الجمعة، 13 أكتوبر 2017

إطلالة على رواية مـــــــدام بوفــــــاري



إطــــــــــــــــــــلالة على روايـــــــــة

مـــــــدام بوفــــــاري









رواية : مدام بوفاري

المؤلف: الروائي الفرنسي غوستاف فلوبير

صدرت سنة 1857م

ترجمة : محمد مندور

عدد الصفحات : 476 صفحة

الطبعة : طبعة 2009

الناشر : دار الآداب للنشر والتوزيع


بين يدي الرواية:

تعتبر رواية مدام بوفاري واحدة من روائع الأدب العالمي فهي تنتمي للمدرسة الواقعية حيث تشخص الأحداث والعلاقات الإنسانية بعيدا عن شطحات الأدب الرومانسي، وقد أثارت الرواية الكثير من الجدل حينها في فرنسا، حتى دخلت أروقة المحاكم، فقد اتهمت الرواية بأنها تشوه صورة أهالي الريف الفرنسي وتدعو للإنحال والرذيلة وتسيء للأخلاق والدين.

وبالرغم من الطابع الواقعي للرواية إلا أنها مليئة بالأحداث المشوقة التي تشد القارئ وتتركه يطارد فصول الرواية وصفحاتها، مما حملها إلى دور السينما بفلم أخرج سنة 1949م.



أحداث الرواية:
تدور أحداث الرواية في الريف الفرنسي في زمن احتدم فيه الصراع في فرنسا بين أنصار الملكية وأنصار الجمهورية، وبين أنصار الدين المسيحي التقليدي وبين أنصار الحداثة والحرية، ولب الرواية هو صراع عميق يتجسد في شخصية مدام بوفاري القادمة من الوسط الريفي التقليدي والتي يأخذها الشغف إلى حداثة المدينة والحريات المنفلتة فيها، وتقع شخصية الرواية في صراع نفسي حاد تعجز عن الفكاك منه حتى تقع صريعة.

مدام بوفاري تريد أن تجمع بين تدينها و تذهب للكنيسة لتعترف للرب بخطاياها وهي ذاتها تريد حياة المجون والملاهي الباريسية، هي التي تريد أن تكون مخلصة لزوجها وعائلتها وهي التي تريد العلاقات المنفلتة والعشاق.

تبدأ الرواية بسرد للخلفية الاجتماعية التي يأتي منها (شارل بوفاري) الطبيب التقليدي والسطحي الذي يدفعه القدر للزواج من (إيما/مدام بوفاري) وهي فتاة جميلة ومثقفة قرأت الكثير من الشعر والأدب وتحلم بأن تتزوج لتنتقل مع زوجها إلى باريس لتعيش حياة الصخب والحفلات والمسرح، ولكنها تصاب بالإحباط من بعد زواجها من (شارل) لأنه لا يهتم سوى بمرضاه في تلك القرية الصغيرة وبالرغم من حبه الكبير لها إلا أنه يعجز عن إرضاءها.

تندفع (مدام بوفاري) نحو أحلامها فتقع في حب شاب (ليون) يشابهها الطموح والثقافة إلا أن استحالة العلاقة تدفع الشاب إلى مغادرة قرية ( ايونفيل) إلى مدينة (روان)، وتمر الأيام فتقع مدام بوفاري في حبائل شاب ثري (رودولف) فتتخذه عشيقا مما يدفعها للتخطيط للهرب معه تاركتا خلفها زوجها، لكن رودولف يتخلى عنها في اللحظة الأخيرة.

تعود مدام بوفاري لحالة الاكتئاب والمرض حتى تتردد على مدينة (روان) بداعي تعلم الموسيقى فتقع في عشق (ليون) من جديد، فتعيش حياة مليئة بالخداع والكذب بعيدا عن زوجها الغافل، قبل أن تنهار نتيجة تراكم الديون بسبب حرصها على الحياة المترفة والباذخة ويتخلى عنها الجميع فتنتهي حياتها بمأساة.



نص من الرواية:
تحفل الحوارات الكثير من الجدل حول الدين والحداثة متمثلة بقس القرية المحافظ والصيدلي (هوميه).
من تلك الحوارات التالي:

القس: كف عن هذا يا ميسو هوميه، فأنت كافر لا دين لك.

هوميه: بلى لي دين، ديني الخاص، وأن لدي من التقوى ما يفوق ما لدى هؤلاء جميعا، رغم نفاقهم ودجلهم.



أنني على العكس اعبد الله، أؤمن بالكائن الأعلى، أؤمن بوجود خالق كيفما كان كنهه، ومهما يكن هذا الخالق الذي أوجدنا هنا لنؤدي واجباتنا كمواطنين وأرباب اسرات، ولكنني في غير حاجة لأن أذهب إلى الكنيسة لأقبل أطباقا فضية، ولأسمن من مالي رجالا لا يصلحون لشيء ولا نفع منهم، ويحظون بمعيشة أنعم مما نحظى...






عرض كتاب الهجريون ودورهم في رواية الحديث

عرض كتاب

الهجريون ودورهم في رواية الحديث







الكتاب :
الهجريون ودورهم في رواية الحديث

المؤلف: محمد علي الحرز

عدد الصفحات : 269 صفحة

الطبعة : الأولى 2017

الناشر : غير محدد




بين يدي الكتاب:
من يقرأ في صفحات التاريخ الإسلامي لابد وأن تتكرر أمامه ألقاب أشخاص كالهجري أو العبدي أو بني عبدقيس ولمن يمتلك المعرفة فإنه سيعرف بأنها تشير إلى شخصيات تحدرت من منطقة هجر شرق الجزيرة العربية، وهي منطقة حضارية قديمة لم تغب يوما عن المسار الحضاري للبشرية، ولما جاء الإسلام كان لأهل هذه البقعة أثرهم الملموس فيه تاريخه ووقائعه وأحداثه.

من هنا يأتي هذا الكتاب المهم ليسلط الضوء على جزء محدد من الجانب الحضري لهذه المنطقة، حيث يرصد المؤلف أسماء شخصيات هجرية ساهمت في رواية الحديث عن النبي الأكرم ص وعن أهل بيته وأصحابه، متتبعا روايتهم في أكثر من مئة مصدر حديثي.


عرض الكتاب:


ينقسم الكتاب إلى فصلين اثنين:

الأول : عبارة عن مقدمة تاريخية تعريفية بهجر موردا الخلاف حولها بين هجر البحرين وهجر اليمن، ثم يقدم نبذة موجزة عن قبيلة بنو عبدالقيس وتاريخهم راصدا أهم مشاركاتهم التاريخية في الفتوحات والحروب التي قامت في الفترة الأولى من التاريخ الإسلامي، مقررا ببعض الشواهد عمق ولائهم وانحيازهم لأهل البيت عليهم السلام وعلاقتهم التاريخية بهم.


أما في الفصل الثاني : فإن الكاتب يبدأ بسرد لأسماء الرواة الهجريين بشكل ممنهج حيث يورد تعريفا مختصرا له ثم نموذجا من الأحاديث التي رواها محددا طرقه في الرواية ومن روى عنهم ومن روو عنه ثم يورد بعض ما قيل فيه من رواد علم الجرح والتعديل.

ومن الملاحظ على الرغم من كثرة الأسماء التي جمعها الكاتب إلا أن الغالبية العظمى منها أسماء مجهولة وغير مشهورة وقليلة الرواية ولعل هناك عوامل تاريخية سبب ذلك.



ولا يفوتنا أن ننوه بهذا العمل الهام في كشف شيء من تاريخ منطقتنا الذي تعرض لكثير من الإهمال والتجاهل بأمل أن يكون هذا الكتاب بذرة لأعمال أكثر شمولية وتوسعا.
---------------------

ملاحظة :
قراءة مميزة للكتاب بقلم الصديق عبدالله الرستم
http://abuhakeem97.blogspot.com/2017/02/blog-post.html

إطلالة على رواية الحــــاج مــــراد







إطلالـــــــــــــــــــــــــــــــــــة على رواية
الحــــاج مــــراد














رواية : الحاج مراد

المؤلف: الروائي الروسي ليف تولتسوي

ترجمة : هفال يوسف

عدد الصفحات : 208 صفحات

الطبعة : الطبعة الأولى 2016

الناشر : دار التنوير للطباعة والنشر




بين يدي الرواية:

تعد الرواية التي نحن بصددها من أواخر ما كتب الروائي الروسي الرائع تولتسوي الذي يتميز بروايته الوصفية الواقعية وهو من أعمدة الأدب الروسي في القرن التاسع عشر وقد اشتهرت له روايات عدة أهمها الحرب والسلام وكذلك أنا كارنينا.

وبالرغم من أن رواية الحاج مراد لم تشتهر كثيرا ولم تنشر إلا بعد وفاته، إلا أنها من الروايات الجميلة التي تعكس شيئا من صورة روسيا القيصرية وخصوصا الصراع الدامي في خاصتها القوقازية مع السكان المسلمين.


سبب كتابة الرواية:

يقول تولتسوي في بداية الرواية أنها بينما كان عائدا إلى منزله وقد قطف بعض الزهور ليصنع منها باقة رأى وردة ذات لون قرمزي ساحر يسمى (التتري) فخطر له أن يقطفها ليضمها إلى باقته، فنزل الأخدود وأخذ يعالجها بصعوبة بالغة فقد كانت متشبثة بالأرض بقوة حتى تمكن من قطفها وبعد ذلك لاحظ أن ساقها تمزق تماما ولم تعد تلك النظارة والجمال، فأسف أنه أهلك زهرة عبثا، فقال:(يا لقدرتها على الحياة وقوتها كم حياتها غالية عليها وكم استماتت في الدفاع عنها)

وبينما كان عائدا للبيت شاهد حقلا محروثا بشكل جيد فقال في نفسه: ( أي كان قاس مدمر هو الإنسان) وبينما كان يدير نظره في الحقل الأسود فإذا هو يرى نفس (نبتة التتري) ومن الواضح عجلة العربة مرت عليها مرارا لكنها بقت صامدة، فقال في نفسه (يا لها من قدرة، لقد انتصر الإنسان على كل شيء وأباد ملايين النباتات فيما هذه النبتة لا تزال صامدة ولم تستسلم)


وهناك تذكر تولتسوي قصة الحاج مراد وشرع فيقصها. 


أحداث الرواية:
تدور أحداث الرواية في أواخر العام 1851م حيث تتحدث عن القائد العسكري (حاج مراد) الذي كان نائب الزعيم الشيشاني (شامل) حيث وقع الصراع بينهما مما أضطر الحاج مراد إلى التخلي عن حلفه مع شامل لينتقل إلى صف الروس بعدما كان من أساطير التمرد ضدهم، الصراع الشخصي بين القائدين المسلمين يدفع شامل ليأسر عائلة الحاج مراد فيسجنهم في عاصمة دولته ويهددهم بالقتل والاسترقاق، وفي سبيل إنقاذهم يلجأ الحاج مراد للتحالف مع عدو الأمس ويبذل لهم صنوف الولاء والطاعة، ولكن الروس لا يثقون به بسهولة.

بعدما يمل الحاج مراد من طول مماطلة الروس وإبقاؤه في حصن شديد الحراسة يلجأ للهرب، ولكن القدر يكتب له مصيرا أسود بعدما يلقى مصرعه ويقطع رأسه على يد قائد شيشاني آخر انتقل إلى صف الروس بعدما كان يقاتل إلى جانب الحاج مراد.

تعطي الرواية باسلوب فني وجمالي رائع صورة عن تاريخ الخاصرة المسلمة لروسيا القيصرية، وعن الصراعات الاجتماعية السائدة بين مدن البلاد ونواحيها المهمشة، بين حياة الترف والصخب في المدن وبين حياة الريف البائسة والرتيبة.



نص من الرواية:

سيجفّ الثرى على قبري / وستنسيني يا أمّاه!

سينمو العشب على قبري / ويُخمد حزنك يا أبي العجوز

ستنشف الدموع في عينَي أختي / ويطير الحزن من قلبها

لكنك لن تنساني يا أخي الأكبر، إلى أن تثأر لموتي.

ولن تنساني يا أخي الثاني، إلى أن ترقد إلي جواري.

حارقةٌ أنتِ، أيتها الرصاصة، وتحملين الموت، ولكن ألم تكوني أنتِ أَمَتي الوفيّة؟

وأنتِ أيتها الأرض السوداء، ستُغطّينني، ولكن أليس أنا من كان يدوسكِ بحصانه.

باردٌ أنتَ أيها الموت، لكنني سيّدك.

ستأخذ الأرض جسدي، وروحي ستتقبّلها السماء.




عرض وتلخيص كتاب الشهيد الخالد


عرض وتلخيص كتاب


الشهيـــــــد الخــــــــالد






الكتاب : الشهيد الخالد.. الحسين بن علي عليه السلام

المؤلف: الشيخ نعمت الله صالحي نجف آبادي
انتهى من تأليفه باللغة الفارسية سنة 1951م وطبع ثمانية عشر مرة.

ترجمة : د.سعد رستم سنة 2012

عدد الصفحات : 408 صفحات

الناشر : الإنتشار العربي



بين يدي الكتاب:


ينتمي كتاب الشهيد الخالد المثير للجدل إلى تيار (محاربة الغلو) كما يصف د.محسن كديور إذ يعتبر هذا التيار أن الغلو وإسباغ صفات فوق بشرية تسرب إلى متأخري الشيعة في نظرتهم إلى الأئمة عليهم السلام حيث لم يكن الأمر كذلك لدى متقدمي الشيعة حتى القرن الرابع الهجري الذين آمنوا بصورة بشرية لهم عليهم السلام، ورغم أن هذا الكتاب يعنى بثورة الإمام الحسين عليه السلام إلا أنه يركز على قضية كلامية وهي علم الغيب لدى الأئمة بطرح سؤال : هل كان الإمام يعلم أنه سيقتل في كربلاء وفي عاشوراء سنة 61م بالتحديد أم أن علمه كان علما إجمالا لا يصل حد السير إلى مصرعه تحقيقا للإرادة الإلهية.

يجدر الالتفات إلى الأجواء التي كتب فيها هذا الكتاب ففي خمسينيات إلى سبعينيات القرن الماضي كان النشاط الثوري لدى رجال الدين الشيعة في إيران على أشده، لذا فالكتاب يدفع باتجاه ضرورة أن يقتدي رجل الدين الشيعي بالإمام الحسين إذ أن الإمام كان يهدف للثورة على الحاكم الظالم بغرض استعادة الحكم الإسلامي وإقامة الشريعة، هذه النظرية التي بلغت أوجها مع ثورة الإمام الخميني سنة 1979م وتكللت بإسقاط الشاه، قبل أن تحارب هذه النظرية فيما بعد بحسب د.كديور من قبل السلطات الحاكمة الجديدة ومحاولتها إعادة النظرة التاريخية والدفع بظلامة الإمام الحسين الأمر الذي مهد لتحويل القضية الحسينية من ثورة ضد الظالمين إلى حالة حزن طقوسية مغرقة في الغلو والخرافة. 



مقدمة:
بالرغم من تعاقب القرون على استشهاد الإمام الحسين عليه السلام في واقعة كربلاء سنة 61هجرية إلا أن تلك القضية مازالت ملتهبة ساخنة خصوصا في الأوساط الشيعية، ومع الكم الهائل من الكتب التي طبعت حول هذه القضية إلا أنها مازالت تختزن الكثير ليقال ويكتب، وتتغير النظرة إلى الواقعة تأثرا بالواقع الحاضر وكأنه يحاول استنطاق ما جرى يومها.

طغى لوقت طويل على التراث الشيعي نظرة تراجيدية أسطورية لوقائع حركة الإمام الحسين بسبب الكم الكبير من الروايات والقصص التي ألصقت بها، مما استدعى أن يتصدى البعض لهذه النظرة ليعيد لكربلاء الوهج الإنساني والحس الطبيعي بعيدا عن الأسطرة وهو ما يحاوله المؤلف، وبالرغم من مرور أكثر من ستين عاما على وضعه لهذا الكتاب إلا أنه للتو بدأ يأخذ صداه في الوسط الشيعي العربي والخليجي خصوصا، ربما تأثرا بالأفكار الرائج حاليا.

لا تنبع أهمية الكتاب من موضوعه المثير فحسب بل من شخصية مؤلفه كونه شخصية علمية من الوسط الحوزوي الإيراني ولكنه عرض كتابه على علماء كبار في عصره فاختلفت ردة الفعل تجاه فمنهم من أيد ما ذهب إليه كالشيخ منتظري، ومنهم من رفضه وطلب منه عدم نشره، ورد عليه آخرون بنحو ثمانية عشر كتابا من أسماء بارزة في زمانه منهم العلامة الطباطبائي صاحب الميزان والشهيد مطهري.



وموطن النقد يتلخص في ثلاث نقاط أساسية:

- كون الكتاب نفى علم الإمام الحسين التفصيلي بشهادته وأن علمه كان إجماليا

- كون الكتاب نفى أن يكون الإمام الحسين ذهب لمصرعه بأمر خاص من الله ورفض نصرة الملائكة له

- كون الكتاب يعتبر أن حركة الإمام كانت سياسية هدفها إقامة الحكومة الإسلامية وليس الشهادة



عرض الكتاب:

يتفرق الكتاب على خمسة فصول مع مقدمة وخاتمة مهمتين:


في المقدمة:
يعرض الكتاب إلى آراء علماء المسلمين حول حركة الإمام الحسين وهي :

- أن الإمام ذهب لكربلاء ليقتل فيفضح بنو أمية ويسقط حكمهم

- أن الإمام كان هدفه نيل الشهادة فيحصل على أعظم الأجر

- أن لحركة الإمام وجهان ظاهري يريد أن يقيم الحكم الإسلامي في الكوفة وباطني يهدف لنيل الشهادة

- أن حركة الإمام كانت حركة إصلاحية بهدف تغيير الواقع

يتبنى المؤلف رأياً يعتقد أنه رأي علماء الشيعة منذ عشرة قرون وهو رأي المفيد والمرتضى والطوسي وملخصها أن حركة الإمام الحسين كانت حركة عقلانية ضرورية قام بها سياسي محنك بهدف إقامة الحكم الإسلامي في الكوفة إلى بقية العالم الإسلامي وإن كانت التحولات التالية أفضت إلى شهادته وأصابت الأمة نكسة كبيرة بذلك.

في فصول الكتب الخمسة يحاول المؤلف إعادة قراءة الثورة الحسينية وفق هذه الرؤية، وهي كالتالي:



الفصل الأول:علل وعوامل نهوض الإمام
في هذا الفصل يبحث الكاتب تفصيلا أسباب نهوض الإمام ويخلص إلى أنه نهض بسبب مبادرة حكومة يزيد لإجباره على مبايعته فيما يرى أنه لا يجوز له ذلك لما فيه من ضرر بالغ بالإسلام والمسلمين، وكان تحرك الإمام ابتداءً من أجل دفع التهديد عن نفسه بالقتل ومن ثم البحث عن عوامل استعادة الحكم من بني أمية وإرجاع الحق لأهله خصوصا مع الجو العام الذي كان رافضا لحكمهم.


الفصل الثاني: ماهية ثورة الإمام
وفيه يبحث الكاتب حول ماهية الثورة هل هي ابتدائية أم دفاعية، ويخلص إلى أن الإمام أمتنع أولا عن البيعة ريثما يقيّم الوضع العام، ثم لمّا وجد أنه يمتلك الأنصار والقوة لإقامة الحكم في العراق بدأ بالتخطيط والإعداد له، وفي المرحلة الثالثة عندما فقد عوامل إقامة الحكم في العراق سعى لعدم الاصطدام ببني أمية وبحث عن حل وسط، أما في المرحلة الرابعة عندما أصر الأمويون على القتال قاوم وقاتل بشجاعة وعزة. 



الفصل الثالث: مراحل الثورة

في هذا الفصل يبين الكاتب بالتفصيل كل الأحداث التاريخية وفق رؤيته الواقعية لحركة الإمام الحسين منذ أواخر شهر رجب وحتى يوم العاشر من المحرم، مقسما لها لعدة مراحل:

- المرحلة الأولى: ( من 28 رجب إلى 8 ذوالحجة) وهي الفترة التي طُلبت منه البيعة فخرج من المدينة إلى مكة، كي لا يجبر عليها ولكي يقيم وضع المسلمين ويبحث عن أنصار يعينوه على الثورة وإرساله لمسلم وتلقيه كتب أهل الكوفة وتمهله في اتخاذ قرار السير إليهم.

- المرحلة الثانية: ( من 8 ذو الحجة إلى لقاء جيش الحر الرياحي): وحينها كان الإمام قد عزم على السفر إلى الكوفة قبل إتمام حجه لوجود التهديد بقتله، وعندما كان سائرا تلقى نبأ مصرع مسلم إبن عقيل، وحينها تشاور مع أصحابه، فكان العزم على إتمام المسير إلى الكوفة ذلك لأنهم رجحوا إمكانية النصر وأن الأنصار مازالوا ينتظرونه، واستمر في المسير حتى لقي جيش الحر على حدود إقليم العراق.

- المرحلة الثالثة: (من لقاء جيش الحر حتى العاشر من المحرم) وخلالها اصطدم الإمام بجيش الحر وعلم أن الأحوال في الكوفة تغيرت وأن عوامل النصر باتت مفقودة وعليه فقد قرر العودة إلى الحجاز، ولكن الحر رفض وطلب منه القدوم للكوفة، وعليه اتخذ خطا وسطا لا يرجعه الحجاز ولا يدخله الكوفة حتى وصل كربلاء، وفاوض عمر إبن سعد على حلول أخرى منها أن يذهب إلى الشام أو يلحق بالثغور ولكن المفاوضات أجهضت.

- المرحلة الرابعة:( يوم عاشوراء) ويومها قرر أبن زياد الحرب وقتل الإمام الحسين وحينها وجد الإمام أنه مضطر للقتال، فصمد وقاتل حتى أستشهد وأهل بيته وأصحابه.

ويجري الكاتب فرضيته في نفي إصرار الإمام على الشهادة بل على العكس دفع الإمام نحو السلام وتجنب القتال ووضع الحلول الوسط التي لو أخذ بها الأعداء لتجنبت الأمة مأساة كربلاء وبقي الإمام يمارس دوره الطبيعي.



الفصل الرابع: أهداف الثورة

هذا الفصل يخصصه الكاتب لبحث الأهداف التي دعت الإمام للثورة وهي أربعة:

1- النضال ضد الظلم واجب شرعي

2- ضرورة إقامة الحكم الإسلامي

3- توافرت الشروط والأسباب للقيام

4- الدفاع عن الإسلام

وفي نهاية هذا الفصل يخصص الكاتب جزءً للرد على المستشرق ماربين أو مارتين الألماني الذي ذهب إلى أن الإمام سعى لأن يُقتل فتنهض الأمة بسبب مصرعه.

ويطرح سؤالا هاما: هل كان في مقتل الحسين مصلحة للإسلام؟

ويجيب أنه بالعكس فقد خسر الإسلام والأمة بمقتله خسارة لا تعوض وبسبب ذلك ضاعت الأمة، وتسبب في آثار سلبية إلى اليوم.

