الثلاثاء، 18 ديسمبر 2018

اطلالة على :ضوء من بعيد -مجموعة قصصية

إطلالـــــــــــــــــــة على 



اسم الكتاب: ضوء من بعيد (مجموعة قصصية) 

المؤلف: إبراهيم علي الطويل

الطبعة : الأولى 2016

عدد الصفحات: 80 صفحة

الناشر : فراديس للنشر والتوزيع-البحرين


القبض على اللحظة هو فن الأديب البارع بينما سرد الوقائع التاريخية هو فن المؤرخ الفذ، وعندما ينجح الكاتب في اقتناص اللحظة المدهشة من تاريخ البشرية فهو مبدع لأنه يتنفس برئتين ويفكر بعقلين ويعيش بقلبين، وهنا نقف أمام عمل نجح الكاتب فيه بذلك. 

ضوء من بعيد اسم العمل الذي يوحي بالعمومية ولكنه في حقيقة الامر ترميز عميق في سياق ادبي قصص لما يمكن اعتبره لحظة تحول هامة شهدته منطقتنا (الأحساء) في مرحلة استثنائية حددت ما سيكون مستقبلها ومستقبل الخليج كله. 

ولأن ذاكرتنا مثقوبة فهي لا تختزن إلا النزر القليل مما يمر عبرها، ولأن المئة العام الماضي كانت زاخرة بالأحداث والتحولات الدراماتيكية فإننا بحاجة ماسة لمن يذكرنا حتى بأسمائنا، بما كنا عليه فعلا، وبالرواية الكاملة لما حدث قبل أن تتحول إلى اسطورة لا حقيقة لها. 

ضوء من بعيد عمل متورط في زمن التحول الذي عرفته الأحساء خمسينيات وستينيات القرن الماضي عندما فرض النفط نفسه كعامل تحول أساسي ولاعب فريد حول اقتصادنا من الزراعي إلى الريعي، ومن الجهل إلى التعلم، ومن البساطة إلى كل التعقيدات النفسية والاجتماعية والفكرية والسلوكية التي عرفناها وسنعرفها. 

المرحلة التي بدأت فيه شركة الزيت العربية الامريكية بالعمل واستقطاب شبان المنطقة الشرقية لم تكن هادئة وعادية كما يريد البعض أن يتصورها بل زخرت بتموجات عنيفة أحيانا كالصراع الاجتماعي حول جواز العمل مع الكفار والتساؤل حول مستقبل الزراعة وتضعضع الفاعل الديني، وصولا إلى نظام العمل الجديد كليا على أبناء البلد بكل ما فيه من جوانب مضيئة وأخرى سوداء، وبما افرزته طبيعة العمل من احتكاك بين أبناء الريف البسطاء مع ألوان من البشر من الآخر الأمريكي إلى الشقيق العربي بكل التناقضات والأفكار التي يحملونها وكيف سيتعامل معهم وصولا إلى التصادم من السقف الرسمي. 

ومع هذا كله فإن العمل الأدبي يبقى حاضرا في مجال الجماليات وزهو الحياة بكل ما تحمله من حب واحاسيس ومشاعر وخيبة وأمل وخوف وطموح. 




الأربعاء، 7 نوفمبر 2018

عرض كتاب الفيل والابرة


عرض كتاب الفيل والابرة





عنوان الكتاب: الفيل والإبرة

الكاتب: وفاء محمد العلي (عادل محمد العلي)

الطبعة: الأولى 2018

عدد الصفحات:177 صفحة

الناشر: دار المفردات بالرياض




انطباع أولي:

غلاف الكتاب هو أول ما يصافح ذهنك فيعصف فيه عدد من الأسئلة، فما مغزى اختيار الفيل والابرة؟ وما طبيعة هذا الكتاب؟ هل هو رواية أم مقالات أم بحث في مجال اجتماعي أم فكري؟ ثم لماذا جاء اسم المؤلف بهذه الصيغة الملتبسة؟ فهو أولا باسم وفاء محمد العلي ثم بين مزدوجين (عادل محمد العلي) وفي الغلاف الأخير صورة للدكتور عادل مع اقتباس من الكتاب، فمن هو المؤلف؟؟ مع التفكير قد تصل وقد لا تصل لنتيجة خصوصا أن مقدمة الكتاب لا تساعد كثيرا. 




عرض الكتاب:

في المقدمة المختصرة يشير الكاتب أن القارئ بصدد قراءة كتاب لن ينتهي أبدا لأنه ببساطة يتعلق بـ (مخاضات الصراع الاجتماعي سر الحياة فهل للصراع نهاية؟) إذن فموضوع الكتاب هو الصراع الاجتماعي في العالم من وجهة نظر الكاتب الذي يعتبر أن الكتابة في هذا المجال لا يتعلق بالنخبة بل الجميع فالأسئلة الملحة تتعلق بالاقتصاد والسياسة والتاريخ والجغرافيا وكل ما يتعلق بمصير البشر. 


يقدم الكاتب مدخلا للكتاب يعرض فيه سبب اختيار العنوان شارحا المثل المشهور (يريد إدخال الفيل في خرم إبرة) كناية عن الفعل المستحيل، راصدا ظهور حركة الصعاليك في التاريخ العربي القديم التي كانت في مرحلة هامة شهدت تغيرات اجتماعية نوعية وقام فيها مجموعة من الفئة المسحوقة بتغيير دفة الصراع والتمرد على قبائلهم من أجل إحلال العدالة الاجتماعية، مشبها حركة (روبن هود) الأوربية بحركة الصعاليك العربية، ويخلص الكاتب أن الثورات والحركات الاجتماعية العالمية أرست قواعد ونظم العدالة ولكن أساطين المال اليوم قلبوا المعادلات كي يستعبدوا شعوب الأرض ولكن (الفيل لا يمكن إدخاله في خرم إبرة) فقد تحولت شعوب الأرض إلى صالعيك. 



في الفصل الأول بعنوان المرحلة الانتقالية النوعية يرصد الكاتب تاريخية الصراع الاجتماعي وطبيعته عبر التاريخ خالصا إلى أنه حتمية يقتضيها التطور البشري حيث أن هذا التطور ليس خطيا بل تموج تصاعدي متصاغر، وكلما تقدم الزمن تسارعت الموجات زمنا وقلت حدتها، مشيرا إلى أن البشرية تسير باتجاه انخفاض حدة الصراع واستدامة التطور. 



في الفصل الثاني المعنون بالعولمة يقول الكاتب بالرغم من حداثة مصطلح العولمة إلا أن فكرة العولمة قديمة والنزوع نحوها كان حاضراً في تاريخ البشرية غير أن أدوات العولمة مع التطور التكنولوجي سرّع من خطى البشرية نحوها معتبرا أننا نسير باتجاه مجتمع كوني تتكون عناصره من الشعوب، فالأفكار لم تعد حكرا على أمم عرفت بها بل أن البشرية باتت تميل إلى الأفكار الكونية والمزيج العالمي. 



خصص الكاتب الفصل الثالث لما اعتباره الاعاقات في وجه التطور، في هذا الفصل يعتبر الكاتب ان التطور حتمي والعالم يتجه نحو العولمة ولكن رأس المال يعتبر هذا التطور عدو له فيلجأ لوسائل مختلفة لعرقة وإعاقة هذا التطور. 

الإعاقة المافيوية-الإعاقة الكنسية-الإعاقة المعرفية-الإعاقة التعليمية-الإعاقة الإعلامية-الإعاقة الفنية كلها عناوين طرقها وتعامل معها الكاتب موضحا دور الرأسمال في خلقها لتأخير وتعويق التطور البشري. 

الفصل الرابع مخاضات الصراع 

ختاما يرصد الكاتب مخاضات الصراع بين الشعوب والرأسمال وصورها معتبرا أنه يستخدم الكي كحل أخير في محاولة لإدخال الفيل في خرم ابرة 



مراجعة على مجمل الكتاب:

موضوع الكتاب مثير وجدلي ولكن لي ملاحظات على معالجة الكاتب للموضوعات المطروحة فهو لم يوضح المنهجية التي اعتمدها خلال اطروحته فلا نعرف كيف يصل إلى النتيجة التي يتبناها، كما أن الكتاب مليء بالافتراضات التي ينقصها الدليل والإثبات وعوضا عن ذلك نجد الكاتب يقفز إلى النتيجة دون تأمل في المقدمات، كما أن الكتاب ينطبع بطابع يساري ويتحامل كثيرا على الغرب ومشاريعه في الوقت الذي يبيض الصفحة اليسارية والشيوعية تحديدا مما يجعلنا كقراء نشكك في حيادية الكاتب في اطروحته ونشم رائحة فكر المؤامرة المغرق في السوداوية، الأمر الآخر الملفت أن الكتاب يخلو من المصادر وكثير من الإحالات التي أشار لها الكاتب لم تكون سوى محرك البحث قوقل أو مواقع إلكترونية دون أن يقوم بتحريرها كمصادر أصوليا كأن يضع الرابط الذي يحوي الموضوع المشار إليه وتاريخ نشر المادة في الموقع. 


في المجمل الكتاب مثير ومفيد ولكنه يكاد يكون مادة أولية لبحث أو مشروع كتاب أكثر من كونه كتاب ناجز وتام الأركان. 





الخميس، 4 أكتوبر 2018

هل وقع الطوفان فعلا؟



هل وقع الطوفان فعلا؟؟



توقفت قبل سنوات عند موضوع آيات العذاب في قصص الأنبياء التي وردت في القرآن والوارد أن الله أبادهم وسلط عليهم العذاب، فطرأ في بالي تساؤل:

كيف لله الرحمن الرحيم الذي هو –كما في بعض الروايات- ارحم بكم من أمهاتكم

كيف به يعذب ويهلك عبيده الذين خلقهم لأنهم عصوه ولم يؤمنوا به ولم يتبعوا رسله؟

نعم له حق التصرف فيما خلق ليس هنا الخلاف، الخلاف هل يتسق العذاب الوارد في الآيات بصفات الرحمة واللطف والحلم؟

لو أن ولدا أنكر أمه وجحدها وأهانها وأنكر نسبته لها ورفض طاعتها وبرها وقابل إحسانها بأشد أنواع الكفر والإسفاف، هل نتخيل أن هذه الأم ستلجأ الى إغراقه بالماء مثلا؟ أو دفنه حيا؟ أو إمطاره بالحجارة الحارقة؟

هل سنعتبر أن هذا السلوك متسق مع الرحمة والحنان الكبير من قبل هذه الأم؟

لو فعلت لما وجدنا لها مبررا وهي بشر، فكيف برب العباد الغني عنهم؟

طفقت أقرأ آراء اكابر المفسرين السنة والشيعة ولم اصل إلى ما يشفي الغليل ولا ما يقنع وكلها تقريبا تؤكد معنى العذاب الحقيقي والمادي الواقع على أقوام سالفة.

وبعدها أخذت أقرأ في بعض الكتب التي تناولت قصص الانبياء من زوايا مختلفة، ولتقادم العهد فقد نسيت اسماء الكتب وربما أعود للبحث فيها لاحقا، إلا أن خلاصتها في اتجاهين إثنين:

الإتجاه الاول:

 يرى أن تلك الآيات يجب أن تحمل على المجاز لا الحقيقة، فلا حقيقة لإغراق قوم نوح بالماء كما يفهم من قصة النبي نوح، بل أن الإغراق هنا إغراق معنوي لا مادي، كأن يكونوا في حالة من الهم والحزن مثلا.

ويستشهد برأي لباحثين جولوجيين يرون أن الأرض لم تشهد منذ ظهور الإنسان العاقل (الحالي) طوفانا غطاها كاملة كما هو التصور الديني للطوفان، فنحن لا نملك إلا أن نقول أما أن يكون الطوفان كان جزئيا أو أنه وقع قبل زمن الإنسان المعاصر أو أنه وقع في غير هذه الأرض، أو أنه لم يقع أصلا.



الإتجاه الثاني :

يرى أن القرآن ذكر قصص الأنبياء على سبيل استخدام التراث وليس الإخبار، بمعنى أن القرآن استخدم هذه القصص المعروفة والمنتشرة في زمن نبوة النبي محمد كحقائق من أجل التحذير والنذير وليس من اجل ذكر الحقائق والوقائع، فهي كما ورد في القرآن (اساطير الاولين) بمعنى قصص شعبية معروفة لدى كل الناس في وقتها، فكفار قريش لم ينكروا ما ورد لأنه من تراثهم، ولكنهم قالوا عنها أنها قصص الأولين، فاستخدمها كوسيلة صالحة لتحذير الناس بما لديهم من قبليات وأفكار مسبقة.



وأنا هنا لست في معرض تصويب رأي وتضعيف رأي آخر، وليست في وارد محاكمة هذا الرأي ورده أو قبوله، ولكني أحببت أن أطرق أبوابا أوسع للحوار، فحتى قصص الأنبياء وعذابهم يرد عليها الإشكال وقد لا ترد الإشكال الأصلي.


الأحد، 23 سبتمبر 2018

عرض كتاب العمل التطوعي الاجتماعي




العمل التطوعي الاجتماعي 




عنوان الكتاب: العمل التطوعي الاجتماعي

الكاتب: علي عيسى الوباري

الطبعة: الأولى 1438هـ

عدد الصفحات: 168 صفحة

الناشر: قلم الخيَال للنشر والتوزيع




يعد العمل التطوعي من أكثر الأنشطة أهمية في العصر الحديث، لما له من قدرة إنجازية يعجز عنها جيش من مئات الموظفين الرسميين، فالعمل التطوعي يكسب من العمل الحكومي سمو مقاصده في الخدمة العامة دون ربحية ويتفوق عليه في كسره لروتين الوظيفة الحكومية وجمودها، كما أنه يأخذ الاحترافية والمرونة من العمل الربحي التجاري فيما تتعالى عن انانية الربح الشخصي والكسب المادي الفردي. 




أهمية هذا المجال الذي بات يعرف بـ (القطاع الثالث) جذب له اهتمام الحكومات ودعم الشركات حول العالم، فالحكومات باتت تشرع القوانين وتقدم التسهيلات لهذا القطاع في كافة المجالات وتفسح له المجال للعمل إلى جانب المنظمات الحكومية، بالإضافة إلى أنها باتت حريصة على تكوين شراكات متعددة معه كي تضمن تكامل العمل بين الطرفين، كما أن الشركات الربحية الخاصة وجدت فيه مجالا للتسويق لنفسها ووسيلة لممارسة التزامها الاجتماعي بشكل احترافي وبأقل تكلفة ممكنة. 


وقد فطنت رؤية المملكة 2030 لهذا القطاع وجعلته أحد محاورها إذ حددت الهدف ببلوغ عدد المتطوعين في البلاد إلى مليون متطوع، وفي هذا المجال بدأت وزارة العمل بإنشاء منصة وطنية للعمل التطوعي وتسعى لإطلاق عدد من برامج مأسسته في بلد عرف أشكالا متنوعة منه، كما قد تميز أهل الأحساء بالريادة في مجال العمل التطوعي الخيري وقد سجلت شهادات عديدة من أبرز قيادات هذا المجال في المملكة. 



ومن هنا يأتي كتاب الأستاذ علي الوباري في السياق والتوقيت الصحيح، فهو في هذا الكتاب يرسم دليلا واضح المعالم وسهل التطبيق ودقيق المعلومات للعمل التطوعي في مجال العمل الاجتماعي خصوصا إدارة الجمعيات الخيرية. 



أهمية هذا الكتاب لا تنبع فقط من أهمية موضوعه بل بأهمية مؤلفه فالأستاذ الوباري شخصية هامة واسم لامع في مجال العمل التطوعي الخيري، إذ انخرط في هذا المجال مبكرا حتى بات أمينا عاما لجمعية المنصورة الخيرية ويشغل حاليا منصب نائب رئيس الجمعية، كما انه حضر عددا من المؤتمرات والفعاليات الهامة في هذا المجال. 



والكتاب الذي وضعه في مقدمة نظرية وفصلين أثنين جاء بأسلوب متميز جمع بين التنظير الأكاديمي من ناحية والخبرة العملية من جانب آخر، وهذا راجع إلى شخصية الكاتب فهو أستاذ محاضر في الكلية التقنية إلى جانب عمله التطوعي. 



في المقدمة النظرية يغطي الكاتب جوانب مهمة في العمل التطوعي الخيري مؤصلا له من الناحية الدينية وعلم الاجتماع، متطرقا لأشكاله وعوائقه والعوامل الجاذبة له وأدوات التهيئة لبيئة العمل التطوعي. 



في الفصل الأول من الجانب العملي الذي حرص الكاتب فيه على توثيق تجربته العملية خصصه للجانب الإداري من العمل التطوعي معددا المهارات والواجبات الإدارية التي يجب على ادريي العمل الخيري التمكن منها كالتخطيط والتنظيم وإدارة الكوادر والرقابة، ثم رسم الكاتب الهيكل التنظيمي للجمعيات الخيرية ذاكرا المناصب الإدارية ومهامها واعمالها التنفيذية ومرجعيتها الإدارية، وبعدها خصص جزءا لأنشطة الجمعيات وبرامجها مع التعريف بها، وأخيرا تحدث عن التمويل والاستثمار والتسويق للجمعيات، مرفقا جدولا لبرنامج وانشطة الجمعية (كمثال). 



خصص الكاتب الفصل الثاني للتفصيل في مجال المساعدات المالية والمادية الخيرية الدائمة والموسمية التي تقدمها الجمعيات كمساعدة الايجار وتسديد الديون والدراسة وغيرها مضمنا إياها للجداول والنماذج التي يمكن استخدامها في هذا المجال. 



وختاما يظهر لنا الهاجس الذي يحمله الكاتب والذي يتوخاه عبر كتابه هذا، إذ أن سلامة القصد وطيب المبتغى من العمل التطوعي الخيري لا يكفي لسلامة إنجازه بل إن التنظيم الإداري والإدارة السليمة أساس لابد منه راجيا أن يكون لهذا الكتاب سد ثغرة ملحة في هذا المجال، ونحن إلى جانب الكاتب ندعو وحدات العمل التطوعي للاهتمام بهذه الجوانب وأن تستفيد من الخبرات المنجزة والمبسوطة أمامها. 








السبت، 15 سبتمبر 2018

عرض كتاب اعبر ليل النص واصابعي شعلة

أعبر ليل النص وأصابعي شعلة 






عنوان الكتاب: أعبر ليل النص وأصابعي شعلة

الكاتب: كاظم الخليفة

الطبعة: الأولى 2018

عدد الصفحات: 214 صفحة



من إصدارات النادي الادبي بالرياض

الناشر: المركز الثقافي العربي




يمكن لأي انسان أن يقرأ النصوص الأدبية شعرا كانت ام نثرا ويستمتع بجمالياتها، يطرب باللغة والمفاهيم والأفكار التي تقدمها تلك النصوص، وبقدر ما تعطي من روحك لها يمكنك أن تأخذ وبقدر ما تنفتح عليها يمكنها ان تكشف لك من مكنونها وروائعها، غير أن لكل شيء حدود فتلك جزء من طبيعتنا البشرية، ولذا ربما نحتاج إلى دليل يضيء لنا الدرب ويرشدنا الطريق لنعبر ليل النص بسلاسة ونخرج من كهفه بسلامة، وهنا يأتي الأستاذ كاظم الخليفة يتبرع بأصابعه شعلة لنا. 

تميز الأستاذ الخليفة بذائقته الفريدة واطلاعه الواسع وقدرته الفائقة على فتح حواسك وعقلك ومشاعرك تجاه تلك النصوص الأدبية، جرّب أن تقرأ نصا ثم اطلع على ما كتبه الأستاذ الخليفة ثم ارجع لقراءة النص تارة أخرى حينها ستجد نفسك أمام نص جديد لم تقرأه من قبل. 

قسّم الأستاذ الخليفة كتابه إلى ثلاثة فصول، الأول: اختص بالنصوص الشعرية، والثاني: افرده للرواية أما الثالث: فكان للقصة والقصة القصيرة. 

وفي كلا القسمين اختار عيونا من النصوص الأدبية الرائعة لشعراء وأدباء محليون وقدم قراءاته المميزة لها، من الأسماء التي تناول نصوصا لها: شعرا: محمد الحرز-جاسم عساكر-علي النحوي، ومن الادباء في مجال الرواية: جبير المليحان وحسين الأمير، وفي مجال القصة قدم قراءة لمجموعة أحمد العليو - عبدالله الوصالي- امينة الحسن –طاهر الزراعي- جعفر عمران- عبدالجليل الحافظ، وغيرهم من الأسماء المحلية المعاصرة. 

في بداية الكتاب طرح الأستاذ الخليفة عدد من الهواجس والتساؤلات التي وجدها ضرورية أمام قصيدة النثر: منها الفرق بين الشعر والنثر؟ هل تحول الشعر إلى صيغ جديدة تتجاوز قوالب الفراهيدي يعد تطورا طبيعيا مقبولا أم تجاوز محظور؟ هل لشعر النثر قواعد محددة أم أن الغموض جزء من الطبيعة؟ 

