الليبرالية .... محاولة للفهم
3/3
الولايات المتحدة الاميركية (كنموذج)
·
بالرغم من أن الولايات المتحدة الاميريكية تعتبر دولة ليبرالية إلا أننا نجد
أن هناك تباين بين الاحزاب السياسية والنخب و المجتمع الامريكي في حدود و مساحة
التطبيق الليبرالي .
·
بشكل اجمالي يعتبر الحزب الديمقراطيين أكثر ليبرالية من حزب المحافظيين
·
على المستوى الاجتماعي : حزب
الديمقراطيين يركز على الحريات الفردية و يدعم حق الاجهاض للمرأة و يوافق على منح
المثليين (الشواذ) حقوق كاملة ، بينما نجد المحافظين يرفضون حق الاجهاض و حقوق المثليين
و يعتبرونها تهدد قيم المجتمع الامريكي و في الوقت نفسه سمح الرئيس بوش بالتنصت
على المكالمات من أجل الحفاظ على الامن القومي الامر الذي رفضه الديمقراطيين .
·
على المستوى الاقتصادي يدعم المحافظون ليبرالية الاقتصاد و يرفضون تدخل
الحكومة في الاقتصاد ، و يفضلون تخفيض الضرائب على الاغنياء من اجل حفزهم على
التوسع مما يعني ازدهار تجاري ، بينما تدخل الرئيس اوباما كثير لإنقاذ شركات
السيارات و اشترت الحكومة حصصا كبيرة من اجل التدخل في ادارة الشركات كما تدخلت
لإنقاذ الشركات و البنوك التي كانت على وشك الافلاس ، كما دعم الاسر الاقل دخلا من
أجل مساعدتها على الانتاج و العمل
نموذج (سوبرمان) :
فكر الليبراليون في نموذج يمكن طرحه كبديل
للنماذج التي يقدمها المحافظون و أتباع الاديان من رموز و شخصيات، و خصوصا صورة
الرب و صور الانبياء، لذلك فكر بطرح نموذج معبر .
طرح الليبراليون نموذج يتحدث بأسلوب واضح عن
افكارهم , تجسد في افلام (سوبرمان) الرجل الثري القوي المتحرر الذي يستطيع ان يقيم
النظام و القانون في حين تعجز عنها سلطات الشرطة و القوات الامنية , فيما يكسب هو
محبة الناس و تقديرهم , كما تبرز تمتع
سوبرمان بكافة الصلاحيات و السلطات و يستخدم كافة الوسائل من اجل تحقيق الاهداف
السامية التي يحققها .
نقد الليبرالية :
عندما نريد نقد فكرة معينة دخيلة أو جديدة على
بيئتنا المعرفية فإن أفضل بداية تكون بالعودة الى البيئة الام لأكتشاف النقد
الاولي هناك .
ان التيار الناقد للتيار الليبرالي اليوم في
الغرب هو التيار المحافظ خاصة على المستوى السياسي و الاجتماعي , ففي حين يعيب
المحافظون الاكثر تدينا مسيحيا على اللبراليين بأنهم دعاة فحش و انحلال و دمار
للانسانية من خلال تشجيع التمرد الفردي و الغاء سلطات الحكومة المركزية لصالح
الفرد , يصر الليبراليين على ان المحافظين يقودون المجتمع نحو السلطة الابوية و
السيطرة و تقييد الحريات و مصادرة الحقوق .
أهم القضايا التي تشهد جدلا اليوم في الغرب بين
الليبراليين و المحافظين :
-
حق الاجهاض للنساء
-
حقوق المثليين
-
حق الدولة في التدخل في الاقتصاد
-
حق الدولة في التنصت على الافراد من اجل الامن
و انقسام المثقفين و
المفكرين العرب حول هذه المفاهيم الى تيارات ثلاث :
1- التيار الرافض
الناقم
2- التيار المعتنق
لها كافة جوانبها
3- التيار الذي
يسعى الى التأصيل و التطويع
ولكل تيار من
التيارات الثلاثة علاته و اخطاءه .
ايجابيات الليرالية :
1-
إن تعزيز احساس الفرد بذاته خلق مجال
واسع للعمل و البذل ، فتحقيق الذات لا يمر إلا من خلال الانجاز الفرد دون الاتكاء
على التراث و الانتماءات للقبيلة و الجماعة و الدين .
2- تحييد الدولة في العلاقة مع المواطنين جعلهم
عصاميين يسعون للعمل من أجل الحياة فمن لا يعمل لا يستحق العيش
3-
التأكيد على الحريات الفردية منع الازداوجية و النفاق الاجتماعي إذ لا حاجة
له فالانسان يعيش كما هو دون الحاجة للتصنع .
