الخميس، 8 ديسمبر 2011

الربيع العربي .. محاولة للفهم ؟؟



الربيع العربي .. محاولة للفهم ؟؟






منذ نهاية العام الماضي و جل ايام و ليالي هذا العام و العالم العربي يموج من اقصاه الى اقصاه ، ينام و يصحو و لا سيرة على الالسن سوى ما اصطلح عليه اعلامي بـ"الربيع العربي" ، و هذا المقال هو عبارة عن محاولة لفهم حقيقة ما يجري في البلدان العربي و الوقوف على ابرز محددات هذه الحالة النادرة في ايام العرب المعاصرة ...

-          اتخذت ظاهرة الربيع العربي اسمها بعد تمدد ظاهرة الثورة الشعبية ضد انظمة الحكم العربية لتشمل دولا عدة من تونس الى مصر فليبيا ثم اليمن و سوريا و البحرين و عمان و الاردن و الكويت .. كما حدث حراك و لو محدود في بلدان اخرى كالجزائر و المغرب و موريتانيا و العراق و السعودية و قطر و لبنان ... و ترافقت مع دخول موسم الربيع في تلك المنطقة من العالم و لكن الربيع انتهى و جاء الصيف ثم الخريف و ها نحن على ابواب الشتاء و الحالة العربية لازالت تفور و تفرز ارهاصات جديدة و الاعلام يتغنى بالربيع العربي ..
-          كان الاعتقاد السائد حتى قبل اندلاع هذه الموجات ان الشعوب العربية باتت مسلوبة الارادة و ان التغيير لا يمكن ان يجد له سبيل في ظل هذه الانظمة القمعية المتجبرة ، و لا مناص من التأقلم و القبول بالامر الواقع .
-          بالرغم من أن أول نظام عربي سقط خلال القرن الحالي كان النظام العراقي على يد الاحتلال الامريكي المدعوم بالاحزب العراقية المختلفة ، و بعدها تحدث الامريكان طويلا عن التغيير الديمقراطي للمنطقة، و تغير أولويات الولايات المتحدة في العالم العربي ، و الفوضى الخلاقة، و الشرق الاوسط الكبير ، و لكن لم يكن العالم العربي يقبل بكل هذا بحجة ان التغيير لا يجوز ان يأتي من الخارج ، و هذا المفهوم تغير الان و اصبحت الشعوب العربية تطلب نجدة الامريكي و الاوربي كما حصل فعلا في ليبيا و يحصل الان في سوريا..
-          تعتقد النخب في الغرب ان افضل الطرق للسيطرة على دول كاملة هي بإجبارها على اعتماد النظام الانتخابي مع سوق اقتصادي حر ، فكل الديمقراطيات في العالم تعاني من سيطرة الشركات الكبرى على السياسة ، و هي التي تحدد الرئيس المقبل حتى في امريكا ذاتها ، مما يعني امكان سيطرة تلك الشركات مباشرة أو عبر وكلاء محليين على تلك الدول بذات الوسيلة ، اثرياء يملكون المال و النفوذ لتقديم "رجال سياسة" يخدمون مصالحهم المالية ..
-         للولايات المتحدة تاريخ طويل جدا في قلب انظمة الحكم و تدبير المؤامرات و التدخل في شؤون الدول الاخرى ، بل لها تجارب في العصف بمناطق كاملة من العالم ، جرى هذا في امريكا الوسطى ، و بلغ الحد ان ترسل الولايات المتحدة قوات خاصة لقلب الحكم في جمهورية بنما و تختطف رئيسها ليحكم عليه بالسجن في الولايات المتحدة ، و استبدلت امريكا انظمة أخرى في تلك المنطقة مثل كولمبيا و جواتمالا  ودبرت محاولات انقلابية في فينزويلا و كوبا ..، و قبل سنوات قليلة تابعنا ظاهرة الثورات الملونة في اوربا الشرقية التي اطاحت بأنظمة كانت موالية لروسيا لتأتي انظمة جديدة موالية للغرب كما حدث في أوكرانيا و جورجيا و قرغسيستان .. ، و قبل ثلاث سنوات اندلعت ما سمي بالثورة الخضراء في ايران بعد الانتخابات الرئاسية و سعت نخب ايرانية لاستنساخ تجربة الثورات الملونة ، و التجربة حدثت في دول افريقيا أيضا فما انت تنتهي انتخابات في دولة تعتبرها امريكا معادية حتى تصيح المنظمات الدولية بتزوير الانتخابات ليطاح بذاك الرئيس و يؤتي برئيس جديد موال للغرب حدث هذا في ساحل العاج و كينيا  .. سؤالي هل هذه مصادفة ؟؟؟
-         في العقل السياسي الغربي بشكل عام و الامريكي بشكل خاص فن تجيير الاحداث حسب المصالح ، بمعنى ان السياسي الغربي عندما يواجه اي حدث عالمي فأنه يفكر بشكل كبير في الاجابة عن سؤال كيف استفيد من هذا الحدث ؟ و كيف اجيره لصالحي ؟ و لا يقف كما نفعل نحن العرب كثيرا عن اسئلة الاسباب و الخلفيات الفكرية و الايدولوجية و العقدية للحدث ..
-         فكر المؤامرة هو ان نعتقد ان كل شيء ضدنا و كل العالم مشغول ليضر بنا و بعقيدتنا و افكارنا و مصالحنا ، و يخطط للاستيلاء علينا ،  هو ان نعتقد ان العالم لا يتحرك الا بايدي امريكية أو غربية و لا يحدث شيء الا بإذن امريكا ، هذا هو فكر المؤامرة السلبي ، و هو فكر خاطئ جدا ، في الحقيقة الغرب مشغول بتحصيل مصالحه و تحقيقه تفوقه على العالم و يبقى لك الخيار في العمل مع أو ضد ، و الانصياع لمصالح الغرب ليس جبرا انه خيار.
-         عدم الايمان بفكر المؤامرة لا يعني ان الغرب لا يصنع المؤامرات الدولية و يبث خيوطه في كل مكان فقط  ، علينا فقط ان نؤمن ان الغرب مجموعة بشر و ليس آلهة ...
-         في تونس لولا قيام قائد الجيش التونسي بإجبار الرئيس بن علي على الهروب فجاءة ربما ما كانت الثورة تنجح ، وفي مصر لولا  الضغط الغربي و رفض الجيش سحق المتظاهرين ربما ما كانت الثورة تنجح ، و في ليبيا لولا تدخل الناتو ربما ما كانت الثورة تنجح ،  و في سوريا و اليمن لولا الدعم الغربي و الغطاء العربي ربما ما كانت الثورة لتستمر ، و في البحرين لولا التغافل الغربي و الصمت العربي و التدخل الخليجي ربما كانت الثورة ستنجح ، هل الغرب بريء من الحالة العربية ؟؟؟
-         اعتقادي ان الحراك العربي كان شعبيا  و داخليا عند انطلاقته ، و انتظر الغرب قليلا قبل ان يجد لنفسه خارطة لدخول الحراك العربي و يحاول تجيير الربيع العربي لصالحه ، و الشعوب التي كانت تُسبح بلعن امريكا باتت تسمي امريكا بالمنقذ المنتظر و حامي الحرية العظيم .

للحديث تتمة ...


هناك 10 تعليقات:

  1. أستاذ عقيل،

    أوافقك في رأيك عن الثورة العربية تبدأ من الشعب ولكن أمريكا تحاول تسييرها لما تريده، لكن أخالفك في أن هناك دعم غربي وغطاء عربي في اليمن، بالعكس هناك تعتيم إعلامي بالضبط كما هو في البحرين

    ردحذف
  2. اعتقد كان لامريكا مشروع بالفعل لتغيير خارطة الشرق الاوسط ابتدأ من العراق لكنه تعثر مع حرب تموز ، بالتأكيد ان الربيع العربي صنيعة الشعوب لكن امريكا الان دخلت بثقلها على الخط. مع اني ما اود ادافع عن النظام السوري لكن مقتنع ان امريكا عبر ادواتها المعهودة ( الطائفية والسلفية الجهادية ) تعمل بجد لانجاز مشاريعها المتأخرة عبر بوابة الربيع.

    ردحذف
  3. الاخ صاحب التعليق الاول ، مع خالص تحياتي الوضع في اليمن كما ذكرت يخضع لتعميم اعلامي كبير و هناك محاولة لمصادرة الثورة ولكن هناك اتفاق عربي خليجي غربي على تغيير الرئيس اليمني

    ردحذف
  4. عزيزي حيدر
    اتفاق مع جل ماذكرت
    تحياتي

    ردحذف
  5. اولاً السلام علكيم وكيف الحال يا ابا علاء
    ثانيا سلمت يدك على هذا المقال الرائع ولكن الحراك كان نتجة تجميد وعدم تحديث القوانين في هذه البلدان ومازال الفكر هو الفكر الواحد فقط والمركزية العمياء التى لم تنجزا التنمية ولم تطور التعليم والانسان

    ردحذف
  6. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
    الكثير من الأنظمة العربية عقيمة، ولعل العقم الأول والأخير هو وجود مسؤولين على مستوى وزراء وغير وزراء على كرسي الحكم أكثر من عقدين من الزمن!!وكأنه ماكو في هالبلد إلا هالولد.
    يعني: مصر مثلاً نظام جمهوري وإذا هو متربع على الكرسي أكثر من 20 سنة، والحال مثله في السودان واليمن وليبيا وغيرها، فلو مسميين دولهم (مملكة) كان لنا كلام ثاني.

    ما اقول إلا الله يصلح الجميع

    ردحذف
  7. حبيبي أبو علاء
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    الحياة البشرية هي عبارة عن حلقات تاريخية تعيد نفسها ولكن بصور والوانا وتشكيلات مختلفة.
    فهي لا تخرج عن سببين (في وجهة نظري). السبب الأول (كما قال كاتب ما )أنحراف البشرية يعود لتطبيقهم فقه الشيطان ؟؟؟؟ وماهو؟؟؟؟
    (أنا خير منه). فأبليس عليه اللعنة. زرع فكرته في فئة من البشرية.بأنهم الأفضل والأقوى وهم خيرة البشرية.والباقي عبارة عن بشر لا قيمة لهم.وهذا ما تفعله أمريكيا واسرائيل والتابعين لهم.
    السبب الثاني : المصالح الشخصية (المال والسيطرة والاستكبار)
    أن الاصنام لم تعبد فقط على أساس أنها إله .وإنما وضعوها فئة الاستكبار لجذب الطبقات الفقيرة إليهم ولكي يقودوا مصالحهم على أكمل وجهة. وهذا مافعلته أمريكا والتابعين لهم . حيث جعلوا أن أمريكيا هو الإله المنقذ لهم. وهو يقوم بمصالحه على أكمل وجه.
    لو رجعت منذ زمن نبي الله نوح عليه السلام حتى يومنا هذا سوف ترى هذين السببين ولكن كما قلنا بصور وألوان مختلفة.
    وتقبل تحاتي....

    ردحذف
  8. ابو جواد .. عليك السلام ، أما الحال ففي احسنه بإذن الله
    شكرا على تعليقك و رأيك محترم

    ردحذف
  9. الاخ صاحب التعليق - لم تذكر اسمك- و ارجو كتابته في المرة القادمة
    هي كما قيل جمركيات
    لا جمهوريات و لا ملكيات
    شكرا لك

    ردحذف
  10. الاخ صاحب التعليق الاخير و التحليل الطويل - ارجو ان تكتب اسمك في المرة القادمة-
    تحليلك يحتاج الى تفصيل ارجو ان تكتب فيه مقال افضل
    و لا شك ان الجانب الروحاني له دوره الاكيد

    و شكرا لك

    ردحذف