المثقف الحداثي
وتحديات المرحلة
منذ سنوات والساحة الثقافية المحلية تشهد
حراكا ثقافيا وفكريا مميزا ويقفز إلى سطحها العديد من الأسماء الشابة الواعدة
والتي باتت لا ترهب الخوض في بحث قضايا فكرية ومعرفية دقيقة متخطية العديد من
التابوهات والخطوط التي كانت تعد حمراء، هذا النشاط الفكري الذي برز فيه بشكل أو
بآخرالمثقف الإصلاحي أو الحداثي واجهه نشاط مميز في المقابل من المثقف المحافظ أوالتقليدي
الذي أخذ على عاتقه الحفاظ على ما اعتبره ثوابت وقيم جوهرية لا يمكن السكوت عن
تجاوزها، وفي المجمل شهدت الساحة نشاطا متصاعدا وإن بدى محتقنا في بعض الأحيان إلا
أنه أوصل رسالة مفادها أن مجتمعنا مازال بخير على المستوى الثقافي والفكري وأنه
قادر على تقديم أسماء جديدة محلقة في سماء الفكر.
وربما كان يقدّر لهذا
النشاط الرائع بالتصاعد إلى مديات أعلى لولا أن خطبا ما قد وقع، فلقد دخلت المنطقة
في مرحلة جديدة تكاد تكون غير مسبوقة يخشى كثير من الناس أن تكون بداية لأيام صعبة
قادمة، فما قبل الدالوة ليس كما بعدها بالتأكيد، حيث وقع أول استهداف مباشر بالقتل
على الهوية وهي الهوية الشيعية تحديدا، واستمر الاستهداف بنحو خمس هجمات دموية
تفرقت على عام كامل.
من يظن أن هذه
الحوادث ستمر دون أثر على المجتمعات المحلية فهو واهم، فالمجتمع الحي الذي شهد كل
هذا النشاط الفكري والثقافي سيشهد تحولات بلا شك حتى وإن كانت بطيئة إلا أنها
جوهرية.
في الأزمات العصيبة
التي يقع القتل فيها على أساس الهوية فإن أفراد المجتمع يتجهون بتلقائية لتعزيز
تلك الهوية والحفاظ عليها وعدم التخلي أو المساومة عليها، بل غالبا ما يرافق تلك
الحالة مزيد من التأكيد والحرص على إظهارها وإبرازها، ولعلنا وجدنا الحضور الصاخب
في مراسيم تشييع الشهداء بما لا تخطئه العين وهو في حالة تصاعد وغليان، كما أن
الحضور الجماهيري في إحياء ذكرى عاشوراء شهد زخما أكبر عن السنوات السابقة كما
لاحظ بعض المهتمين.
في هذه المرحلة
التاريخية التي ربما سيتجه مزاج المجتمع نحو نوع جديد من الموجة المحافظة فإن
المجتمع سينظر بمزيد من الريبة والحذر لكل دعوة للإصلاح الديني أو تجديد الخطاب
الشيعي، وهنا يجدر بالمثقف الحداثي أو الإصلاحي ألا يحرص على الانتحار في وجه هذه
الموجة المتصاعدة، بل إنه مدعو اليوم لطرح خطاب إصلاحي تصالحي أكثر فاعلية
وواقعية.
إن المثقف الإصلاحي
الذي أشعل الساحة الفكرية والثقافية بخطابه المتجاوز قادر برأيي أن يطرح صورة
جديدة يمكنها استيعاب الموجة الجديدة وقيادة الحراك من جديد نحو آفاق جديدة، وهذا
ممكن لمعظم وجوه الحراك الثقافي المحلي، أما القلة التي ستبقى تكرر نفس الأفكار
بذات الأسلوب المتشنج فأظن أن المجتمع سيتجاوزهم وسيخبو كل البريق الذي كسبوه
وسيكون مصيرهم إلى أكثر الزوايا ظلمة وقتامة.
*منشور في موقع المطيرفي بتاريخ 2015/10/28
الرابط
الرابط
http://www.almoterfy.com/site/index.php?act=showNews&module=news&id=5519#.VjIM5fnoT2Y
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق