الاثنين، 10 مارس 2014

مع أمين معلوف>>في هوياته القاتلة 3/3

 مع أمين معلوف
في هوياته القاتلة
3/3



<6>

وعى العرب أزمة التخلف في نهاية القرن الثامن عشر بعد غزو نابليون لمصر حينها بدأ السياسيون و المثقفون بطرح سؤال : لماذا تخلفنا؟ و ماذا علينا ان نفعل لنلحق بالركب؟
عندما وصل محمد علي باشا لحكم مصر كانت اجابته بالتقليد للغرب سنصل للحداثة و استعان بأطباء اوربيين لتأسيس كلية الطب بالقاهرة بل انه استعان بضابط فرنسي لتأسيس الجيش المصري ، لقد نجح محمد علي في سنوات بسيطة بوضع مصر على درب الحداثة للوصول الى دولة حديثة رغم قلق و خوف البعض على الهوية.
 لكن النتيجة كانت محبطة و ذلك عندما وقف الغرب في وجه مصر و وضعوا العصي في الدواليب، فهم بعد اضعاف دولة الخلافة العثمانية لا يريدون دولة قوية تنشأ في هذه المنطقة.
لقد زادت تجربة محمد علي باشا العرب ألما و حسرة عندما انتهى به الحال مريضا حد الخرف و الهواجس و بدولة محطمة عاجزة ، و اصبح سؤال الهوية اكثر شدة و إلحاحا ..
سأل العرب كيف نواكب الحداثة دون ان نفقد هويتنا ؟ و دون ان نقع تحت رحمة الغرب؟ لقد فشلت تجربة محمد علي المعتمدة على تقليد الغرب و حرق المراحل إذ كان يرغب في اللحاق سريعا بأوربا، و بات من الضروري اتخاذ نهج اكثر محافظة على الهوية ، و بعد وفاة محمد علي اجتاحت القومية العالم بدءا بأوربا ليجد العرب في القومية هويتهم القادمة و البديلة ، قبل ان تفشل هذه الهوية ايضا من جديد. لقد بدأ العرب بلعن الترك و تحميلهم سبب تخلفهم و بالمثل فإن كمال أتاتورك رأى في العرب حملا ثقيلا على تركيا القومية التي تطمح باللحاق بالحداثة الأوربية ، و بعد سقوط امبراطورية الخلافة العثمانية و حلول الانتداب الاوربي مكانها كانت الحركات القومية تجتاح العالم العربي ..


<7>

الحركات القومية التي أشعلت العالم العربي اكتشفت عدوا جديدا هو الاحتلال و الانتداب و هو الذي يقف في وجة الحداثة و التقدم .
 لقد استطاعت القومية تحرير العالم العربي من الاستعمار و بقيت متوهجة ترفع الشعارات التقدمية و الحداثية و اجتاح رموزها و على رأسهم الزعيم المصري جمال عبدالناصر كل الحدود لتصل شعبيته لجميع المدن العربية.
 لقد حكمت القومية كهوية للعرب لردح طويل من الزمن لكنها لم تنجح ابدا في تحقيق الحداثة للعرب . لقد حارب عبدالناصر كما كل الانظمة القومية العربية الاصولية الدينية و بعنف لكنهم فشلوا في قمعها نهائيا بل ان الحركات الاسلامية استطاعت ان تطرح نفسها كهوية بديلة للقومية الفاشلة في تحقيق اي تقدم حتى على الصعيد العسكري بعد فشل عبدالناصر امام اسرائيل في حرب 67 م.

لقد كان القوميين علمانيين و منفتحين على الحداثة الاوربية لكنهم فشلوا في نقلها للعرب و اوصلوا بلدانهم الى طريق مسدود..
 إن الخيبات المتتالية اما العرب في اللحاق لقطار الحداثة دفع بهم للبحث عن هوية بديلة وجد نفسه احيانا في الاسلام السياسي القادم بقوة.





<8>

أخيرا يناقش معلوف القلق من العولمة و خشية معظم اصحاب الثقافات و الاديان من خطر العولمة على هويتهم و تراثهم .
في البدء ينقل لنا معلوف نصا للمؤرخ مارك لوخ يقول ( إن الرجال هم أبناء عصرهم أكثر من كونهم أبناء آبائهم)
يعلق معلوف نحن أقرب لمعاصرينا من أبائنا و أجدادنا ، إن شخصا في براغ أو سيول أو سان فرانسيسكو يشترك معي في الملبس و المأكل والمظهر و المسلك و الادوات  بل و الافكار و المفاهيم الاخلاقية أكثر من جدي الاكبر !!
في المجمل أننا مؤتمنون على إرثين الاول (عمودي) من الاسلاف من عادات و تقاليد ،  و الثاني (أفقي) يأتي من عصرنا و معاصرينا .
يقول معلوف أن العولمة تقودنا الى حقيقتين متناقضتين الاولى مرفوضة و الثانية مرحب بها ، ما نرفضه التنميط و القولبة ، و ما نقبله العالمية بمعنى أن تتحول كل الثقافات الى العالمية بحيث تجد الطعام الهندي الى جانب الطعام الصيني و المكسيكي و المغربي و الفرنسي متاحا في كل عواصم العالم ، و الامر ذاته على باقي عناصر الثقافة من ملبس موسيقى و طريقة حياة  و عادات و تقاليد و افكار و أعراف.
و من اهم الامور التي يجب ان تكون عالمية حقوق الانسان و احترام كل الثقافات دون تمييز بسبب لون أو دين أو عرق أو جنس .
فالعادات و التقاليد لا تستحق أن تحترم إلا بذات الدرجة التي يتم فيها احترام الحقوق الاساسية للانسان.
إن القلق على الهوية من الاندثار بسبب العولمة أنتج نوع من التطرف الثقافي ، و تحول التطرف الى عداء للثقافات الاخرى باسم الخوف على الهوية ، و بدل الاستفادة من التلاقح الثقافي تحول الامر الى صراع مرير لا ينتج شيئا .

يشير معلوف لاحقا الى مسألة في غاية الاهمية ، و هي أن كل الناس في عصرنا يشعرون أنهم أقلية نوعا ما و مستبعدة نوعا ما ، و كل الثقافات و الجماعات تشعر بأنهما مهمشة و عاجزة عن الحفاظ على ارثها الثقافي ، الغرب هو المسيطر بالنسبة للشرق و الجنوب ، و أمريكا هي المسيطرة بالنسبة للفرنسيين ، و عندما نذهب الى امريكا نجد أنها عبارة عن تجمع أقليات تشعر ان المسيطر هم البيض و الانجكلوساكسونيين البروتستانت و مع هذا يحصل انفجار ضخم في اوكلاهوما يقوم به بيض بروتستانت يعتقدون أهم أكثر الاقليات اهمالا و احتقارا ، فمن يحكم العالم ؟؟!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق