الأحد، 10 أغسطس 2014

الجارية فيان دخيل


الجارية فيان دخيل



تقطعت الكلمات بين شفتي السيدة فيان دخيل و انطلقت دموعها تحت قبة البرلمان العراقي و هي و لا تصدق ما يجري لطائفتها في عراق القرن الواحد و العشرين حيث قتل الرجال و ذبح الاطفال و بيعت النساء كجواري تحت راية لا إله الا الله كما عبرت السيدة فيان قبل ان تنهار و هي تصرخ أنقذونا ...

هذه الحادثة دعتني للعودة مجددا للبحث حول موضوع مؤرق و سؤال مزعج لكل مسلم يؤمن بأن الاسلام صالح لكل زمان و مكان وأن حلال محمد حلال الى يوم القيامة و حرام محمد حرام الى يوم القيامة .. إذن ما هو موقف الاسلام من العبودية و الرق اليوم ؟؟

بالعودة الى العهد النبوي نجد أن النبي محمد عليه الصلاة و السلام عندما بعث في الجزيرة العربية كان هناك طبقة واسعة من العبيد و الجواري الذين كانوا ضحايا الغارات القبلية و الحروب و عمليات الاختطاف حينها كانت دعوة النبي الى المساواة بين السادة و العبيد في معظم الالتزامات الدينية و وضع قواعد دينية مشددة تجبر الملاك على اعتاق العبيد في بعض الحالات ككفارات عن ذنوب و معاصي كما أعطى العبيد الكثير من الحقوق و الامتيازات التي لم يكونوا يحلموا بها ..

في المدينة المنورة بعد الهجرة لم تكن هناك طبقة كبيرة من العبيد و الجواري إذ تحرر الكثير منهم و نالوا حريتهم و تحسنت أوضاع من بقي في العبودية بشكل كبير .. و لكن بالنتيجة لم يدع النبي الى إلغاء العبودية أبدا.

لاحقا عندما بدأ عصر الفتوحات الاسلامية امتلأت المدينة المنورة و سائر امصار الدولة بالكثير من العبيد و الجواري و لم يجد كبار الصحابة اي حرج في اقتنائهم و شرائهم من سوق النخاسة و تدريجيا وصل حال العبيد الى الحضيض خصوصا مع الدولة الاموية التي تعصبت للعرب.

عندما توقفت الفتوحات خلال خلافة الامام علي لم يقم الخليفة بإلغاء الرق و حتى الكلمة التي يتغنى بها الشيعة و المنسوبة للامام (متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم امهاتهم احرارا) لم يكن لها اي اثر واقعي فالعبودية استمرت في عهد الامام و بعده .كما ان الائمة من ذريته لم يتجنبوا اقتناء العبيد و الجواري.

في اوربا كانت تجارة الرقيق قد بلغت أبشع صورها حيث تقوم السفن الاوربية بزيارة السواحل الافريقية و اختطاف الناس و نقلهم الى أوربا و أمريكا للعمل بالسخرة في المزارع و الاعمال الشاقة.

الدنمارك كانت أول دولة في العالم تبادر الى منع تجارة الرق تبعها بعد ذلك مؤتمر فيينا عام 1814 حيث أقرت جميع دول اوربا بمنع الرق و تحرير العبيد نهائيا  لتتبعها  الدول غير الاوربية لاحقا كالولايات المتحدة الامريكية عام 1848 و تم تجريم تجارة الرقيق دوليا عام 1906

أما في العالم الاسلامي  فإن الدولة العثمانية اصدرت مرسوما بمنع الرق العام 1855 وقد شهد أعتراضا من رجال الدين حيث أصدر علماء مكة فتوى بعدم جواز منع الرق . و حينها كانت مكة مركزا كبيرا لتجارة العبيد . حينها حدثت فتنة و مواجهات بين الاهالي و عسكر الاتراك دفع العثمانيين لتجميد قرار منع الرق. حتى العام 1909 عندما صدر فرمان يمنع تجارة الرق نهائيا إلا أنها استمرت في الخفاء .

 بعد انطلاق الثورة العربية الكبرى و خروج الحجاز من سيطرة العثمانيين نشطت تجارة العبيد بقوة في مكة  حتى قام الشريف حسين بإغلاق دكة العبيد العام 1919 و لكن ذلك لم ينهي تلك التجارة بل استمرت بشكل غير نظامي بتراخي من السلطات رغم ضغط البريطانيين عليهم و قيامهم بتفيش السفن الواردة لميناء جدة بحثا عن العبيد لتحريرهم . و استمرت معاناة العبيد في الجزيرة العربية حيث لم يتم منع الرق في الحكم السعودي إلا في سنة 1962 في عهد الملك سعود و بأمر من ولي عهد الامير فيصل الذي قرر تعويض ملاك العبيد.

و مع كل هذا السرد التاريخي لم نجد من رجال الدين المسلمين اي موافقة على منع الرق بل أن المنع اتى بقرار سياسي و بضغط خارجي . بمعنى آخر ان رجال الدين يوافقون على العبودية و لا يرون فيها بأسا لذا فأن ممارسات داعش اليوم التي اعادت عصر العبيد و الجواري لا يعد خارجا على احكام الاسلام و تعالميه .

 و للانصاف نقول ان الديانات الابراهيمية الثلاث اليهودية و المسيحية و الاسلام لم تختلف كثيرا في مسألة جواز الرق و العبودية إلا أن الاصلاح الديني الذي طال تلك الديانات أوصلتهم الى إقرار تجريم العبودية لكن العلماء المسلمين لم يضعوا حلا لهذه المسألة مما يضعنا أمام معضلة أخلاقية كبيرة .

يقول بعض العلماء المسلمين أن الاسلام وضع برنامجا تدريجيا لإنهاء العبودية حيث أقر الكثير من الامتيازات للعبيد تمهيدا لمنع العبودية و لكن المشكلة ان ذلك البرنامج تعرض لأنتكاسة خطيرة كما رأينا في عصر الفتوحات و لم يصل الى اي نتيجة تذكر .
السؤال الملح الان هل آن الاوان لكي يعلن العلماء المسلمون تحريم العبودية و منع عودة الرق من جديد ؟؟؟

وهذا السؤال هو معنى صرخة السيدة فيان التي وضعت المسلمين امام تحدي أخلاقي كبير فعودة الرق اليوم تتم تحت راية لا إله الا الله ..

هناك تعليق واحد:

  1. يا ما راح نشوف من زبالة السعودية كل اناء ينضح بما فيه ===

    ردحذف