألقاب بل الألقاب هي تسعى إليهم وأظن انه لايمكن ان نشبه علمائنا بهؤلاء الكفره الذين حرفوا دين الله بل علمائنا هم من حافظواعلى علوم اهل البيت وحملواعلى اكتافهم ثقل هذه المسؤليه على مرور الزمن فجزاهم الله خيرا عن الاسلام وأهله.

 السيد محمد العلي يقول : اذكر من قرائتي ان لم تخني الذاكرة ان بعض المصطلحات لم تكن موجودة كما يذكر الشيخ محمد مهدي شمس الدين وبأنه هو ومجموعة من الطلبة من اخترعوا لقب زعيم الحوزة وذلك في مقابل بعض التيارات التي كانت منتشرة في العراق ثم تدرج الوضع لتصبح مثل الرتب العلمية .

و ينقل لنا الشيخ رياض السليم عن كتاب الأوائل أن أول من لبس من الفقهاء لباسا ميزه عن العامة هو القاضي أبو يوسف تلميذ أبو حنيفة وناشر مذهبه ، وأما استحداث الألقاب في وسط المذهب الشيعي فتم في عصر الدولة الصفوية في القرن العاشر، وقبل هذا لم يكن متداولا إلا لفظة واحدة وهي شيخ وكانت تطلق على الاستاذ الكبير وكثيرا ما يقرن بالذي يعطي إجازة.

و تحدث الاستاذ حيدر الحسن عن الكهنوتية في الاسلام فقال : تعاليم الإسلام أبعدتنا عن الكهنوتية، لكننا تحت تأثير التقاليد وتقديس العلم (عالم الدين؟) أصبح هناك ما يجرنا إلى (شيء من) الكهنوتية، شعرنا أم لم نشعر. وهنا تفريع: عمليا نحن لا نقدس العلم، بل نقدس العلم الشرعي فقط، ربما تحت تأثير مغناطيس مفردات العدالة والورع والاجتهاد والفقيه الرباني.. .الخ، التي قادتنا إلى ثقة عمياء لم تفدنا بشيء ... بل على العكس: أصبحنا لا نعرف الأعلم.... ولا الأكثر ورعا... ولكي نرفع مرجعا، نحجم آخر!

و عن اثر السياسة في التشيع  يقول الباحث عبدالله الرستم  ما أتصوره فإن الدولة الصفوية دعمت رجال الدين بحكم التشيع لتحافظ على مكانتها كدولة ذات سيادة ، ولكن معظم الحكومات استقطبت رجال الدين وأعطتهم مناصب عالية، بالإستحقاق أو بدونه ، مثال: الشيخ الطوسي أعطي أعظم منصب في الدولة البويهية [كرسي الكلام].
****
 و إياً تكن الاراء يبقى مفهوم " رجل الدين" محل جدل و أختلاف رأي رغم الدور المهم و المحوري لهذه الطبقة المهمة في المجتمعات الدينية ، و هذا الاستطلاع الذي سعى لبحث هذا المفهوم هو بالتأكيد غير كاف و لكنه خطوة في مسيرة طويلة ..


الأحد، 24 فبراير 2013

عقل معتقل

عقل معتقل


كنت أظن ان الانسان إذا تعرض للاضطهاد و الاستضعاف و المطاردة في فكره و عقيدته فإنه سيكون أكثرقدرة و رغبة في الانفتاح على الآخر و قبول بالاختلاف ، و لكن يبدو أن ظني كان خائبا ..
يضج المسلمون كل يوم بالفزع و التشنيع على محاكم التفتيش في الاندلس التي مارست الاضطهاد ضد المسلمين بسبب عقيدتهم ، و لكن بعض بلاد الاسلام في هذا العصر تحاكم الناس على عقائدهم و أفكارهم .
الشيعة الامامية تعرضوا عبر التاريخ للمطاردة و التشريد بسبب عقيدتهم المختلفة مع العقيدة السائدة في العالم الاسلامي ، و هذا الارث العظيم من مصادرة حريتهم العقدية و الفكرية كان يجب ان تجعل منهم قادة للحرية و دعاة لحق الآخر بالاختلاف و لكن السائد اليوم بين الشيعة عكس ذلك ..
ما إن يخرج صوت هنا أو هناك يعلن تمرد على السائد و المتعارف عليه و المتسالم على صحته حتى تخرج بيانات التكفير و التضليل و التخوين و التحريض على القتل و السجن سريعا ، حتى ربما قبل الفهم الصحيح لما يقول ذلك الصوت و هذا ما لا نفهمه .
من حق اهل المذهب الدفاع عن عقائدهم بكل وسيلة فكرية و لكن لماذا التعدي على حق الآخر في حريته الفكرية ؟ كيف لشخص يشتكي من اضطهاد الآخرين له بسبب اختلافه الفكري معهم ان يمارس الاضطهاد ذاته مع المختلف معه ؟؟
يأمرنا الله سبحانه و تعالى بالتفكر و التأمل و التدبر و قد خلقنا من قبل و نحن نحمل عقولا غير متشابهة ثم يجب علينا ان نصل الى نتيجة  واحدة ؟! ، و لسان حال بعضنا يقول إذا فكر عقلك فسوف يعتقل ، و للمفارقة العجيبة أن اللغة العربية تجعل كلمة (عقل) قريبة جدا من الـ(معتقل) !!
أيها الكرام عندما يخرج رجل يختلف معكم في فكرة و يحمل حجته على ظهره فاقرعوا حجته بحجتكم ، ثم اتركوا الناس يختارون بعقولهم بين الصحيح و السقيم ..
لماذا الخشية من الفكر المغاير ؟ لماذا الخوف من المختلف ؟ لماذا الفزع من الرأي الآخر ؟
فكرة حرة واحدة تثير عواصف هوجاء و قد تنتهي بصاحبها في سجن لا يدخله ضوء ، هل هذا كله لأنه فكّر ؟؟
من يبرر اضطهاده للآخرين بسبب أفكارهم  فعليه ان يقبل باضطهاد الناس له بسبب أفكاره ، و عليه ان يتقبله بصدر رحب .

الأحد، 10 فبراير 2013

بلا مذاهب


بلا مذاهب


قال تعالى : {وَأَلّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعاً مّآ أَلّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـَكِنّ اللّهَ أَلّفَ بَيْنَهُمْ إِنّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
عندما بعث رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم الى العرب كانوا جماعات و فرق شتى متصارعة ، كانت الجزيرة العربية مليئة بالحروب و الصراعات بين شتى قبائلها و طوائفها المختلفة ، فقام عليه الصلاة و السلام بتوحيد العرب تحت راية واحدة برسالة حضارية استطاعت ان تغير مجرى التاريخ .
عندما دخل النبي الموحد عليه الصلاة و السلام المدينة المنورة كانت منقسمة الى قبائل متعددة متصارعة أكبرها و أهمها الاوس و الخزرج ، و كانت منقسمة دينيا فكان بعضهم لحق بالاسلام و بقي البعض على عبادة الاصنام بالاضافة الى طبقة المنافقين الذين شكلوا فئة مهمة الى جانب اليهود .
و مع هذا لم تتفاقم الصراعات الدموية بين تلك الاطراف بل أن الرسول  بما اوتى من حكمة استطاع ارساء دعائم السلم الاهلي في المدينة و أعلن (وثيقة المدينة) التي ارست الحقوق بين تلك الفئات في تعايش سلمي رغم الخلافات التاريخية و العقدية .
ثم تفرقت هذه الامة الى مذاهب و طوائف و نحل شتى لتعود مشتتة مفرقة ضعيفة متصارعة ، حتى وقع بينها الاقتتال و سالت الدماء و قتل الرجال و انتهكت المحارم و كل مذهب يزعم الوصل بالاسلام الاصيل الذي اتى به محمد .
الان كيف السبيل الى العودة لتلك الروح الوحدوية المحمدية ؟
طرحت الكثير من الافكار التوحيدية في هذا المجال منها على سبيل المثال فكرة التقريب بين المذاهب التي كان الشيعة رواد لها على مدى عقود طويلة .
و يطرح البعض فكرة بسيطة منطقية و هي فكرة العودة للاسلام الاصلي و إلغاء المذاهب كلها ، على اعتبار انها اس المشكلة و سببها .
و هذه الفكرة على بساطتها و منطقيتها إلا أنها دعوة صعبة التحقق في المدى المنظور إن لم تكن مستحيلة .
كتب الشيخ الجليل الدكتور مصطفى الشكعة كتابه (إسلام بلا مذاهب) لتمثل دعوة لهذه الفكرة ، لكنها رفضت من نخب جميع المذاهب و رد عليه البعض بمقولة ( لا إسلام بلا مذاهب ) و منهم الكاتب رشيد الخيون ، و ينطلق المعارضون من فكرة ان المذاهب هي جهود و اجتهادات و ابداعات لعلماء بذلوا عمرهم من اجل معرفة الاسلام .
اليوم هناك طبقة نخبوية ناشئة قد يكون لها مستقبل مشرق في قادم الايام و العقود المقبلة ، تقوم هذه الطبقة على فكرة اتخاذ القرآن الكريم اساسا للاجتهاد الفكري و مرجعا أوليا لها ، ثم تساوي بين المذاهب الاسلامية و التراث الاسلامي بلا تفرقة على اساس طائفي بل ان هناك من ينطلق من التراث الانساني العام للوصول الى المعرفة الشاملة التي تكشف عن الحق و الحقيقية ، و لعل أهم شخصية تأخذ بهذا المنهج اليوم هو الشيخ حسن فرحان المالكي ،كما يوجد بعض النخب ذات الخلفية الشيعية التي بدأت تأخذ بنفس المنهجية .
نحن بحاجة اليوم الى هذا النفس العلمي البعيد عن التعصب الطائفي ، الذي يتخذ المرجعية القرآنية اساسا له ، و من ثم ينطلق نحو التراث الاسلامي كطبقة واحدة فلا يتعصب لإجتهادات مذهب ضد مذهب آخر ، بل يكون القرآن هو الفيصل فيما يختلف عليه .
يبدو لي ان هذا المنهج هو التطبيق الواقعي الحقيقي الممكن لفكرة اسلام بلا مذاهب ، و هو الذي يمكن ان يرث التراث الاسلامي و ينهي الحالة الطائفية المتفاقمة ليحقق اسلاما بلا مذهبية ، و ارى له مستقبلا زاهرا  بظني .
نحن كأفراد يجدر بنا ان نوسع مداركنا لنتفكر في المختلف و الآخر قبل ان نرميه بالخطأ و الانحراف و الضلال ، نحن جزء من عالم الاسلام بل نحن جزء من الانسانية جمعاء ، نحن ننتمى لها كلها لذا لا يجب ان نتعالى عليها ، و ليكن شعارنا البحث عن الحق و الحقيقة اينما هي .

الاثنين، 4 فبراير 2013

في النادي الادبي

في النادي الادبي


البارحة كنت في النادي الادبي بالرياض لحضور حفل تكريم الرئيس السابق للنادي الدكتور عبدالله صالح الوشمي تحت رعاية و بحضور وزير الثقافة و الاعلام دكتور عبدالعزيز خوجة  ..
بالرغم من أن الصديق هاني الحاجي (ابوهيثم) وجه لي الدعوة منذ سنوات لحضور فعاليات النادي إلا أنني كنت اثقل الخطى اليه ، حتى تكررت الدعوة من جديد فذهبت برفقة الصديق ابي نضال .

سأسجل ملاحظاتي هنا حول ما شاهدت ..
-         في البدء يطالعك النادي بمبناه القديم المهترئ و الذي لا يعكس أي أهمية تعنى بما يفترض أن يكون حامل شعاع الثقافة و الابداع في العاصمة الرياض ، فالمبنى قديم لا يوجد به اي سمة جمالية أو ابداعية ، و حتى عمليات الترميم الواضحة فيه زادته قبحا و كأن لسان حاله يقول (لا يصلح العطار ما أفسد الدهر)
-         قاعة الحفل لها من العمر نحو نصف قرن ، و هذا يكفي لكي تتصور حالها ، وهي صغيرة الحجم غير مجهزة لاستقبال حدث ثقافي مهم .
-         بل حتى موقع النادي هو في شارع صغير و كأنه يتوارى خجلا في أحد الازقة ، و كأنما هو عار لا يراد له الانكشاف ..
-         بالرغم من أن الحضور كان كثيفا نوعا ما إذ غصت القاعة و بقي كثيرون وقوفا ، رجالا و نساءا ، إلا أن الكهول و الشيوخ هم الاكثر عددا ، بل هم الاغلبية بين الحضور ، فوجدت نفسي تسأل ، اين الشباب ؟؟ أين المبدعون ؟؟
-         ليس تقليلا من شأن الشيوخ و الكهول فهم كما يقال الخير و البركة ، و لكن المستقبل إنما يقوم على سواعد و همم الشباب ، فإن لم نجد شبابا في النادي الان فمتى سنجدهم ؟
-         في النادي تعرفت على عدد من ادباء نجد و مثقفيها و سمعت قصصا عن هؤلاء قصصا لا تجد رواجا و اهتماما ، "نجد" ثرية ثقافيا و ليست مكانا لا يسكنه إلا البدو و الجهال .
-         لا يخفى عليكم أن الدعم السخي الذي لقيته الاندية الادبية في السنوات القليلة الماضية من الحكومة و اعادة التنظيم الذي قامت به وزارة الثقافة و الاعلام و إقرار لوائح تنظيم جديدة و اعتماد آلية الانتخاب فيها شجع الشباب لدخول الاندية الادبية و لكن سوء الاوضاع و عددا من الاشكاليات فيها أنعكس سلبا و تمثل في حالة عزوف جماعي من الشباب عنها ، و الارقام تثبت ذلك فعدد الذي جددوا اشتراكهم في نادي الرياض حسب ما علمت لم يتجاوز نسبة 20% ، و الحال في نادي الاحساء لا يختلف إذ أن 60% من الاعضاء لم يجددوا أشتراكهم ، و هذا يدعو للتساؤل و البحث .
-          من الواضح أن الدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة الحالي يحاول معالجة سنوات من الاهمال للثقافة في هذا البلد ، فكما يعلم الجميع أن الاندية الادبية كانت ملحقة بالرئاسة العامة لرعاية الشباب ، و هي كانت تولي جل اهتمامها للرياضة بل لكرة القدم فقط ، مما تسبب في اهمال كبير لحال الثقافة في البلاد ، و لكن عقود من الاهمال لا يمكن معالجته في بضع سنوات .
-         تساؤل آخر لماذا لا يتحول النادي الادبي الى نادي ثقافي ، فالثقافة أشمل و اعم بل و أهم ، فالمثقف في المملكة لا يجد حاضنة له ، أو ان يتم تأسيس أندية ثقافية الى جانب الاندية الادبية كي تحتضن الحراك الثقافي في كل مدينة سعودية ، فجمعية الثقافة و الفنون لا تفي بالغرض .
-         في الحفل جلسنا بجوار أثنين من الدكاترة العواجيز المشاغبين ، كانا كثيري التعليق و التندر على ما يطرح على المنصة ، بينما أنا و صاحبي نكتم ضحكاتنا في صدورنا عليهما .  
-         أخيرا : شعرت بالفخر و الاعتزاز عندما وجدت مقدم الحفل النجدي يلجأ  الى أبيات للشاعر الهجري جاسم الصحيح ، فيبدو أنه لم يجد أفضل منها ليرحب بالوزير خوجة الذي بدى متواضعا و في ملامحه حميمية طاغية .