المهدي بين العقل و النص
تعتبر فكرة المخلص أو المختار فكرة انسانية قديمة وجدت في جل الامم و الحضارات السابقة و هي مرتبطة بشكل أو بآخر بفكرة أخرى هي فكرة نهاية الحياة أو نهاية الدنيا ، و كلا الفكرتين لها اساس وجداني لدى البشر تناقلتها الامم عبر العصور و إن أختلفت في التفاصيل و الاسماء ، و حتى اليوم مازال الانسان المعاصر يحمل ذات الفكرة فنظرة خاطفة على الافلام الهوليودية يكشف عشرات الافلام التي انتجت تحت هذا المفهوم مما يعكس شغف الانسان المعاصر بهذه الفكرة .
اسم هذا المختار أو المخلص عن المسلمين هو (المهدي) و ارتبط المهدي بالمذهب الشيعي لعوامل تاريخية و عقدية عدة ، و لكن ما مدى مصداقية هذه الفكرة ؟؟
يعتقد الشيعة بأن المهدي ولد و غاب حتى أجل غير مسمى و يكتنف الرواية الشيعية الكثيرة من التغليف الاعجازي للقضية ، فكيف يمكن لنا أن نتعامل مع هذه المسألة ؟
إن العقل عندما يتناول عقيدة الشيعة بالمهدي يمكنه أن يبحثها من زاويتين ، الاولى زاوية النفي و الثانية زاوية الاثبات .
يعتقد الشيعة بأن المهدي ولد و غاب حتى أجل غير مسمى و يكتنف الرواية الشيعية الكثيرة من التغليف الاعجازي للقضية ، فكيف يمكن لنا أن نتعامل مع هذه المسألة ؟
إن العقل عندما يتناول عقيدة الشيعة بالمهدي يمكنه أن يبحثها من زاويتين ، الاولى زاوية النفي و الثانية زاوية الاثبات .
في مجال النفي فإن العقل لا يمكنه نفي الرواية الشيعية إلا بإنكاره للميتافيزيقا إذ ان قضية المهدي يلفها الاعجاز من كل جانب ، لذا فإن العقل المؤمن بالخوارق على قاعدة (إن الله على كل شيء قدير) يعجز عن نفي كل المعاجز التفصيلية في قضية المهدي و إلا تورط في نفي جل الحوادث الاعجازية وصولا الى الالحاد بشكل أو بآخر، فالعقل هنا يقرر بأن وقوع المعجزة أمر ممكن ولو على سبيل الاحتمال ، أما إذا درس العقل تلك القضية باعتبارها حدثا عاديا لا مجال للمعجزة فيه فإنها بالتأكيد عن تكون غير مقبولة عقلا ، فمثلا كيف لإمرة أن تحمل طفلا و لا يبان عليها أثر الحمل حتى سويعات قبيل ولادته ، لا مبرر هنا سوى الاعجاز الخارق .
أما في زاوية الاثبات فإن العقل لا يمكنه إثبات حوادث تاريخية مفصلة وقعت بتواريخ و تفاصيل معينة دون الاضطرار للنظر في تلك الحوادث و معالجتها بصورة فنية عبر وسائل الرواية التاريخية مما يدخلنا في علم الدراية و الرواية الذي لا يمكن بالتالي الوصول معه الى نتائج قطعية ، ففي قضية ولادة المهدي مثلا التي تمت بسرية تامة و ظروف بالغة الدقة وفق الرواية الشيعية ، لا يمكننا أن نلوم السني على إنكارها إذا اجتهد في فحص النصوص فوجدها وفق إجتهاده مردودة ضعف سندها و متنها .
إن الحل المقترح للقضية هو الايمان بمجمل المهدية كإرث انساني وجداني عجز العقل عن نفيها و احتمل ظنية النص مع اغفال التفاصيل التي يتعذر الوصول الى الجزم بصحتها و دقتها ، الايمان الاجمالي هو الحل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق