الأحد، 2 فبراير 2014

الليبرالية .... محاولة للفهم 3/3

 الليبرالية .... محاولة للفهم

3/3






الولايات المتحدة الاميركية (كنموذج)

·        بالرغم من أن الولايات المتحدة الاميريكية تعتبر دولة ليبرالية إلا أننا نجد أن هناك تباين بين الاحزاب السياسية والنخب و المجتمع الامريكي في حدود و مساحة التطبيق الليبرالي .
·        بشكل اجمالي يعتبر الحزب الديمقراطيين أكثر ليبرالية من حزب المحافظيين
·        على المستوى الاجتماعي :  حزب الديمقراطيين يركز على الحريات الفردية و يدعم حق الاجهاض للمرأة و يوافق على منح المثليين (الشواذ) حقوق كاملة ، بينما نجد المحافظين يرفضون حق الاجهاض و حقوق المثليين و يعتبرونها تهدد قيم المجتمع الامريكي و في الوقت نفسه سمح الرئيس بوش بالتنصت على المكالمات من أجل الحفاظ على الامن القومي الامر الذي رفضه الديمقراطيين .
·        على المستوى الاقتصادي يدعم المحافظون ليبرالية الاقتصاد و يرفضون تدخل الحكومة في الاقتصاد ، و يفضلون تخفيض الضرائب على الاغنياء من اجل حفزهم على التوسع مما يعني ازدهار تجاري ، بينما تدخل الرئيس اوباما كثير لإنقاذ شركات السيارات و اشترت الحكومة حصصا كبيرة من اجل التدخل في ادارة الشركات كما تدخلت لإنقاذ الشركات و البنوك التي كانت على وشك الافلاس ، كما دعم الاسر الاقل دخلا من أجل مساعدتها على الانتاج و العمل

نموذج (سوبرمان) :

فكر الليبراليون في نموذج يمكن طرحه كبديل للنماذج التي يقدمها المحافظون و أتباع الاديان من رموز و شخصيات، و خصوصا صورة الرب و صور الانبياء، لذلك فكر بطرح نموذج معبر .
طرح الليبراليون نموذج يتحدث بأسلوب واضح عن افكارهم , تجسد في افلام (سوبرمان) الرجل الثري القوي المتحرر الذي يستطيع ان يقيم النظام و القانون في حين تعجز عنها سلطات الشرطة و القوات الامنية , فيما يكسب هو محبة الناس و تقديرهم ,  كما تبرز تمتع سوبرمان بكافة الصلاحيات و السلطات و يستخدم كافة الوسائل من اجل تحقيق الاهداف السامية التي يحققها .


نقد الليبرالية :

عندما نريد نقد فكرة معينة دخيلة أو جديدة على بيئتنا المعرفية فإن أفضل بداية تكون بالعودة الى البيئة الام لأكتشاف النقد الاولي هناك .
ان التيار الناقد للتيار الليبرالي اليوم في الغرب هو التيار المحافظ خاصة على المستوى السياسي و الاجتماعي , ففي حين يعيب المحافظون الاكثر تدينا مسيحيا على اللبراليين بأنهم دعاة فحش و انحلال و دمار للانسانية من خلال تشجيع التمرد الفردي و الغاء سلطات الحكومة المركزية لصالح الفرد , يصر الليبراليين على ان المحافظين يقودون المجتمع نحو السلطة الابوية و السيطرة و تقييد الحريات و مصادرة الحقوق .

أهم القضايا التي تشهد جدلا اليوم في الغرب بين الليبراليين و المحافظين :
-         حق الاجهاض للنساء
-         حقوق المثليين
-         حق الدولة في التدخل في الاقتصاد
-         حق الدولة في التنصت على الافراد من اجل الامن


و انقسام المثقفين و المفكرين العرب حول هذه المفاهيم الى تيارات ثلاث :
1- التيار الرافض الناقم
2- التيار المعتنق لها كافة جوانبها
3- التيار الذي يسعى الى التأصيل و التطويع
ولكل تيار من التيارات الثلاثة علاته و اخطاءه .

ايجابيات الليرالية :

1-     إن تعزيز احساس الفرد بذاته خلق مجال واسع للعمل و البذل ، فتحقيق الذات لا يمر إلا من خلال الانجاز الفرد دون الاتكاء على التراث و الانتماءات للقبيلة و الجماعة و الدين .
2-     تحييد الدولة في العلاقة مع المواطنين جعلهم عصاميين يسعون للعمل من أجل الحياة فمن لا يعمل لا يستحق العيش
3-    التأكيد على الحريات الفردية منع الازداوجية و النفاق الاجتماعي إذ لا حاجة له فالانسان يعيش كما هو دون الحاجة للتصنع .
4-    توافر الحريات الفردية أعطى للأقليات قدرة على العيش دون التعرض لظلم الاكثرية
5-     حياد الدولة تجاه الاديان و التيارات الفكرية خلق جوا واسعا من الابداع و العطاء الفكري و العلمي .


