الخميس، 23 يناير 2014

الليبرالية .... محاولة للفهم 2/3

الليبرالية .... محاولة للفهم
2/3




مفهوم الليبرالية :-
هو احد اكثر مفاهيم الحداثة دينامكية , وربما اكثرها حياة و فاعلية في الغرب , وهو ذو اوجه اقتحمت عالم السياسة كما اقتحم عالم الاقتصاد و كذلك عالم الاخلاق و الفلسفة .
و يرتكز على ركيزتين أساسيتين :
                      أ‌-          الفردية
                    ب‌-        الحرية
                    ت‌-        و هناك من يضيف ركيزة ثالثة هي المساواة
من "līberālis" (ليبِرَالِس) اللاتينية وتعني "حر"-


تعاريف مختلفة :

1-     هي مذهب سياسي أو حركة وعي اجتماعي، تقوم على قيمتي الحرية و الفردية
2-    جاء في الموسوعة الميسرة:
"الليبرالية: مذهب رأسمالي ينادي بالحرية المطلقة في الميدانين الاقتصادي والسياسي".
ولها تعريفات مرتكزها: الاستقلالية، ومعناها: التحرر التام من كل أنواع الإكراه الخارجي، سواء كان دولة أم جماعة أم فردا، ثم التصرف وفق ما يمليه قانون النفس ورغباتها، والانطلاق والانفلات نحو الحريات بكل صورها:
مادية، سياسية، نفسية، ميتافيزيقية (عَقَدِيّة).
3-    وقد عرف (جان جاك روسو) الحرية الخُلقية ـ كما يسميها ـ فقال:
"الحرية الحقة هي أن نطيع القوانين التي اشترعناها نحن لأنفسنا".
4-   في الموسوعة الفلسفية العربية تحت مادة (الليبرالية) ما يلي: "جوهر الليبرالية التركيز على أهمية الفرد، وضرورة تحرره من كل أنواع السيطرة والاستبداد".
جوهر الليبرالية = التركيز على أهمية الفرد + التحرر من كل سلطة خارجية
"الليبرالي يصبو على نحو خاص إلى التحرر من التسلط بنوعيه: تسلط الدولة(الاستبداد السياسي)، وتسلط الجماعة(الاستبداد الاجتماعي)".
5-  يقول موريس كرانستون (ت 1967): البروفسور البريطاني أستاذ العلوم السياسية، ومن أهم من كتب عن المفكرين الليبراليين الأوائل (جون لوك، وروسو) «الليبرالي هو المؤمن بالحرية». وإذا احتجنا لتعريف ما هي الحرية سنجد أهم فلاسفة الليبرالية للنصف الثاني من القرن العشرين الفيلسوف البريطاني "أشيعا برلين" (( يحدد الحرية بالاستقلالية وغياب الإكراه))
6-  في القاموس الحر (The Free Dictionary) يُعرَّف الليبرالي بأنه الشخص ذو الأفكار أو الآراء الليبرالية، ونفس المعنى في قاموس لونجمان.
7-   وفي القاموس السياسي للموسوعة الحرة، الليبرالي هو الشخص الذي يؤيد الفلسفة السياسية التقدمية والإصلاحية وحماية الحريات المدنية.
8-   قاموس أكسفورد فنجد أن الليبرالية كصفة هي احترام أو قبول السلوكيات أو الأفكار المختلفة.. وكذلك الانفتاح على الأفكار الجديدة. ولمزيد من التفصيل يشير القاموس (طبعة 1989) أنه حتى في المؤسسات الدينية تطلق صفة ليبرالي على الأعضاء الذي يحملون أفكاراً «أوسع» وأكثر «تقدمية» من أولئك المتمسكين بالقواعد التقليدية.. بمعنى أن هناك شيخاً ليبرالياً وشيخاً تقليدياً..
9-  يعرفها  الدكتور الطيب بوعزة في كتابه (نقد الليبرالية) : هي فلسفة / فلسفات اقتصادية وسياسية ترتكز على أولوية الفرد بوصفه كائناً حراً , فمقولة الحرية هي المقولة المركزية التي يحرص المذهب الليبرالي على ابرازها في تحديد ذاته ونقد مخالفه , وكأنه هو وحده الذي ينزع نحو الحرية ويحلم بتجسيدها!

الافكار الاساسية في الليبرالية :
من المشكلات التي تواجه الباحث في الفكر الليبرالي هو أنها لا تؤمن بمرجعية عليا لها ، بل تعتقد أن كل ليبرالي بإمكانه أن يكون مرجعية لليبراليته ، لذا تختلف الليبرالية باختلاف الاشخاص و أفكارهم و عقائدهم و ثقافتهم ،  و لكن يمكن القول أن معظم الليبراليون يتفقون على بعض الافكار مثل :
o       الايمان بأن الفرد هو نواة المجتمعات و ليس الاسرة
o       الايمان بالمساواة بين الاجناس و الاعراق
o       الايمان بالقيم العليا للفرد  و حريته و حقوقه المدنية
o       الايمان بأن للفرد حقوق طبيعية مستقلة عن الحكومة و المجتمع
o       الايمان  الحد من سلطات الحكومة على الفرد


و يدعو الليبراليين الى :
·        في المجال السياسي : دولة دستورية ديمقراطية ترعى حقوق الانسان و حرية الاعتقاد و تحمي سلوكه الفردي، و وظيفة الدولة حماية و رفاهية الفرد
·        في المجال الاقتصادي : الاقتصاد الحر هو عدم تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية وترك السوق يضبط نفسه بنفسه، وعليها ان لا تقوم بأي نشاط اقتصادي

·        في المجال الاجتماعي و الاخلاقي : فإن الليبرالية لا تأبه لسلوك الفرد ما دام محدوداً في دائرته الخاصة من الحقوق والحريات ولكنها صارمة خارج ذلك الإطار






الثلاثاء، 21 يناير 2014

الليبرالية .... محاولة للفهم 1/3

الليبرالية .... محاولة للفهم 
1/3

 



مقدمة :  إشكالية المفهوم 

مفهوم الليبرالية كبقية مفاهيم النهضة و الفكر الحديث تشغلنا كثيرا و تطرح في اذهاننا الكثير من التساؤلات ، غير ان الوصول الى تصور شامل و كامل أو تعريف جامع مانع لها يكاد يكون ضربا من المستحيل و لهذا الامر اسباب عديدة ، غير اني اقف على سببين رئيسيين :

                      أ‌-          ان هذه المفاهيم هي مفاهيم متحركة و حية و متفاعلة مع الحياة و مع الوجود الفكري و الثقافي والسياسي و ليست مذاهب تاريخية قديمة ندرسها كما ندرس التاريخ ،  بل ان مفكريها و دعاتها مازالوا في طور التحديث و التطوير مما يجعلها في حالة تحول دائم .
                    ب‌-        ان هذه المفاهيم و لدت و نشأت في ظل ثقافة غريبة مختلفة عما يقر في اذهاننا و عقلياتنا مما يجعل هناك صعوبة طبيعية في فهم المراد من هذه المصطلحات و المفاهيم ، اضف الى ذلك حاجز اللغة فيما تكون الكثير من الترجمات أو الكتب المؤلفة في هذا المجال مفتقرة الى الاصالة و الدقة .


السرد التاريخي لنشأة الليبرالية :

كانت اوربا تعيش في صورة قبائل متخلفة قبل أن تعرف التحضر و بناء المدن  ، بعدها شهدت أوربا قيام امبراطوريات المدن و كان ابرزها الاغريق و الرومان ، حتى بسطت الامبراطورية الرومانية الوثنية نفوذها على اوربا و جزء من المشرق.

ثم اعتنقت أوربا النصرانية (عام 325م) بعد مجمع نيقية، حيث قرر رجال الدين المتنصرون في مجمع نيقية اختيار أربعة أناجيل من بين العشرات، كما أقروا عقيدة التثليث إلى جانب العديد من المناسك التي احتفظوا بها من وثنيتهم السابقة .

قامت النصرانية منذ نشأتها على السلطة الكهنوتية التي تعطي البابا ورجاله الحق في العصمة واحتكار الحقيقة، وتطور الأمر إلى التحكم في رعايا الكنيسة- أي عامة الشعب- بتملك الأراضي وفرض الضرائب ومنع الناس من التساؤل تحت ذريعة إبقاء "الأسرار المقدسة" خارج نطاق الشك، ووصل الأمر إلى التحكم في مصائر الناس الأخروية ببيع صكوك الغفران وادعاء البابا قدرته على حرمان من يشاء من الجنة، كما تمكن البابا من إقناع الجميع بحقه الإلهي في منح أي ملك أوربي شرعية الحكم أو حرمانه منها.

