صديقي .. صاحب القنبلة
على كراسي مقهى هادئ في ضواحي المدينة تلاقينا ، نتبادل اطراف
الحديث على ايقاع رشفات اكواب قهوة ساخنة ، و تداعب وجهينا نسمات هواء عليل
.
صاحبي هادئ الطبع خفيض الصوت غير ان له ضحكة مجلجلة يتجنب اظهارها في
مكان عام كهذا و يحتفظ بها للمجالس الخاصة .
دار الحديث بيننا حول الاسلوب الانجع لتغيير المجتمع و احداث نقلة
نوعية في وعيه و فكره و تعاطيه السبلي غالبا مع القضايا الملحة ، كنت ارى ان
التغيير يجب ان يتمرحل و يكون ضمن خطة تنفذ في وعي النخبة الثقافية و رجالات
المجتمع إذ ان التغيير العشوائي اللاواعي هو اقرب للفوضى منه للحداثة و التطوير ،
إننا نريد التغيير الايجابي عبر الوعي و المعرفة و هذا الامر يحتاج الى جهد و وقت
.
بينما صاحبي افصح عن قنبلة مخبأة ، قال لي : اسمع المجتمع لن يتغير
بالطريقة التي تقول ، انه بحاجة الى قنبلة ، القنبلة وحدها يمكنها ان تحدث صدمة
كافية لإحداث تغيير حقيقي و سريع ، ربما سيتصور الامر على شكل فوضى في البداية و
لكن لاحقا سيكون الوضع مهيئ جدا لتنظيم الامور وفق وعي النخبة .
لست متحمسا كثيرا لفكرة القنبلة و لكنها طريقة و إن بدت في
حديثه انها فعالة و سريعة غير انها غير مأمونة العواقب .
أحيانا الصدمات تولد الانكماش السلبي و ليس الانفتاح الايجابي ، و من
يدري ربما تولد الصدمة انفتاحا سلبيا جدا يصبح معالجته من المستعصيات .
سألني : ما رأيك هل نجعل القنبلة ضخمة جدا ، أم قنابل بسيطة و صغيرة
؟؟
في الواقع ان مجتمعنا يتعرض لقنابل كثيرة منذ مدة و لكن انعدام الوعي
و سلبية المثقفين و تصدي التقليديين العنيف لها ، تمنع حتى الان من استثمارها في
الاتجاه الصحيح .
هناك من رمى بقنابل في محاولة للتغيير و لكنه اصبحت اقرب الى العملية
الانتحارية فقد قتلت صاحبها دون اي تغيير يذكر .
إن الجمود ليس خيارا و تغير المجتمع حتمي لكن السؤال هو بإي اتجاه و
بأي ثمن؟
ما أتمناه و أرجوه أن تكون النخب من الوعي بمكان لقيادة هذا التغيير
الواعي ، نحن بحاجة لمشروع و رؤية خلاقة و عميقة لمستقبلنا و مستقبل الاجيال
القادمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق