المثقفون الجدد
لا أرى ان هذا المصطلح المتداول حديثا
(المثقفون الجدد) يحمل الدقة في جنباته في توصيف حالة موجودة في الواقع .. كما لا
ارى ان بديلا مناسبا له يمكن ان يكون اكثر دقة .
فبعض من يمكن ان يدخل تحت هذا المصطلح لا
يمكن ان يكون مثقفا بأي معيار من معايير الثقافة كما ان الحالة ليست جديدة بشكل
كامل و خالص . فلها أشباه عديدة الى جانب ان كثير من الافكار المتداولة سبق طرحها
و مناقشتها منذ عقود . وطبعا كلامي هذا لا يعني أن هذه الحالة لا تشمل مثقفين حقيقيين
و لا يعني أنهم لم يطرحوا جديدا مطلقا .
اذن ما الامر الذي نحدد بصدده..
سأحول ان أوصف الحالة و لا أقول عنها
ظاهرة توخيا للدقة .
في الماضي عندما يقرأ الشاب و يفكر و
يتسائل . و عندما يتجرأ فيفصح عما يعتمل في داخله . كان يواجه بحالة من القمع
الشديد من افراد المجتمع حتى يجبر على السكوت و التخلي عن تفكيره أو العيش بحسرة .
كان من الشائع ان يرضح لواعظ يناصحه بأن العاقبة السيئة مصيره و أن عليه ان يرعوي
قبل فوات الاوان . كان يقال له أن الشك تعبير عن نقص الايمان و نبت النفاق في صدر
المسلم .
اليوم تغير الامر مع وسائل التواصل
الاجتماعي . اصبح الامر اقل من فكرة تخطر على البال فيقرأها العالم قبل ان يفكر
بها مرسلها . المجتمع الغير معتاد على الصوت المختلف و الرأي المغاير يرد بعنف و
أحيانا بشتائم و سباب . فيضطر صاحب الفكرة للدفاع عنها دون أن يكون متأكدا أو
مقتنعا تماما.
الجديد أن الشاب اليوم لم يعد بحاجة
لمنبر المسجد أو الحسينية لإيصال صوته . لم يعد مضطرا لكسب بركة الشيخ ليقف امام
الناس . لم يعد يخشى أي خط أحمر أو أصفر أو أخضر اجتماعيا أو دينيا أو ثقافيا .
نحن اليوم أمام طبقة – فئة – مجموعة لا
أعرف كيف أكون دقيقا . تقوم بالنقد و بالصوت المرتفع لكل شيء دون نسق معين أو
منهجية محددة . و الاهم أنه لا أحد قادر على ايقافها .
عندما برز صوت السيدة كوثر الاربش مثلا أحدث صوتها رد فعل عنيف جدا و أصبحت حديث المجالس خصوصا الالكتروني منها كان هناك رغبة في إنهاء هذا الصوت . كتبت يومها . أيها السادة : آن لكم أن تعوا المتغير الجديد . فكوثر لم تكن سوى قمة جبل الجليد . و فعلا سمعنا أصوات أخرى تعلو و تعلو .
ربما لا يكون صوت المثقفين الجدد مهما
اليوم و لكنه يتشكل و يؤثر و يحفر لنفسه موقعا في عقول الجيل القادم . و أرى قدرة
هذا الصوت على التعلم من أخطاءه و الرقي بفكره و كسب شعبية تتجه نحو المزيد .
الآن ما هو دور النخب في المجتمع .
قبل أسابيع تحدث أحد الخطباء المعروفين
في المنطقة (وهو يشير الى هذه الظاهرة) قائلا : علينا أن نسمع صوت الشباب و نقبل
بهم .
هذا هو الصوت العقلاني و المنطقي و
المعول عليه . آن الاوان للاعتراف بوجود هؤلاء و أعطائهم فرصة للحديث و الفعل .
ما أراه أنهم قادرون على التغيير على
الصعيد الاجتماعي و يبدو لي أننا سنرى تغيرات اجتماعية مفصلية خلال عقد أو عقدين .
و لكن لا أتصور أن التغيير الفكري متاح
حاليا . فبنية الفكر الشيعي ليس سهلا و أتصور أن هذا المجال سيكون بيد العراقيين
فيما لو سنحت لهم الظروف في خلق بيئة فكرية و ثقافية مستقرة بحاجة الى استقرار
سياسية و اقتصادي مهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق