حنظل الظلم
خلق الله الناس سواسية كأسنان المشط لا تفاضل بينهم و حرم الظلم على نفسه و جعله بينهم محرما ، و بالرغم من كثافة النصوص المقدسة التي تنهى عن الظلم و بالرغم من كونه مكروه طبعا و فطرة إلا أن الانسان لا ينفك عن ممارسته و إيقاعه على من هم دونه ومن قدر عليهم .
و بعيدا عن التنظيرات الشرعية أو الاجتماعية أو القانونية فإن للظلم وجه نفسي قاسي على المظلوم لا يفهمه و يستطيع قراءته إلا من كرع من كأسه المر .
إن للظلم مرارة أشد من الحنظل و خشونة أشد من مبرد حديد و قسوة أشد من الفولاذ و حرارة أشد من القطران .
ألم الظلم يشوه النفس البشرية و يجعلها شبحا مخيفا ، حتى يتمنى المظلوم الموت على الحياة .
و أشد على الانسان أن يرى ظلما واقعا على أحبة و أخوة له فلا يقدر على الدفع عنهم ، و هنا نسترد صورة من كربلاء حين رأى امام المظلومين أهل بيته و اصحابه يجزرون ظلما و عدوانا فلا يستطيع الدفع عنهم ، فقال لأبن أخيه : يعز على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا ينفع .
و عبر التاريخ تحمل الشرفاء عذابات الظلم القاسي و كأنه قدر لهم و كأن المظلومية شرف عزيز المنال ، فاكتوى به خلق هم أطهر من الماء القراح و أطيب من المسك الفواح ، و أدمى لعذاباتهم قلوب الاشراف ، فهذا رسول الله عليه الصلاة و السلام يمر على آل ياسر و هم يعذبون ظلما في الله ، فيدمى قلبه و يصبرهم و يعدهم الجنة .
نعم أنه الصبر الذي لا بديل عنه ، و لا يهون الظلم إلا رب العدل ، فهو بعينه كما قال الحسين عليه السلام " هون ما نزل بي أنه بعين الله" .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق