الخميس، 14 نوفمبر 2019

أثر العلم في المجتمع .. برتراند راسل


أثر العلم في المجتمع





اسم الكتاب : أثر العلم في المجتمع

المؤلف: برتراند راسل

المترجم: صباح صديق الدملوجي

عدد الصفحات : صفحة

الطبعة : الأولى 2008 

الناشر : المنظمة العربية للترجمة- مركز دراسات الوحدة العربية







الكتاب الذي بيد أيدنا هو عبارة عن سبعة محاضرات ألقاها الفيلسوف الانجليزي برتراند راسل في كلية رسكن في اوكسفورد ونشرت في كتاب أول مرة سنة 1952م، يتناول فيها راسل مجموعة من المفاهيم الفكرية والفلسفية باسلوب مبسط مناسب لغير المختصين مع أهمية ومحورية تلك الأفكار التي مازالت في منطقتنا محل نقاش وجدل، وهنا سأقوم بمحاولة اجمال وتلخيص تلك المحاضرات وذكر أهم الافكار الواردة فيها على صعوبة المهمة، لذا فإن التلخيص هنا هو يتعلق بفهمي لنصوص الكتاب أكثر من كونها أفكاره التامة.

المحاضرة الأولى:العلم والتقاليد

-          تأثيرات العلم متعددة أهمها تبديد الكثير من المعتقدات التقليدية وإحداث تغييرات بعيدة المدى في النظام الاجتماعي
-          أول خرافة بددها العلم حول ظاهرتين طبيعيتن هما الخسوف والكسوف ،ثم انتقل الأمر للمذنبات والسحر وغيرها
-           تراجع النظرات الخرافية للظواهر الطبيعية يرجع إلى انتصار العلم
-          

       ثلاث مكونات ذات أهمية في النظرة العلمية أو ما يسمى بـ (النظرة الميكانيكية) هي:

1-      أن الحقائق يجب أن تبنى على الملاحظة وليس الاستشهاد:
كثير من الأفكار التي يحملها الناس يستدلون عليها بالنقولات عن الآخرين دون التدليل عليها بالملاحظة، كما أن الناس تعتقد بصحة بعض الأمور لمجرد شعورهم بأنه يجب أن تكون صحيحة.
إن محاولة وضع احترام الملاحظة كبديل عن التقاليد الموروثة موضع التنفيذ أمر صعب جدا، إلى درجة أنه يمكن للمرء القول إنه مخالف لطبيعة البشر.
2-      أن العالم المادي يتمتع بنظام ذاتي الفعل والديمومة (استقلالية العالم الطبيعي):
كان الإعتقاد سابقا أن الأجرام والجمادات لا تتحرك إلا بقوة محركة، إلا أن العلم أكد أنها إذا ما بدأت الحركة  فإنها ستستمر إلى أن توقفها قوة ما، كما أن حركة الكون تسير ضمن قوانين الفيزياء.
3-      أن الأرض ليست مركز الكون: كان الإعتقاد السائد هو أن الأرض هي مركز الكون، ولكن العلم أثبت أنها ليست كذلك وأننا نسبح في كون هائل بدون أن نشكل أي أهمية فيه.
في عالم ما قبل العلم كان الإعتقاد أن القوة كلها للآلهة وأن معصيتها يجلب الغضب الذي يتمثل في الكوارث، أما طاعتها فيجلب الخير والمعرفة، ولكن في عصر العلم لم تعد الصلاة سببا في ادراك الأشياء بل بمعرفة قوانين الطبيعة، كان يقال أن (الإيمان يزيل الجبال) ولكن لا أحد كان يصدق، ولكننا نقول اليوم أن القنابل الذرية تزيل الجبال والكل يصدق.



المحاضرة الثانية: النتائج العامة للتقنية العلمية

-          كانت وظيفة العلوم عند الأغريق التمكن من معرفة الأشياء، وأضاف إليها العرب التمكن من فعل الأشياء، حتى نهاية العصور الوسطى حيث تم اكتشاف البارود والبوصلة.
-          أهمية البارود الأولى أنها سهلت على الحكومات مهمة إخضاع المعارضين مما زاد من سلطة الدولة.
-          ومكنت البوصلة من الاكتشافات الجغرافية مما أوصل أوربا لسيادة العالم.
-          ثم دخل العالم عصر الثورة الصناعية مما كان له أكثر كبير ساهم في نقل البشرية من العصر الزراعي إلى الإعتماد على الآلة، مما ساهم في إلغاء العبودية دوليا، كما أن البخار سهل عملية التنقل مما سيغير من خارطة التجارة الدولية.
-          ثم دخل العالم عصر الكهرباء الأمر الذي طور قطاع الإتصالات وسهل مهمة الإدارة العليا في السيطرة على سير العمل.
-          أما النفط فقد أعطى للشركات النفطية سطوة على السياسة الدولية وأعاد رسم خارطة مناطق الصراع.
-          تطوير الطيران أيضا ساهم في زيادة سيطرة الحكومات المركزية، وغير أسلوب الحروب.
-          توحيد العالم تحت ظل حكومة واحدة أمر ضروري، لضمان عدم إفناء البشر أو العودة إلى حالة الهمجية.
-          العامل الرئيسي للتماسك الاجتماعي هو الحرب، ومايحفزنا للتماسك هو الكره والخوف، لذا فما لم يكن هناك عدو خارجي مشترك يوحد العالم فإن القوة وحدها هي الطريق لإدامة الولاء لتلك الحكومة العالمية.
-          مع تزايد البشر لا يمكن ضمان الغذاء للجميع، مما سيفرز دول فقيرة يتزايد سكانها ودول غنية عدد سكانها ثابت، الأمر الذي سيؤدي إلى حرب عالمية، ولتجنبها يجب أن يبقى عدد سكان العالم ثابتا.
-          ستطور التقنية طريقة علمية للحد من تزايد البشر ومهما كانت وحشية فسيكتب لها الإنتشار مادمت مفيدة في الحرب.
-          فن الإقناع (علم سايكولوجيا الجماعات) سيكون له دور بارز في السيطرة على الشعوب باستخدام اساليب التلقين والتعليم في البيت والمدرسة والإعلام، وسيدرس هذا العلم بعناية إلا أن معلوماته ستكون محصورة في الطبقة الحاكمة.
-          تحول الإنسان للسكن في المدن جعلته أكثر اجتماعية وسهل التأثير عليه ويهمه موقعة ضمن المؤسسات.
-          نمو سلطة الدولة أدى لنمو سلطة الموظفين مما جعل لهم دور يشبه دور خصيان الأباطرة وعشيقات الملوك.
-          إعلان الحرب في مجتمع تحكمه التقنية أمر خطير إذ لا يمكن إلغاؤه بسهولة، لذا يجب إخضاع علاقات الأمم لسيادة القانون لمنع العودة للبربرية وعليه يجب تقييد حربة الدول بصورة فعالة، فالدول التي تكون مولعة بالطغيان في الداخل تكون مولعة بالحروب في الخارج.
-          الأعضاء في أي منظمة لهم هدف قتالي يقاومون انتقاد الأعضاء الكبار ويقبلون تجاوزاتهم.
-          هذا العصر يمثل تحسنا عن كافة العصور لكل شرائح المجتمع عدا الأغنياء، بسبب أن قدرا معينا من الجهد الآن يوفر إنتاجية أكبر مما كان عليه قبل أيام العلم.



المحاضرة الثالثة: التقنية العلمية في الحكم الاوليغاركي


-          يتناول راسل في هذه المحاضرة التأثيرات المتوقعة للعلوم والتقنية في نظام حكم ديكتاتوري

-          يعرف المؤلف (الاوليغاركية) بأنها النظام الذي تؤول فيه السلطة إلى جزء من المجتمع، ويعتبر الملكية المطلقة الحالة القصوى منها.
-          شهدت انجلترا في الفترة (1649-1660) نظاما تضمن اقتصار حق امتلاك السلاح على المعتقدين بمبدأ سياسي معين.
-          إذا كانت التقنية تعلي من شأن المنظمات فإن الاوليغاركية تؤدي إلى احتكار القوة لصالح منظمة واحدة محددة.
-          في الدولة الحديثة يتم الاعتماد على التقنية لتوسيع السيطرة على الناس، حيث يذهب كل الأطفال إلى المدارس الخاضعة لسيطرة الحكومة التي تقوم على إغلاق أدمغة النشء عن كل رأي مخالف، إلى جانب السيطرة على وسائل الاعلام.
-          تسعى الحكومات الشمولية للسيطرة على الأقتصاد بالوسائل العلمية مما يكرس حكم الأقلية.
-          الدعاية المعتمدة على العلم تجعل الإقناع أسهل.
-          إن كافة أنواع الاسلحة الحديثة تجعل من أي انتفاضة جماهيرية مستحيلة، إلا بتأييد العسكر، والعسكر يمكن كسب ولاؤهم بحصولهم على مستوى معاشي أفضل من العامل العادي، وهذا سهل بالعمل على الحط من مكانة العامل.
-          من الممكن للحكومات الشمولية ذات النزعة العلمية أن تفعل ما يثير الرعب والاشمئزاز، فالنازيون كانوا أكثر علمية من الروس كما أنهم كانوا أكثر ميلا للفضائع.
-          لمنع هذه الفضائح العلمية نجد أن الديمقراطية ضرورية ولكنها غير كافية، فيجب التأكيد على حقوق الإنسان، بحيث لا تكون خاضعة للسياسة أو المصالح.
-          نظرية الحكم الشمولي تفترض أن الدولة تمتلك مصلحة تختلف عن الأفراد، وأن مصلحة الحكومة أهم من الأفراد العاديين، وهذا الرأي لا يمكن إلا أن يستند للقوة الاستبدادية.
-          لا يمكن لحركة ثورة داخلية أن تؤمن بحقوق المسحوقين في دكتاتورية علمية حديثة إلا بتدخل خارجي.
-          طالما الديمقراطيات القوية موجودة فإنها ستنتصر لأن الديكتاتوريات العلمية ستذوي من خلال عدم كونها علمية بما فيه الكفاية.


المحاضرة الرابعة : الديمقراطية والتقنية العلمية


-          في هذه المحاضرة يرصد راسل أثر التقنية العلمية على الديمقراطية

-          يرى راسل أن الديمقراطية قضية نسبية
-          عندما يفكر الناس بالديمقراطية فهم يقرنونها بقدر كبير من الحرية للأفراد والجماعات
-          يستعيض راسل عن الحرية بـ(فرصة للمبادرة)لأنها لا تثير فينا نفس الحماس الذي أثارته في رجال الثورة الفرنسية والسبب أننا حققناها.
-          يمكننا النظر للفرد على أنها 1- رجل عادي  2- بطل  3- جزء من ماكنة، الأولى تقود إلى الديمقراطية بطرازها القديم، والثانية تقود للفاشية، والثالثة تقود للشيوعية.
-          الفرد يمكن أن يكون رجلا عاديا حتى لو كان أشعر الناس حينما يتعلق الأمر بدفتر التموين، كما يمكن أن يكون بطلا عندما ينقذ شخصا ما، وهو جزء من ماكينة عندما يعمل ضمن مجموعة منظمة.
-          كل شيء يمكن أن يكون آليا إلا القيم
-          التقنية العلمية تجعل المجتمع أكثر عضوية (جزء من ماكنة) ولمنع ذلك يجب المحافظة على عنصر المبادرة لدى الفرد ضمن المؤسسات، لذا يجب أن تدار المؤسسات بشكل ديمقراطي ونتوسع في تطبيق المبدأ الفيدرالي.
-          في الانظمة الفيدرالية تقسم الامور إلى شؤون داخلية وخارجية، تقوم التشكيلات بإدارة شؤونها الداخلية وتترك الخارجية لسلطة الاتحاد، الذي يعمل ضمن اتحاد أوسع وهكذا وصولا إلى الحكومة العالمية.
-          لا يجب اقتصار هذه القاعدة على الناحية الجغرافية بل يجب أن تطبق مهنيا بفضل تحسن وسائل النقل والاتصال.
-          الحرب كانت مسؤولة عن القوة المفرطة للحكومات، وحتى التخلص من خطر الحرب فمن المتعذر عدم إخضاع كل شيء لقاعدة الأداء الكفء.
-          تضاؤل مداخيل الفنانين يجبرهم على تعضيد المؤسسات العامة إلا الفنان المستعد لتحمل الجوع، لذا فموقفهم مزعزع.
-          في الرأسمالية يكون الحافز هو الخوف من الجوع، وفي الشيوعية هو الخوف من عقاب الشرطة أما في النظام الاشتراكي الديمقراطي فالحافز للفرد هو الربح الجماعي.
-          بالنسبة للأمور الفكرية فالمهم هو الفرصة لإبراز أفكارهم الإبداعية، ومعظم المبدعين لا يطمحون لإمتلاك ثروة هائلة لذا مستوى معقول من المعيش كاف لهم، و أكبر ضرر يصيبهم هو العرقلة حتى لو شمل ذلك إغرائهم بالتكريمات لمسايرة النظام.
-          يجب على المبدع (الفنان، الكاتب) أن يحافظون على ابداعهم خارج الماكنة الاقتصادية، وأن يكسب رزقه بعمل غير عمله الابداعي، فإعتماده عليه يجعله عرضة للعرقلة من السلطات والإفساد من الرقباء.
-          في المجتمع الصالح على الشخص أن يكون نافعا وآمنا من المصائب التي لا يستحقها ويمتلك فرصة للمبادرة.
-          عندما أفكر أنه يجب أن يكون نافعا فأعني أن يكون نافعا بالنسبة للمجتمع، وأتقبل حكم المجتمع.
-          أما الأمان فيجب أن يأمن الفرد على نفسه من الاعتقال بدون مبررات قانونية وتشريعية.
-          رغم أهمية النفع والأمان فإن الفرصة في المبادرة والإبداع لا تقل أهمية عنهما.
-          الحل الوحيد لتحقيق الدوافع الابداعية تكمن في حرية استخدام وقت الفراغ بالطريقة التي يرغب فيها الشخص، ويجب عدم التحكم فيها وتنظيمها وفق نسق معين، لأننا بذلك سنصاب بالموت الفكري والإبداعي.



المحاضرة الخامسة : العلم والحرب


-          هذه المحاضرة مخصصة عن أثر العلم في حروب الإنسان ومستقبلها

-          منذ القدم لعب العلم أثرا بارز في ترجيح كفة طرف دون آخر في الحرب حيث تم تصنيع آلات تقوم مقام عشرات المقاتلين الشجعان.
-          فيزيائي نووي واحد يعادل أكثير من عدة فرق مشاة.
-          على الأمم الحديثة السعي وراء الصلب والنفط واليورانيوم بدل السعي وراء الحماسة العسكرية إذا كانت تريد كسب الحرب.
-          لقد سببت القنبلة الذرية والهيدروجينية شكوكا حول تأثير العلم على حياة البشر، مما قد يؤدي إلى إبادة الجنس البشري في حرب قادمة.
-          إذا أراد الجنس البشري الإستمرار في العيش فعليه القيام بغييرات جذرية في طرق تفكيره وشعوره وسلوكه، وعليه أن يتعلم أن يخضع لسلطة القانون حتى عندما يكون مفروضا من قبل أجانب نكرههم، ومهما كان هذا القانون جائرا.
-          على البشرية أن توفر سلطة دولية محايدة لإصدار القرارات وعلى الدول تقبل القرار حتى لو كان ضدهم.
-          نحن أمام الخيار بين التعقل أو الموت، فالتعقل يعني قبول القانون عن سلطة دولية، وأخشى أن الجنس البشري سيختار الموت.




المحاضرة السادسة : العلم والقيم


-          يتعرض راسل في هذه المحاضرة لأثر العلم على القيم وهو من أهم الموضوعات في هذا المجال


-          اختلف أثر العلم على الأفكار الدينية، فبينما وجد البعض كنيوتن أن العلم يثبت أثر الله في الكون فإن الفلاسفة الفرنسيين وجدوا أنه العلم يقود للمادية وإلى إنكار وجود الخالق.
-          كان العلم وسيلة لمعرفة العالم ولكنه وبسبب التقنية تحول إلى وسيلة لتغيير العالم.
-          زاد إعجب الإنسان بالعلم لأنه يعطيه قوة للسيطرة على الطبيعة.
-          إن النظريات التقليدية للمعرفة وضعها فلاسفة أحبوا التأمل، بينما كرس المفتونون بالقوة أنفسهم لتوظيف النظريات في التقنية.
-          هناك شران قديمان يمكن للعلم إذا استخدم بدون حكمة أن يفاقمهما : الإستبداد والحرب
-          ويمكن للعلم إضفاء نوعين من المنافع للبشرية: تقليل الأشياء السيئة كالفقر والإكثار من الأشياء الجيدة كالطب.
-          أي ديمقراطية واعية لا تحركها عقائد متشددة يمكنها استخدام العلم لرفع مستوى معيشة الشعب، ويعتمد ذلك على الديمقراطية و نقابات العمال وتحديد النسل، ومن دونها سنكون أمام نظام تصنيع شبيه بنظام الفراعنة.
-          سيطون إلغاء الفقر وساعات العمل المفرطة مستحيلا إذا استمر سكان العالم بالزيادة بنفس النسب الحالية.
-          لم يكن ممكنا خفض معدلات الجريمة ومخالفة القانون دون العلم
-          إذا كان الناس يحبون الإنسانية كما يحبون أبنائهم فإنهم لن يقبلوا ترك انفسهم يخدعون بأساطير مريحة.
-          كافة العقائد المتطرفة تؤدي إلى الضرر لأنها دائما تتنافس مع عقائد متطرفة أخرى مما يؤدي إلى تشجيع الكراهية.
-          كل عقيدة متطرفة تتضمن اساسا للكراهية وعادة ما يكون هذا العامل سائدا.
-          تقبل قناعة ما دون أي تساؤل مخالف للروح العلمية، واذا كان تقبل القناعات دون تساؤل واسعا فمن الصعب انتشار التقدم العلمي.
-          من أعظم منافع العلم هو عدم اعتبار الآراء العلمية حقيقة مطلقة بل أكثر الإحتمالات صحة.
-          الحماس الديني هو رد فعل غير عقلاني على الخطر يميل إلى تمهيد السبيل لما يخشاه.
-          يعرض العلم إمكانية تحقيق الرفاهية للبشرية بشكل غير مسبوق بشروط: إلغاء الحرب، التوزيع المتساوي للسلطة العليا، تحديد النمو السكاني، هذا متحقق في معظم الدول الغربية، ويمكن أن يتحقق في بقية الأقطار مع التحديث ما لم يتدخل الحكام المستبدون أو المبشرون الدينيون.
-          أهم أسباب النزاعات الكبرى: حب السلطة،المنافسة، الكره والخوف.
-          حب السلطة ستتراجع أمام جيش عالمي يفرض احترام القانون في العالم، والمنافسة سيتم تنظيمها عبر القوانين، والخوف سيختفي عندما لا نتوقع نشوب حرب، أما الحقد والكره فسبقى لهما الأثر القوي على البشرية.
-          يستطيع الجنس البشري التقدم بسرعة لعالم أفضل بشرط التخلص من عدم الثقة بين الشرق والغرب.



المحاضرة السابعة: هل في إمكان المجتمع العملي أن يكون مستقرا؟


-          آخر محاضرة في الكتاب هي خلاصة بحث راسل في استشرافه لمستقبل البشرية في وجود مجتمع عملي مستقر.

-          يعني راسل بالمجتمع العملي المستقر هو المجتمع الذي يعتمد على العلم والتقنية ويتمتع بالإستقرار دون أن يكون في داخله عوامل فناءه وانهياره.
-          يمكن للمجتمع العلمي أن يتعرض للإضمحلال نتيجة تراجع المعرفة، ويمكن أن يواجه الإنفجار نتيجة غياب الحكمة، فإن الإنسان إذا لم تزدد حكمته بقدر زيادة علمه فإن قد يكون شرا عليه.
-          أسباب عدم الإستقرار:
أ‌-        الاسباب الطبيعية :
-          يقصد بها تراجع الموارد الطبيعية للأرض لتلبي إحتياجات المجتمع
-          الصناعة والزراعة تعتمد على مواد خام وطاقة ناضبة مما يجعل المجتمع أمام خطر فقدان الموارد مما يعني انهيار المجتمع العلمي.
ب‌-    الأسباب البيولوجية :
-          يقصد بها خطر التزايد المتستمر لعدد سكان الأرض
-          ثلاث خطوات عظيمة ساعدت على زيادة البشر: 1-تدجين الحيوانات 2- تبني الزراعة  3- الثورة الصناعية
-          ما لم يتم ايقاف زيادة السكان فإن انخفاضا كبيرا في مستوى المعيشة سيكون حتميا
-          هناك ثلاث طرق لإستقرار السكان: 1- تحديد النسل 2- وأد الأطفال أو الحروب 3- من خلال مستوى من الشقاء للسكان عدا أقلية متنفذة، والخيار الأول هو الأفضل ولكن فرضه على دول العالم سيكون صعبا.
ت‌-    الأسباب السيكولوجية:
-          إن الظروف النفسية المستقرة في المجتمع العلمي هي بذات اهمية الظروف الطبيعية والبيولوجية.
-          رغم أن العلم ساهم بتسريع التغير الخارجي للحياة إلا أن لم يجد طريقة لتسريع التغير النفسي للبشر.
-          إن سرعة التغيير ليس إلا واحد من أسباب التذمر النفسي.
-          من أسباب الاضطراب النفسي في المجتمع العلمي زيادة خضوع الفرد للمؤسسة، بسبب زيادة سيطرة الدولة على الناس، كما أن وسائل تحكم المدراء للموظفين زادت بشكل كبير.
-          إذا أردنا أن لا تثور الشعوب فعلينا إيجاد الوسائل لإعطاء قدر أكبر من الفردية.


الأربعاء، 29 مايو 2019

أين النجوم يا أبي ؟؟



أين النجوم يا أبي ؟؟



نتيجة بحث الصور عن نجوم السماء

    
   بينما كنت أتصفح مع أبني عبود كتابه الجديد عن الفضاء والفلك، فتح على فصل خاص بالنجوم وقد أخذته الدهشة عندما قرأ أن النجوم في الكون بعدد لا يحصى، فرفع رأسه وقال لي : إذا كانت النجوم بهذه العدد الكبير فلماذا لا نشاهدها، فقلت له : يمكنك مشاهدة عدد هائل منها بالعين المجردة بالنظر إلى السماء.

خرجت معه إلى ساحة منزلنا لأثبت له الفكرة ولكن دهشتي كانت عظيمة، وحيرتي كانت أعظم وأنا أبحث عن نجمة أشير إليها، فسألني ابني : أين النجوم يا أبي؟

سريعا ذهبت بي الذكرى لمنزل جدي الذي لطالما صعدت مع أعمامي إلى سطحه، وفرشنا (الدواشق) وتمددنا عليها لنشاهد في شاشة السماء السينمائية عدد لا يحصى من النجوم بكل سهولة، رغم أن عدّها كان مجازفة خطيرة إذ أن ذلك يسبب ظهور الثآليل بحسب الأسطورة القديمة.

ولم تكن السماء لوحة جامدة بل كثيرا ما كنا نشاهد الشهب تتحرك بسرعة وتختفي فجأة مشعلة في مخيلتنا مشاهد (أكشن) لشياطن من الجن تحاول الصعود للسماء فتتصدى لهم الملائكة بقذائف حارقة فيسقطوا مشتعلين قبل أن يعاودوا الكرة مرة أخرى.

كان ذلك في مدينة ريفية هادئة تعيش في بيئة صحية بعيدا عن أنواع الملوثات التي شوهت السماء فلم نعد نستطيع أن نرى شيئا بسببها، هذا ما حُرم منه أبني فهو لا يرى من السماء سوى كتلة غامقة باهتة لا يكاد يضيء فيها شيء سوى وميض أبراج الرياض وهياكل الطائرات الهابطة في عاصمة البلاد.

أي قطيعة تلك التي بدأت تنشأ بين البيئة وبين جيل قادم تربى في المدن الكبرى حيث مظاهر التمدن تخنق الطبيعة ولا تتيح لها هامشا في الحياة، فيصبح جل اهتمامه مباني باهتة وتصاميم اسمنتية جامدة.



انقطع هديل افكاري المنفعلة على صوت ابني الملح في سؤاله : أين النجوم يا أبي؟




الخميس، 21 مارس 2019

وسائل بسيطة لدخل إضافي

وسائل بسيطة لدخل إضافي


نعيش في هذا الزمن تسارعا في وتيرة المتغيرات الحياتية وأنماط الحياة حتى باتت محاولة اللحاق بها ضربا من الخسارة من الحتمية في سباق محسوم، لذا بات من الضروري على الإنسان أن يضع لنفسه مسارا واضحا ومرنا يسير عليه حتى يأمن تقلباتها.
المشكلة التي نواجهها اليوم في نمط الحياة الإقتصادية أن المصارف المالية للأفراد والأسر باتت متغيرة ومتضخمة ومتسارعة من ناحية ومن ناحية أخرى فإن دخل الفرد وهو غالبا مرتب يحصل عليه من جهة عمله بات هذا الدخل إما غير قادر على مواكبة هذه المتغيرات أو أنه أساس لم يعد في مأمن من التناقص والتراجع، فموظفي القطاع الخاص يعانون من خضوع رواتبهم ومكافئاتهم لسياسات التقشف حسب حال السوق ووضع الشركة، كما أن فقدان الوظيفة يبقى احتمال وارد دائما مما يعني فقدان الشريان المالي للفرد والأسرة، هذا كله يجعل من واجب كل فرد إيجاد مصادر دخل إضافية إما لزيادة دخله أو مصدر أمان في حال فقد دخله الثابت.


هناك عدة وسائل لتحقيق هذا الهدف، ولكن بالجملة يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام:

1-      وسائل تتطلب وقت وجهد دون رأس مال: أمثلة
-          العمل في شركات التوصيل
-          العمل في شركات الأجرة عبر التطبيقات مثل أوبر وكريم
-          العمل في مجال التدريب والإستشارات
-          العمل في مجالات موسمية كالحج أو موسم التمور
-          العمل كمندوب بعمولة حيث يمكن التسويق باستخدام وسائل التواصل
-          العمل في مجال تقديم خدمات ترفيهية كتنظيم حفلات ورحلات سياحية بسيطة
-          القيام بالأبحاث التسويقية لصالح مؤسسات وشركات
-          العمل في مجال الوساطة والسمسرة

2-      وسائل تتطلب رأس مال دون جهد ووقت يذكر:

-          الاستثمارات المالية: مثل : الودائع المالية بنسبة ربح ( المرابحة)
-          الإستثمار في السوق المالية: كشراء الأسهم والصكوك
-          المساهمة المالية في مشاريع ناجحة
-          الإقراض بفائدة بأسلوب البيع والشراء
-          تأجير العقارات 

3-      وسائل تتطلب رأس مال وجهد ووقت:
-          يتلخص ذلك في مشروع استثماري كإنشاء مؤسسة أو شركة تعمل في السوق


في النهاية من الضروري على كل فرد اختيار وسيلة مناسبة والقيام ببعض الجهد لإنجاحها في سبيل حياة أكثر أمانا بخيارات أكثر وأفضل.



** أصل المقال أفكار منشورة في عدة مواقع إلكترونية منها موقع أرقام

الاثنين، 11 فبراير 2019

مقال: الانسان الفيروسي


الإنسان الفايروسي

Image result for ‫الارض مريضة‬‎



مع تزايد الإهتمام بالقضايا البيئية في العالم ظهرت نظريات كثيرة تفسر أسباب ظواهر التغير المناخي وتقترح وسائل لحلها، ولعل ظاهرة الإحترار أو ارتفاع درجة حرارة الأرض واحد من أهم هذه الظواهر البيئية التي لاقت جدلا كبيرا.


من ضمن النظريات التي طفت على السطح مؤخرا تفسير الظاهرة بيولوجياً، فكما أن الإنسان المصاب بمرض أو فايروس معين ترتفع درجة حرارته ويصاب بالحمى كوسيلة دفاعية من الجسم لمحاولة القضاء على هذا الفايروس، فإن الأرض مصاب بفايروس يهدد حياتها وهي تلجأ إلى رفع درجة حرارتها في محاولة منها للقضاء عليه، غير أن الفايروس هذه المرة هو الإنسان!


المشكلة التي تواجه الأرض أن فايروسها المقترح (الإنسان) هو خصم عنيد وتعلم كيف يتكيف مع الإحترار ويوجد وسائل تحميه منه (على المدى المنظور على الأقل) كما أن إزدياد عدد البشر يسهم في المزيد من الإحترار دون وصول إلى نتيجة.


في دراسة نشرت مؤخرا قام بها علماء بريطانيون حول العصر الجليدي القصير الذي شهدته الكرة الأرضية في القرن الخامس عشر الميلادي وجدت أن السبب المحتمل هو إنخفاض عدد سكان الأرض بنحو 56 مليون إنسان خلال قرن من الزمن جلهم من السكان الأصليين في اميركا نتيجة محاولة الأوربيين السيطرة عليها، فموت هذا العدد الهائل في فترة زمنية قصيرة نسبيا أدى إلى انخفاض النشاط البشري السلبي في البيئة الأمر الذي رفع كمية الأوكسجين في الغلاف الجوي بنسبة معتبرة أدت في النهاية إلى تراجع درجة حرارة الأرض بشكل ملحوظ.


هذه النظرية طرحت فكرة خفض سكان الأرض أو على الأقل السيطرة على التزايد المتسارع لهم في سبيل منع كارثة بيئية قادمة، وقد تنبه لها المفكر البريطاني برتراند راسل مبكرا عندما أشار في كتابهأثر العلم في المجتمع من ناحية مختلفة نوعا ما عندما أشار إلى أن تزايد عدد السكان في ظل موارد محدودة على الأرض سيؤدي إلى دول ذات كثافة سكانية عالية ولكنها فقيرة الأمر الذي سيجعل الحرب حتمية، وتنبأ بأن تلجأ الدول القوية لوسائل علمية لتعقيم جزء من البشرية، وأشار إلى أنه مهما كانت الفكرة متوحشة إلا أنها ستلقى ترحيبا في سبيل ضمان الموارد للأقلية القوية.


ومن الأمور الطريفة أن الأمير فيليب زوج الملكة البريطانية إليزبيث الثانية أشار في إحدى اللقاءات أنه يتمنى أن يعود للحياة بعد موته على شكل فايروس خطير يقضي على نصف البشرية مما يسهم في حياة أفضل للبقية.




الخميس، 31 يناير 2019

عرض وتلخيص كتاب اصلاح الاسلام للعفيف الاخضر






عرض وتلخيص كتاب اصلاح الاسلام للعفيف الاخضر



اسم الكتاب : إصلاح الإسلام (بدراسته وتدريسه بعلوم الأديان)

المؤلف: العفيف الأخضر

عدد الصفحات : 144 صفحة

الطبعة : الثانية 2014

الناشر : منشورات الجمل بيروت - بغداد



مقدمة :
كان غريبا الخبر الذي انتشر منتصف العام 2013 الذي يفيد بوفاة المفكر التونسي العفيف الأخضر بعدما حاول الانتحار، ولأني لم أكن أعلم أنه في مرحلة متقدمة من مرض السرطان فلم استسغ فكرة الإنتحار ولاحقا علمت أنه كان يعيش ظروفا صعبة بسبب المرض وبسبب حالة الوحدة وعدم وجود من يرعاه في أيام حياته الأخيرة بالإضافة إلى حالته المادية الصعبة.


قبل أيام وقع بين يديّ كتاب هو الأخير من إصداراته بعنوان (إصلاح الإسلام) شدني الفضول لأعرف آخر ما حدث به العفيف الأخضر نفسه قبل أن يرحل عنا، ولم يكن غريبا أن يكون الكتاب عبارة عن حوار مطول قام به كل من ناصر بن رجب ولحسن وريغ معه بعدما افتقدا كتاباته وتوقف مشروعه النقدي، وفي محاولة لإستجلاء آخر ما سيقوله العفيف الأخضر، الذي شكى لمحاوريه أنه لا يستطيع الكتابة بسبب المرض وأنه لا يوجد من يرعاه ويكتب ما يمليه عليه فتطوعا للإستماع له وتفرغ الحوار في صورة كتاب.



الكتاب يتفرع إلى ثمانية فصول ومقدمة:





في المقدمة التي يذكر المؤلف فيها ارهاصات هذا الحوار ليصل إلى سؤال مهم عمره أكثر من قرن وهو : لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟ ويجيب عنه لأننا فشلنا في إصلاح الإسلام، وإصلاحه يكون في إعادة دراسته ضمن علوم الأديان وتبني العقلانية الدينية وإلغاء كل ما يتعارض وروح العصر، ويختم المقدمة داعيا لإنشاء مدرسة رقمية على الشبكة المعلوماتية لتدريس الأفكار الإصلاحية وترجمة كتاباته.


في الفصل الأول (مبررات إصلاح الإسلام) يقول الكاتب إن إصلاح الإسلام ممكن وأولوية للمسلمين إذا أرادوا أن يلحقوا بالركب الحضاري، معتبرا أن إصلاح الإسلام عبر فصل الدين عن الدولة من ناحية مع البحث العلمي والتجديد التكونولوجي والتعليم بالمعايير الدولية هي المجال الإستراتيجي للنهضة.


وينقل عن المستشرق رينان أن عوائق الإصلاح الاسلامي ثلاثة هي إحتقار العلم الوضعي، رفض البحث العقلاني في نصوص الدين، الخلط بين الروحي والزمني.


في الفصل الثاني بعنوان (إعادة تعريف الإسلام بعلوم الأديان) يحدد العفيف الأخضر عدة علوم معتبرا إياها قادرة على إصلاح الإسلام وهي : تاريخ الأديان المقارن، اللسانيات، علم اللغة (الفيلولوجيا)، علم نفس الأديان، علم التأويل (الهرمينوطيقا) بالإضافة إلى علمي الفلسفة وعلم الأعصاب.


فوظيفة علوم الأديان إعادة الأفكار الدينية إلى أصولها الحقيقية التي اكتسبتها منها عبر الأجيال فمعظمها لم تبتدع بل متوارثة، فهي انتقلت من أساطير الحضارات القديمة كالبابلية والفرعونية إلى اليهودية فالمسيحية فالإسلام وهكذا.


السوسيولوجيا الدينية تعلمنا أن الدين ظاهرة اجتماعية وأن التغيرات الاجتماعية تفرض نفسها على الدين، وتعلمنا الانتروبولوجيا الدينية أن النصوص الدينية هي بنت المناخ الثقافي الذي ظهرت فيه فهي نسبية ومتغيرة.


ويخلص للقول أن الحقيقة الدينية ذاتية لا تفرض نفسها إلا على المؤمن بها، أما الحقيقة العلمية فهي موضوعية تفرض نفسها على كل ذي عقل سليم.


الفصل الثالث بعنوان (الجنة رمز لرحم الأم) يكمل العفيف الأخضر شرحه لدور علوم الأديان في إصلاح الإسلام فيقول بأن علم نفس الأديان يساعدنا في فهم الجذور النفسية للظاهرة الدينية فهي عبارة عن اسقاط نفسي فهو اسقط صورة الأب رمز الحماية والحب على الآلهة، والحنين إلى الجنة هو الحنين للعيش في رحم الأم فهي الجنة التي طرد منها.


أما اللسانيات فتعلمنا بأن كل نص هو تقريبا تناص وهو مجاز فلا يجوز أن يقرأ قراءة حرفية فكما قال ابن عربي (ما في الكون كلام لا يُتأول) فلا يوجد نص بدلالة وحيدة.


وعلم اللغة – الفيلولوجيا – موضوعها فهم الحضارات القديمة عبر تحليل نصوصها الأدبية والدينية.


أما الهرمينوطيقا فهي تأويل النصوص والرموز الدينية والدنيوية بتأمل فلسفي يفتح آفاق النص بلا حدود، وهي تمر بثلاثة درجات : المعنى الحرفي – ثم روح النص- ثم القراءة المجازية.


أما فائدة علم الأعصاب فهو يشرح لنا كيف يعمل الدماغ وكيف يفكر، فقشرة الدماغ هي مصدر مشاعره وأحاسيسه وانفعالاته وحالاته الصوفيه والروحية.


أما الفلسفة فهي ضرورية لفهم الدين والحياة.


في الفصل الرابع بعنوان (كيف لفق ابن اسحاق حد الرجم) يثير العفيف الأخضر الحديث حول الموقف المتشدد من العلاقات الجنسية وصولا إلى تلفيق حد الزنا الذي لم يكون موجودنا في صدر الإسلام وأنه انتقل إليه من اليهودية، منتقدا العقوبات البدنية التي تجاوزتها دول العالم المعاصرة.


الفصل الخامس (خطر تذويب الفرد في الأمة) يقترح العفيف إقرار مبدأ عام وهو نسخ كل نص (آية أو حديث) يتعارض مع مصلحة المسلمين أو مصلحة البشرية أو يصطدم بحقوق الإنسان، مشيدا ببعض الفقهاء الذين مارسوا نسخ بعض الأحكام الشرعية كالطاهر الحداد وحسن الترابي ومحمد الطالبي، ولا يفرق الكاتب في النسخ بين النصوص التي عالجت ممارسات دنيوية زمنية أو تلك النصوص التي تتعلق بالعبادات الروحية.


ويشدد على ضرورة استقلال الفرد عن الجماعة (الأمة الإسلامية) معتبرا إياها لا تختلف عن القبلية معتبرا التدين شأن فردي لا علاقة للأمة فيه، لذا يشدد على دعم كل الإجراءات التي من شأنها التأكيد على الفردانية ومنع ذوبان الفرد في المجموع.


الفصل السادس (الانحطاط هو هزيمة العقل)


حول مفهومه عن الإنحطاط يقول العفيف أن انحطاط المسلمين هو بسبب هزيمة العقلانية الدينية والعقل الفلسفي أمام القراءة الحرفية للنصين المؤسسين القرآن والسنة على يد حزب المحدثين، وذلك بعد هزيمة الإتجاهات العقلانية الثلاثة التي عرفها المسلمون وهي : 1- العقلانية الدينية المعتزلية، 2- العقلانية الفلسفية الرشدية (ابن رشد) 3- العقلانية الفلسفية النقدية (ابن الراوندي- ابوالعلاء المعري).


وعن سبب هزيمة العقل عند المسلمين يقول العفيف أن العقل لم يستطع أن يتغلغل لا في النخب الصانعة للقرار على نحو دائم ولا في الجمهور الواسع، كما حقق العقل الأنواري الذي تغلغل بين النخب في ألمانيا بينما تغلغل بين الجمهور المتعلم في فرنسا.


الفصل السابع (من أجل انتصار دين العقل


في سبيل الانتصار للعقل يقول الكاتب أن الفاعلون هم : 1- التعليم 2- الخطاب الديني المستنير 3- إعلام المعقول الديني.


وعن الأول يدعو الكاتب لتعميم تدريس الإسلام بعلوم الأديان في الفلسفة وحقوق الإنسان في المدارس والجامعات، أما الخطاب الديني المستنير فيأتي عبر تكوين الأئمة والخطباء تكوينا دينيا حديثا يستند إلى معطيات العصر والحقوق الإنسانية الدولية، وأما عن الإعلام بالتشجيع على الحوار وإثارة القضايا الفكرية وتأسيس جامعة افتراضية ومواقع الكترونية تدعو لإصلاح الإسلام.


الفصل الثامن (من التربية الجنسية الدينية إلى الجنسية العلمية)


حيث يدعو لإعادة النظر في الأحكام الدينية المتعلقة بالجنس وبناء ثقافة جنسية متوافقة مع المعطيات العملية بعيدا عن التصورات الدينية الحادة تجاهها.


مراجعة على مجمل الكتاب:


يعتبر العفيف الأخضر من المفكرين العرب الحداثيين وله اسهامات كثيرة للدفع باتجاه تغيير الواقع العربي والاسلام باتجاهات حداثية مواكبة للعصر لذا فلا يمكن اغفال مساهماته في المشروع التحديثي. 


موضوع الكتاب مثير وجاذب ومهم ولكنه لم يكن بحثيا أو يمثل مشروعا واضح المعالم، بل جاء على شكل حوار يتضمن افكار العفيف الأخضر مع استطرادات كثيرة حيث طبيعة الحوارات بخلاف الكتابات النقدية الرصينة. 


بدى جليا أن معظم الأفكار التي طرحها العفيف الأخضر ليست أصيلة أو ابداعية ومعظمها مقتبس إما من المستشرقين أو كتاب سبقوا العفيف لذا لا يكاد نجد فيه أي جديد. 


بعض اسقاطات العفيف الأخضر كانت شخصية مما يضعف مصداقيتها، فالأفكار لا تبنى على أساس مواقف شخصية وحوادث فردية، كمثل تدليله على مشكلة التربية الجنسية من مواقف شخصية حصلت في طفولته.



الثلاثاء، 18 ديسمبر 2018

اطلالة على :ضوء من بعيد -مجموعة قصصية

إطلالـــــــــــــــــــة على 



اسم الكتاب: ضوء من بعيد (مجموعة قصصية) 

المؤلف: إبراهيم علي الطويل

الطبعة : الأولى 2016

عدد الصفحات: 80 صفحة

الناشر : فراديس للنشر والتوزيع-البحرين


القبض على اللحظة هو فن الأديب البارع بينما سرد الوقائع التاريخية هو فن المؤرخ الفذ، وعندما ينجح الكاتب في اقتناص اللحظة المدهشة من تاريخ البشرية فهو مبدع لأنه يتنفس برئتين ويفكر بعقلين ويعيش بقلبين، وهنا نقف أمام عمل نجح الكاتب فيه بذلك. 

ضوء من بعيد اسم العمل الذي يوحي بالعمومية ولكنه في حقيقة الامر ترميز عميق في سياق ادبي قصص لما يمكن اعتبره لحظة تحول هامة شهدته منطقتنا (الأحساء) في مرحلة استثنائية حددت ما سيكون مستقبلها ومستقبل الخليج كله. 

ولأن ذاكرتنا مثقوبة فهي لا تختزن إلا النزر القليل مما يمر عبرها، ولأن المئة العام الماضي كانت زاخرة بالأحداث والتحولات الدراماتيكية فإننا بحاجة ماسة لمن يذكرنا حتى بأسمائنا، بما كنا عليه فعلا، وبالرواية الكاملة لما حدث قبل أن تتحول إلى اسطورة لا حقيقة لها. 

ضوء من بعيد عمل متورط في زمن التحول الذي عرفته الأحساء خمسينيات وستينيات القرن الماضي عندما فرض النفط نفسه كعامل تحول أساسي ولاعب فريد حول اقتصادنا من الزراعي إلى الريعي، ومن الجهل إلى التعلم، ومن البساطة إلى كل التعقيدات النفسية والاجتماعية والفكرية والسلوكية التي عرفناها وسنعرفها. 

المرحلة التي بدأت فيه شركة الزيت العربية الامريكية بالعمل واستقطاب شبان المنطقة الشرقية لم تكن هادئة وعادية كما يريد البعض أن يتصورها بل زخرت بتموجات عنيفة أحيانا كالصراع الاجتماعي حول جواز العمل مع الكفار والتساؤل حول مستقبل الزراعة وتضعضع الفاعل الديني، وصولا إلى نظام العمل الجديد كليا على أبناء البلد بكل ما فيه من جوانب مضيئة وأخرى سوداء، وبما افرزته طبيعة العمل من احتكاك بين أبناء الريف البسطاء مع ألوان من البشر من الآخر الأمريكي إلى الشقيق العربي بكل التناقضات والأفكار التي يحملونها وكيف سيتعامل معهم وصولا إلى التصادم من السقف الرسمي. 

ومع هذا كله فإن العمل الأدبي يبقى حاضرا في مجال الجماليات وزهو الحياة بكل ما تحمله من حب واحاسيس ومشاعر وخيبة وأمل وخوف وطموح.