ويجب على سؤال لماذا أخذ الإمام أهله معه؟

فيقول البعض يظن أن الإمام قصد بأن يفضح أسر أهل بيت الحسين بنو أميه، والحقيقة أن الإمام أخذ أهله خوفا من انتقام الأمويين منهم في حال أقام الحكم الإسلامي في العراق، وإلا فإن في سبي أهل بيته ألم كبير له ولم يكن ليرضاه أبدا.




الفصل الخامس: نتائج الثورة وآثارها

في هذا الفصل يوضح الكتاب بالتفصيل الآثار السلبية لمصرع الإمام، هي:

1- خسارة لا تعوض

2- ذل للناس

3- ثلمة في الإسلام

4- خسارة علمية

5- وصمة عار

ولكن هناك أيضا نتائج (وليست أهداف) إيجابية تلت مصرعه:

1- مدرسة متنقلة

2- تربة الإمام شفاء للمرضى

3- ازدياد شعبية الإمام

4- دروس عملية في الثورة

5- درس في العزة والكرامة

في ختام الكتاب يخصص الكاتب مساحة للرد على النصوص التي يفهم منها مخالفة رأيه في حركة الإمام، منها :

1- قصة الرؤيا عند قبر النبي بأن النبي يأمر بالخروج للشهادة

يناقش الرواية فيرد رواية إبن الأعثم، وما صح هو الإخبار الإجمالي بالشهادة دون أمر بالخروج

2- حديث (وأخرج بأقوام للشهادة..) وبعد المناقشة يردها سندا ومتنا

3- خطبة ( خط الموت على ولد آدم..) فيوجهها أنها خطبة للحث على النصرة وبذل النفس من أجل الثورة معه والخروج إلى الكوفة.

4- حديث ( شاء الله أن يراك قتيلا..) يقول الكاتب أنها لم ترد في المصادر القديمة ولم تظهر إلا في النصف الثاني من القرن السابع الهجري، ورغم ضعفها فهي تقبل التوجيه لمعنى المشيئة التكوينية والإخبار عن الشهادة.



في الختام يشير المؤلف أن ما ناقشه يدخل عقائديا في مسألة علم المعصوم وهي مسألة عقدية فرعية لا تعد من أصول المذهب ولا يترتب عليها إيمان وكفر، وعليه فإن مخالفة ما ذهب إليه لا يجب أن يكون محل فرقة وتصادم بل أنه ينصح بعدم الاعتراض على الخطباء الذي يوردون ما يخالف رأيه احتراما لهم.


-------------------------
نشرت هذه التدوينة في موقع المطيرفي :
http://www.almoterfy.com/site/index.php?act=showNews&module=news&id=8981#.WeDkOolTLIU



الاثنين، 31 يوليو 2017

راية الحيدري



راية الحيدري





قبل بضعة أشهر كنا في لقاء أخوي عندما مازح أحد الحضور صديقنا بقوله: مرحبا بوكيل المرجع الحيدري في الأحساء وضواحيها، فرد عليه صاحبنا بابتسامة مشرقة قائلا: أنا غير محسوب على أحد ولا أمثل أي مرجعية أو تيار أو طرف.

كان الرد بالنسبة لي على الأقل مريحا ويدعو للتفاؤل فصاحبي الذي اعتز به هو باحث صادق ولديه من القدرات المعرفية والفكرية ما يؤهله ليصبح واحدا من أهم الباحثين في مجال الدراسات الشرعية في المنطقة، والباحث يحتاج دائما أن يكون محايدا ومستقلا وإلا تحول إلى صدى للآخرين.

في الآونة الأخيرة لاحظت كما لاحظ آخرون أن صديقنا بات المنافح الأول عن أفكار ومقولات السيد الحيدري، واصبح حساسا جدا ضد أي نقد أو لوم أو مناقشة لأفكار الحيدري، والأخطر أنه يعتبر نفسه معنيا بأي شيء يتعلق بالحيدري، ومن الواضح أنه ليس حريصا على بيان رأيه الشخصي كباحث بل بالدفاع والمنافحة عن أفكار الحيدري مهما كانت هذه الأفكار والمقولات غير ذات أهمية جوهرية، وأحيانا يجد المتابع أنه يتكلف في الرد بشكل تتلاشى فيها حدوده مع حدود الحيدري، وكأن نقد أفكار الحيدري يساوي نقد شخصه.

قبل نحو ثلاثين عاما عندما خرج الكثير من الشبان يدفعهم الحماس الديني نحو الحوزات الدينية في مدينة قم توقعنا أن يرجعوا لنا علماء وفقهاء لكننا صدمنا أن كثيرا منهم أهمل الدراسة والمعرفة وعاد لنا رافعا رايات ومنخرطا في تيارات ليستقطب الكفاءات ويصادرها لصالح فلان وعلان، حتى استوطنت صراعات المرجعيات في بلادنا رغم أنهم بعيدون عنا، لذا أتمنى من صاحبنا الذي عرفته واعيا فطنا أن لا ينخرط في هذه الأجواء المسمومة، فحالة الصراع بين المرجعيات حالة قديمة وستستمر، والخسارة بالنسبة لنا ليس خسارة الحيدري بل هي خسارة باحث محايد وقلم ناضج يضيع في تلك الصراعات اللامنتهية.

إذا كنت قسوت في كلماتي فإنني أتألم من استمرار نزف النخب وضياع الطاقات في مثل هذه المماحكات وأتمنى على صاحبي العزيز أن يكون كما نتوقع منتجا للمعرفة والأفكار وباحثا محايدا يقف على مسافة واحدة من كل التيارات التي تعج في المنطقة فأمامنا الكثير للكتابة عنه والبحث فيه بعيدا عنها.

الخميس، 4 مايو 2017

الأسطورة .. توثيق حضاري


عرض وتلخيص كتاب



الأسطورة .. توثيق حضاري











الكتاب : الأسطورة .. توثيق حضاري


صادر عن : قسم الدراسات والبحوث بجمعية التجديد الثقافية الاجتماعية بالبحرين


عدد الصفحات : 167 صفحة


الطبعة : الأولى 2009


الناشر : دار كيوان - سوريا



مقدمة:
ضمن أهداف الجمعية هدف تجديد النظر للإرث الحضاري للمنطقة العربية بصورة منصفة تعيد الاعتبار لها ولشعوبها يأتي هذا الإصدار ضمن سلسلة عندما نطق السراة، فهذا الكتاب الفريد من نوعه يحاول صياغة قراءة جديدة أكثر قربا للأساطير القديمة التي اكتشفت في المنطقة العربية والتي خلفتها الحضارات البائدة من حضارات سومر وكلدان وآشور وأكاد إلى جانب الفينيقيين والفراعنة وغيرها من حضارات، تلك الأساطير التي اكتشفها منقبو الآثار الغربيين وترجموها إلى لغاتهم الأوربية وبثقافتهم الأجنبية وبخلفيتهم التي تبحث عما يدعم ما ورد في الكتابات اليهودية والمسيحية القديمة، ثم جاء المترجمون العرب لينقلوها من اللغات الأوربية إلى العربية دون أي محاولة لقراءة النص الأصلي بالثقافة العربية الأقرب لهذه الأساطير.


ينطلق الكتاب من افتراضات أساسية كالتالي:


1- أن الحضارات القديمة نشأت في إقليم واحد كبير يمتد ما بين العراق والخليج العربي شرقا إلى شمال أفريقيا غربا، ومن جنوب أوروبا شمالا إلى اليمن جنوبا، لذا يجب النظر إلى هذه المنطقة كإقليم واحد.


2- أن سكان الحضارات القديمة ذو أصول عربية من جزيرة العرب، وأنهم تكلموا لهجات عربية وكتبوا أساطيرهم بها.


3- أن تلك الأساطير ليست خرافات ولا كتابات خيالية بل هي كتابات تحمل معارف وأفكار كبرى كتبت بلغة أدبية تناسب عصرهم.


في الفصل الأول من الكتاب بعنوان: مفهوم الأسطورة ونشأتها وأنواعها
يبدأ الكتاب في تحديد مفهوم الأسطورة وهو مفهوم ملتبس اختلف في تعرفها ولكنها بشكل عام تعود إلى المدونات القديمة التي وضعت في الحضارات القديمة، ولا يعرف متى بدأت الكتابة بالدقة ولكن أقدم الاكتشافات العلمية أسفرت عن العثور على ألواح طينية تعود إلى حضارة سومر في جنوب العراق.


أما في اللغة العربية فالأساطير جمع أسطورة وهي من سطر- تسطير بمعنى تقسيم وتصفيف الأشياء، فالأسطورة تعني الكلام المسطور المصفوف، وهي أيضا الكلام المنظوم سطرا وراء سطر، وسطر(بتشديد الطاء) بمعنى ألف، و أسطورة على وزن أفعولة كأحدوثة وألعوبة، وأساطير على وزن أفاعيل كأحاديث وأقاويل، وعليه فإن كلمة أسطورة لها أصل عربي جذرها الثلاثي ( س ط ر) وليست منقولة عن أي لغة أخرى.


أما دلالة تسمية الأسطورة على وزن أفعولة فهي تعني التكرار والاستمرار.


وهناك تعاريف كثيرة للأسطورة أهمها تعريف فراس السواح في كتابة (الأسطورة والمعنى) إذ يعرفها كالتالي : "الأسطورة هي حكاية مقدسة ذات مضمون عميق يشف عن معاني ذات صلة بالكون والوجود وحياة الإنسان".


أما الكتاب فيعرف الأسطورة تعريفا أكثر شمولية كالتالي : "هي القصة الشعرية المصفوفة زجلا أو شعرا بحيث تحوي موضوعا دينيا يتعلق بالقوى العلوية الخفية، وتعبر عن معارف الإنسان الأول وأخلاقه ومستويات علومه وتأملاته، وهي موضوعة في قالب ذي إيقاع شعري موسيقي يتضمن الحدث المراد تأريخه سواء كان من صنع الإنسان أو الطبيعة أو الرب، من أجل أن يتلى ويتداول ويؤدي دوره في تثقيف العقول وتحريك المشاعر"


وتحت عنوان نشأة الأساطير:

ينقل الكتاب زعما لعلماء الميثولوجيا وهو أن الأساطير تمثل طفولة العقل البشري فهو كان يفسر الظواهر من حوله بطريقة خيالية نتيجة الجهل، فلما نضج العقل اعتمد العلم بدل الأساطير، ويرى الكتاب أن هذا الزعم سببه وضع جميع الأساطير في ميزان واحد بالإضافة إلى الجهل في تفسير وقراءة هذه الأساطير.


وفي أصل وجود الأساطير فهناك أربعة نظريات:

1- النظرية الدينية: أن الأساطير مأخوذة من الكتب المقدسة لكنها حرفت وغيرت مع مرور الوقت.


2- النظرية التاريخية: أن أعلام الأساطير شخصيات حقيقية قاموا بأعمال عظيمة وأضاف إليها الشعراء والرواة الصور الخيالية.


3- النظرية الرمزية: أن الأساطير ما هي إلا مجازات فهمت على غير وجهها الصحيح.


4- النظرية الطبيعية: وهي أن عناصر الطبيعة تم توصيفها على شكل أشخاص وكائنات حية.


ما الفرق بين الأسطورة والخرافة؟
يشير الكتاب إلى كثرة خلط الناس بين المفهومين مع وجود فارق كبير بينهما، فالمادة الأساسية للأسطورة هي الحدث التاريخي وهو إما يكون من صنع الإنسان أو الطبيعة أو الرب، كما أن له تأثيرا حقيقيا في مجرى حياة البشرية، أما الخرافة فهي سرد من نسج الخيال ولا علاقة له بالواقع أو أي حدث واقعي.


أما ما تشترك فيه الأسطورة والخرافة أن كلاهما يشتملان على المحسنات والزيادات اللفظية وكلاهما تمت صياغته على أنماط شعرية كي تكون قريبة من أذهان وقلوب الناس لتسهيل حفظها ونقلها.


أنواع الأساطير:
1- الأساطير التعليمية : وهي التي تحوي على مضامين تعليمية كتعليم القيم والأخلاق ومبادئ الزراعة.


2- الأساطير الوعظية: وهي تحث على التزام الحكمة وبناء علاقة سليمة بين الإنسان والرب وتحذر من معصيته.


3- الأساطير العلمية: تتحدث عن قضايا علمية كالخلق والتكوين وأصول الأشياء.


4- أساطير الأبطال: تعرف بشخصيات تركت أثرا في التاريخ كالأنبياء والملوك، ويعرف بالأعمال البطولية والعلاقة بينها وبين العالم العلوي.


الفصل الثاني: الأسطورة مصدر تاريخي
يناقش هذا الفصل المقولة التي تعتبر أن العهد الإنساني مر بمرحلتين الأولى هي العهد الأسطوري والثاني العهد التاريخي، نافيا هذه المقولة معتبرا أن الأسطورة ما هي إلا طريقة لكتابة وتدوين الأحداث التي مر بها الإنسان في مرحلة من مراحل البشرية وعليه فإن الأسطورة جزء من التاريخ البشري، وأن منشأ هذا الاعتقاد هو الخلط بين الأسطورة والخرافة والعجز عن فهم محتوى الأساطير وتفسيرها بشكل صحيح.


يؤكد الكتاب أن الأساطير تعد مصدرا تاريخيا معتمدا لعدة أسباب:


1- أن هناك أثر من الغيب في وراء علم الأوائل للحقائق الكبرى، فكيف علموا بحقائق الخلق وغيرها.


2- هناك طابع مشترك لشعوب الحضارات القديمة خصوصا في حديثها عن القضايا الكبرى كالخلق.


3- أن كثير من الشخصيات التي جاءت في الأساطير هي شخصيات حقيقية تاريخية.


4- أن الأساطير لم تكن اجتهادات فردية بل أعمال نظمت وحفظت برعاية الملوك والكهنة.


5- أن هناك ما يدعم مصداقية هذه الأساطير كالرسومات والنقوش والتصاوير التي وجدت مع الآثار.



في ختام هذا الفصل يخصص الكتاب الحديث للأساطير في القرآن الكريم


ويسجل الكتاب تحت هذا العنوان عدة ملاحظات:


- ورد لفظ (الأساطير) في القرآن تسع مرات


- في جميع المرات كانت تأتي مضافة إلى الأولين ( أساطير الأولين)


- جميع السور التي حوت اللفظ مكية عدا واحدة هي سورة الأنفال


- جميع مرات وردها كانت بلسان كفار قريش فلم ترد على لسان اليهود أو النصارى


- في جميع المرات كانت السورة تتحدث عن توحيد الله أو الآخرة أو التذكير بالآيات قبل أن يرد الكفار بهذا الرد، مما يدل على أن الأساطير عندهم كانت في ذات السياق


- لم ينف القرآن عن نفسه أن مضمونه مشابه لأساطير الأولين


- لم ترد هذه المقولة في حوارات أي نبي آخر مع قومه غير النبي محمد


وعليه فالكتاب يستدل أن الأساطير هي من تراث الأنبياء السابقين.




في الفصل الثالث والأخير

يفرغ الكتاب مساحة لا بأس بها لمحاولة فهم وتفسير الأساطير


فكيف نفهم الأساطير؟



ويرجع الكتاب مشكلة تفسيرها ليس فقط أنها وصلتنا ناقصة وقد تعرضت لعوامل التعرية ولكن أيضا للاختلاف الثقافي والتاريخي بين كتابها والباحثين الذين حاولوا تفسيرها.


ويقترح الكتاب لفهم هذه الأساطير التالي:

- الاعتقاد بوحدة الأساطير للحضارات القديمة كونها امتداد لبعضها البعض وتقدم ذات التصور للأفكار

- أن الكتابة لا تعادل اللغة فمن الطبيعي أن تعجز الكتابة عن إيصال المعنى

- ضرورة معالجة الترجمات الغربية لكونها حرفت كثيرا من المعاني

- لفهم الأساطير القديمة يجب فك رموز مجمع الآله وهي قوى الكون والطبيعة



دلالات الأسماء في الأساطير:


في هذا الجزء يحاول الكتاب التعرف على دلالات أسماء الأساطير القديمة، ونذكر منها على سبيل المثال:


- مردوخ (إله الخصب والزراعة): أصبح سيدا على الآله مكافأة له على المعركة التي خاضها ضد (تيامت) الماء المالح التي كلفتها الآله خلق الكون، اسمه مكون من مقطعين مرد – دوخ، المردخ هو الذي ذلل الطبيعة وكسرها.


- انكي/انجي : هو مبدأ الحكمة والنقاء، واسمه مركب من مقطعين ( أن –كي) (أن= عين بمعنى سيد) (كي=قيع من قيعان الأرض فهو مدبر الأرض) أو سيد الأرض أو مسؤول توفير المياه النقية.


- إنليل: (أن= عين أي سيد أو رب الليل) أو ليل= الله، أي عين الله وهو القمر.


- إنانا: وهي ربة الحب والخصب السومرية( ان = عين أو سيد) (انا= العناية او السماء) بالتالي سيدة السماء.


- عشتار: آلهة القوة والنسل عند البابليين والآشوريين، وعشتار أصلها (عتر) معنى العترة أو السلالة، فهي القوة التي تجذب كل زوجين وتديم السلالة والتوالد والبقاء.


- جلجامش: من أشهر ملوك سومر، واسمه مكون من مقطعين (جل + جامش) و جل: بمعنى الجليل، وجامش:فحرف الشين اصله سين حيث ينطق في بعض اللهجات العربية لذا فهو جامس ومعناه جاموس، فمعنى اسمه الجاموس الجليل أو الثور القوي، لقوته وفحولته.





- حمورابي: الملك البابلي المشهور بقوانينه العادلة، واسمه مكون من مقطعين (حامو+رابي) وحامو بمعنى المحامي، وأما رابي فهو الرب، وبهذا يكون معنى اسمه محامي الرب.










الاثنين، 27 مارس 2017

قراءة في كتاب بركة النساء لـ رحال بوبريك

إطلالــــــــة على كتـــــــــــــــــــاب

بركة النساء لـ رحال بوبريك
Image result for ‫بركة النساء لـ رحال بوبريك‬‎




الكتاب : بركة النساء... الدين بصيغة المؤنث

المؤلف : رحال بوبريك

عدد الصفحات : 206 صفحات

الطبعة : 2010

الناشر : دار افريقيا الشرق



انطباع أولي:

الانطباع الأولي الذي استقر في ذهني بعد قراءة عنوان الكتاب كان خليطا بين الغموض والترقب من ناحية والحماس للإطلاع على قراءة نسوية حداثية للدين، ولكن تدريجيا خفت البريق بعد عدة ملاحظات.

 الملاحظة الأولى عندما عرفت أن مؤلف الكتاب هو رجل وليس امرأة فقد ظننت في البداية أن اسم (رحال) يعود لسيدة قبل أن أبحث عن سيرة الكاتب لاكتشف أنه دكتور مغربي متخصص في الانثربولوجيا في جامعة القنيطرة، وهذا لا يقلل من قيمة المؤلف ولكنه لا يستقيم وتقديم قراءة نسوية للدين ففي النهاية ستكون القراءة المعنية قراءة ذكورية وإن تلمست المنطلقات والأفكار النسوية.

أما الملاحظة الثانية كانت بعد اطلاعي على فهرس الكتاب فما ظننته سيكون معالجة للأفكار الدينية بعقلية نسوية حداثية انطبع من العنوان الضخم تجلى في الفهرس على شكل عناوين رئيسية وفرعية تبحث عن قضايا تخص النساء في الدين من مسألة الولاية والطهارة وصولا إلى التصوف النسوي ومختتما بالصور المحلية المغاربية التي اختلط فيها التصوف بالسحر والشعوذة.

والملاحظة الثالثة فهي في متون الكتاب التي تقدم رؤية مفادها أن التصوف الإسلامي قدم مجالا رحبا للمرأة وذلل أمامها السبل كي تخوض تجربتها الصوفية الدينية بخلاف الفقه الإسلامي الذي ضيق الخناق عليها بل أنه انكفئ على ما اكتسبته في عصر النبوة وصدر الإسلام من امتيازات ومكانة فحجمها وقلصها وقيدها خصوصا خلال العصر الوسيط الذي اتسم بسطوة الفقهاء بعد تحالفهم المشبوه مع السلطة السياسية الحاكمة إذ أنهم كانوا يمنحونها الشرعية مقابل ما تمنحهم إياه من مكانة ومنعه وتمكين في المجتمع الإسلامي.

وعلى أي حال فإن كل الملاحظات لا تقلل من أهمية المساهمة وغناها وإثراءها خصوصا أنها تأتي من أستاذ متخصص في هذا المجال وقد قام بتوثيق جيد خصوصا للمفاهيم الشعبية التي لم تحض بالتوثيق والحفظ بالقدر الكافي وهذا يثقل المسؤولية على المتخصصين بضرورة تدوين التراث الاجتماعي الديني الغير مكتوب بما يحويه من أساطير شعبية وممارسات تخلط بين الحقيقة والخيال وبين الدين والشعوذة لما لهذا التراث من أهمية في الدراسات الاجتماعية ولما يمثله من إرث ثقافي للمجتمع.

عرض سريع:

يتفرق الكتاب على أحد عشر بابا سأعرضها باختصار مقتضب:
في الباب الأول: بعنوان ولاية النساء ولاية الرجال مسلطا الضوء فيه على طغيان الحضور الذكوري في المجال الديني مقابلا ما عليه في المسيحية بالإسلام.

أما الباب الثاني فتحدث عن لعنة النجاسة التي تصاحب المرأة نتيجة نزول دم الحيض فهي في حالة تأرجح بين حالة الطهر والنجاسة بخلاف الرجل الذي لا يمر بهذه الحالة، ولما لها من أثر في عرقلة تقدم المرأة في المجال الديني القائم على الطهر.

في الباب الثالث :طرق الكاتب إشكالية الجسد الأنثوي المتسم بالإغراء والغواية وما يمثله من حالة اشتهاء للرجل فهو رمز للرذيلة ووسيلة للشيطان في الخلفيات الدينية ولما كانت المرأة هكذا كان جسدها عائقا أمام اقتحامها المجال الديني، مما دعاها إلى تطهير هذا الجسد وقتل مفاتنه بالجوع والصوم تارة وبإهماله وإتلافه تارة أخرى.

أما في الباب الرابع فيسلط الكاتب الضوء على موقف الصوفيات من الزواج فهن يخترن العزوبية خصوصا من تصوفت في سن مبكرة أو تختار (الزواج المزعج) حسب وصف الكاتب وهو خيار من تصوفت بعد الزواج، و إذا كان الرجل المتصوف يتجنب الزواج كونه قرين بالشهوة والمتع الدنيوية فإن المرأة المتصوفة ترى في الزواج مشغلا عن العبادة وفي الزوج باحثا عن الشهوة ومدنسا لطهارتها بالمتع الزائلة.

في الباب الخامس يطرح الكاتب المثل الولائي للمرأة المتصوفة والمتمثل بفاطمة الزهراء عليها السلام فهو النموذج المثالي في التصوف النسوي الإسلامي في مقابل البتول مريم في التصوف النسوي المسيحي، وإلى جانب الزهراء يتطرق الكاتب إلى شخصية محورية في تأسيس التصوف النسوي وهي رابعة العدوية.

الباب السادس عنونه الكاتب بـ ابن عربي وتشريف النساء، وابن عربي القطب الصوفي الشهير كان له الكثير من المواقف الإيجابية تجاه المرأة ومنحها بخلاف السائد في التراث الإسلامي مقاما وشرفا رفيعا فجعل لها مرتبة في المراتب الصوفية وجعل منها أستاذة وشيخة، محاولا معالجة النصوص الدينية بصورة تخدم هذا النهج.

سابع الأبواب طرح فيه المؤلف مجالا يرى أنه تفوقت فيه النساء الصوفيات على الرجال وهو مجال الكرامة طارحا عدد من النماذج التي قدمت كرامة المرأة على الرجل منها تفوق رابعة العدوية على الحسن البصري.


والأبواب الثامن والتاسع والعاشر يطرح الكاتب نماذج من الصوفيات والصالحات والمجذوبات في التراث العربي عموما والتراث المغاربي خصوصا فمن صالحات فاس إلى صالحات البادية إلى حامية الجبل يعدد نماذج مستلة من مصادر تحدثت عنهن.


والباب الحادي عشر خصصه الكاتب للممارسات الشعبية النسوية التي اختلط فيها التصوف والتوسل بالأولياء بالسحر والشعوذة والخرافات وللقصص الشعبية الشفهية التي لم ترد في كتب المناقب. 



.

الخميس، 9 فبراير 2017

الدين بين الايدولوجيا والانطولوجيا




الدين بين الايدولوجيا والانطولوجيا

 نظرة في كتاب الدين والظمأ الأنطولوجي




للمرة الأولى أقرأ فيها للمفكر العراقي الدكتور عبدالجبار الرفاعي وأتعرف فيها على فكره، كان هذا عن طريق كتابه المهم الموسوم بـ "الدين والظمأ الانطولوجي" والذي أظنه ضروري لكل مثقف مهتم بالشأن الديني، والكتاب صادر بطبعته الأولى لعام 2016 عن مركز دراسات فلسفة الدين ودار التنوير للطباعة والنشر.

الكتاب هو مجموعة مقالات وأبحاث ومقابلات ضمنها الدكتور في كتاب واحد جمعها موضوع الظمأ الانطولوجي حسب اصطلاحه، وهو ما يعرفه بأنه ظمأ الإنسان للمقدس والحنين للوجود، حيث أن وجود الإنسان محتاج إلى ما يثريه ويمنحه المعنى، الأمر الذي يراه الكاتب متوفرا في الدين حصرا.

فلا الفنون ولا الآدب ولا المعارف يمكنها أن تروي ظمأ الإنسان الملح والفطري ولا شيء يمنحه الطمأنينة والسعادة سوى الدين، ولكن أي دين هذا؟

يتفرق الكتاب على سبعة فصول ومجموع صفحاته مائتين واثنين وسبعين صفحة.

في الفصل الأول: بعنوان نسيان الذات، يطرح الكتاب قضية الذات البشرية المنسية، الذات الخاصة بكل إنسان خلقه الله المتفردة في خصائصها الذاتية، هذه الذات التي دأبت الجماعات والأحزاب على تنميطها واستعبادها وإذابتها عبر قسرها على قوالب جاهزة، وعمليات التنميط هذه تجري عبر التربية والتثقيف والمنابر الإعلامية حتى تستلب الذات وتصبح جزءً من صورة كبيرة كل عناصرها متشابهة ومتماثلة، ينصهر الفرد في الجماعة حتى ينسى ذاته ويهمل حياته الخاصة التي تصبح عديمة القيمة، ما يهم الجماعة هو سلوك الفرد الخارجي أما باطنه فغير مهم مما يحول الإنسان إلى (شخصية مستعارة) تنعدم فيه شخصيته الحقيقية الأصلية وتحل محلها شخصية نمطية يسودها الأحكام الجاهزة والعصبية الفاشية.

في ظل هذا الاستلاب للذات البشرية كيف يمكن للإنسان الإيمان أو اللإيمان ذاتيا؟ إذ الإيمان خيار شخصي وحالة ذاتية لا يتحقق بالنيابة، وبغياب الذات يصبح الدين سلوكا خارجيا لا يعبر عن حقيقة ذات الإنسان الأصلية.



الفصل الثاني: نسيان الإنسان، يحاول د.عبدالجبار هنا أن يسطر شيئا من سيرته الذاتية مركزا على البيئة الأصلية التي جاء منها راسما صورة خشنة عن حياة الريف العراقي منتصف القرن الماضي مضمنا تلك الذكريات بعضا من التحليل الاجتماعي لبيئته وكيف أسهمت نشأته في بناء شخصيته المتدينة بطبعها، وذاكرة اللامكان التي اكتسبها بسبب حالة التشرد التي عاشها، وصولا إلى ذكريات سنوات الدراسة في المدرسة الأولى إلى التحاقه بالحوزة النجفية وانضمامه لحزب الدعوة بشكل مقتضب مبررا ذلك بالبعد عن نبش آلام الماضي ورغبة في تجاوزها بهدوء وسلام.

يصل الكاتب لنتيجة أن الدين بالنسبة للكائن البشري مكون انطولوجي يرثه من أبيه وأمه كما يرث لون بشرته وصفاته الجسدية، حتى عندما يتحول إلى دين آخر فإنه يقلب الدين الجديد ويعلبه بدينه الأصلي، كما حال اللغة الأم فمهما تعلم الإنسان لغة أخرى يبقى مبرمجا على ترجمتها وإعادتها للغته الأصلية.

وفي جزء مهم من هذا الفصل يفرد الكاتب صفحات عن أهمية التحلي بالغفران والمحبة كمرادف الإيمان والدين.

أما الفصل الثالث : المثقف علي شريعتي.. يعد من أهم فصول الكتاب.

حيث يُحمل الكاتب بعض المثقفين من أمثال علي شريعتي مسؤولية ترحيل الدين من الانطولوجيا إلى الأيديولوجيا، أما سبب اهتمامه بشريعتي تحديدا فلإن مقولاته بدأت تغزو الوسط الثقافي العربي بعدما انتهى الإيرانيون من نقدها وتجاوزها.

يلخص الكاتب اتجاهات التفكير الديني في إيران الحديثة كالتالي :

أ- الاتجاه التقليدي: 

وهو المسيطر على معظم الحوزات الدينية في إيران حتى اليوم.

ب- الاتجاه الإحيائي : 

ويتفرع إلى تيارين: 

1- فلسفي عرفاني : تأسس على يد السيد الطباطبائي صاحب الميزان

ب- المدرسة التفكيكية : 

وهي تدعو لإحياء التفكير النصوصي الحديثي وتناهض التفكير العقلاني، بما يشبه عودة للتيار الإخباري، أبرز رموزه السيد مهدي الآصفي

ج- الاتجاه التجديدي:

وينقسم إلى تيارات عدة منها:

1- تيار التفسير العلمي: يدعو لتفسير القرآن على ضوء الاكتشافات العلمية الحديثة.

2- تيار الهوية (الذاتية): يدعو للعودة للهوية الإسلامية وغربلة التراث من المؤثرات الطارئة عليه، تمثل في الفيلسوف فرديد ، وانعكس في نتاج علي شريعتي

3- تيار الماركسية الإسلامية: هو تيار نشط في الستينات والسبعينات، حاول إعادة صياغة التاريخ الإسلامي وفق النظرية الماركسية والاشتراكية.

وانعكس هذا الفكر في جماعات سياسية متعددة منها منظمة مجاهدي خلق.

4- تيار معرفي عابر للأيدولوجيا: ويتجه هذا التيار لتفسير الدين على فلسفة العلم والهرمنيوطيقا والعلوم الاجتماعية، وأبرز رواده سروش وشبستري وملكيان.

علي شريعتي:

يضع الكاتب نبذة موجزة عن سيرة علي شريعتي، إلا أنه يشير إلى ثلاث نقاط رئيسية

الأولى:  الشائع أن شريعتي درس وتخصص في علم اجتماع الأديان إلا أنه لم يجد أي وثائق تثبت هذه الدعوة، لذا فهو يشكك في ذلك.

الثانية: يشكك الكاتب في ما يشاع أن شريعتي مات مقتولا على يد مخابرات الشاه، ويرجح بأنه توفي وفاة طبيعية.

الثالثة: يتهم الكاتب شريعتي بسطحية إطلاعه على الفلسفة الغربية وتطويعه لمعارفه لتخدمه ايدولوجيته إلى جانب ضعف تكوينه الديني ومعرفة الدينية الإسلامية.

يشير الكاتب إلى دور شريعتي الكبير في أدلجة الدين وإعادة قراءته وفق ايدولوجية يؤمن بها، مما ساهم بتكوين ايدولوجية دينية جزمية همها تنميط وتدجين ونمذجة الشخص، فأيدولوجية شريعتي تحلم بالعدالة الاجتماعية لكنها تهمش الحرية ولا تقبل الحداثة الغربية وما يرتبط بها من ديمقراطية وحقوق بشر بوصفها ملتبسة بالاستعمار والرأسمالية، ومن ناحية أخرى أعاد شريعتي قراءة التاريخ الإسلامي والشخصيات التاريخية وفق ايدولوجية.

وتحت عنوان فرعي (الحساسية السياسية والحساسية الفلسفية) يتهم الكاتب شريعتي وكل من سار على نهجة باحتقار الفلسفة وتهميشها لأنها تفضح دعواهم الايدولوجية حيث يعتبر أن "خمسمائة رجل كابن سينا لا أثر لهم في المجتمع بينما رجل كأبي ذر يمكنه أن يحدث تحولا لقرن كامل".

سعى شريعتي لبناء رؤية دنيوية للدين اصطلح عليها (البروتستانتية الإسلامية)عبر تحويل كل ما هو ديني إلى دنيوي وكل ما هو دنيوي إلى ديني، ويعتبر أن كل ماهو متداول في عالم الإسلام منذ الغزو المغولي هو كاثوليكية إسلامية داعيا للقضاء عليها، ويمضي شريعتي بثنائياته الكثيرة فيقسم الإسلام السني إلى إسلام محمدي وآخر أموي، والتشيع إلى تشيع علوي وآخر صفوي، معتبرا أن الإسلام هو التسنن المحمدي والتشيع العلوي.

دعوة البروتستانتية الإسلامية التي اشترك شريعتي فيها مع جماعة الإخوان المسلمين هي دعوة أدلجة الدين والتراث بحسب الكاتب، وفي الوقت الذي أنجزت البروتستانتية المسيحية تحرير العلم والدولة من الدين وسطوة الكنيسة، قامت البروتستانتية الإسلامية بتوسيع حدود الدين ليشمل كل مناحي الدنيا والعلم والدولة.

إن وعود البروتستانتية الإسلامية لم تنجز بل انتهت إلى نتائج عكسية وأفضت إلى عبادة الإنسان للأيدولوجية واستلابها لروحه وقلبه وعقله وإقحامه في وعود خلاصية موهومة.

الفصل الرابع :التجربة الدينية والظمأ الانطولوجي للمقدس

في هذا الفصل الهام يشرح الكاتب مفهوم الظمأ الانطولوجي حيث هو افتقار الشخص البشري إلى ما يثري وجوده، ويكرس كينونته، ويمنحه وقودا لحياته، ويكشف له سر الحياة ويجعله قادرا على التغلب على مشكلة الوجود البشري.

والتجربة الدينية بحسب الكاتب هي البعد الانطولوجي للدين التي يمكنها معالجة هذا الظمأ، وهذا الإرواء يجب أن يكون كتجربة ذاتية فردية جوانية، ويفرق الكاتب بين هذه الحالة والحالة الصوفية معتبرا أن ليس كل متصوف صاحب تجربة دينية فقد يكون المتصوف خاويا روحيا إذا ما تحول التصوف إلى التصوف الطرقي السلوكي الذي هو تصوف الدراويش والتكايا والزوايا.

مولانا جلال الدين الرومي:

عن جلال الدين الرومي يفرد الكاتب عنوانا جانبيا ليعالج ما يعتبره حالة من التحول الذي شهدته شخصية الرومي التاريخية إلى الرومي الميثولوجي كشخصية خارقة استثنائية بخلاف الشخصية الحقيقية البشرية داعيا إلى استلهام العبر من تراثه الروحي.

إلى جانب التصوف الطرقي يشير الكاتب إلى التصوف المعرفي: وهو تصوف عقلي خرج على الانساق المعرفية التراثية وانتج قراءة حية متوالدة ذات افق رحب معيدا الاعتبار للذات المستلبة وانشغل بإرواء ظمأ الروح.

رؤيتان للعالم: 

الرؤية الأفقية : وهي رؤية المتصوفة والعرفاء التي ترى في الصلة بالله وصال حبيبين.

الرؤية العمودية: هي رؤية المتكلمين: ترى في علاقة الإنسان بالله علاقة عمودية يخضع فيها العبد ويذل لإله متسلط منتقم.

وعن الإيمان والتدين يدعو الكاتب لضرورة التفرقة بين الدين والتدين-الدين والحياة الروحية- الدين والإيمان، داعيا إلى الخلاص من تديين الدنيوي أي أن الدين لا يشمل كل شيء في الحياة، إذ لا يجب أن يختلط الدين بالعلم والأدب والفلسفة والفن ..الخ فالعلم علم وليس دين، والأدب أدب وليس دين وهكذا، فما يشوه الدين في مجتمعاتنا هو اختلاط الدين بكل شيء وعليه يجب أن يعود الدين لحقله الطبيعي في بناء الحياة الروحية والأخلاقية للبشر، أما ما ينجزه العقل والتجربة البشرية فلا ضرورة لإقحامه في الدين أو إقحام الدين فيه.

إن جوهر الدين يتمحور حول إرواء الظمأ الانطولوجي للشخص البشري وعندما يرتوي يكف الدين عن أن يكون أداة للصراع على الثروة والقوة والسلطة، كما تفعل معظم الجماعات الإسلامية التي سرقت الدنيا باسم الآخرة، والأرض باسم السماء، والإنسان باسم الله.

دين الايدولوجيا ودين الانطولوجيا:

المتكلم هو فيلسوف دين الايدلوجيا، بمعنى أنه يصوغ رؤية لله والإنسان والعالم وفهما للدين، والجماعات الإسلامية تنسج على رؤية المتكلم شباكاها لتصنع دين الايدولوجيا، هذا الدين الذي يستخدم الإنسان ويسخر حياته وطاقته بينما دين الانطولوجيا يخدم الإنسان ويمنح عقله حرية التفكير ولا يجبره على تكرار نماذج تاريخيه أو أن يعيش نيابة عن غيره.

دين الايدولوجيا لا يبني حياة روحية، يميت الروح والقلب والضمير ويفسد ولا يصلح، بينما دين الانطولوجيا يصنع حياة روحية وأخلاقية ويغني الحياة بالهدوء والسكينة والسلام.

الفصل الخامس: أية دولة بلا حياة روحية وأخلاقية

وهو عبارة عن ورقة قدمها الكاتب للمؤتمر الدولي حول الأديان والقيم السياسية – لبنان 2014

الفصل السادس: لا خلاص إلا بالخلاص من أدلجة الدين

وهو عبارة حوار مع الصحافية اللبنانية رحيل دندش بأسئلة منوعة 

الفصل السابع: تحديث الفكر الديني

وهو عبارة حوار لمجلة يتفكرون مع الكاتب المغربي مولاي أحمد صابر بأسئلة منوعة 
---
* نشر هذا المقال في موقع المطرفي ،، الرابط 
http://www.almoterfy.com/site/index.php?act=showNews&module=news&id=7942