الخميس، 4 أكتوبر 2018

هل وقع الطوفان فعلا؟



هل وقع الطوفان فعلا؟؟



توقفت قبل سنوات عند موضوع آيات العذاب في قصص الأنبياء التي وردت في القرآن والوارد أن الله أبادهم وسلط عليهم العذاب، فطرأ في بالي تساؤل:

كيف لله الرحمن الرحيم الذي هو –كما في بعض الروايات- ارحم بكم من أمهاتكم

كيف به يعذب ويهلك عبيده الذين خلقهم لأنهم عصوه ولم يؤمنوا به ولم يتبعوا رسله؟

نعم له حق التصرف فيما خلق ليس هنا الخلاف، الخلاف هل يتسق العذاب الوارد في الآيات بصفات الرحمة واللطف والحلم؟

لو أن ولدا أنكر أمه وجحدها وأهانها وأنكر نسبته لها ورفض طاعتها وبرها وقابل إحسانها بأشد أنواع الكفر والإسفاف، هل نتخيل أن هذه الأم ستلجأ الى إغراقه بالماء مثلا؟ أو دفنه حيا؟ أو إمطاره بالحجارة الحارقة؟

هل سنعتبر أن هذا السلوك متسق مع الرحمة والحنان الكبير من قبل هذه الأم؟

لو فعلت لما وجدنا لها مبررا وهي بشر، فكيف برب العباد الغني عنهم؟

طفقت أقرأ آراء اكابر المفسرين السنة والشيعة ولم اصل إلى ما يشفي الغليل ولا ما يقنع وكلها تقريبا تؤكد معنى العذاب الحقيقي والمادي الواقع على أقوام سالفة.

وبعدها أخذت أقرأ في بعض الكتب التي تناولت قصص الانبياء من زوايا مختلفة، ولتقادم العهد فقد نسيت اسماء الكتب وربما أعود للبحث فيها لاحقا، إلا أن خلاصتها في اتجاهين إثنين:

الإتجاه الاول:

 يرى أن تلك الآيات يجب أن تحمل على المجاز لا الحقيقة، فلا حقيقة لإغراق قوم نوح بالماء كما يفهم من قصة النبي نوح، بل أن الإغراق هنا إغراق معنوي لا مادي، كأن يكونوا في حالة من الهم والحزن مثلا.

ويستشهد برأي لباحثين جولوجيين يرون أن الأرض لم تشهد منذ ظهور الإنسان العاقل (الحالي) طوفانا غطاها كاملة كما هو التصور الديني للطوفان، فنحن لا نملك إلا أن نقول أما أن يكون الطوفان كان جزئيا أو أنه وقع قبل زمن الإنسان المعاصر أو أنه وقع في غير هذه الأرض، أو أنه لم يقع أصلا.



الإتجاه الثاني :

يرى أن القرآن ذكر قصص الأنبياء على سبيل استخدام التراث وليس الإخبار، بمعنى أن القرآن استخدم هذه القصص المعروفة والمنتشرة في زمن نبوة النبي محمد كحقائق من أجل التحذير والنذير وليس من اجل ذكر الحقائق والوقائع، فهي كما ورد في القرآن (اساطير الاولين) بمعنى قصص شعبية معروفة لدى كل الناس في وقتها، فكفار قريش لم ينكروا ما ورد لأنه من تراثهم، ولكنهم قالوا عنها أنها قصص الأولين، فاستخدمها كوسيلة صالحة لتحذير الناس بما لديهم من قبليات وأفكار مسبقة.



وأنا هنا لست في معرض تصويب رأي وتضعيف رأي آخر، وليست في وارد محاكمة هذا الرأي ورده أو قبوله، ولكني أحببت أن أطرق أبوابا أوسع للحوار، فحتى قصص الأنبياء وعذابهم يرد عليها الإشكال وقد لا ترد الإشكال الأصلي.


الأحد، 23 سبتمبر 2018

عرض كتاب العمل التطوعي الاجتماعي




العمل التطوعي الاجتماعي 




عنوان الكتاب: العمل التطوعي الاجتماعي

الكاتب: علي عيسى الوباري

الطبعة: الأولى 1438هـ

عدد الصفحات: 168 صفحة

الناشر: قلم الخيَال للنشر والتوزيع




يعد العمل التطوعي من أكثر الأنشطة أهمية في العصر الحديث، لما له من قدرة إنجازية يعجز عنها جيش من مئات الموظفين الرسميين، فالعمل التطوعي يكسب من العمل الحكومي سمو مقاصده في الخدمة العامة دون ربحية ويتفوق عليه في كسره لروتين الوظيفة الحكومية وجمودها، كما أنه يأخذ الاحترافية والمرونة من العمل الربحي التجاري فيما تتعالى عن انانية الربح الشخصي والكسب المادي الفردي. 




أهمية هذا المجال الذي بات يعرف بـ (القطاع الثالث) جذب له اهتمام الحكومات ودعم الشركات حول العالم، فالحكومات باتت تشرع القوانين وتقدم التسهيلات لهذا القطاع في كافة المجالات وتفسح له المجال للعمل إلى جانب المنظمات الحكومية، بالإضافة إلى أنها باتت حريصة على تكوين شراكات متعددة معه كي تضمن تكامل العمل بين الطرفين، كما أن الشركات الربحية الخاصة وجدت فيه مجالا للتسويق لنفسها ووسيلة لممارسة التزامها الاجتماعي بشكل احترافي وبأقل تكلفة ممكنة. 


وقد فطنت رؤية المملكة 2030 لهذا القطاع وجعلته أحد محاورها إذ حددت الهدف ببلوغ عدد المتطوعين في البلاد إلى مليون متطوع، وفي هذا المجال بدأت وزارة العمل بإنشاء منصة وطنية للعمل التطوعي وتسعى لإطلاق عدد من برامج مأسسته في بلد عرف أشكالا متنوعة منه، كما قد تميز أهل الأحساء بالريادة في مجال العمل التطوعي الخيري وقد سجلت شهادات عديدة من أبرز قيادات هذا المجال في المملكة. 



ومن هنا يأتي كتاب الأستاذ علي الوباري في السياق والتوقيت الصحيح، فهو في هذا الكتاب يرسم دليلا واضح المعالم وسهل التطبيق ودقيق المعلومات للعمل التطوعي في مجال العمل الاجتماعي خصوصا إدارة الجمعيات الخيرية. 



أهمية هذا الكتاب لا تنبع فقط من أهمية موضوعه بل بأهمية مؤلفه فالأستاذ الوباري شخصية هامة واسم لامع في مجال العمل التطوعي الخيري، إذ انخرط في هذا المجال مبكرا حتى بات أمينا عاما لجمعية المنصورة الخيرية ويشغل حاليا منصب نائب رئيس الجمعية، كما انه حضر عددا من المؤتمرات والفعاليات الهامة في هذا المجال. 



والكتاب الذي وضعه في مقدمة نظرية وفصلين أثنين جاء بأسلوب متميز جمع بين التنظير الأكاديمي من ناحية والخبرة العملية من جانب آخر، وهذا راجع إلى شخصية الكاتب فهو أستاذ محاضر في الكلية التقنية إلى جانب عمله التطوعي. 



في المقدمة النظرية يغطي الكاتب جوانب مهمة في العمل التطوعي الخيري مؤصلا له من الناحية الدينية وعلم الاجتماع، متطرقا لأشكاله وعوائقه والعوامل الجاذبة له وأدوات التهيئة لبيئة العمل التطوعي. 



في الفصل الأول من الجانب العملي الذي حرص الكاتب فيه على توثيق تجربته العملية خصصه للجانب الإداري من العمل التطوعي معددا المهارات والواجبات الإدارية التي يجب على ادريي العمل الخيري التمكن منها كالتخطيط والتنظيم وإدارة الكوادر والرقابة، ثم رسم الكاتب الهيكل التنظيمي للجمعيات الخيرية ذاكرا المناصب الإدارية ومهامها واعمالها التنفيذية ومرجعيتها الإدارية، وبعدها خصص جزءا لأنشطة الجمعيات وبرامجها مع التعريف بها، وأخيرا تحدث عن التمويل والاستثمار والتسويق للجمعيات، مرفقا جدولا لبرنامج وانشطة الجمعية (كمثال). 



خصص الكاتب الفصل الثاني للتفصيل في مجال المساعدات المالية والمادية الخيرية الدائمة والموسمية التي تقدمها الجمعيات كمساعدة الايجار وتسديد الديون والدراسة وغيرها مضمنا إياها للجداول والنماذج التي يمكن استخدامها في هذا المجال. 



وختاما يظهر لنا الهاجس الذي يحمله الكاتب والذي يتوخاه عبر كتابه هذا، إذ أن سلامة القصد وطيب المبتغى من العمل التطوعي الخيري لا يكفي لسلامة إنجازه بل إن التنظيم الإداري والإدارة السليمة أساس لابد منه راجيا أن يكون لهذا الكتاب سد ثغرة ملحة في هذا المجال، ونحن إلى جانب الكاتب ندعو وحدات العمل التطوعي للاهتمام بهذه الجوانب وأن تستفيد من الخبرات المنجزة والمبسوطة أمامها. 








السبت، 15 سبتمبر 2018

عرض كتاب اعبر ليل النص واصابعي شعلة

أعبر ليل النص وأصابعي شعلة 






عنوان الكتاب: أعبر ليل النص وأصابعي شعلة

الكاتب: كاظم الخليفة

الطبعة: الأولى 2018

عدد الصفحات: 214 صفحة



من إصدارات النادي الادبي بالرياض

الناشر: المركز الثقافي العربي




يمكن لأي انسان أن يقرأ النصوص الأدبية شعرا كانت ام نثرا ويستمتع بجمالياتها، يطرب باللغة والمفاهيم والأفكار التي تقدمها تلك النصوص، وبقدر ما تعطي من روحك لها يمكنك أن تأخذ وبقدر ما تنفتح عليها يمكنها ان تكشف لك من مكنونها وروائعها، غير أن لكل شيء حدود فتلك جزء من طبيعتنا البشرية، ولذا ربما نحتاج إلى دليل يضيء لنا الدرب ويرشدنا الطريق لنعبر ليل النص بسلاسة ونخرج من كهفه بسلامة، وهنا يأتي الأستاذ كاظم الخليفة يتبرع بأصابعه شعلة لنا. 

تميز الأستاذ الخليفة بذائقته الفريدة واطلاعه الواسع وقدرته الفائقة على فتح حواسك وعقلك ومشاعرك تجاه تلك النصوص الأدبية، جرّب أن تقرأ نصا ثم اطلع على ما كتبه الأستاذ الخليفة ثم ارجع لقراءة النص تارة أخرى حينها ستجد نفسك أمام نص جديد لم تقرأه من قبل. 

قسّم الأستاذ الخليفة كتابه إلى ثلاثة فصول، الأول: اختص بالنصوص الشعرية، والثاني: افرده للرواية أما الثالث: فكان للقصة والقصة القصيرة. 

وفي كلا القسمين اختار عيونا من النصوص الأدبية الرائعة لشعراء وأدباء محليون وقدم قراءاته المميزة لها، من الأسماء التي تناول نصوصا لها: شعرا: محمد الحرز-جاسم عساكر-علي النحوي، ومن الادباء في مجال الرواية: جبير المليحان وحسين الأمير، وفي مجال القصة قدم قراءة لمجموعة أحمد العليو - عبدالله الوصالي- امينة الحسن –طاهر الزراعي- جعفر عمران- عبدالجليل الحافظ، وغيرهم من الأسماء المحلية المعاصرة. 

في بداية الكتاب طرح الأستاذ الخليفة عدد من الهواجس والتساؤلات التي وجدها ضرورية أمام قصيدة النثر: منها الفرق بين الشعر والنثر؟ هل تحول الشعر إلى صيغ جديدة تتجاوز قوالب الفراهيدي يعد تطورا طبيعيا مقبولا أم تجاوز محظور؟ هل لشعر النثر قواعد محددة أم أن الغموض جزء من الطبيعة؟ 

ناقش الأستاذ الخليفة برشاقة سؤالا لطالما كان محل جدل، السؤال هو: ما الفرق بين الشعر والنثر؟؟ فينقل عن (وو كياو) قوله: "بأن رسالة الكاتب مثل الأرز: عندنا تكتب نثرا فإنك تطبخ الأرز، عندما تكتب الشعر فإنك تحول الأرز إلى نبيذ.. طهو الأرز لا يغير شيئا من شكله، لكن تحويله إلى نبيذ يغير شكله وخصائصه. الأرز المطبخ يجعل المرء يشبع، ويحيا حياة كاملة، النبيذ يجعل المرء ثملا.."، وبعدما يطرح الكاتب عدد من النظريات حول هذا الفرق، ليصل إلى نتيجة أن الفرق بين الشعر والنثر خيط رفيع لا يمكن للنظريات الجامدة القبض عليه، ويبقى للقارئ الفطن اكتشاف هذا الخيط بنفسه. 

ختاما: إن كنت مهتما بقراءة قصيدة النثر أو بالنصوص النثرية من رواية وقصة وإن كنت مهتما بالنتاج الأدبي المحلي فإن هذا الكتاب سيعطيك روحا ثانية كي تحيا بها وعينا ثالثة لترى بها ومشعلا منيرا لتسترشد به الطريق.. 











الجمعة، 20 أبريل 2018

قراءة في كتاب الحداثة والقرآن لـ سعيد ناشيد






قراءة في كتاب



الحداثة والقرآن

لـ سعيد ناشيد







الكتاب : الحداثة والقرآن

المؤلف : سعيد ناشيد

عدد الصفحات : 248

الطبعة : الأولى 2015

الناشر :دار التنوير



مقدمة:


في المقدمة يسرد الكاتب الصعوبة التي واجهها في محاولته للحصول على ناشر يقبل نشر الكتب لعلمهم بأنه سيحجب في معظم البلدان العربية، فقد تلقى تنبيها من جورج طرابيشي بأن منسوب الجرأة في الكتاب أكثر مما هو مسموح به عربيا.

يحاول الكتاب طرح صورة جديدة عن القرآن الكريم تتوافق مع الحداثة، وهي بلا شك لا تماثل بل لا تشبه الصورة التقليدية التي عرف بها المسلمون القرآن، فهو في صورته النمطية كلام الله التام الكامل الذي لا يأتيه الباطل محفوظ النص والمتن بأمر الله تعالى وتأويله مبسوط لعلماء الأمة وفقهاؤها.

لكن الكاتب يحاول إعادة تعريف القرآن ليقرر ما القرآن وما ليس القرآن حسب تعبيره.

يقول الكاتب في مقدمته: " يعبّر القرآن عن ثلاث قضايا متفاوتة، لا يجوز بأي حال من الأحوال أن نستمر في الخلط بينها:-

أولا: قضية الوحي الإلهي

ثانيا: قضية القرآن المحمدي

ثالثا: قضية المصحف العثماني.



عرض الكتاب:


القسم الأول: من النص إلى الأدلجة:

أهم ما في هذا الكتاب هذا القسم الذي يحاول رسم صورة حداثية للقرآن، فيجب على سؤال:  ما القرآن؟

يشرح فكرته وهي بأن هناك وحي إلهي أوحي إلى النبي على شكل صور وحيانية، ثم قام النبي بصياغته بلغة العرب القرشية وفق فهمه وظروفه فكان (القرآن المحمدي)، ثم قام المسلمون بجمعه وترتيبه عبر سنوات طويلة وهو ما وصل إلينا، وعليه فنحن لا نعرف سوى (المصحف العثماني) فقط.

ثم يطرح سؤالا: أين كلام الله؟ فيجيب : أننا لا نملك من كلام الله سوى كلام رسول الله، ولتوضيح فكرته يطرح مثالا: وهو مثال الخبز إذ هو من القمح، فنحن لا نملك شيئا من القمح (كلام الله) بل الخبز الذي أعطانا إياه النبي.

ثم يطرح سؤالا آخر : هل هناك نص مقدس؟

وللإجابة فإن الكاتب يستعرض مقولات مطولة قبل أن يخلص إلى أن النص المقدس لا وجود حقيقي له، فالقرآن إنما هو وحي إلهي صار مخلوقا ومؤلفا بلغة بشرية هو عرضة للنقص وسوء الفهم، ومضامينه عرضة للتبدل والزوال وتتأثر بتطور الإنسان وحياته.

ويقرر الكاتب أن التخلي عن الصورة النمطية للدين ضرورة لبقائه، فعقيدة التوحيد التي تعني (أن لا إله إلا الله) وحدها لب الإسلام وغيرها من أفكار يجيب أن يخضع للتبديل وفق الظروف المتغيرة، لكن ما جرى هو أن المسلمين بدلوا التوحيد الربوبي الخالص إلى تأليه النصوص وعبدوا الأسلاف.



ما الوحي؟:

ينقل الكاتب عن الطباطبائي قوله (أن الحضارة الإسلامية إنما هي حضارة النص..) ويقرر بأن لحظة تدوين القرآن تمثل نسق الانسداد المعرفي والفعلي للعقل الإسلامي، فكل ما أتى بعد ذلك كان عبارة عن تأويلات وتفسيرات للنص الديني، حتى أستفذ العقل الإسلامي كل قواه بعدما جرب كل أنواع التأويل والتفسير وبقي قاصرا عن معالجة مشكلات العصر.




وبعد أن ينقل مقولات عن حقيقة الوحي كأن يكون قوة تخيلية للنبي أو قوة نفسية تترجم الصور الوحيانية وتتأثر بمزاج النبي وطبيعته وبيئته يقرر الأمر ذاته على القرآن، ولدعم رأيه يقول نلاحظ أربعة ملاحظات حول آياته:

1- إنها لم تكن دائما على نفس المرتبة من القوة والإتقان (آيات محكمات وآيات متشابهات)

2- أنها ليست دائما على نفس المستوى من القيمة والأفضلية (آيات ناسخة وآيات منسوخة) (آيات أفضل من غيرها كآية الكرسي، وسور أفضل من غيرها كالفاتحة)

3- أنها ليست معصومة عن الخطأ (تسرب بعض الآيات الشيطانية- تسرب بعض الهفوات النحوية)

4- أن الرسول اكتفى لدى صياغة بعض الآيات بما بلغ إلى مسامعة من عبارات الصحابة (ما نزل على لسان بعض الصحابة.







النص والنقص:

كيف ترجم الرسول إشارات الوحي الإلهي إلى عبارات بشرية؟

يقرر الكاتب أن لا سبيل للجواب على هذا السؤال سوى بالاعتماد على ((الحدس العقلاني)) وحينها يقرر بأنها قد تكون تمثل في صور روحانية عميقة عجزت اللغة حينها على التعبير عنها بشكل تام.

ثم يدخل الكاتب في سلسلة من النوافي عن القرآن فيقرر بأنه:

- القرآن ليس الوحي

- المصحف ليس القرآن

- القرآن ليس دستورا

- القرآن ليس علما

- القرآن ليس نحوا

- القرآن ليس قانونا جنائيا







مراجعة على مجمل الكتاب:

في المجمل فإن الكتاب لا يقدم حلولا بل إشكالات مفتوحة، كما أنه لا يعد بحثا شموليا يعالج قضية حساسة كقضية القرآن الكريم لدى المسلمين، ويبدو لي أن الكاتب قد اتخذ من المنهج الأوربي الذي شاع في عصور التنوير مثالا، فقد كان من المعتاد أن ينقد مثقفو التنوير الكتاب المقدس نقدا حادا معتبرين أنه أكبر حجر يعترض التنوير المأمول، وبعدها قام مارتن لوثر بخطوته الثورية عندما ترجم نصوص الكتاب المقدس من اللغة اللاتينية إلى اللغة الألمانية المحلية لإسقاط السياج القداسي حول فهم نصوصه، وتاليا تجاوزت الحداثة النصوص المقدسة معتبرة أن الزمن تجاوزها، والأمر ذاته يطرحه الكاتب هنا بخصوص القرآن فهو يعتبر أن آيات القرآن نصوص زمنية تقادمت ولم يعد يجدي معها كل محاولات التأويل والتكييف في زمن الدولة الحديثة.

الحل الذي يطرح الكاتب هو أن يكون القرآن نص تعبدي خالص، يقرأ للبركة والتعبد بتلاوته وليس لأخذ أي فكرة سياسية أو علمية أو دستوية أو فكرية أو اجتماعية أو لغوية أوغيرها، إن الفكرة الوحيدة التي يمكن أن نأخذها من القرآن بحسب الكاتب هي فكرة التوحيد الربوبي الخالص لله وحده فلا عبادة ولا قداسة إلا له فقط.

عرض كتاب الفكر والرقيب


عرض كتاب 

الفكر والرقيب 





الكتاب: الفكر والرقيب

المؤلف: محمد بن عبدالرزاق القشعمي

عدد الصفحات : 256 صفحة

الطبعة : الرابعة 2016

الناشر : الانتشار العربي


مقدمة: 


في رمضان الماضي شرفت بزيارة لمنزل الكاتب والباحث محمد القشعمي وسعدت بهديته القيمة وهي نسخة من كتابه الفكر والرقيب، وهو واحد من إصداراته التي تعنى بالتوثيق والرصد للساحة الثقافية والإعلامية السعودية على مدار القرن المنصرم، والكتاب تميز بالشمولية والسعة في تطرقه لحوادث وقصص حول النشر والرقابة في المملكة، ورغم أهمية الكتاب كمرجع تاريخي لا غنى عنه إلا أنه يزخر بالطرافة الفكاهة ويصلح لبساطة لغته وأسلوبه لأن يقرأه الجميع، والطريف أن الكاتب الذي يتحدث عن الرقابة هو ذاته وقع في شراكه فهو ممنوع من الطباعة والنشر في المملكة. 

عرض الكتاب 

يضم الكتاب خمسة فصول قبل أن يختتمه بالملاحق والوثائق 

الفصل الأول : بعنوان حرية الرأي والتعبير، حيث يعبر مدخلا للكتاب يعرف فيه الرقابة وأشكالها ومبرراتها 

ويتحدث في الفصل الثاني عن الرقابة في المملكة معددا الأطوار التي مرت بها عبر العقود الماضية، ناقلا بعض القوانين التي صدرت في هذا الشأن، قبل أن يصل إلى نظام المطبوعات الأخير الذي ينص صراحة على عدم فرض رقابة على الصحافة إلا أن الواقع العملي بعيد عن ذلك. 

أما الفصل الثالث: المعنون ب(الرقابة على الصحافة) فهو من أثرى فصول الكتاب لما حواه من قصص وحوادث عديدة وكثير منها طريف، وهذا الفصل غني جدا بالمعلومات عن الصحافة الناشئة في المملكة منذ صحيفة صوت الحجاز الصادرة سنة 1932م، مرورا بصحيفة الأضواء ثم اليمامة إلى أخبار الظهران وكلها صحف انتهى مصيرها للمنع والإيقاف بل كان مصير بعض كتابها ومحرريها السجن والعقوبة. 

في جزء من هذا الفصل يتحدث الكاتب عن صحافة الأفراد التي لم يكتب لها عمر طويل إذ لطالما تعرضت للإيقاف والمنع والمصادرة ومنها الفجر الجديد –الإشعاع –الخليج العربي وذكر تجارب روادها ومنهم يوسف الشيخ يعقوب - سعد البواردي – عبدالله الشباط. 

الفصل الرابع لا يقل إثارة وغنى من سابقة إذ ما عند الكاتب القشعمي من المعلومات والقصص كثير، ما دعاه إلى تخصص هذا الفصل لتجارب الكتّاب مع الرقابة، وذكر فيه عشرة مقالات كانت مجالا للرقابة حيث تسبب في إيقاف الكاتب أو عزل رئيس التحرير. 
ثم يفرد الكاتب صفحات طويلة عن صحيفة أخبار الظهران وتجربة عبدالكريم الجهيمان معها لما يراه من أهمية لتلك الصحيفة التي حملت صوت الناس، وكانت أول من نشرت مقالا يدعو إلى تعليم المرأة مما تسبب في سجن الجهيمان ذاته.

وفي الجزء الأخير من هذا الفصل يخصصه الكاتب للأسماء المستعارة في عالم الصحافة والثقافة في المملكة، حيث يورد في البداية تحليلا حول الأسباب الكامنة خلفها وهي أسباب تتنوع من التقليعة والبرستيج إلى كونها وسيلة للهروب من عصا الرقيب الغليظة، وتاليا يسرد الكاتب الأسماء الحقيقية والمستعارة لعدد كبير من الكتاب والمثقفين والفنانين الذين عرفتهم الساحة السعودية. 

أما الفصل الخامس بعنوان الرقابة في عصر الفضائيات والأنترنت فيؤكد فيه على انتفاء فائدة الرقابة مع التحول الكبير في وسائل الاتصال الحديثة.
ويختتمه الكاتب بعدد من المقالات الشخصية التي منعها الرقيب.




الجمعة، 13 أكتوبر 2017

إطلالة على رواية مـــــــدام بوفــــــاري



إطــــــــــــــــــــلالة على روايـــــــــة

مـــــــدام بوفــــــاري









رواية : مدام بوفاري

المؤلف: الروائي الفرنسي غوستاف فلوبير

صدرت سنة 1857م

ترجمة : محمد مندور

عدد الصفحات : 476 صفحة

الطبعة : طبعة 2009

الناشر : دار الآداب للنشر والتوزيع


بين يدي الرواية:

تعتبر رواية مدام بوفاري واحدة من روائع الأدب العالمي فهي تنتمي للمدرسة الواقعية حيث تشخص الأحداث والعلاقات الإنسانية بعيدا عن شطحات الأدب الرومانسي، وقد أثارت الرواية الكثير من الجدل حينها في فرنسا، حتى دخلت أروقة المحاكم، فقد اتهمت الرواية بأنها تشوه صورة أهالي الريف الفرنسي وتدعو للإنحال والرذيلة وتسيء للأخلاق والدين.

وبالرغم من الطابع الواقعي للرواية إلا أنها مليئة بالأحداث المشوقة التي تشد القارئ وتتركه يطارد فصول الرواية وصفحاتها، مما حملها إلى دور السينما بفلم أخرج سنة 1949م.



أحداث الرواية:
تدور أحداث الرواية في الريف الفرنسي في زمن احتدم فيه الصراع في فرنسا بين أنصار الملكية وأنصار الجمهورية، وبين أنصار الدين المسيحي التقليدي وبين أنصار الحداثة والحرية، ولب الرواية هو صراع عميق يتجسد في شخصية مدام بوفاري القادمة من الوسط الريفي التقليدي والتي يأخذها الشغف إلى حداثة المدينة والحريات المنفلتة فيها، وتقع شخصية الرواية في صراع نفسي حاد تعجز عن الفكاك منه حتى تقع صريعة.

مدام بوفاري تريد أن تجمع بين تدينها و تذهب للكنيسة لتعترف للرب بخطاياها وهي ذاتها تريد حياة المجون والملاهي الباريسية، هي التي تريد أن تكون مخلصة لزوجها وعائلتها وهي التي تريد العلاقات المنفلتة والعشاق.

تبدأ الرواية بسرد للخلفية الاجتماعية التي يأتي منها (شارل بوفاري) الطبيب التقليدي والسطحي الذي يدفعه القدر للزواج من (إيما/مدام بوفاري) وهي فتاة جميلة ومثقفة قرأت الكثير من الشعر والأدب وتحلم بأن تتزوج لتنتقل مع زوجها إلى باريس لتعيش حياة الصخب والحفلات والمسرح، ولكنها تصاب بالإحباط من بعد زواجها من (شارل) لأنه لا يهتم سوى بمرضاه في تلك القرية الصغيرة وبالرغم من حبه الكبير لها إلا أنه يعجز عن إرضاءها.

تندفع (مدام بوفاري) نحو أحلامها فتقع في حب شاب (ليون) يشابهها الطموح والثقافة إلا أن استحالة العلاقة تدفع الشاب إلى مغادرة قرية ( ايونفيل) إلى مدينة (روان)، وتمر الأيام فتقع مدام بوفاري في حبائل شاب ثري (رودولف) فتتخذه عشيقا مما يدفعها للتخطيط للهرب معه تاركتا خلفها زوجها، لكن رودولف يتخلى عنها في اللحظة الأخيرة.

تعود مدام بوفاري لحالة الاكتئاب والمرض حتى تتردد على مدينة (روان) بداعي تعلم الموسيقى فتقع في عشق (ليون) من جديد، فتعيش حياة مليئة بالخداع والكذب بعيدا عن زوجها الغافل، قبل أن تنهار نتيجة تراكم الديون بسبب حرصها على الحياة المترفة والباذخة ويتخلى عنها الجميع فتنتهي حياتها بمأساة.



نص من الرواية:
تحفل الحوارات الكثير من الجدل حول الدين والحداثة متمثلة بقس القرية المحافظ والصيدلي (هوميه).
من تلك الحوارات التالي:

القس: كف عن هذا يا ميسو هوميه، فأنت كافر لا دين لك.

هوميه: بلى لي دين، ديني الخاص، وأن لدي من التقوى ما يفوق ما لدى هؤلاء جميعا، رغم نفاقهم ودجلهم.



أنني على العكس اعبد الله، أؤمن بالكائن الأعلى، أؤمن بوجود خالق كيفما كان كنهه، ومهما يكن هذا الخالق الذي أوجدنا هنا لنؤدي واجباتنا كمواطنين وأرباب اسرات، ولكنني في غير حاجة لأن أذهب إلى الكنيسة لأقبل أطباقا فضية، ولأسمن من مالي رجالا لا يصلحون لشيء ولا نفع منهم، ويحظون بمعيشة أنعم مما نحظى...






عرض كتاب الهجريون ودورهم في رواية الحديث

عرض كتاب

الهجريون ودورهم في رواية الحديث







الكتاب :
الهجريون ودورهم في رواية الحديث

المؤلف: محمد علي الحرز

عدد الصفحات : 269 صفحة

الطبعة : الأولى 2017

الناشر : غير محدد




بين يدي الكتاب:
من يقرأ في صفحات التاريخ الإسلامي لابد وأن تتكرر أمامه ألقاب أشخاص كالهجري أو العبدي أو بني عبدقيس ولمن يمتلك المعرفة فإنه سيعرف بأنها تشير إلى شخصيات تحدرت من منطقة هجر شرق الجزيرة العربية، وهي منطقة حضارية قديمة لم تغب يوما عن المسار الحضاري للبشرية، ولما جاء الإسلام كان لأهل هذه البقعة أثرهم الملموس فيه تاريخه ووقائعه وأحداثه.

من هنا يأتي هذا الكتاب المهم ليسلط الضوء على جزء محدد من الجانب الحضري لهذه المنطقة، حيث يرصد المؤلف أسماء شخصيات هجرية ساهمت في رواية الحديث عن النبي الأكرم ص وعن أهل بيته وأصحابه، متتبعا روايتهم في أكثر من مئة مصدر حديثي.


عرض الكتاب:


ينقسم الكتاب إلى فصلين اثنين:

الأول : عبارة عن مقدمة تاريخية تعريفية بهجر موردا الخلاف حولها بين هجر البحرين وهجر اليمن، ثم يقدم نبذة موجزة عن قبيلة بنو عبدالقيس وتاريخهم راصدا أهم مشاركاتهم التاريخية في الفتوحات والحروب التي قامت في الفترة الأولى من التاريخ الإسلامي، مقررا ببعض الشواهد عمق ولائهم وانحيازهم لأهل البيت عليهم السلام وعلاقتهم التاريخية بهم.


أما في الفصل الثاني : فإن الكاتب يبدأ بسرد لأسماء الرواة الهجريين بشكل ممنهج حيث يورد تعريفا مختصرا له ثم نموذجا من الأحاديث التي رواها محددا طرقه في الرواية ومن روى عنهم ومن روو عنه ثم يورد بعض ما قيل فيه من رواد علم الجرح والتعديل.

ومن الملاحظ على الرغم من كثرة الأسماء التي جمعها الكاتب إلا أن الغالبية العظمى منها أسماء مجهولة وغير مشهورة وقليلة الرواية ولعل هناك عوامل تاريخية سبب ذلك.



ولا يفوتنا أن ننوه بهذا العمل الهام في كشف شيء من تاريخ منطقتنا الذي تعرض لكثير من الإهمال والتجاهل بأمل أن يكون هذا الكتاب بذرة لأعمال أكثر شمولية وتوسعا.
---------------------

ملاحظة :
قراءة مميزة للكتاب بقلم الصديق عبدالله الرستم
http://abuhakeem97.blogspot.com/2017/02/blog-post.html