ناقش الأستاذ الخليفة برشاقة سؤالا لطالما كان محل جدل، السؤال هو: ما الفرق بين الشعر والنثر؟؟ فينقل عن (وو كياو) قوله: "بأن رسالة الكاتب مثل الأرز: عندنا تكتب نثرا فإنك تطبخ الأرز، عندما تكتب الشعر فإنك تحول الأرز إلى نبيذ.. طهو الأرز لا يغير شيئا من شكله، لكن تحويله إلى نبيذ يغير شكله وخصائصه. الأرز المطبخ يجعل المرء يشبع، ويحيا حياة كاملة، النبيذ يجعل المرء ثملا.."، وبعدما يطرح الكاتب عدد من النظريات حول هذا الفرق، ليصل إلى نتيجة أن الفرق بين الشعر والنثر خيط رفيع لا يمكن للنظريات الجامدة القبض عليه، ويبقى للقارئ الفطن اكتشاف هذا الخيط بنفسه. 

ختاما: إن كنت مهتما بقراءة قصيدة النثر أو بالنصوص النثرية من رواية وقصة وإن كنت مهتما بالنتاج الأدبي المحلي فإن هذا الكتاب سيعطيك روحا ثانية كي تحيا بها وعينا ثالثة لترى بها ومشعلا منيرا لتسترشد به الطريق.. 











الجمعة، 20 أبريل 2018

قراءة في كتاب الحداثة والقرآن لـ سعيد ناشيد






قراءة في كتاب



الحداثة والقرآن

لـ سعيد ناشيد







الكتاب : الحداثة والقرآن

المؤلف : سعيد ناشيد

عدد الصفحات : 248

الطبعة : الأولى 2015

الناشر :دار التنوير



مقدمة:


في المقدمة يسرد الكاتب الصعوبة التي واجهها في محاولته للحصول على ناشر يقبل نشر الكتب لعلمهم بأنه سيحجب في معظم البلدان العربية، فقد تلقى تنبيها من جورج طرابيشي بأن منسوب الجرأة في الكتاب أكثر مما هو مسموح به عربيا.

يحاول الكتاب طرح صورة جديدة عن القرآن الكريم تتوافق مع الحداثة، وهي بلا شك لا تماثل بل لا تشبه الصورة التقليدية التي عرف بها المسلمون القرآن، فهو في صورته النمطية كلام الله التام الكامل الذي لا يأتيه الباطل محفوظ النص والمتن بأمر الله تعالى وتأويله مبسوط لعلماء الأمة وفقهاؤها.

لكن الكاتب يحاول إعادة تعريف القرآن ليقرر ما القرآن وما ليس القرآن حسب تعبيره.

يقول الكاتب في مقدمته: " يعبّر القرآن عن ثلاث قضايا متفاوتة، لا يجوز بأي حال من الأحوال أن نستمر في الخلط بينها:-

أولا: قضية الوحي الإلهي

ثانيا: قضية القرآن المحمدي

ثالثا: قضية المصحف العثماني.



عرض الكتاب:


القسم الأول: من النص إلى الأدلجة:

أهم ما في هذا الكتاب هذا القسم الذي يحاول رسم صورة حداثية للقرآن، فيجب على سؤال:  ما القرآن؟

يشرح فكرته وهي بأن هناك وحي إلهي أوحي إلى النبي على شكل صور وحيانية، ثم قام النبي بصياغته بلغة العرب القرشية وفق فهمه وظروفه فكان (القرآن المحمدي)، ثم قام المسلمون بجمعه وترتيبه عبر سنوات طويلة وهو ما وصل إلينا، وعليه فنحن لا نعرف سوى (المصحف العثماني) فقط.

ثم يطرح سؤالا: أين كلام الله؟ فيجيب : أننا لا نملك من كلام الله سوى كلام رسول الله، ولتوضيح فكرته يطرح مثالا: وهو مثال الخبز إذ هو من القمح، فنحن لا نملك شيئا من القمح (كلام الله) بل الخبز الذي أعطانا إياه النبي.

ثم يطرح سؤالا آخر : هل هناك نص مقدس؟

وللإجابة فإن الكاتب يستعرض مقولات مطولة قبل أن يخلص إلى أن النص المقدس لا وجود حقيقي له، فالقرآن إنما هو وحي إلهي صار مخلوقا ومؤلفا بلغة بشرية هو عرضة للنقص وسوء الفهم، ومضامينه عرضة للتبدل والزوال وتتأثر بتطور الإنسان وحياته.

ويقرر الكاتب أن التخلي عن الصورة النمطية للدين ضرورة لبقائه، فعقيدة التوحيد التي تعني (أن لا إله إلا الله) وحدها لب الإسلام وغيرها من أفكار يجيب أن يخضع للتبديل وفق الظروف المتغيرة، لكن ما جرى هو أن المسلمين بدلوا التوحيد الربوبي الخالص إلى تأليه النصوص وعبدوا الأسلاف.



ما الوحي؟:

ينقل الكاتب عن الطباطبائي قوله (أن الحضارة الإسلامية إنما هي حضارة النص..) ويقرر بأن لحظة تدوين القرآن تمثل نسق الانسداد المعرفي والفعلي للعقل الإسلامي، فكل ما أتى بعد ذلك كان عبارة عن تأويلات وتفسيرات للنص الديني، حتى أستفذ العقل الإسلامي كل قواه بعدما جرب كل أنواع التأويل والتفسير وبقي قاصرا عن معالجة مشكلات العصر.




وبعد أن ينقل مقولات عن حقيقة الوحي كأن يكون قوة تخيلية للنبي أو قوة نفسية تترجم الصور الوحيانية وتتأثر بمزاج النبي وطبيعته وبيئته يقرر الأمر ذاته على القرآن، ولدعم رأيه يقول نلاحظ أربعة ملاحظات حول آياته:

1- إنها لم تكن دائما على نفس المرتبة من القوة والإتقان (آيات محكمات وآيات متشابهات)

2- أنها ليست دائما على نفس المستوى من القيمة والأفضلية (آيات ناسخة وآيات منسوخة) (آيات أفضل من غيرها كآية الكرسي، وسور أفضل من غيرها كالفاتحة)

3- أنها ليست معصومة عن الخطأ (تسرب بعض الآيات الشيطانية- تسرب بعض الهفوات النحوية)

4- أن الرسول اكتفى لدى صياغة بعض الآيات بما بلغ إلى مسامعة من عبارات الصحابة (ما نزل على لسان بعض الصحابة.







النص والنقص:

كيف ترجم الرسول إشارات الوحي الإلهي إلى عبارات بشرية؟

يقرر الكاتب أن لا سبيل للجواب على هذا السؤال سوى بالاعتماد على ((الحدس العقلاني)) وحينها يقرر بأنها قد تكون تمثل في صور روحانية عميقة عجزت اللغة حينها على التعبير عنها بشكل تام.

ثم يدخل الكاتب في سلسلة من النوافي عن القرآن فيقرر بأنه:

- القرآن ليس الوحي

- المصحف ليس القرآن

- القرآن ليس دستورا

- القرآن ليس علما

- القرآن ليس نحوا

- القرآن ليس قانونا جنائيا







مراجعة على مجمل الكتاب:

في المجمل فإن الكتاب لا يقدم حلولا بل إشكالات مفتوحة، كما أنه لا يعد بحثا شموليا يعالج قضية حساسة كقضية القرآن الكريم لدى المسلمين، ويبدو لي أن الكاتب قد اتخذ من المنهج الأوربي الذي شاع في عصور التنوير مثالا، فقد كان من المعتاد أن ينقد مثقفو التنوير الكتاب المقدس نقدا حادا معتبرين أنه أكبر حجر يعترض التنوير المأمول، وبعدها قام مارتن لوثر بخطوته الثورية عندما ترجم نصوص الكتاب المقدس من اللغة اللاتينية إلى اللغة الألمانية المحلية لإسقاط السياج القداسي حول فهم نصوصه، وتاليا تجاوزت الحداثة النصوص المقدسة معتبرة أن الزمن تجاوزها، والأمر ذاته يطرحه الكاتب هنا بخصوص القرآن فهو يعتبر أن آيات القرآن نصوص زمنية تقادمت ولم يعد يجدي معها كل محاولات التأويل والتكييف في زمن الدولة الحديثة.

الحل الذي يطرح الكاتب هو أن يكون القرآن نص تعبدي خالص، يقرأ للبركة والتعبد بتلاوته وليس لأخذ أي فكرة سياسية أو علمية أو دستوية أو فكرية أو اجتماعية أو لغوية أوغيرها، إن الفكرة الوحيدة التي يمكن أن نأخذها من القرآن بحسب الكاتب هي فكرة التوحيد الربوبي الخالص لله وحده فلا عبادة ولا قداسة إلا له فقط.

عرض كتاب الفكر والرقيب


عرض كتاب 

الفكر والرقيب 





الكتاب: الفكر والرقيب

المؤلف: محمد بن عبدالرزاق القشعمي

عدد الصفحات : 256 صفحة

الطبعة : الرابعة 2016

الناشر : الانتشار العربي


مقدمة: 


في رمضان الماضي شرفت بزيارة لمنزل الكاتب والباحث محمد القشعمي وسعدت بهديته القيمة وهي نسخة من كتابه الفكر والرقيب، وهو واحد من إصداراته التي تعنى بالتوثيق والرصد للساحة الثقافية والإعلامية السعودية على مدار القرن المنصرم، والكتاب تميز بالشمولية والسعة في تطرقه لحوادث وقصص حول النشر والرقابة في المملكة، ورغم أهمية الكتاب كمرجع تاريخي لا غنى عنه إلا أنه يزخر بالطرافة الفكاهة ويصلح لبساطة لغته وأسلوبه لأن يقرأه الجميع، والطريف أن الكاتب الذي يتحدث عن الرقابة هو ذاته وقع في شراكه فهو ممنوع من الطباعة والنشر في المملكة. 

عرض الكتاب 

يضم الكتاب خمسة فصول قبل أن يختتمه بالملاحق والوثائق 

الفصل الأول : بعنوان حرية الرأي والتعبير، حيث يعبر مدخلا للكتاب يعرف فيه الرقابة وأشكالها ومبرراتها 

ويتحدث في الفصل الثاني عن الرقابة في المملكة معددا الأطوار التي مرت بها عبر العقود الماضية، ناقلا بعض القوانين التي صدرت في هذا الشأن، قبل أن يصل إلى نظام المطبوعات الأخير الذي ينص صراحة على عدم فرض رقابة على الصحافة إلا أن الواقع العملي بعيد عن ذلك. 

أما الفصل الثالث: المعنون ب(الرقابة على الصحافة) فهو من أثرى فصول الكتاب لما حواه من قصص وحوادث عديدة وكثير منها طريف، وهذا الفصل غني جدا بالمعلومات عن الصحافة الناشئة في المملكة منذ صحيفة صوت الحجاز الصادرة سنة 1932م، مرورا بصحيفة الأضواء ثم اليمامة إلى أخبار الظهران وكلها صحف انتهى مصيرها للمنع والإيقاف بل كان مصير بعض كتابها ومحرريها السجن والعقوبة. 

في جزء من هذا الفصل يتحدث الكاتب عن صحافة الأفراد التي لم يكتب لها عمر طويل إذ لطالما تعرضت للإيقاف والمنع والمصادرة ومنها الفجر الجديد –الإشعاع –الخليج العربي وذكر تجارب روادها ومنهم يوسف الشيخ يعقوب - سعد البواردي – عبدالله الشباط. 

الفصل الرابع لا يقل إثارة وغنى من سابقة إذ ما عند الكاتب القشعمي من المعلومات والقصص كثير، ما دعاه إلى تخصص هذا الفصل لتجارب الكتّاب مع الرقابة، وذكر فيه عشرة مقالات كانت مجالا للرقابة حيث تسبب في إيقاف الكاتب أو عزل رئيس التحرير. 
ثم يفرد الكاتب صفحات طويلة عن صحيفة أخبار الظهران وتجربة عبدالكريم الجهيمان معها لما يراه من أهمية لتلك الصحيفة التي حملت صوت الناس، وكانت أول من نشرت مقالا يدعو إلى تعليم المرأة مما تسبب في سجن الجهيمان ذاته.

وفي الجزء الأخير من هذا الفصل يخصصه الكاتب للأسماء المستعارة في عالم الصحافة والثقافة في المملكة، حيث يورد في البداية تحليلا حول الأسباب الكامنة خلفها وهي أسباب تتنوع من التقليعة والبرستيج إلى كونها وسيلة للهروب من عصا الرقيب الغليظة، وتاليا يسرد الكاتب الأسماء الحقيقية والمستعارة لعدد كبير من الكتاب والمثقفين والفنانين الذين عرفتهم الساحة السعودية. 

أما الفصل الخامس بعنوان الرقابة في عصر الفضائيات والأنترنت فيؤكد فيه على انتفاء فائدة الرقابة مع التحول الكبير في وسائل الاتصال الحديثة.
ويختتمه الكاتب بعدد من المقالات الشخصية التي منعها الرقيب.