 وبهذه حطمت العقيدة الجديدة حضارة الرومان ، وابتدأت أوربا عصورها الوسطي المظلمة، التي امتدت من عام 410م (تاريخ سقوط روما بأيدي البرابرة) إلى عام 1210م (تاريخ ظهور أول ترجمة لكتب أرسطو في أوربا) الذي يوافق من عام  226 قبل الهجرة الى عام 606 هـ

ثمانية قرون من التيه، اصطلح المؤرخون الغربيون على تسميتها بالعصور المظلمة، حيث الانحطاط الكامل في كافة الفنون والعلوم، وكل ذلك تزامن مع انتشار النصرانية في أوربا، وانتقال العاصمة من روما إلى القسطنطينية بعد الاجتياح البربري  ، ومن هنا ارتبطت الوثنية بالحضارة والقوة، والدين بالهزيمة والانحطاط في الذهنية الأوربية منذ فترة مبكرة، وهو ما كان له آثار بعيدة المدى في علاقة أوربا بالدين.

الربط بين انهيار الحضارة الرومانية بتحول أوربا إلى النصرانية، والممارسة الكنسية الدكاتورية، حمل الأوربي على التشاؤم والنفور من الدين جملة، وكان له الحق في ذلك.. 


 ترافق هذا الاستبداد
الديني مع استبداد سياسي إقطاعي مماثل، مما أدى بطبيعة الحال إلى ظهور إرهاصات التمرد في بداية عصر النهضة الممتد بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر الميلاديين، إذ بدأت هذه الحركة بطابع ديني إصلاحي على يد الراهب الألماني "مارتن لوثر"، والذي أعلن الانشقاق عن بابا الفاتيكان الكاثوليكية. ودعا إلى تحرير الأفراد من سلطة الكنيسة في التحكم بضمائرهم واحتكار تفسير الإنجيل.

تزامنت هذه الحركة الدينية مع حركة ثورية أخرى جاءت من خارج الكنيسة، إذ ساعد جو الحرية في فلورنسا الإيطالية على استقطاب العديد من الأدباء والفنانين الأوربيين الذين ضاقوا ذرعاً بعسف الكنيسة، فقاموا بإحياء التراث اليوناني الأسطوري، ونشطت في الوقت نفسه حركة فكرية أخرى على يد "فرانسيس بيكون" لنقد المنطق اليوناني وإحلال المنهج العلمي التجريبي الذي استقاه مما تُرجم عن المسلمين في الأندلس، وقد ساعدت التطبيقات العملية لفيزياء نيوتن على الإيمان بجدوى العلم التجريبي،أن الموقف المتعنت للكنيسة من المنهج التجريبي- مع أن هذا المنهج لم يعدُ في بدايته أن يكون ضد منطق أرسطو فقط- قد أحدث ردة فعل عنيفة لدى العلماء حتى أصبح الدين في نظرهم معادياً لكل ما هو علمي وقابل للتحقق بالتجربة.

في هذه الأثناء، خرجت السفن الأوربية للبحث عن الذهب وكسرِ احتكار المسلمين للتجارة العالمية، وبدأت الطبقة الوسطى "البورجوازية" بالصعود مستفيدة من توسع التجارة وتزايد حركة الأسواق واستحلال الربا وتوظيف نتائج العلم التجريبي في انطلاق الثورة الصناعية، هذه التطورات دفعت بمجموعها إلى البحث عن بديل فلسفي للجمود السائد، فساعدت فلسفة "هوبز" على تبرير النزعة الرأسمالية بقيامها على النزعة الفردية الأنانية، ثم قدّمت نظرية "جون لوك" نموذجاً أفضل مع إقرارها بأن الملكية الخاصة هي الحالة الطبيعية للإنسان وأن "العمل" هو الأساس الأخلاقي الوحيد الذي يجيز للناس تملك الأرض المشاع، وهكذا وجدت الليبرالية طريقها إلى قلوب وعقول الناس.

ثم قامت الثورات الليبرالية الكبرى التي كرست الانتقال إلى العصر الحديث، وهي الثورة الإنجليزية (1688) والاستقلال الأمريكي (1775) والثورة الفرنسية (1789) ..



* السرد التاريخي مقتبس من مصادر مختلفة منها تلخيص لكتاب حقيقة الليبرالية

الخميس، 16 يناير 2014

بين فلسفتي الفرد و الجماعة


بين فلسفتي الفرد و الجماعة



بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية كان على العالم ان يختار بين فلسفتين أثنتين قسمت العالم ، الاولى شرقية سوفيتية اشتراكية ترفع شعار الواحد من اجل الكل ، أما  الثانية فقد كانت فلسفة غربية ليبرالية تعلي من شأن الفرد و رفاهيته و تعتبر ان الفرد هو وحدة المجتمع الاصغر و بالتالي فإن إكتفاءه يعني إكتفاء المجتمع و نجاحه .
كان التنافس على اشده بين المعسكرين و بينما أستطاع ان يحقق المعسكر الاشتراكي الكثير من الانجازات و المنافسة الشرسة إلا أنه فشل في تحقيق رفاهية المجتمع و سعادة الفرد ، و أنتهى مشروعه الاشتراكي عندما حول رجل كستالين خدمة الفرد من اجل الكل الى خدمة الفرد من أجل اقلية قليلة يقف على رأسها سكرتير الحزب الاشتراكي .
في الغرب تسببت الليبرالية الحادة و التركيز على الفرد أن يظهر الانسان أسوء ما فيه من شهوات و غرائز و شذوذ مما هدد تركيبة المجتمع و حيويته بل و بقاء العنصر البشري حيث تشهد العديد من الدول الاوربية تراجعا في اعداد السكان .
مواضيع حرية الفرد و حق المجتمع تشهد جدالا درويا في مواسم الانتخابات الغربية ، فقضية (الزواج المثلي) على سبيل المثال واحدة من ابرز هذه القضايا بين الليبراليين و المحافظين و هو انقسام بين حرية الفرد و حق المجتمع ، في الولايات المتحدة مؤخرا سعى الرئيس أوباما لإقرار قانون يمنح الزواج المثلي  صفة الاسرة مما يعطي المثليين الكثير من الامتيازات الخاصة بالاسر كحق التبني و الدعم المالي و غيرها ، و سابقا كان الرئيس السابق جورج بوش معارضا بشدة للمثلية و سعى لمنع اي تشريع لصالحها معبرا اياها مهددة لطبيعة المجتمع الامريكي .

عندما اراد الاباء المؤسسون في الولايات المتحدة الامريكية وضع الدستور الجديد كان لديهم هاجس كبير بين ديكتاتورية الفرد و طغيان الجماعة لذا سعوا الى صيغة فريدة من نوعها في توازن بينهما ، فالدستور الامريكي يمنح الرئيس حق إلغاء اي قانون يصدر عن الكونجرس مستخدما حق الفيتو و يجعل النواب بحاجة دائمة الى التنسيق مع الرئيس مما يخفف من عنت الجماعة ، و في الوقت ذاته منح المشرع الامريكي للكونجرس حق الوصاية الكاملة على أموال الدولة مما يجعل الرئيس عاجزا عن صرف سنت واحد دون موافقة الكونجرس في إجراء يمنع تغول الفرد و تحوله الى ديكتاتور يتصرف كيفما يريد .

أما في الاسلام و من خلال قراءة بسيطة لروح الشريعة الاسلامية فإنها تخاطب الفرد كمكلف كما ان الحساب يوم القيامة فردي لا جماعي و العقوبات في الاسلام فردية بقاعدة (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) و لكن الاسلام لا يهمل الجانب الجماعي فهناك ما يعرف بـ (فرض الكفاية) وهو أمر جماعي للمجتمع بالتنفيذ ، و الاثم لازم لهم جميعا حتى يقوم به بعضهم ، و هذه القاعدة لها العديد من التطبيقات كالجهاد و الامربالمعروف و النهي عن المنكر و غيرها .
و لكن الواقع في المجتمعات الاسلامية اليوم تضعف من الحريات الفردية لصالح الجماعة مما جعلها من أكثر المجتمعات انتهاكا لحق الفرد و أكثرها إنغلاقا و تطرفا تجاه الفرد المتمرد على نسق الجماعة مما ولّد حالة من "الظاهرة النفاقية" حيث يلتزم الافراد بأفكار الجماعة دون قناعة و يمحو الفرد شخصيته أمام المجتمع بينما يمارس ذاته عندما يجد هذه الحرية و خصوصا عندما يسافر خارجا .

إن إعادة الاعتبار للفرد في المجتمعات الاسلامية بات ضرورة ملحة و لكنها بحاجة الى أن يواجه المجتمع ذاته ، و حوار فكري جاد يوازن بين رغبات الفرد و يحمي قيم الجماعة .

الأربعاء، 8 يناير 2014

المنهج العلمي كأسلوب حياة

المنهج العلمي كأسلوب حياة



تغيرت حياة الانسان منذ اعتماده المنهج العلمي كأساس معرفي في مختلف العلوم و المعارف الانسانية حيث اصبح تعلم المنهجية العلمية ركن اساسي في التعليم العام في الدول الغربية و لكنه مازال محصورا في طي الكتب و عدد من المختبرات العلمية في دول العالم الثالث و هنا يأتي الفرق ، فالتعليم العام عندنا قائم على المعلومة الجاهزة و التلقين ، أما الجامعات فهي لا تختلف كثيرا عن حال التعليم العام ، فبدل ان يتحول الطالب الجامعي الى باحث يتحول الى متلقي للمعلومة الجاهزة  ، و بدل الرجوع الى المصادر العلمية يتحول للاعتماد على ملخصات المحاضر ، لذا من الطبيعي ان تجد الجامعي عندنا لا يختلف في تفكيره عن الامي في تقبّل الخرافة و الايمان بالخزعبلات .
في وضع كهذا حيث التعليم كما الحياة الاجتماعية تكرس التجهيل و تقبل الخرافة و الايمان بالمنقولات دون مناقشة منهجية يأتي دور الانسان الجاد في تعلم المنهج العلمي .
فأهمية المنهج العلمي ليس فقط في استخدمه الفني في المعامل و المختبرات بل بتحويله الى اسلوب حياة للفرد العادي ليتخلص من الاساليب المتخلفة التي تعتمد على الدجل و الخرافة .
فالمنهج العلمي يتعمد على المنطقية و اتباع القواعد للوصول الى الحقيقة و ليس الاعتماد على القوالب الجاهزة و المعلومات المنقولة دون تحقق ، و من أهم القواعد المنهجية كما وردت في كتب المنطق ككتاب (خلاصة علم المنطق للفضلي) التي يجب ان تتحول الى سلوك يومي هي :
-         الشك في كل قضية حتى يثبت صدقها
-         تحليل الموضوع و تجزأته الى اقسام و اجزاء
-         البدء بالبحث بين الاجزاء الاصغر فالاكبر
-         استيعاب كافة اجزاء البحث
-         الا تتناقض اجزاء البحث
و كما أن هناك مناهج عامة فإن هناك مناهج فنية متخصصة في شتى المعارف و العلوم .

عندما تعترض الانسان اي قضية أو يقرأ اي فكرة أو يسمع أي خبر ، فإن المنهج العلمي يحتم عليه ألا يضع ما يتلقاه موضع الثقة و التصديق التلقائي قبل المرور بعدة خطوات ، أولها يضعها موضع الشك و التساؤل و يصيغها في سؤال واضح ، ثم بعد ذلك يضع فرضية تخمينية أولية تفسر أو تعلل الحادثة ، ثم ينتقل الى اختبار هذه الفرضية و التأكد من سلامتها أو خطئها ، ثم رصد نتائج البحث و الاختبار قبل ان يعيد التأكد و الفحص .
و عموما فالمناهج العلمية عديدة كالمنهج الاستدلالي و المنهج الاستقرائي و المنهج الاستردادي و غيرها من مناهج يجدر ان يتعلمها الانسان لتكون جزء من روتين حياته اليومية .
إن اعتماد المنهج العلمي كأسلوب حياة يفتح للانسان آفاق كبيرة للمعرفة و يخلصه من الاوهام و المعتقدات الشعبية الرائجة ، و لكنها في ذات الوقت تجعله يعيش حالة دائمة من القلق و الشك و مطادرة ازلية غير منتهية بحثا عن الحقائق و المعارف .

إن الحياة في قلق البحث عن المعرفة خير من الاستقرار و السكون في جهل الخرافة .