4-
توافر الحريات الفردية أعطى للأقليات قدرة على العيش دون التعرض لظلم
الاكثرية
5- حياد الدولة تجاه الاديان و التيارات الفكرية
خلق جوا واسعا من الابداع و العطاء الفكري و العلمي .
هناك الكثير من النقد الذي طال الليبرالية من خصومها
، و هنا سنحاول طرح بعضها بتوازن محاولين الانصاف :
1-
الليبرالية تناهض الاديان و تؤدي الى الالحاد :
يعتبر بعض نقاد الليبرالية أنها تعاكس الاديان و
تنتهي بعتنقها الى الالحاد ، ذلك لأن الليبرالية تعتبر ان الانسان هو المسؤول عن
تحديد أفكاره و معتقداته و هو غير ملزم بمعتقدات الناس و أديانهم .
و بالرغم أن الليبرالية تؤمن بالحرية الدينية إلا
ان المدافعين عنها يقولون أنها تنسجم مع المنهج القرآن كقوله تعالى (لكم دينكم و
لي دين) و قوله (لا إكراه في الدين)
لكن النقطة الجوهرية تكون في حرية الانتقال الى
اي دين آخر دون ترتب أثر قانون أو مسؤولية على الفرد ، و هذا مرفوض حسب فتوى الفقهاء ، و أيضا في دور الدولة تجاه
الجماعات الدينية الناشئة في السماح لها بممارسة معتقداتها و هذا ايضا يرفضه
العلماء الذين يعتبرون الدولة مسؤولة عن دين المجتمع ، و بشكل عام فإن الليبرالية
تدعو لحياد الدولة تجاه الدين و هو ما يعني العلمانية .
2-
الليبرالية تؤدي الى انعدام الاخلاق (حركة لا أخلاقية) و تدمير المجتمع :
إن إيمان الليبرالية بحرية سلوك الفرد دون قيد
سوى القيد القانوني يجعل من المسألة الاخلاقية جدلية ، فالليرالية تعتقد أن
الافراد أحرار في أختيار أخلاقهم بعيدا عن سلطة الدولة و المجتمع ، و يبررون أن
القانون وحده يمكنه أن يكون حاكما على سلوك الافراد ، بمعنى أن الفرد حر فيعمل ما
يشاء مادام القانون يجيزه ، و لكن السؤال يقع ماذا سيفعل الليبرالي عندما يغيب
القانون ؟ و ماذا سيفعل عندما ينتقل من دولة الى أخرى حيث يتغير القانون ؟
كما أن التركيز على الفردانية تجعل المجتمع يركز
على ذاته و يضخم الانا و يلغي إي اعتبار للمجتمع فتتفكك الاسر و تضعف العلاقات
خارج ايطار المصلحة الفردية .
إن القانون لايمكن أن يكون حاكما كافيا لسلوك
الانسان فالاخلاق مهمة أيضا و تحييدها سيؤدي الى فوضى أخلاقية ، و سيلغي أحد
واجبات الاسلام و هو (الامر بالمعروف و النهي عن المنكر)
3-
الليبرالية تؤدي للاباحية و العلاقات المحرمة :
واحدة من أهم الانتقادات التي وجهت لليبرالية هي
تساهلها في العلاقات الجنسية خارج ايطار الزواج باعتباره حرية شخصية دون إي اعتبار
للدين أو الاخلاق .
و لكن الحقيقة أن الليبرالية لا تدعو للاباحية و
إن كانت تبررها ، و لكنها ايضا تعتبر ان القانون هو الحاكم فبإمكان الناس إن رغبوا
أن يمنعوا العلاقات الجنسية خارج الاسرة بقوة القانون .
و يعود السؤال ماذا إذا غاب القانون ؟؟
4-
الليبرالية تؤدي الى طغيان رأس المال:
أدت فكرة الحرية المالية دون إلزام رأس المال
بأدنى الاخلاقيات الى تغول الطبقة الرأسمالية و اجحافها بحق المجتمع ، مما ادى الى
ازادياد الاغنياء ثراءا و ازداد الفقراء فقرا .
5-
الليبرالية و حرية الفكر يؤدي الى إضعاف الدين:
تؤمن الليبرالية بالحرية الفكرية و تمكن الناس من
إعتناق اي أفكار يرون صوابها ، و هو بالنتيجة حسب معارضو الليبرالية إباحه للكفر و
الالحاد و تحليل ما حرم الله .
ختاما :
فإن الليرالية مفهوم مازال جديد على الثقافة العربية
و مازال يمكن فهمه بشكل أوسع و أرحب و يمكن نقده أيضا لإستخلاص الفوائد و زبدة
الفكر الغربي بما يخدم المجتمعات العربية و الاسلامية ، و ما قدمته هنا مجرد محاولة أولي يمكن للمهتمين البناء عليها من اجل مزيد من المعرفة ،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق