كوثر
الاربش .. صوت مختلف
بشكل لافت و غير متوقع و في زمن تزاحم الأسماء و
العناوين ، فجأة و دون سابق إنذار برز اسم السيدة (كوثر الاربش) في الوسط الشيعي
السعودي ليثير زوبعة كبيرة و يصبح اسمها مصاحب للجدل الصاخب بين مؤيد و معارض ، و
تشتد هذه الفورات كلما ظهرت كوثر على إحدى وسائل الاعلام إذ سرعان ما تتقاذف
سيرتها الناس عبر وسائل التواصل الحديث لمدة من الزمن .
بالرغم من أنها مازالت شابة يافعة إلا أنها اختصرت الكثير من الزمن عبر كشفها لتناقضات المجتمع الشيعي و جدليته ، استطاعت كوثر بعفوية
تامة ان تستفز الكثيرين الذين عجزوا عن الصمت لأسباب كثيرة بعضها ظاهر و بعضها
الآخر يكمن في مكنون الصدور .
لماذا شكلت كوثر صدمة للكثيرين ؟؟
في رأيي هناك ثلاثة اسباب :
الاول : أنه و على غير العادة خرجت (امرأة) من
الوسط المحافظ جدا ليكون لها صوت أرفع من الكثير من الرجال ، و هذا مستفز للعقلية الذكورية
التي و مهما ادعت التسامح في قضايا المرأة تظل تتوجس و تخاف منها .
النقد و المراجعة و كشف المستور كان مرفوضا دوما
في الوسط الشيعي –الشعبي- فما بالك أن تقوم به سيدة فهذا اشد على الكبرياء الذكوري
.
الثاني : أنها شابة ناجحة ، استطاعت ان تصبح صحفية
و عضو في مجلس ادارة جمعية الثقافة و الفنون ، و شاعرة و مثقفة دائمة الحضور في
المحافل و الفعاليات الثقافية ، و لهذا النجاح ضريبة و لكل ناجح أعداء .
السبب الثالث و الاخير : الجرأة و الشجاعة
الادبية و الصراحة و عدم المجاملة ، و هو ما عجز عنه الكثير من الرجال ، و لكن
كوثر و في حالة نادرة بادرت بالحديث بوضوح عما يجول في فكرها و ما تؤمن به من
أفكار ، بل إنها لم تقف عند مقدس – اجتماعيا- في نقدها ، و لم تصنم الشخصيات لتعطي
لنفسها الحق في ممارسة حرية الفكر و النقد دون عقد مسبقة .
يخطئ من يعتقد أن كوثر الاربش تمثل نفسها ، بل هي
مجرد صوت متقدم يمثل شريحة شابة و قادمة تبحث عن مكانها الطبيعي في الوسط الثقافي
و تحاول ان تتلمس الطريق دون وصاية أو أبوية من أحد.
من الطبيعي جدا أن أختلف أنا و غيري من الشباب مع
كوثر في بعض أفكارها و اساليبها و لكننا نتعاطف معها لأننا نرى أنها تمثل صوت
الشباب الذي يفكر بصوت مسموع و عالي ، صوت يريد التغيير من الواقع المؤسف الى مجال
فكري أرحب و أوسع ..
من المؤسف جدا أن الكثير من ردود الافعال ضد كوثر
كانت متشنجة جدا و أخرج الكثير من المتحمسين أسوء ما لديهم من عبارات و أخلاق
ليكشفوا عن حقيقة المستوى المتدني من التدين و السلوك ، كما أن النخب الدينية و
المثقفة في أغلب الاحيان لم تستطع تفهم صوت كوثر أو التعامل بمنطقية مع المختلف ،
فهم يرون في الناقد للذات عدو أو ضال ، و قد كان الاجدر بهم الحوار المتزن و
احترام الرأي الآخر و الحرص على المساحة المشتركة التي مازالت أكبر من الاختلاف .
كوثر كما كثير من الشباب مازال أمامهم الكثير من
القراءة و البحث و الاطلاع للوصول الى قناعات نهاية و مشاريع فكرية ناضجة و حقيقية
يمكن البناء عليها ، و هذا الامر في صالح المجتمع و ليس ضده ، لذا يجدر بالمجتمع
الواعي احتضان هذه الاصوات و ليس معاداتها .
في النهاية فمن يعتقد ان مشكلته الآن تتمثل في
(كوثر الاربش) فهو واهم فما اسمها سوى بداية لسلسلة من الاسماء الشابة التي ستكون
أكثر شجاعة في البحث الجاد عن الذات ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق