الخميس، 21 أغسطس 2014

دعوات الخلاص ..الدعوة اليمانية أنموذجا

دعوات الخلاص
الدعوة اليمانية نموذجا..





عرف التاريخ الاسلامي في كل منعطف من المنعطفات التاريخية و المهمة التي تتسم بالحوادث الاستثنائية و المصيرية دعوات تستجيب لتوق الناس للخلاص . وهذه استجابة طبيعية لآلام الناس و عذاباتهم . و من العراق المغرق بالجراح انطلقت خلال عقد  مضى  أو أكثر العديد من دعوات الخلاص التي تمني الناس بالسعادة و الخلود .

دعوة السيد أحمد الحسن المعروفة بالدعوة اليمانية هي دعوة خلاصية انطلقت من عمق العراق المثقفل بإرث طويل من الشقاء فيأتي رجل بدعوة للنجاة متكئا على موروث ديني و عقدي كبير يحاجج به خصومه .

ما لفت انتباهي في الدعوة اليمانية أنها تزعم ان للسيد اليماني دور يجب ان يقوم به خلال مدى زمني قصير نسبيا و هو التمهيد لظهور المهدي المنتظر ثم العمل معه . مما يعني ان هذه الدعوة سيظهر لكل الناس  منقلبها قريبا . و إن كان احتمال تغير مسارها واردا فما أسهل تأويل نص تاريخي آخر لتغير الواقع كما حدث مع دعوات خلاصية أخرى .

قبل ان يتخذ اي شخص موقفا ما من هذه الدعوة أو تلك يجدر به الاستناد الى التراث الخلاصي الضخم الذي عرفه التاريخ الاسلامي و الانساني . الى جانب معرفة دقيقة بطبيعة النصوص الدينية التي طرقت موضوع المخلص و ما تتسم به من غموض و سهولة استخدامها في كل مرة .

ما نؤمن به اليوم و قد بلغ الانسان مديات كبيرة من الوعي و المعرفة و قطع اشواطا من الحرية و الاستقلال الفكري . بأن اتباع اي حركة دينية أو سياسية أو فكرية اعتمادا على موروث هش من النصوص المبهمة عمل لا ينم عن عقلانية . بل إننا نريد ان نؤسس لقاعدة منطقية عقلانية في العلاقة مع كل الدعوات الخلاصية.
إن القاعدة التي نستند اليها هي محاكمة افكارها و مشاريعها التي تحملها للبشرية و ما ستقدمه للناس من أبواب المعرفة و العلم و ما ستقوم به من اجل اسعاد الانسانية جمعاء .

لا يمكننا ان نتخيل اي حركة تقدمية عقلانية تأتي لتقول للناس إما ان تؤمنوا بي أو أنكم ستذهبون الى النار فهذا ادعاء لحصر الطريق الى الله عبر سبيل واحد بينما السبل الى الله بعدد انفاس الخلائق.
لا يمكن ان تأتي حركة اصلاحية عادلة تعاقب من لا يوافقها بذبح الرجال و سبي النساء و الاعتداء على حرمات الناس . فإن هي نفت عن نفسها ذلك فإن عليها ان تتقبل الاختلاف من الاخرين و تتعايش معهم . بل أنني اعتقد ان ارقى حركة خلاصية ستخلق مجتمعا تنشط فيه التيارات الفكرية و الثقافية إذ أنها ستفجر طاقات الانسان الفكرية و ستمنحه اقصى درجات الحرية المعرفية مما يعني مجتمعا متنوعا غنيا بالافكار المتباينة و ليست قوالب جامدة تسمع و تطيع بأمر القائد الفرد . أو أن تقوم ببناء نظام شمولي مركزي يعامل كل البشر بنمطية سامجة في الزمن الذي عرفت فيه الانسانية سبل التنوع و مفاهيم المشاركة و التعايش السلمي.

شخصيا لا يهمني شخص السيد أحمد الحسن و هل هو من نسل المهدي أو نسل النبي؟؟ أو هل هو مرسل من جهة ما؟ أو أنه يحمل المعجزة و الكرامة؟ أو انه المخلص الغير منتظر ؟ أو أنه مسدد من جهة غيبية أو لا؟  .. كل ما يهمني ان ارى افكاره و ألمس مشاريعه و استشعر ابداعاته التي ستحمل السعادة للبشرية . و اريد ان اؤسس لقاعدة ان نعمل فيما نتفق و نعذر بعضنا فيما نختلف ..

يؤسفني جدا ان اسمع عما يتعرض له السيد اليماني و اتباعه من مطاردات و ملاحقات ممن يرفض دعواتهم و اتمنى ان يمنحوا كامل الفرصة لعرض مشروعهم ليأخذ مداه فيسعد البشرية أو يشقى به اصحابه.

قبل أن ننتظر كبشر مخلصا غامضا يأتينا من جهة الغيب علينا أن نؤمن بمخلصنا الحقيقي الذي نحمله بين جوانحنا . يجب أن نؤمن بضميرنا الداخلي الذي خلق معنا فهو صوت الحق الذي لا يكذب و لا يخون. يجب على الانسان ان يثق بنفسه.




الأربعاء، 20 أغسطس 2014

عرض و قراءة في كتاب عقيدة القس في جبل السافوا


عرض و قراءة في كتاب
عقيدة القس في جبل السافوا
أو
دين الفطرة





عندما ترى اسم عبدالله العروي متصدرا اسم كتاب فيجدر بك الالتفات لأهميته ، فالعروي استاذ متفحص في كلماته و اختياراته و كان محقا عندما اختار كتاب (عقيدة القس في جبل السافوا) لـ جان جاك روسو لنقله من الفرنسية الى العربية فهو كما يقول العروي في سبب قيامه بالترجمة لم يختر الكتاب اعتباطا إذ أنه يشكل تمرينا عقليا مفيدا للقارئ العربي .
يرى العروي .. أن الفكر الغربي لم يقترب من تمثل الفكر الاسلامي إلا مرة واحد في القرن الثامن عشر الميلادي . قبل ذلك التاريخ كان الحاجز المعتقد الديني و بعد ذلك كان المانع سد الاستعمار .
و من هنا يعتبر العروي ان المنجز الفكري الغربي في القرن الثامن عشر جدير بالاهتمام لأن يفيد كثيرا في حالتنا الفكرية المعاصرة .

وعن فائدة القارئ العربي من الكتاب يقول :
روسو هنا يرسم لنفسه عقيدة بسيطة بينة صادقة توفق بين العقل و الوجدان تضمن للفرد الطمأنينة و للمجتمع الوحدة و الاستقرار .
عندما نقله العروي الكتاب الى العربية اختار له اسم دين الفطرة ، و هو اختيار موفق لما يعطي من تصور واضح عن فحوى الكتاب و مضمونه .

وضع روسو هذا الكتاب في زمن الاضطرابات الفكرية و الفلسفية التي اجتاحت اوربا ليبحث عن مشروع اصلاحي كما فعل الغزالي و محمد عبده و ابن رشد و محمد اقبال .
ولد روسو عام 1712  في جنيف حيث المذهب البروتستانتي ثم غادر الى منطقة السافوا ليحل ضيفا على سيدة ستشجعه على اعتناق الكاثوليكية – المذهب الاوربي السائد- ليقبل روسو التحول المذهبي قبل ان يكتشف الفجوة الكبيرة بين القيم و المثل الكاثوليكية و واقع الحال و السائد بين عامة الناس .

لاحقا يسافر روسو الى فرنسا ليتعرف على جماعة الفلاسفة (كوندياك-ديدرو –كريم –دولباخ)  ليتأثر بأفكارهم التنويرية الداعية لإلغاء الاوهام و الاصنام ليتحرر عقل الانسان ، و بعد عشر سنوات غادر روسو جماعة الفلاسفة لأسباب هي موضع جدل .
عاد روسو الى جنيف ليعلن عن نظريته الديموقراطية التي تسببت في عدائه مع فولتير ، ذلك لأن فلاسفة عصره كانوا يؤيدون تحولا نخوبا بينما يريده روسو تحولا شعبيا .
من المدهش ان نعرف ان هذا الكتب تسبب لروسو بالكثير من الغضب إذ غضب عليه الفلاسفة لإيمانه الديني ، و غضب عليه انصار السلطتين الدينية و المدينة لثوريته ،فأدانه الفلاسفة على لسان فولتير و ادانه الكاثوليك على لسان اسقف باريس و ادانه البروتستانت على لسان رئيس كنيسة جنيف .
فهرب من فرنسا كي لا يسجن و دخل في حماية ملك سويسرا بعدما تعهد بعدم الخوض في مسائل العقيدة ، و قضى ما تبقى من عمره شريدا طريدا ، وخوفا من تشويه سمعته بعد وفاته كتب عدة كتب منها الاعترافات 1770 و حوارات 1776

كتاب عقيدة القس في جبل السافوا
يتحدث على شكل عظة دينية يلقيها قس على تلميذه عن تجربته و أفكاره و عقيدته التي توصل اليها ، و العظة موزعة على مقاطع عدة بلغت 152 مقطعا في نحو 133 صفحة .

متنوعة الافكار و المفاهيم ، منها  :
عجز الفلسفة
الخالق و صفاته
الانسان سيد الكون
عدالة الرب
الخالق لا يدركه العقل
الوحي و الرسالات
حوار الوحي و العقل
ضمير الفرد هو الحكم
الصدق و الصراحة

خلاصة ما يقوله روسو كما كتب العروي  :
الايمان في خدمة النفس ، الدين في خدمة المجتمع ، المجتمع في خدمة الفرد .

يقول روسو :
نسخت هذا الخطاب لا ليكون ضابطا لما يجب ان نستشعره في مجال الدين ، بل  كمثال على الاسلوب الذي يخاطب به الاستاذ تلميذه .. لذا اقف عنده في مخاطبة  الشاب أميل إن قدر له ان يعتنق ديانة  أخرى فليس من حقي أن ارشده  إليها ، عليه ان يختارها هو لنفسه ..


بعض المقتطفات :










 

















 







الأحد، 10 أغسطس 2014

الجارية فيان دخيل


الجارية فيان دخيل



تقطعت الكلمات بين شفتي السيدة فيان دخيل و انطلقت دموعها تحت قبة البرلمان العراقي و هي و لا تصدق ما يجري لطائفتها في عراق القرن الواحد و العشرين حيث قتل الرجال و ذبح الاطفال و بيعت النساء كجواري تحت راية لا إله الا الله كما عبرت السيدة فيان قبل ان تنهار و هي تصرخ أنقذونا ...

هذه الحادثة دعتني للعودة مجددا للبحث حول موضوع مؤرق و سؤال مزعج لكل مسلم يؤمن بأن الاسلام صالح لكل زمان و مكان وأن حلال محمد حلال الى يوم القيامة و حرام محمد حرام الى يوم القيامة .. إذن ما هو موقف الاسلام من العبودية و الرق اليوم ؟؟

بالعودة الى العهد النبوي نجد أن النبي محمد عليه الصلاة و السلام عندما بعث في الجزيرة العربية كان هناك طبقة واسعة من العبيد و الجواري الذين كانوا ضحايا الغارات القبلية و الحروب و عمليات الاختطاف حينها كانت دعوة النبي الى المساواة بين السادة و العبيد في معظم الالتزامات الدينية و وضع قواعد دينية مشددة تجبر الملاك على اعتاق العبيد في بعض الحالات ككفارات عن ذنوب و معاصي كما أعطى العبيد الكثير من الحقوق و الامتيازات التي لم يكونوا يحلموا بها ..

في المدينة المنورة بعد الهجرة لم تكن هناك طبقة كبيرة من العبيد و الجواري إذ تحرر الكثير منهم و نالوا حريتهم و تحسنت أوضاع من بقي في العبودية بشكل كبير .. و لكن بالنتيجة لم يدع النبي الى إلغاء العبودية أبدا.

لاحقا عندما بدأ عصر الفتوحات الاسلامية امتلأت المدينة المنورة و سائر امصار الدولة بالكثير من العبيد و الجواري و لم يجد كبار الصحابة اي حرج في اقتنائهم و شرائهم من سوق النخاسة و تدريجيا وصل حال العبيد الى الحضيض خصوصا مع الدولة الاموية التي تعصبت للعرب.

عندما توقفت الفتوحات خلال خلافة الامام علي لم يقم الخليفة بإلغاء الرق و حتى الكلمة التي يتغنى بها الشيعة و المنسوبة للامام (متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم امهاتهم احرارا) لم يكن لها اي اثر واقعي فالعبودية استمرت في عهد الامام و بعده .كما ان الائمة من ذريته لم يتجنبوا اقتناء العبيد و الجواري.

في اوربا كانت تجارة الرقيق قد بلغت أبشع صورها حيث تقوم السفن الاوربية بزيارة السواحل الافريقية و اختطاف الناس و نقلهم الى أوربا و أمريكا للعمل بالسخرة في المزارع و الاعمال الشاقة.

الدنمارك كانت أول دولة في العالم تبادر الى منع تجارة الرق تبعها بعد ذلك مؤتمر فيينا عام 1814 حيث أقرت جميع دول اوربا بمنع الرق و تحرير العبيد نهائيا  لتتبعها  الدول غير الاوربية لاحقا كالولايات المتحدة الامريكية عام 1848 و تم تجريم تجارة الرقيق دوليا عام 1906

أما في العالم الاسلامي  فإن الدولة العثمانية اصدرت مرسوما بمنع الرق العام 1855 وقد شهد أعتراضا من رجال الدين حيث أصدر علماء مكة فتوى بعدم جواز منع الرق . و حينها كانت مكة مركزا كبيرا لتجارة العبيد . حينها حدثت فتنة و مواجهات بين الاهالي و عسكر الاتراك دفع العثمانيين لتجميد قرار منع الرق. حتى العام 1909 عندما صدر فرمان يمنع تجارة الرق نهائيا إلا أنها استمرت في الخفاء .

 بعد انطلاق الثورة العربية الكبرى و خروج الحجاز من سيطرة العثمانيين نشطت تجارة العبيد بقوة في مكة  حتى قام الشريف حسين بإغلاق دكة العبيد العام 1919 و لكن ذلك لم ينهي تلك التجارة بل استمرت بشكل غير نظامي بتراخي من السلطات رغم ضغط البريطانيين عليهم و قيامهم بتفيش السفن الواردة لميناء جدة بحثا عن العبيد لتحريرهم . و استمرت معاناة العبيد في الجزيرة العربية حيث لم يتم منع الرق في الحكم السعودي إلا في سنة 1962 في عهد الملك سعود و بأمر من ولي عهد الامير فيصل الذي قرر تعويض ملاك العبيد.

و مع كل هذا السرد التاريخي لم نجد من رجال الدين المسلمين اي موافقة على منع الرق بل أن المنع اتى بقرار سياسي و بضغط خارجي . بمعنى آخر ان رجال الدين يوافقون على العبودية و لا يرون فيها بأسا لذا فأن ممارسات داعش اليوم التي اعادت عصر العبيد و الجواري لا يعد خارجا على احكام الاسلام و تعالميه .

 و للانصاف نقول ان الديانات الابراهيمية الثلاث اليهودية و المسيحية و الاسلام لم تختلف كثيرا في مسألة جواز الرق و العبودية إلا أن الاصلاح الديني الذي طال تلك الديانات أوصلتهم الى إقرار تجريم العبودية لكن العلماء المسلمين لم يضعوا حلا لهذه المسألة مما يضعنا أمام معضلة أخلاقية كبيرة .

يقول بعض العلماء المسلمين أن الاسلام وضع برنامجا تدريجيا لإنهاء العبودية حيث أقر الكثير من الامتيازات للعبيد تمهيدا لمنع العبودية و لكن المشكلة ان ذلك البرنامج تعرض لأنتكاسة خطيرة كما رأينا في عصر الفتوحات و لم يصل الى اي نتيجة تذكر .
السؤال الملح الان هل آن الاوان لكي يعلن العلماء المسلمون تحريم العبودية و منع عودة الرق من جديد ؟؟؟

وهذا السؤال هو معنى صرخة السيدة فيان التي وضعت المسلمين امام تحدي أخلاقي كبير فعودة الرق اليوم تتم تحت راية لا إله الا الله ..

الثلاثاء، 5 أغسطس 2014

مانديلا الفلسطيني

مانديلا الفلسطيني



عندما نريد ان نفهم ما يحصل اليوم في فلسطين فإننا يجب أن نستحضر نحو قرن من الزمن هو عمر الصراع العربي –الفلسطيني الاسرائيلي الذي عرف مراحل و منعطفات متعددة ..
أما شكله اليوم فالطاغي عليه الصراع الدموي بين فصائل فلسطينية مسلحة بشكل بسيط و جيش دولة اسرائيلي مدرب و مسلح جيدا.

عندما يشتعل الصراع كما هو اليوم في غزة و تطالعنا مشاهد الاطفال القتلى بأبشع صورة الى جانب الدمار و الخراب الذي لا يوفر شيء من حجر و شجر فإننا نحزن و نتعاطف و هذه حالة انسانية طبيعية  و لكن الاهم من هذا كله البحث عن مخرج حقيقي للمشكلة المستعصية و التي لا يريد أحد حلها 

المشكلة في فلسطين أن لا أحد يريد السلام ، لا الاسرائليين و لا الفلسطينيين يرغبون به ، فكلا الطرفين يريد إلغاء الاخر و القضاء عليه كحل وحيد و نهائي للصراع  لذا لا يبدو أننا سنرى نهاية لهذا النفق المظلم قريبا .

عنق الزجاجة في مأساة فلسطين هي انعدام الافق لدى الطرفين لإيجاد حل سياسي واقعي  فلو جاء ضامن للسلام اليوم بورقة بيضاء لكلا الطرفين و طلب منهما وضع التصور السلمي لمستقبل هذه الارض يعيش فيهما شعبين معا  لما استطاعا ان يضعا حرفا واحدا.

أهم ما يحتاجه الفلسطينيين اليوم هو مانديلا فلسطيني يستطيع ان يزرع السلام في هذه الارض ، يقوم بما قام به مانديلا في جنوب افريقيا  فالشعب الابيض أتى من اوربا و احتلها و اسس نظاما عنصريا فيها و حرم السكان الاصليين من كل شيء  و مع هذا عندما انهار هذا النظام لم يقل مانديلا سوف نرمي بالبيض في البحر لأنهم محتلون بل قام بالمصالحة و اسس للتعايش و بنى دولة تسع الكل  و هنا تكمن عظمة مانديلا  .

حسنا .. سيقول البعض الامر في فلسطين مختلف  و أقول ربما هو مختلف  و لكن لاحظوا ايها السادة أن من يدفع الثمن هم أطفال فلسطين التي هدرت اعمارهم بأنتظار انتصار لم يتحقق  و بأنتظار شعب عربي و اسلامي لا يحرك ساكنا لإيقاف النزيف الدامي في ارض فلسطين  هذه الشعوب التي تتغنى بالارض المقدسة و لا تحفل بالانسان الفلسطيني الذي يجب ان يكون أكثر قدسية من تلك الارض هي ذاتها التي تنام قريرة العين في فرشها الوثيرة ليلا
لا ألوم الفلسطيني أن يكون أسمى أمانيه اليوم ان يهاجر الى بلد بعيد فيعيش بكرامة ..

إن الحديث عن الحق و العدالة و الانصاف و رد المظالم حديث جميل و رومانسي و لكنه اليوم غيره واقعي و لا يحقق لا لفلسطين و لا لشعبها شيئا يذكر .

رغم أنني اؤمن بأن السلام يجب ان يحل في فلسطين إلا أنني لا اصنع من نفسي معلما يرشد الفلسطيني نحو الحل بل يجب ان يقرر هذا الشعب المسكين وحده كيف يجب ان يعيش و كيف يصنع مستقبله  إن قرر الفلسطينون السلام فسأكون معهم  و إن قرر الاستمرار في صراعه في الاسرائليين فسأتمنى له التوفيق دون أن أكون موافقا على ذلك و كل ما يبدي ان اصنع هو ان اشجع من حولي على تقبل فكرة السلام.


أجّل العرب و الفلسطينيين فرص السلام مرة بعد مرة بأمل تحقيق نصر ما  لكن الفشل كان حليفهم و المشكلة تتعقد   أما اسرائيل فهي كفرت بالسلام بعدما وجدت أن العالم يتفرج دون أدى شعور بالمسؤولية تجاه معاناة الناس في هذه الارض  و فإلى أين سنتجه و كيف سننهي هذه المأساة  أملي بالسلام كبير ..

الأحد، 3 أغسطس 2014

طارق العزيز ..حاوروه ... لا تقتلوه

طارق العزيز
حاوروه ... لا تقتلوه

 




قبل أشهر قليلة كتبت مقالا بعنوان ( كوثر الاربش .. صوت مختلف)  http://albassl.blogspot.com/2014/02/blog-post.html  و قلت في خاتمته (...  فمن يعتقد ان مشكلته الآن تتمثل في (كوثر الاربش) فهو واهم فما اسمها سوى بداية لسلسلة من الاسماء الشابة التي ستكون أكثر شجاعة في البحث الجاد عن الذات..)
طبعا لا اريد أن اضع الشاب القادم (طارق) مع السيدة (كوثر) في سلة واحدة فلكل واحد منهما أفكاره و اسلوبه المميز ، لكنهما يشتركان في امرين اثنين :
الاول: أنهما عنصران فاعلان اليوم في ساحة الحوار الثقافي الشيعي داخل المملكة سواءا رضينا بهما أم لا ، فهما أشعلا جذوة حوار داخلي لابد و أن تكون له أصداء .
 أما الامر الثاني : فهو فشل النخب في مجتمعهما في التعاطي الايجابي معهما ، فالتشنج و ردة الفعل الغاضبة جدا تجاههما واحدة . و هي تؤكد أن مجتمعنا مازال عاجزا عن سماع صوت مختلف عما ألفه و تعود عليه .
ردة الفعل العنيفة تجاه طارق اضطرته لإخفاء اسم عائلته ، و هذا لا يعيبه هو بل يعيب من ضغط بهذا الاتجاه . و فضيحة لمجتمع لا يتحمل وجود صوت مختلف في نسيجه . مجتمع يعتقد أن العلاج الوحيد المتاح لكل علله يتمثل بالاستئصال و الالغاء دون أن يتحمل و لو قليلا مرارة الدواء . المتمثل في الحوار .
في ظل نمطية اجتماعية تكون فيه سلطة المجتمع أشد قسوة و عنفا من اي سلطة أخرى . تحكم على افرادها بالقتل المعنوي و النفي خارج اسوارها المتوهمة ظنا منها أنه نجاح لها . و الواقع أنه دليل على فشل و ضعف و ارتباك . مما ينبأ بالمزيد من حالات التمرد على تلك السلطة الاجتماعية .
نريد من المجتمع أن يكون أكثر هدوءا و اتزانا و أن يجرب أن يحاور و يحتضن ابناءه . فالتنوع عنصر قوة و دليل صحة في المجتمعات .
و نريد من الشباب أن يبحروا بثقة بتجاه بر الامان . و يتسلحوا بالمعرفة و القراءة و الاطلاع . و ان يكونوا أسيادا لأنفسهم متحررين من اي سلطة على عقولهم . و لكن ايضا بكثير من التواضع و الصبر و الجهد و الاخلاص و الحب .

في مرحلة التحولات التي تعطينا الكثير من الامل بمستقبل مشرق .  فالامر لا يتعلق بشخص ما أيا كان . بل بمجتمع كامل يمثل الشباب فيه العمود الفقري . و واجبنا جميعا أن نرسي دعائم الحوار و التعايش و قبول الاخر كي نصل الى بر الامان ..