الأحد، 18 يناير 2015

صديقي .. صاحب القنبلة

صديقي .. صاحب القنبلة


  على كراسي مقهى هادئ في ضواحي المدينة تلاقينا ، نتبادل اطراف الحديث على ايقاع رشفات اكواب قهوة ساخنة ، و تداعب وجهينا  نسمات هواء عليل .
صاحبي هادئ الطبع خفيض الصوت غير ان له ضحكة مجلجلة يتجنب اظهارها في مكان عام كهذا و يحتفظ بها للمجالس الخاصة .
دار الحديث بيننا حول الاسلوب الانجع لتغيير المجتمع و احداث نقلة نوعية في وعيه و فكره و تعاطيه السبلي غالبا مع القضايا الملحة ، كنت ارى ان التغيير يجب ان يتمرحل و يكون ضمن خطة تنفذ في وعي النخبة الثقافية و رجالات المجتمع إذ ان التغيير العشوائي اللاواعي هو اقرب للفوضى منه للحداثة و التطوير ، إننا نريد التغيير الايجابي عبر الوعي و المعرفة و هذا الامر يحتاج الى جهد و وقت .
بينما صاحبي افصح عن قنبلة مخبأة ، قال لي : اسمع المجتمع لن يتغير بالطريقة التي تقول ، انه بحاجة الى قنبلة ، القنبلة وحدها يمكنها ان تحدث صدمة كافية لإحداث تغيير حقيقي و سريع ، ربما سيتصور الامر على شكل فوضى في البداية و لكن لاحقا سيكون الوضع مهيئ جدا لتنظيم الامور وفق وعي النخبة .
 لست متحمسا كثيرا لفكرة القنبلة و لكنها طريقة و إن بدت في حديثه انها فعالة و سريعة غير انها غير مأمونة العواقب .
أحيانا الصدمات تولد الانكماش السلبي و ليس الانفتاح الايجابي ، و من يدري ربما تولد الصدمة انفتاحا سلبيا جدا يصبح معالجته من المستعصيات .
سألني : ما رأيك هل نجعل القنبلة ضخمة جدا ، أم قنابل بسيطة و صغيرة ؟؟
في الواقع ان مجتمعنا يتعرض لقنابل كثيرة منذ مدة و لكن انعدام الوعي و سلبية المثقفين و تصدي التقليديين العنيف لها ، تمنع حتى الان من استثمارها في الاتجاه الصحيح .

هناك من رمى بقنابل في محاولة للتغيير و لكنه اصبحت اقرب الى العملية الانتحارية فقد قتلت صاحبها دون اي تغيير يذكر .
إن الجمود ليس خيارا و تغير المجتمع حتمي لكن السؤال هو بإي اتجاه و بأي ثمن؟
ما أتمناه و أرجوه أن تكون النخب من الوعي بمكان لقيادة هذا التغيير الواعي ، نحن بحاجة لمشروع و رؤية خلاقة و عميقة لمستقبلنا و مستقبل الاجيال القادمة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق