الخميس، 19 أبريل 2012

قضايا المرأة

قضايا المرأة

 


تعتبر القضايا المتعلقة بأحوال المرأة من اكثر القضايا اثارة للجدال و النقاش في الفكر الاسلامي المعاصر ، و هذا مفهوم نتيجة المنعطف التاريخي الذي يمر فيه العالم الاسلامي ، و انعاكس للنتائج المعرفية و الحضارية التي وصلت لها الانسانية في العصر الحاضر ..
حجر الزاوية في قضايا المرأة يرجع الى فهم حقيقة المرأة و طبيعتها ، فلطلما أعتبرت المرأة مخلوقا أقل درجة من الرجل ، و أعتبرت أقل منه انسانية أو ان طبيعتها البشرية غير نقية لذا فهي لا ترتقي اليه ، و هذا المعتقد مسطر في كتب التاريخ و أعتقدت به الكثير من الامم السابقة ، بل و حتى على مستوى فلاسفة و مفكرين كبار ، و تسربت هذه الافكار للاديان ايضا ، و اذا كنا نقول ان الاسلام أنصف المرأة فإن أجتهادات الفقهاء في بعض اجتهاداتهم القديمة ظلموها اشد الظلم ، أما الممارسة في العصور الاسلامية فكانت دوما تعبر المرأة ناقصة الانسانية ..
إن الفلسفة الانسانية المعاصرة التي وصلت الى نتيجة نهائية تقول بمماثلة المرأة للرجل في الانسانية و الآدمية ، تلك النتيجة هي التي تمنحها الحقوق و الواجبات المتساوية دون تمايز اعتباري غير حقيقي ، ذلك الاعتبار الوهمي الذي ينتهك وجود المرأة الانساني فيجعله أدنى في الوجود بالتالي في الحقوق و الامتيازات .
و من هذا المنطلق الفكري أنعكس الامر على الممارسة ، فالرجل الذي يعتبر المرأة مخلوقا أدنى و وجوده منتهي الى الرجل و دوره خدمة الذكر و الحرص على متعته ، فإنه لا يعتبر الزواج إلا نوعا من عقود السخارة ، حيث يأتي الرجل بامرأة تقوم بخدمة و طاعته و الحرص على شهواته و ملذاته ، أما الفكر الانساني الذي يعتبر ان اهلية المرأة مساوية لأهلية الرجل فإنه يعتبر الزواج مشروع شراكة لطرفين متساويين في هذه الشراكة ، يحرص كل شريك على نجاح تلك الشركة (الاسرة) و استمرارها و كلاهما يتحملان المسؤولية بذات الدرجة في مستقبل الاسرة و استمرارها .
و إن كانت شراكة الاسرة تقتضي توزيع الادوار بما يتناسب و بما يرتضي الطرفين فإن هذا الامر لا يكون الا برضاهما و اختيارهما دون ان يعني دونية طرف دون آخر .
و الامر ذاته عند التطرق لموضوع التعدد ، فالذكر الحريص على شهواته لا يقيم وزنا لشريكه الآخر ، و يعتبر  ان متعه و أهواءه مقدمة على زوجته التي لا يعطيها حق التدخل في أنقاذ الاسرة من صلفه و حماقته و يعينه على ذلك مجتمع ذكوري و ثقافة جائرة  .
هناك فارق شاسع بين تكريم المرأة كانسان كامل الانسانية و بين إدعاء تكريم و المرأة و ممارسة أشكال التحقير و الاسفاف ، و بكلمة واحدة من يريد ان يكريم المرأة فعليه ان يعتبرها انسان مساوي له في الحقوق و الامتيازات ..

الاثنين، 19 مارس 2012

معرض كتاب 2012 .. الحياة قراءة


معرض كتاب 2012
الحياة قراءة


جاء معرض الرياض الدولي للكتاب للعام 2012 على وقع خلفيات كثيرة ، أقربها ما حدث قبله بأسابيع في الجنادرية عندما أثار بعض المتدينين الشغب و الفوضى بدعوى محظورات تقع فيه ، و على خلفية دعوات و بيانات المقاطعة لتيار ديني تجاه المعرض ، بالاضافة الى ارث من المشاحنات وقعت خلال دورات المعرض السابقة ، لذا كان معرض هذه السنة استثنائيا ...

في نقاط سريعة ألخص أبرز ملاحظاتي و مشاهداتي لمعرض هذا العام ...

-         من الواضح جدا ان وزارة الثقافة و الاعلام أخذت على عاتقها التنظيم الجيد هذه السنة و الاستفادة من تجارب الاعوام الماضية ، فجاء التنظيم أكثر انضباطا و احكاما.
-         لوحظ زيادة في عدد الدور المشاركة هذا العام ، لكن ايضا سجل غياب دور اخرى لعل ابرزها  دار الجمل  ، و بعض الدور المغربية ، و كالعادة الكثير من الدور اللبنانية و البحرينية ، و بطبيعة الحال استمر غياب الدور العراقية و أستجد غياب الدور السورية ، رغم توافر كثير من الاصدارات موزعة على الدور اللبنانية و الاردنية و غيرها ، أما بالنسبة للدور المصرية فرغم كثرتها إلا أني لم أجد فيها شيئا مميزا أو انعكاس للثورة بعد عام عليها ، سوى ما صدر من تألفيات توثيقية عنها.
-         كان واضحا جدا تغير دور هيئة الامر بالمعروف ، بعدما شاهدنا في العام 2006 رجال الهئية يطاردون العارضين و الزوار (بالعصي) وقت الصلاة ، فإنهم في هذا العام كانوا عبارة عن ديكور –لابد منه-
-         لوحظ أنعدام وجود العارضات في جميع الدور – رغم ان الوزارة أعطت موافقات على حضورهن إلا أنهن منعن من البيع ..
-         أهم ملاحظة ربما كانت حول اسعار الكتب التي برزت بوضوح ، و كانت بطريقة مبالغ فيها جدا ، و خصوصا كتب الاطفال
-         طبعا ككل عام كان الاقبال شديدا  و الحضور كثيفا و الازدحام كبيرا ، و لم اجد تغيرا عن الاعوام الماضية
-         يلاحظ استمرار طريقة الشراء الاستهلاكي لدى زوار المعرض ، مازال السعوديون يتعاملون مع الكتب كما لو أنها سلع تشترى بالكم لا بالكيف ، و مازالت ظاهرة السلال المليئة بالكتب منتشرة
-         حاولت عامدا ان ادقق في سلال المشتريات لعلي أجد شيء ، لاحظت أن الكثيرين يشترون كتب لا تعكس أهتمام المشتري ، كتب في كل أتجاه ( سياسة – فكر- فلسفة – ادب- علوم – تراث- تنمية و تطوير – تاريخ – مال و اقتصاد – موسوعات- ..) خليط لا تجانس فيه ، يدل على ان المشتري مازال بلا أهتمام محدد او مجال واضح
-         هناك ظاهرة بدأت بالانتشار وهي حضور الكثير من الشبان و الفتيات حاملين معهم قائمة بالكتب المطلوبة ، مما يعطي أنطباع ان الاعداد مسبق و ليس عفويا ، و هذا يبشر بالمستقبل .
-         استطاع دار المسبار و كذلك دار مدارك –جناح واحد-، أكتساح المبيعات في المعرض، و هذا عائد بتقديري للاسلوب الاعلامي للكتب المعروضة ، فغالبية معروضات الدارين كتب اعلامية سطحية تستخدم الاسلوب الدعائي و تختار موضوعات شعبية
-         الحصان الاسود هذا العام كان جناح " الشبكة العربية" التي قدمت كتب جيدة و كان الاقبال عليه جيدا ايضا
-         يلاحظ ايضا اقبال السعوديين لشراء كتب من تأليف كتاب سعوديون ، لست ادري ما السبب ، و لكن ربما ان معظم الكتاب السعوديون ينشرون في الخارج و المعرض فرصة جيدة للحصول على كتبهم
-         حاولت هذه السنة أن أتوسع لأحضر البرنامج الثقافي المصاحب للمعرض ، فكان اخياري لندوة "مستقبل الخطاب العربي والإسلامي في ظل المتغيرات الدولية" (فهمي هويدي، د.عبدالعزيز الخضر، محمد المحفوظ) ، و رغم ان الموضوع مهم و كبير ، و لكن الندوة كانت مخيبة للامال ، فيكاد يكون الكلام مكرر و عام و غامض و فرضيات و تنظيرات ، فلم نجد أي قراءة واقعية حقيقة و لا استشراف للمستقبل ، و تعمد البعض اللف و الدوران حتى على الاسئلة المباشرة التي وجهها الجمهور ، و لكني ايضا اعذر المحاضرين لحساسية الموضوع كما لمح فهمي هويدي ،  و هذه التجربة ستجعلني أكررها في العام القادم أنشاء الله ، كنت ايضا خطط لحضور ندوة "الرواية والتغيير"  و لكن لم استطع لظرف داهمني

معرض الكتاب اصبح محطة ثقافية مهمة يجب الاستفادة منها كل عام ، هو يعطي فرصة حقيقة للتواصل مع ذوي الاهتمام الثقافي و الفكري ، سعدت بمعرض هذا العام و كلي شوق للقادم ..

السبت، 18 فبراير 2012

مشاهداتي في جنادرية 27

مشاهداتي في جنادرية 27

يوم امس الجمعة 17/2/2012 حضرت في المهرجان الوطني للتراث و الثقافة المقام بالجنادرية ، وصلت هناك الساعة السابعة مساءا بتوقيت الرياض ، أخترت الدخول من البوابة الرئيسة فقابلني في البداية جناح وزارة التربية و التعليم ، كان شبه مغلق لصلاة العشاء فاتجهت الى جناح المدينة المنورة و منها الى الجناح الضيف ((الجناح الكوري)) و بعدها الى جناح الشؤون الصحية ثم ودعت زوجتي التي دخلت الجناح النسائي فيما اتجهت أنا و ابني علاء الى جناح مكتبة الملك عبدالعزيز ، و بعد التمام شمل الاسرة مررنا بمسرح الطفل ثم جناح الشرقية ، و بعد استرحة بكأس شاي (التلقيمة) الحساوي انتقلنا الى جناح الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ثم جناح وزارة الاسكان و بعدها الى جناح وزارة الدفاع ، و بعد التجول في ساحة عرض الاسلحة البرية و الجوية في ساحة المعرض أختتمنا الجولة في جناح مكة المكرمة فاسترحنا على اقراص الخبز الحجازي (التمييز) ..
أما ماذا أختلفت جنادرية 27 عن قبلها فلا تغيير كبير ، و لكن جناح الضيف الكوري كان مخيبا للامال فقد كان شبه فارغ الا من شاشات العرض التي تتحدث عن كوريا بينما كان الضيف في العام الماضي (اليابان) رائعا جدا و مليء بكل ما له صلة بالعملاق الياباني و الاجمل ان الجناح كان يعطي فرصة تجربة تقنيات المستقبل خصوصا الريبورتات .
من الملاحظات التي آسف لها كل عام ان المعرض مخصص للتراث و الثقافة و لكنه يعج بأكشاك المطاعم الاجنبية و الملابس الاجبنية (مثل قبعات الكاوبوي) التي يبدو أنها غدت جزء من تراثنا ، و من الامور السلبية ان بعض الاجنحة تحولت الى أسواق حقيقية مكتظة لا تعطي فرصة لعرض تراث تلك المناطق  مع اسعار باهظة و مضاعفة ، و بعض الاجنحة كانت عبارة صالات مفتوحة للغناء الشعبي و الرقص في الهواء الطلق ، و من الملاحظات التي لا يمكن تغفلها أستهبال مجموعات من البنات المراهقات –خبال سعودي- حتى أنهن يفقدن معالم الانوثة –بالدفاشة البدوية- .
 من المفارقات اني العام الماضي وجدت الفرصة مواتية للاستراحة في جناح الشرقية في المقهى الشعبي و تناول وجبة خفيفة من الخبز الاحمر و البليلة مع الشاي المنعنع مع اسرتي و لكن في هذه السنة كان المقهى مخصص للنساء فقط و يمنع دخول الرجال و صراخ "رابح صقر" يصخب الاجواء ، مع هذا يضل جناح الشرقية الافضل من ناحية مساحتة الكبيرة و تركيزه على عرض التراث الشرقاوي بتجسيد البيت الحساوي القديم بكل مسمياته و محتواياته و الحارة القديمة و المقهى الشعبي و الجديد في هذا العام مجسم لجبل القارة و آخر يمثل مشروع الري و الصرف ، بالاضافة الى السيف و المركب القديم ...
و عند مغادرتي الجنادرية لفت انتباهي مغادرة خمس باصات فئة 50 راكب من باصات مكافحة الشغب ، الله يكفينا الشر ..

الثلاثاء، 14 فبراير 2012

الاحمر في عيد الحب

الاحمر في عيد الحب



ككل يوم يتوسط شهر فبراير من كل عام تتجدد ذكرى عيد العشاق ، عيد لتذكير الناس بالحب و العشق الذي ننساه في زحمة الحياة اليومية .
ما أحوجنا للحب و هي قيمة سامية ترفع الانسان الى درجات عليا ، فكلما ازداد من تحب سموا و علو رفعك الى تلك الدرجات رفعةا و تألقا ، و أسمى الحب حب الله تعالى ، و بحبه ننجو من مكاره هذه الدنيا  لننعم بجوار المحبوب، و أزكى الحب حب ازكى الكائنات النبي الاكرم محمد عليه التحية و السلام هو حب المخلوق الاكمل و القدوة الامثل ، به نحب ان نرتقى درجات السلم بحب و شوق الى مقام الكمال ، و الحب بين الناس هو ميراث النبوة و دعوة المصلحين في المجتمعات ، و احق الناس بالحب هما سبب الوجود ، الاب و الام ، و اقرب البشر الى الفؤاد الزوجة الحبيبة و الصديقة الوفية كما الاولاد و الاخوة و الاخوات ، فيا لها من فرصة ان نجدد عهد الحب بيننا و بين من نحب ..
 يجادل البعض ان ليس للحب يوم خصص به ، هذا صحيح لولا ان النسيان من طبيعة البشر و تعارفت المجتمعات المتحضرة ان تضرب موعدا لكل ذا قيمة لتجدد العهد به ، فالام ايضا موجودة كل يوم فلماذا سنخصص لها يوما للوفاء و رد الجميل ..
يتشرنق البعض ظانا انه الوحيد في هذا العام و يحارب الاخر و يدعي انها عادة نصرانية ، و لكنه ينسى ان الكون اصبح ذا حضارة عالمية تتشارك فيها المجتمعات الكثير من القيم و المفاهيم المشتركة ، و باب التسامح يفتح لنا ان نقبل من كل البشر ما لا يتعارض مع ديننا الحنيف و اخلاق الاسلام السامية ، بل يجدر بنا الاخذ بكل ما يعزز هذه المفاهيم من اي حضارة أخرى .
نجدد الدعوة للمحبة و الاخاء و إن كانت الاحداث العربية تصطبغ باللون الاحمر كثيرا هذه الايام ، ليس احتفاءا بالحب و لكن مع شديد المرارة احتفاءا بالموت و الدم ، في كل الاقطار العربية اليوم و في كل شوارعها تحمل لك الاخبار صورا حمراء قاتمة عن دم الانسان الذي سفك بغير حق في ظلال قاتمة من غياب شمس الحب الدافئة ...

الاثنين، 30 يناير 2012

المنبر الحسيني

المنبر الحسيني
الماضي و الحاضر و المستقبل






مقدمة
منذ انطلاقة ثورة الامام الحسين عليه السلام وهي تشغل بال الباحثين و المحققين و الكتاب لما لها من اثر في وجدان الامة و مصيرها، و لما افرزته من ظواهر و امتدادات ، و لعل ظهور مجالس الحسين أو المنبر الحسيني أو الخطابة الحسينية واحدة من تلك الافرازات على اختلاف في ظهورها و شكلها إلا ان تواصلها عبر الحقب التاريخية و لو بأشكال مختلفة و عبر تأثيرها البارز على الشيعة لما لها من شعبية طاغية لدى مختلف النخب و شرائح المجتمع يجعل لها أهمية استثنائية ، و يجعلها جديرة بالبحث و التقصي ، على ان هذا الموضوع واسع جدا و محاوره كثيرة الا اننا سنسلط الضوء على بعض جوانبه تاركين بقية الجوانب لمستقبل الايام.

ماهو المنبر الحسيني
ما نعنيه بالمنبر الحسيني هو نوع من الخطابة التي اربتطت بذكرى الامام الحسين عليه السلام و جعلته محورا اصيلا و مهما فيها ، لذا فهي نوع خاص من الخطابة كالخطب السياسية و الخطب العسكرية و الخطب الدينية، و من اهم اجزاء تلك الفعالية ان يرتقي الخاطب مرتفعا وضع لأجل هذا الامر على صورة الكرسي المرتفع ذو درجات ليسهل عملية الصعود اصطلح عليه بالمنبر.

مميزات المنبر الحسيني
يتميز المنبر الحسيني على تعدد اساليبه بالتالي :
-         يجعل ذكر الامام الحسين جزءا اصيل و متكررا من الخطبة و هذا ما يميزها غيرها من الخطب
-         ابتدأ الخطبة أو أختتامها أو بالاثنين معا بذكر الرثاء على الامام الحسين سواءا شعرا او نثرا

كيف بدأ المنبر الحسيني
بالرغم من اجماع الباحثين على ان البكاء على الامام الحسين كان سباقا لمصرعه في كربلاء فقد روى ان النبي ص قد بكاء عليه كما في مسند أحمد بن حنبل  عن علي (عليه السلام) قال : (( دخلت على النبي (صلّى الله عليه وآله) ذات مرّة وعيناه تفيضان ، قلت : يا نبي الله ، أغضبك أحد ؟ ما شأن عينيك تفيضان ؟! قال (صلّى الله عليه وآله) : بل قام من عندي جبرائيل فحدّثني أنّ الحسين يُقتل بشط الفرات )) . ، إلا ان المنبر الحسيني لم يبدأ إلا بعد استشهاده ، و لعل أول من رقى منبرا و خطب خطبة ذكر فيها الحسين عليه السلام و مصرعه و ابكى الحضور هو الامام السجاد في خطبته المشهورة في الشام
ثم تتالت الوقائع من الائمة من بعده و من علماء الشيعة في ارتقاء المنبر و ذكر مصاب الامام الحسين عليه السلام.
و  شكل اقامة مجلس المنبر الحسيني اخذ في التغير و التطور عبر التاريخ ، فنجد الامام الصادق يجلس النساء خلف الملاءه  و يدعو الشاعر الى رثاء الحسين فيبكي الحضور ، و الامام الرضا يدعو دعبل لانشاد الشعر بطريقة حزينة حتى يبكي ،و هكذا

 مناهج المنبر:
يمكن تصنيف مناهج المنبر الحسيني حاليا الى :
1-    المنبر التقليدي :
و طريقة هذا المنبر انه يركز الجانب العاطفي في قضية الامام الحسين و ذكر الرثاء و المصيبة و موضوع الخطبة لا تخرج عن فضائل اهل البيت و كراماتهم و مقاماتهم و بعضا من وصاياهم و احاديثهم  ، فالمجلس من اوله الى اخره لا يخرج عن هذا الايطار .
و بالرغم من ان هذا المجلس يحظى بشعبية لدى كبار السن إلا انه غير مرغوب من فئة الشباب لبعده عن قضايا المجتمع و هو لا يختلف من مجلس لاخر في شيء
و قد يعاب عليه ان كثيرا من رواده ليسوا على مستوى من المعرفة الدينية و ليسوا من اهل البحث و التحقيق فينقلون من بطون الكتب الغث و السمين مما يؤثر سلبا على افكار الناس و معتقداتهم
2-    المنبر الحديث
و ميزته الفارقة انه يسعى لطرح موضوع يهم المجتمع و الحضور و يناقش قضايا الساعة و يستخدم الاساليب الحديثة في معالجتها كالاحصاءات و الابحاث و الارقام و اساليب التفكير العملية و البحثية
 و يحرص رواد هذا النهج على الدقة المعرفة و الامانة الادبية و المعلومة الصحيحة ، و لكن الاشكال الذي يقع فيه هذا المنبر انه يقع في شخصنة الفكر و عدم حياديته ، لذا تجد الخطيب ينتصر لفكره و معتقداته و اراءه و يقدمها للمستمع على انها الحقيقة و النتيجة النهائية السليمة ، دون ان يعطي فرصة التفكير و البحث و التحقق و الاختلاف أو الوصول الى نتائج أخرى من قبل المستمع .
3-    المنبر العام
اما المنهج الثالث فهو الخطبة العامة التي يتقدم بإلقائها متخصص سواء في العلوم الدينية او المعرفة الاخرى ثم يتبعه بعد ذلك قارئ الرثاء ، اما علاقة هذا الاسلوب بالمنبر الحسيني انه يستغل المناسبة العاشورائية من جهة كما انه يختتم بأبيات الرثاء بإلقاء شخص آخر ، و هذا الاسلوب لم ينجح في بيئتنا التي تعودت ان تسمع الخطبة و النعي من شخص واحد ، فلم تفضل هذا النوع من الفصل بالرغم من انتشاره في مجتمعات شيعية أخرى كايران مثلا .
تحديث المنبر :
إن الداعي للاهتمام بتحديث المنبر يكمن في دوره الخطير في التأثير على المجتمع في حاضره و مستقبله ، و لأن رواد المنابر الحسينية يشكلون كافة اطياف المجتمع باختلاف افكارهم و توجهاتهم و قناعاتهم ، لذا فإن تحديث المنبر الحسيني و تطويره يؤدي بشكل حتمي الى التأثير على المجتمع ككل و يسهم في تغييره و تطويره و العكس صحيح ايضا .
و مع ابقاء اصالة القضية الحسينية و جوهرها فما عداها يجب ان يخضع للتحديث .

غير ان هناك منهجان للتحديث
o      تحديث الاسلوب :
في زمن وسائل الاتصال المتطورة و المتقدمة بات من غير المنطقي استخدام نفس اسلوب و ادوات الاتصال التاريخية التي عفا عليها الزمن ، لذا يجب يتغير المنبر الى اساليب اكثر حداثة و قدرة على العطاء ، بل ان تصميم المجالس الحسينية يجب ان يختلف وفقا لمعطيات الاساليب العصرية .
ان استخدام تقنيات كأدوات العرض (داتا شو) أو البروجكتر ، و برامج العرض (البوربوينت) و الفلاشات و اساليب العرض البصري من ضرورات الخطابة اليوم ، كما استخدام فنون الاتصال و اللإلقاء و الموسيقى و التصوير يعطي مردودا ايجابيا في عطاء المنبر .
كما ان اسلوب الملقي و المستمع بات من الاساليب القديمة لصالح اسلوب التفاعل المتواصل بين الطرفين وهو ما يحقق الفائدة المرجوة

o      تحديث المحتوى
اما عن تحديث المحتوى في جانب الفكري و الثقافي و كما الادبي و الشعري ضرورة قصوى بعيدا عن اسلوب التكرار و الاجترار الذي بات سمة كثير من مجالس المنبر اليوم . 
ان محتوى المنبر الحسيني يجب الحرص على اعدادها و التحضير لها  لتكون حصيلة جهد مستمر طوال العام ليكون موسم عاشوراء وقت للحصاد ، و يجدر ان تتولى فرق عمل الاعداد الجيد لمحتوى الخطب العاشورائية بدل العمل الفردي الذي سيضل قاصرا دوما
                    إن اي عملية تحديث للمنبر الحسيني لن تؤتي دورها الإ بوجود مؤسسة راعية للمنبر و مشرفة عليه و قادرة على تطوير و تنمية و تحديث المنبر .   

تياران في ساحة المنبر :
يمكن القول و بشكل عام ان هناك تيارين غالبا ما يتصارعان في فرض وجهتي نظرهما ، تيار يركز على البكاء و الجانب العاطفي و تيار يركز على الاحياء الفكري و النظري
o      تيار العَبرة :
يستمد تيار العبرة و العاطفة قوته و دلالته في الكم الكبير من الاحاديث و الروايات التي تركز على البكاء و الحزن بل و الجزع على مصاب ابي عبدالله الحسين ، و عظم ثواب البكاء و الابكاء .
ان القضية الرئيسية في هذا التيار ترتكز على احياء شعائر الحزن و البكاء و اظهار الجزع على الحسين و مصابه و الحديث عما جرى عليه و على اهل بيته من قبل قاتليهم
o      تيار العِبرة
اما التيار الاخر فهو يعتقد ان الامام الحسين ع و من معه لم يستشهدوا ليبكى عليهم و لم يقتلوا لكي نقضي حياتنا في الحزن عليهم ، لقد خرج الحسين من اجل اقامة الدين و الاصلاح في الامة و بناء حضارة الاسلام و اقامة امر الله في ارضه ، و تحقيق اهداف ثورة الحسين لن تتم بالاقتصار على البكاء و النوح و اللطم ، انها تتحق عبر تحويل طاقة الحزن الهائلة الى مشاريع حقيقية على الارض تسعى للرقي بالانسان و اصلاح كما اراد الحسين ، تتحقق بالمعرفة و الوعي و الفكر الصحيح .
ان الحزن و البكاء مطلوب لكن ليس لذاته بل من اجل خدمة القضية و الحفاظ عليها .
كان البكاء و الحزن على الحسين في زمن الائمة يشكل خط الدفاع المتقدم للهوية الشيعة و الباعث المحرك للمجتمع نحو التغيير اما اليوم فقد تحول البكاء الى اشبه بالمسكن و المخدر الذي يجعل الشيعي يشعر بعد حضوره لمجلس البكاء على الحسين بأنه أدى واجبه و قام بدوه تجاه الاسلام و اهل البيت ، فيخرج من المجلس ليعود الى روتين حياته العادي دون ان يكون المجلس مغير في سلوكه و فكره .
                  
خاتمة و امنيات
للوصل الى المستوى المطلوب للمنبر نتمنى الاتي :
1-    تحويل عمل المنبر الحسيني من العمل الفردي الى المؤسسي عبر ايجاد معاهد متخصصة في اعداد الخطباء و المنبريين و راعية لهم
2-    ضرورة اشراك فئات المجتمع في مسيرة المنبر الحسيني و عدم الاكتفاء برجال الدين ذلك لقصور فئة واحد بأحتواء كافة معارف الحياة و احتياجات المجتمع خصوصا أننا في عصر تفرع العلوم و التخصص
3-    تحويل موسم عاشوراء الى موسم فكري و ثقافي و علمي و عملي لتجسيد عاشوراء في الواقع المجتمعي و الوعي الفردي
4-    رفع مستوى الافكار المطروحة بما يتناسب و التقدم الفكري و المعرفي للمجتمع
5-    ضرورة اشراك المستمع في الحوارات المنبرية و عدم ابقاءها في حال خطاب الاعلى الى الادنى
6-    استخدام الوسائل الحديث في تطوير اليات و اساليب المخاطب للمجتمع و للاخر في ذات الوقت



الأربعاء، 4 يناير 2012

رصيد نهاية العام


رصيد نهاية العام
 

يقال ان لكل شخص نصيب من مهنته ، فالانسان كلٌ لا يتجزأ لا يمكن ان يفصل ذاته في عمله عن ذاته في اسرته مثلا أو مع اصدقاءه فصلا تاما ، خصوصا عندما يكون قد قضى جل نهاره في عمله ، لذا كمحاسب لابد لي من التأثر الشديد بمهنتي ، فتاريخ 31/12 من كل عام تعني اقفال الحسابات لسنة ماضية و الاستعداد لبدء حسابات سنة جديد .
و لعل من شديد تأثري بمهنتي كما ذكر أحد الاصدقاء ان زواجي كان في نهاية العام 2006 لأقفل حسابات العزوبية و ابتدء حسابات حياة جديدة مع بداية عام جديد ..
ان اقفال الحسابات السنوية لا يقتصر على الامور المالية فحسب بل يجب ان تمتد لكافة جوانب الحياة ، لذا يجدر بنا في نهاية كل عام ان نجرد حصيلته النهائية و ننظر ماذا انجزنا و في ماذا اخفقنا ؟  هل كانت السنة المتصرمة من سنوات الربح أم سنوات الخسارة ؟ هل تقدمنا في ذواتنا سنة كاملة أم ان ما زاد فقط أعمارنا ؟
و بعد الاجابة على هذه الاسئلة يأتي دور التخطيط السليم لسنة جديدة قادمة ،و التخطيط السليم هو ما يساعدنا على التقييم في نهاية العام ، و بطريقة سهلة و بسيطة سأقول لكم ، كل ما هو مطلوب منا ان نضع عددا مناسبا من الاهداف لنحققها في سنة واحدة ، و لتكن الاهداف في مختلف جوانب الحياة  ، فكرية و ثقافية و روحية و مادية و اجتماعية و صحية و جسدية و .. .
لنضرب مثلا ، في الجانب الثقافي ضع هدفا محددا أن تقرأ عشرة كتب خلال السنة ، و في الجانب المادي حدد ان تدخر خمسة الاف ريال على سبيل المثال و في الجانب الصحي حدد ان تمشي لمدة نصف ساعة في ثلاثة ايام من كل اسبوع ، و هكذا انتقل من جانب الى جانب ، و في نهاية السنة سيكون سهلا ان ترى انك حققت اهدافك ام لا .
ابدأ الان ولا تتأخر ..
ابدأ بالتفائل و التحدي و الطموح ..
ابدأ متوكلا على الله عاقدا العزم على الانجاز و التفوق ..
ابدأ و لا تتأخر أكثر ..
كن الاول و لا  ترضى بغير التميز عن غيرك..
كن كما تشاء ..

الخميس، 8 ديسمبر 2011

الربيع العربي .. محاولة للفهم ؟؟



الربيع العربي .. محاولة للفهم ؟؟






منذ نهاية العام الماضي و جل ايام و ليالي هذا العام و العالم العربي يموج من اقصاه الى اقصاه ، ينام و يصحو و لا سيرة على الالسن سوى ما اصطلح عليه اعلامي بـ"الربيع العربي" ، و هذا المقال هو عبارة عن محاولة لفهم حقيقة ما يجري في البلدان العربي و الوقوف على ابرز محددات هذه الحالة النادرة في ايام العرب المعاصرة ...

-          اتخذت ظاهرة الربيع العربي اسمها بعد تمدد ظاهرة الثورة الشعبية ضد انظمة الحكم العربية لتشمل دولا عدة من تونس الى مصر فليبيا ثم اليمن و سوريا و البحرين و عمان و الاردن و الكويت .. كما حدث حراك و لو محدود في بلدان اخرى كالجزائر و المغرب و موريتانيا و العراق و السعودية و قطر و لبنان ... و ترافقت مع دخول موسم الربيع في تلك المنطقة من العالم و لكن الربيع انتهى و جاء الصيف ثم الخريف و ها نحن على ابواب الشتاء و الحالة العربية لازالت تفور و تفرز ارهاصات جديدة و الاعلام يتغنى بالربيع العربي ..
-          كان الاعتقاد السائد حتى قبل اندلاع هذه الموجات ان الشعوب العربية باتت مسلوبة الارادة و ان التغيير لا يمكن ان يجد له سبيل في ظل هذه الانظمة القمعية المتجبرة ، و لا مناص من التأقلم و القبول بالامر الواقع .
-          بالرغم من أن أول نظام عربي سقط خلال القرن الحالي كان النظام العراقي على يد الاحتلال الامريكي المدعوم بالاحزب العراقية المختلفة ، و بعدها تحدث الامريكان طويلا عن التغيير الديمقراطي للمنطقة، و تغير أولويات الولايات المتحدة في العالم العربي ، و الفوضى الخلاقة، و الشرق الاوسط الكبير ، و لكن لم يكن العالم العربي يقبل بكل هذا بحجة ان التغيير لا يجوز ان يأتي من الخارج ، و هذا المفهوم تغير الان و اصبحت الشعوب العربية تطلب نجدة الامريكي و الاوربي كما حصل فعلا في ليبيا و يحصل الان في سوريا..
-          تعتقد النخب في الغرب ان افضل الطرق للسيطرة على دول كاملة هي بإجبارها على اعتماد النظام الانتخابي مع سوق اقتصادي حر ، فكل الديمقراطيات في العالم تعاني من سيطرة الشركات الكبرى على السياسة ، و هي التي تحدد الرئيس المقبل حتى في امريكا ذاتها ، مما يعني امكان سيطرة تلك الشركات مباشرة أو عبر وكلاء محليين على تلك الدول بذات الوسيلة ، اثرياء يملكون المال و النفوذ لتقديم "رجال سياسة" يخدمون مصالحهم المالية ..
-         للولايات المتحدة تاريخ طويل جدا في قلب انظمة الحكم و تدبير المؤامرات و التدخل في شؤون الدول الاخرى ، بل لها تجارب في العصف بمناطق كاملة من العالم ، جرى هذا في امريكا الوسطى ، و بلغ الحد ان ترسل الولايات المتحدة قوات خاصة لقلب الحكم في جمهورية بنما و تختطف رئيسها ليحكم عليه بالسجن في الولايات المتحدة ، و استبدلت امريكا انظمة أخرى في تلك المنطقة مثل كولمبيا و جواتمالا  ودبرت محاولات انقلابية في فينزويلا و كوبا ..، و قبل سنوات قليلة تابعنا ظاهرة الثورات الملونة في اوربا الشرقية التي اطاحت بأنظمة كانت موالية لروسيا لتأتي انظمة جديدة موالية للغرب كما حدث في أوكرانيا و جورجيا و قرغسيستان .. ، و قبل ثلاث سنوات اندلعت ما سمي بالثورة الخضراء في ايران بعد الانتخابات الرئاسية و سعت نخب ايرانية لاستنساخ تجربة الثورات الملونة ، و التجربة حدثت في دول افريقيا أيضا فما انت تنتهي انتخابات في دولة تعتبرها امريكا معادية حتى تصيح المنظمات الدولية بتزوير الانتخابات ليطاح بذاك الرئيس و يؤتي برئيس جديد موال للغرب حدث هذا في ساحل العاج و كينيا  .. سؤالي هل هذه مصادفة ؟؟؟
-         في العقل السياسي الغربي بشكل عام و الامريكي بشكل خاص فن تجيير الاحداث حسب المصالح ، بمعنى ان السياسي الغربي عندما يواجه اي حدث عالمي فأنه يفكر بشكل كبير في الاجابة عن سؤال كيف استفيد من هذا الحدث ؟ و كيف اجيره لصالحي ؟ و لا يقف كما نفعل نحن العرب كثيرا عن اسئلة الاسباب و الخلفيات الفكرية و الايدولوجية و العقدية للحدث ..
-         فكر المؤامرة هو ان نعتقد ان كل شيء ضدنا و كل العالم مشغول ليضر بنا و بعقيدتنا و افكارنا و مصالحنا ، و يخطط للاستيلاء علينا ،  هو ان نعتقد ان العالم لا يتحرك الا بايدي امريكية أو غربية و لا يحدث شيء الا بإذن امريكا ، هذا هو فكر المؤامرة السلبي ، و هو فكر خاطئ جدا ، في الحقيقة الغرب مشغول بتحصيل مصالحه و تحقيقه تفوقه على العالم و يبقى لك الخيار في العمل مع أو ضد ، و الانصياع لمصالح الغرب ليس جبرا انه خيار.
-         عدم الايمان بفكر المؤامرة لا يعني ان الغرب لا يصنع المؤامرات الدولية و يبث خيوطه في كل مكان فقط  ، علينا فقط ان نؤمن ان الغرب مجموعة بشر و ليس آلهة ...
-         في تونس لولا قيام قائد الجيش التونسي بإجبار الرئيس بن علي على الهروب فجاءة ربما ما كانت الثورة تنجح ، وفي مصر لولا  الضغط الغربي و رفض الجيش سحق المتظاهرين ربما ما كانت الثورة تنجح ، و في ليبيا لولا تدخل الناتو ربما ما كانت الثورة تنجح ،  و في سوريا و اليمن لولا الدعم الغربي و الغطاء العربي ربما ما كانت الثورة لتستمر ، و في البحرين لولا التغافل الغربي و الصمت العربي و التدخل الخليجي ربما كانت الثورة ستنجح ، هل الغرب بريء من الحالة العربية ؟؟؟
-         اعتقادي ان الحراك العربي كان شعبيا  و داخليا عند انطلاقته ، و انتظر الغرب قليلا قبل ان يجد لنفسه خارطة لدخول الحراك العربي و يحاول تجيير الربيع العربي لصالحه ، و الشعوب التي كانت تُسبح بلعن امريكا باتت تسمي امريكا بالمنقذ المنتظر و حامي الحرية العظيم .

للحديث تتمة ...