هناك الكثير من النقد الذي طال الليبرالية من خصومها ، و هنا سنحاول طرح بعضها بتوازن محاولين الانصاف :

1-    الليبرالية تناهض الاديان و تؤدي الى الالحاد :

يعتبر بعض نقاد الليبرالية أنها تعاكس الاديان و تنتهي بعتنقها الى الالحاد ، ذلك لأن الليبرالية تعتبر ان الانسان هو المسؤول عن تحديد أفكاره و معتقداته و هو غير ملزم بمعتقدات الناس و أديانهم .
و بالرغم أن الليبرالية تؤمن بالحرية الدينية إلا ان المدافعين عنها يقولون أنها تنسجم مع المنهج القرآن كقوله تعالى (لكم دينكم و لي دين) و قوله (لا إكراه في الدين)
لكن النقطة الجوهرية تكون في حرية الانتقال الى اي دين آخر دون ترتب أثر قانون أو مسؤولية على الفرد ، و هذا مرفوض  حسب فتوى الفقهاء ، و أيضا في دور الدولة تجاه الجماعات الدينية الناشئة في السماح لها بممارسة معتقداتها و هذا ايضا يرفضه العلماء الذين يعتبرون الدولة مسؤولة عن دين المجتمع ، و بشكل عام فإن الليبرالية تدعو لحياد الدولة تجاه الدين و هو ما يعني العلمانية .


2-    الليبرالية تؤدي الى انعدام الاخلاق (حركة لا أخلاقية) و تدمير المجتمع :

إن إيمان الليبرالية بحرية سلوك الفرد دون قيد سوى القيد القانوني يجعل من المسألة الاخلاقية جدلية ، فالليرالية تعتقد أن الافراد أحرار في أختيار أخلاقهم بعيدا عن سلطة الدولة و المجتمع ، و يبررون أن القانون وحده يمكنه أن يكون حاكما على سلوك الافراد ، بمعنى أن الفرد حر فيعمل ما يشاء مادام القانون يجيزه ، و لكن السؤال يقع ماذا سيفعل الليبرالي عندما يغيب القانون ؟ و ماذا سيفعل عندما ينتقل من دولة الى أخرى حيث يتغير القانون ؟ 
كما أن التركيز على الفردانية تجعل المجتمع يركز على ذاته و يضخم الانا و يلغي إي اعتبار للمجتمع فتتفكك الاسر و تضعف العلاقات خارج ايطار المصلحة الفردية .
إن القانون لايمكن أن يكون حاكما كافيا لسلوك الانسان فالاخلاق مهمة أيضا و تحييدها سيؤدي الى فوضى أخلاقية ، و سيلغي أحد واجبات الاسلام و هو (الامر بالمعروف و النهي عن المنكر)


3-    الليبرالية تؤدي للاباحية و العلاقات المحرمة :

واحدة من أهم الانتقادات التي وجهت لليبرالية هي تساهلها في العلاقات الجنسية خارج ايطار الزواج باعتباره حرية شخصية دون إي اعتبار للدين أو الاخلاق .
و لكن الحقيقة أن الليبرالية لا تدعو للاباحية و إن كانت تبررها ، و لكنها ايضا تعتبر ان القانون هو الحاكم فبإمكان الناس إن رغبوا أن يمنعوا العلاقات الجنسية خارج الاسرة بقوة القانون .
و يعود السؤال ماذا إذا غاب القانون ؟؟


4-    الليبرالية تؤدي الى طغيان رأس المال:

أدت فكرة الحرية المالية دون إلزام رأس المال بأدنى الاخلاقيات الى تغول الطبقة الرأسمالية و اجحافها بحق المجتمع ، مما ادى الى ازادياد الاغنياء ثراءا و ازداد الفقراء فقرا .


5-    الليبرالية و حرية الفكر يؤدي الى إضعاف الدين:

تؤمن الليبرالية بالحرية الفكرية و تمكن الناس من إعتناق اي أفكار يرون صوابها ، و هو بالنتيجة حسب معارضو الليبرالية إباحه للكفر و الالحاد و تحليل ما حرم الله .



ختاما :

فإن الليرالية مفهوم مازال جديد على الثقافة العربية و مازال يمكن فهمه بشكل أوسع و أرحب و يمكن نقده أيضا لإستخلاص الفوائد و زبدة الفكر الغربي بما يخدم المجتمعات العربية و الاسلامية  ، و ما قدمته هنا مجرد محاولة أولي يمكن للمهتمين البناء عليها من اجل مزيد من المعرفة  ،،


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق