الخميس، 4 ديسمبر 2014

الصلة بين التصوف و التشيع



عرض كتاب 



الصلة بين التصوف و التشيع




للدكتور كامل مصطفى الشيبي 





التعريف بالكتاب :
كتاب الصلة بين التصوف و التشيع للدكتور كامل مصطفى الشيبي الحاصل على الدكتواه في الفلسلفة من جامعة كامبريدج ، و استاذ الفلسفة الاسلامية في كلية الاداب بجامعة بغداد ، صدر في سنة 1963-1964 -1966 حيث صدر على ثلاثة اجزاء ، و الطبعة الثالثة (التي بين أيدينا)  في سنة 1982  في جزئين :
الجزء الاول بعنوان : العناصر الشيعية في التصوف ، و عدد صفحاته مع الفهارس و المراجع 663 صفحة .
الجزء الثاني بعنوان : النزعات الصوفية في التشيع ، و عدد صفحاته مع الفهارس و المراجع 535 صفحة .

يتميز هذا الكتاب بأنه أولا جهد بحثي رصيد بذل فيه الكاتب جهدا كبيرا في تقصي مسألة شائكة هي العلاقة بين فكرين أو تيارين اسلاميين كبيرين هما التصوف و التشيع ، و اساس هذا الكتاب كما يشير المؤلف أنه بحث لنيل درجة الماجستير استغرق إعداد اصله خمس سنوات ثم أنه تابع البحث فيه و الاضافة عليه على مدى ست سنوات اضافية ليعود من جديد فيضيف عليها ثلاث سنوات اخرى بغرض الخروج به في أبهى حلة فتمت اربعة عشر سنة فأثمرت كتابا قيما يتضح جهد المؤلف فيه .
لذا فإنك تجد أن الكتاب يحمل لغة بحثية رصينة و غنى كبير بالمراجع و المصادر المتنوعة و الكثيرة و كما كبيرا من النصوص التي تخدم البحث مع ارجاع القارئ لمصدرها الاصلي .

وضع الكاتب الجزء الاول من الكتاب في اربعة ابواب غنية بالفصول الهامة
فالباب الاول كان بعنوان التشيع : درس فيه المؤلف التشيع تعريفه و تأسيسه و مراحل تطوره و تشعبه و تفرعه حتى استقراره في صورته الحالية غير مغفل لدور الغلاة في تاريخه و دور الائمة في محاربة هذه التيارات و الحفاظ على اصوله ، مستعرضا أبرز اوائل الشيعة كسلمان و ابوذر و عمار  مركزا على جوانب الزهد و التصوف في حياة كل واحد منهم  ، كما أفرد جزءا للحديث عن الامام علي  و ما له من خصائص و مزايا وما لحقه من اسطرة و خرافات .
ثم يعرض لما لحق الشيعة من استضعاف بعد مقتل الامام علي وصولا الى محطة كربلاء التي كانت محورية في تاريخ التشيع ، و ما حدث بعدها من توالد فرق الشيعة و دخول الغلاة على خط التشيع مستعرضا ابرز اسمائهم و موقف الائمة منهم .
قبل أن يعود لتطور التشيع و أبرز الحوادث التي واجهها الائمة في حياتهم متحدثا بإسهاب عن ابرز الانشقاقات على التشيع كالزيدية و الاسماعيلية و غيرها .

و في الباب الثاني : جاء التعريف بالزهد الذي عرفه الاسلام في تاريخه المتقدم  فالزهد هو اصل التصوف، و حرص الباحث على استقصاء حالة الزهد في حواضنه المعروفة .. الكوفة و البصرة و الشام و خراسان و مصر ، محللا للدوافع النفسية و الاجتماعية التي شكلته ، معرفا برموزه و دعاته و أثرهم في التاريخ الاسلامي .
يدخل الكاتب في تفاصيل الزهد الذي ظهر على شكل لبس الصوف في الكوفة في اشارة لمعارضة حياة البذخ و الترف التي كانت سمة الامويين  فهي معارضة دينية و سياسية في ذات الوقت.
و يبحث الكاتب في أول من سمي بالصوفي و هو جابر ابن حيان الكيميائي المعروف مناقشا هذه الفكرة و حقيقتها ، الى جانب اسمين آخرين هما ابوهاشم الكوفي و عبدك الصوفي .
و من الكوفة ينتقل الى البصرة دارسا أحوال الزهد فيها متعرضا الى الحسن البصري ثم رابعة العدوية رائدة الحب الصوفي وصولا الى عبدالواحد بن زيد فمالك ابن دينار.
و منها الى الشام مستفتحا في البداية بزهد الرهبان المسيحيين الذين اضطهدهم الرومان قبل التحول الى المسيحية و أثره فيها ، ثم بالانتقال الى البيئة الشامية و أثر الامويين فيها ، مرورا بسيرة عمر ابن عبدالعزيز الحاكم الاموي الزاهد ، ثم ابو سليمان الداراني و خاتما بكعب الاحبار .
و بعدها انتقل الى البحث في الزهد الفارسي مستعرضا الحياة في خراسان و طبيعتها الثقافية و الدينية ، ثم عرض حياة زهادها منهم ابراهيم ابن ادهم ، و شقيق البلخي .
و ختاما الزهد في مصر ، مبتدءا بالارث الثقافي و الديني الفرعوني و المسيحي قبل الاسلام ، ومن ثم تطرق للاثر الاسلامي و معددا ابرز زهادها الليث ابن سعد و الحسن ابن خليل .

في الباب الثالث : بدأ البحث عن التصوف مجترحا أول تماس بينه و بين التشيع في مسألة الولاية و الامامة ، ثم محللا صلة التقاليد الصوفية بالتشيع و أئمته .
يعتبر الكاتب ان التصوف و التشيع يلتقيان في جعل الامام علي رأسا و زعيما له ، و قتبسين من حياة الائمة الاثني عشر كل دلالة على طريقهما ، و أن فكرة الولاية في التشيع هي فكرة القطب في التصوف.
لكن التصوف فتح الباب لغير ال البيت بتقلد الولاية و الخروج الى غيرهم ، مستعرضا الاولياء من التصوف كمعروف الكرخي و ذو النون المصري والحسين الحلاج و ابن عربي .
ثم يعدد الكاتب مقومات الولاية عند الصوفية و هي العلم و العصمة  و الكرامة و الشفاعة .
ثم يعقد فصلا لدراسة النظم و التقاليد الصوفية و صلتها بالتشيع ، و يختم بفصل في دراسة العالم الصوفي الروحي في التصوف المتأخر .


و أخير في الباب الرابع يتطر الكاتب الى ظاهرة الفتوة و الملاتية التي برزت في العالم الاسلامي شارحا خلفيتها المبثقة من فتوة الامام علي و تطورها و سلوكياتها التي عرفت بها  .
و يبدأ ببحث (الفتوة) في القرآن الكريم و الفتوة عند العرب ، قبل ان يتطرق الى بدء الفتوة كظاهرة جديدة في الكوفة حيث تقوم على خلق الرجولة و الارتقاء عن الانتهازية و الحرص على مطابقة الظاهر للباطن .
و مستعرضا بعدها الفتوة في الحواضن الاسلامية .
و من الى الملاتية و تطورها و تعدد اشكالها .


أما في الجزء الثاني من الكتاب فقد فرقه المؤلف في سبعة فصول :
الفصل الاول خصصه لدراسة التشيع من بدئه حتى غيبة المهدي و هو تلخيص لما ورد في الجزء الاول
أما الفصل الثاني فقد سبر غمار دراسة أوضاع الشيعة من غيبة المهدي حتى سقوط بغداد على يد التتار .
فيبدأ في الفصول الثالث و الرابع و الخامس بتقصي أحوال التشيع بعد سقوط بغداد و في العهد الايلخاني حتى العهد التيموري مستعرضا حال التشيع خارج الحواضن التاريخية و ذلك في الشام و مصر .
و يركز على تطور الفكر الشيعي في العهد التيموري مستعرضا ابرز الاسماء التي أثرت في العلاقة بين التشيع و التصوف كـ فضل الله الاسترابادي و نعمة الله الولي  و الحافظ البرسي و أحمد بن فهد الحلي و محمد بن فلاح زعيم المشعشعين  و نور بخش  و الواعظ الكشفي  و أخيرا ابن ابي جمهور الاحسائي .
ثم يخصص الكاتب الفصل السادس لدراسة التشيع في عهدي السلاجقة و العثمانيين .
و يختم بالفصل السابعة بالتشيع في ايران أيام الصفويين .











الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

جاسم المشرف و رودي جولياني

جاسم المشرف و رودي جولياني




لا أعرف لماذا قفز الى ذهني صورة عمدة نيويورك الاسبق رودي جولياني عندما شاهدت صورة الاستاذ جاسم المشرف على شاشة التلفاز و هو يدلي بتصريحاته حول حادثة الدالوة .. خصوصا عندما قال في برنامج الثامنة .. لن نتعامل مع الجريمة بدم بارد ..

القاسم المشترك أن جولياني وجد نفسه فجأة أمام اهم حدث عالمي بعد حادثة الحادي عشر من سبتمبر .. و قاد بنفسه عمليات الانقاذ و التحقيق ثم إزالة الركام و الدمار الهائل وصولا الى اعادة اعمار المنطقة ..
يومها قال الرئيس بوش أنه وضع كل امكانيات الحكومة الفيدرالية تحت تصرف جولياني ..

كان الاعلام الامريكي حينها يقول أن أقوى شخصية في امريكا اليوم هو جولياني و لا يملك أحد ان يرد له طلبا أو يمكنه ان يغضبه ..
و كان جولياني مرشحا للرئاسة و قد خاض الادوار التمهيدية بالفعل و لكنه لم يكمل السباق ..

الاستاذ جاسم الذي عرفته منذ سنوات كأديب و شاعر مميز .. ثم عن قرب كإداري حاذق و محنك عندما تصادفنا في قافلة التقوى للحج قبل نحو خمس سنوات و قد كان مديرها في ذلك الوقت ..

عرفت عنه الحكمة و الصبر  و سعة الصدر الى جانب التواضع و حب الحوار و القدرة على انجاز المهام.
جاسم الذي راعه ما حصل لأهله و أبناء قريته وجد نفسه فجأة أمام أهم حدث في تاريخ شيعة المملكة المعاصر .. حدث مفصلي بدون شك .. فتعالى على الالم و تقدم بدون ان يرشحه أحد لتولي زمام ملف مليء بالغموض و المطبات .. و بدون أن يتوقع شكرا من أحد أو مكافأة ما ..  استطاع ان ينظم و يدير ربع مليون انسان قدموا من أطراف المملكة و الخليج في مساحة ضيقة جدا و بإمكانيات متواضعة .. قاد كتيبة قوامها اربعة الاف متطوع ليؤمن اكبر جنازة عرفتها الاحساء في ظرف زمني قصير  فحقق نجاحا مبهرا رغم بعض الانتقادات التي لم تراعي الظرف الاستثنائي ..

جاسم ليس من النوع الذي تغريه الاضواء و منصات الاحتفالات و لكنه رجل يعرف المسؤولية و يقدرها .. و لا يبخل على ابناء مجتمعه بوقته و جهده عندما يرى ضرورة لذلك .. كما انه متحدث لبق و حصيف يجيد ايصال الفكرة بشكل مركز و فعال .. جاسم رجل صاحب مبادئ و قيم و هو وفيّ لها دون تشدد فتجده منفتحا على الاخر دون ابتذال ..
لقد كانت قرية الدالوة محظوظة بجاسم بل الاحساء بل الوطن كلنا محظوظون بهذا الرجل ..


أعرف أن جاسم المشرف سيعود غدا لمنزله و لوظيفته دون أن ينتظر من أحد كلمة شكر أو تقدير .. و لكن حقه على كل الناس ان يقولوا له :  شكرا جاسم لقد كنت بحجم المرحلة و لقد كنت بقدر المسؤولية  نعم  #المشرف_يمثلني و #المشرف_يشرفني ..

الأحد، 9 نوفمبر 2014

الدالوة ... كي لا تضيع دمائهم

الدالوة ... كي لا تضيع دمائهم



اليوم و قد وّريت جثامين شهداء الدالوة الثرى بعد أيام على المذبحة المفجعة ليلة عاشوراء و قد هزت اركان المجتمع .. و لم يبق اليوم سوى أنين الاحبة الفاقدين و نواح الامهات الثكلى .. هل سننسى هذه الفاجعة ؟؟
نحن مجتمعات سريعة النسيان رغم كثرة الحوادث المفجعة و ردات الفعل الكبيرة  إلا أننا سرعان ما نطويها بالنسيان و نعود الى روتين الحياة اليومي و تحل محل تلك الحادثة حوادث أخرى .

ما يهمنا اليوم لا ما حدث .. و لكن ما بعد الحدث .. و هنا اشير الى عدة أمور

التأهب و التحرز
بالرغم من الجهود المشكورة التي بذلتها وزارة الداخلية في سرعة القبض على الجناة وتتبعهم عبر عمليات أمنية خاطفة إلا ان هذا لا يعني أن نركن و نضع الحمل كله على الاجهزة الرسمية فنحن كمواطنين علينا دور ضروري في منع تكرار حادثة الدالوة في اي مكان آخر .. لذا يجب المبادرة الى تأمين أماكن العبادة من مساجد و حسينيات من خلال وضع كاميرات امنية و توفير حمايات من أفراد يمتلكون الحس الامني و تأمين المداخل و المخارج بشكل يمنع المتسللين من الدخول و التعاون من اجهزة الامن خلال المواسم الدينية .

مكافحة التحريض
أصبح من الضرورة الان ان نحصن الجبهة الداخلية خصوصا في نقاط التماس بين السنة و الشيعة كالاحساء .. و من أهم الخطوات الضرورية هو مكافحة التحريض ..
إذا كان البعض يرى أن اصدار قانون في هذا الشأن هو السبيل لذلك فإني ارى ان القانون مفيد على المدى البعيد أما الان فإن التواصل مع الجهات التنفيذية من وزارات و هيئات هي الخطوة السليمة .. فبيان أو خطاب واحد صادر من جهة حكومية ما يمكنه أن يقوم بالكثير .. كما حدث الجمعة الماضية عندما وجه وزير الشؤون الاسلامية لخطباء الجمع فرأينا معظم الخطباء يحث على السلم و المحبة بين المواطنين .
كما أن نخب و أفراد الطائفيتن مطالبين بتعزيز التواصل و التلاقي و التلاحم على ارض الواقع ليكون محاصرة التحريض واقعيا على الارض .

دفع الفتنة
ان المؤشرات الاولية تقول ان منفذي عملية الدالوة ينتمون لفكر القاعدة و الدواعش إلا أن الاتكال على هذا الظن لا يكفي .. فإذا كان الهدف من العملية أشعال فتنة طائفية في البلاد فإن المستفيد من هذه الفتنة أطراف كثيرة و ليس الدواعش وحدهم بل أن دولا معادية و حاقدة قد يكون لها ضلع في دعم و تحريك هؤلاء .. و هذه الجهات لا يبدو أنها ستتوقف عن مساعيها الخبيثة.
إن مخطط الفتنة خطر كبير .. لو وقع لكان وقعه على الشيعة أشد من السنة كونهم الاقلية .. لذا فالعمل على دفع هذا الضرر ضرورة ملحة أكثر من التفكير بمكاسب في هذه اللحظة العصيبة.
إن بعض الاصوات التي عابت على المشايخ و الوجهاء عدم تقديم طلبات و مكاسب من المسؤولين أثناء زيارتهم للمنطقة غفلوا أننا أمام خطر محدق يجب دفعه بالتأكيد على قوة النسيج الوطني .. و لسنا أمام مغنم لنقايض دم الشهداء بمكاسب ما .

تخليد الذكرى
يجب ان نتذكر هذه الحادثة كل يوم .. و نوصلها الى اقاصي الارض .. فالعمل يبدأ اليوم على المستوى الاعلامي و الثقافي لمشوار طويل كي لا ينسى أحد هذه الفاجعة .. و هذه الحادثة تتحمل عشرات و ربما مئات الافلام القصيرة التي تحمل قصص الشهداء و توثق الحدث الى جانب الادب في الشعر و القصة و المقالات الخ.. و الاحساء لا ينقصها المبدعون في شتى المجالات .

الاحساء ما بعد شهداء الدالوة ليست كما قبلها ... قضى الشهداء ما عندهم و افضوا الى ربهم فلا تضيعوا دمائهم ..


السبت، 18 أكتوبر 2014

الهوية .. أزمة انسانية

الهوية .. أزمة انسانية





تعد قضية الهوية من أهم مشكلات العصر الحديث لما أحدثته المتغيرات السريعة و الانتقال للافكار و البشر و السلع بين القارات بسرعة هائلة  مما أثر على استقرارها من نواحي مختلفة .

بالحديث عن الهوية يجب ان نفرق بين نوعين من الهوية

الهوية الاجتماعية:
وهي ما يميز المجتمعات عن بعضها  و هي عبارة عن الخصائص المشركة بين مجموعة من الافراد.

النوع الثاني هي
الهوية الذاتية أو الشخصية:
وهي ما يميز الفرد عن غيره و يعطيه خصائصه الفارقة

فبينما يعطي النوع الثاني انطباع ان الافراد متمايزون عن بعضهم ... يعطي النوع الاول الانطباع ان البشر متشابهون في كثير من الخصائص..

و من هنا نعرض لأصل كلمة الهوية
فهي مأخوذة من الضمير هو

و من الهوة و هي قعر البئر
مما يعني ان الهوية تعبير عميق عن حقيقة الانسان في داخله..

و في معجم المعاني
عرف الهوية انها حقيقة الانسان المطلقة و صفاته الجوهرية

وحقيقة الشيئ هي هويته

و عرف اريكسون هوية الانسان بأنها الوعي بالذات و فلسفته في الحياة..


يجرنا الحديث عن الهوية الى علاقته بالمثقف و ربما ليس اي مثقف انما المثقف المتطلع لتجديد واقعه و فتح آفاق جديدة ..

هذه المحاولة من المثقف يجعله في صدام مع من يرى ان الحفاظ على المكتسبات و الخصائص الاجتماعية من عادات و تقاليد و افكار - وهي مفردات الهوية- اولى من فتح نوافذ جديدة قد تؤثر سلبا ..

المثقف ليس من الضرورة ان يكون فاقدا للهوية او غير منسجم مع الهوية الاجتماعية ... و لكن المعضلة الحقيقية هي في عدم هضمه لهويته المحلية و الاستعجال في نقدها متكئا على ثقافة مستوردة..
و هذا يقودنا الى كلمات د. علي شريعتي خصوصا في كتابه مسؤولية المثقف التي صرخ فيها بوجه المثقف المستلب الهوية لصالح الذوبان في كل مستورد و طارئ...

من اصعب الامور ان يضطر شخص للدفاع احيانا عن افكار قد لا يؤمن بها بسبب انها تشكل هوية لمجتمعه و محيطه و عائلته..

تماما كحال كثير من المثقفين الذين ينقدون تفاصيل المذهب  و لكنه يضطر للدفاع عنه عندما يدخل في جدال سني - شيعي

و هنا استحضر احدى قفشات الصديق صادق السماعيل
عندما يحتدم النقاش في اي لقاء او ملتقى حول احدى مكونات المذهب كنقد رجال الدين او الحسينيات او ..ليقول للناقد ..
نهايتك بتموت و سيتم تغسيلك و تكفينك و دفنك على الطريقة الشيعية و سيأتي معمم شيعي لينزل في قبرك و يلقنك على الطريقة الشيعية و سينصب عزاك في حسينية و سأتي ملا ينوح على مصيبة الزهرا..

هذه ليست نكتة بل حقيقة تجذر الهوية و الانتماء مهما نقد المثقف او حاول التمرد..

العرب و الهوية
جرب العرب الهوية القومية العربية و قاد هذا التيار الرئيس المصري عبدالناصر ..
ولكن هذا التيار فشل فشلا ذريعا في تحقيق اي حداثة للعرب .. بل لم يستطع تجسيد الهوية القومية في ارض الواقع..

و من هنا شقت الهوية الدينية الاسلامية بقيادة تيارات الاسلام السياسي خطها في تخليق هوية دينية كبديل للقومية..

و عندما استشعرت الانظمة العربية خطر التيارات الدينية العابرة للحدود اطلقت ما سمي بالهوية الوطنية ..
و لكنها الى اليوم لم تثبت صلابتها في مواجهة اي تيار ديني او قومي او فكري و هو احد اسباب ضعف الدول العربية و ضعف انتماء الشعوب العربية لكياناتهم السياسية الحالية..
         
العولمة ماذا حققت ؟؟

كانت العولمة حديث المجالس في التسعينات، و كان القلق من تغلغل المفاهيم الغربية و الامريكية تحديدا الى المجتمعات المغلقة و التأثير في هويتها متصدرا للخطاب الديني و الثقافي..

السؤال بعد نحو عقد و نصف من اثر العولمة.. هل تأثير هويتنا المحلية بها؟؟ما نوع الاثر ايجابي ام سلبي؟ و هل كان الخطاب حينها واقعيا ام مبالغ فيه؟

في مقابل العولمة و من اجل مواجهتها طرح البعض فكرة العالمية ..
تتلخص في الفكرة بالاعتراف بكل الهويات و الثقافات الانسانية و التعايش معها بدل نموذج العولمة الذي يعني تصدير نموذج واحد للبشرية و هوية واحد لكل الناس..

ومثال ذلك
ان العولمة تؤدي الى تجد في كل مدينة من مدن العالم الناس ترتدي بنطلون جينز و تأكل في ماكدونلز و تركب سيارة فورد

اما العالمية
فتعني ان تجد  في كل مدينة في العالم مطعم امريكي الى جانبه مطعم صيني و مطعم هندي آخر عربي و هكذا ..

لنتحدث عن فكرة طوباوية انتشرت لفترة من الزمن خصوصا في الغرب
و هي فكرة الانسان العالمي او الكوني..
الفكرة تتلخص في فئة من الناس قررت ان تنتمي للبشرية ككل و ان تنتمي الى كل الانتاج و الحضارات و الاديان و الافكار الانسانية بذات الدرجة دون تحيز او تعاطف مع فكرة دون اخرى.
و تريد هذه الفئة ان يتم اصدار جوازات سفرها من الامم المتحدة و يكون معترفا به في كل دولها و ان تتم كل معاملاتهم المدنية عن طريق المنظمة الدولية و ان لا يحملوا جنسية محددة بل تكون جنسيتهم الانسانية و دولتهم الكرة الارضية..

هذه الفكرة لقيت رواجا خصوصا بين اليساريين في الغرب لكن الفكرة ابعد ما تكون عن التطبيق..

صراع الهويات:

سلط أمين معلوف الضوء بشكل مكثف في كتابه الهويات القاتلة .. و طرح عدة نماذج لصراع الهويات ..

و قدم معلوف عدد من النماذج منها صراع البلقان في يوغسلافيا السابقة .. فبعدما كان الشعور بالانتماء طاغيا أيام يوغسلافيا تيتو .. تحول الى صراعات دامية بين أطياف الشعب اليوغسلافي من بوسنيين و صرب و كروات..
و البوسني اصبح يشعر بانتماءه الديني اكثر من الوطني بعد المجازر الوحشية و التطهير العرقي و الاثني ..

و طرح معلوف تجربته الشخيصية ايضا  قبل انتقاله الى فرنسا ..
حيث اضطرته ظروف الحرب الاهلية للهرب من لبنان ..
هو المسيحي الكاثوليكي من طائفة الروم الملكيين في عائلة منقسة بين الطوائف .. بل و ان احد اسلافه متهم بالماسونية..
 و رغم انه تابع للكاثوليك إلا انه مسجل كبروتستانتي بس خلاف عائلي ...
لديه جدة تركية الاصل و جد ماروني مصري ...
مسيحي لغته الاصلية العربية التي هي لغة الاسلام.. و لكنه يفكر و يكتب بالفرنسية


يتسائل معلوف هي هذه الانتماءات تجعلني مشترك مع ملايين البشر في هوية واحدة ام انها تعني انني ذو هوية فريدة لا تشبه احد..

في ظروف كظروف الحرب الاهلية او الانتخابات الطائفية كلبنان بجانب من يجب ان يصطف ؟؟و اي فروع هويته احق بنصرته و الانتصار له؟؟

نموذجين في مقاربة صراع الهويات..
في ايطار محاولتها لمقاربة صراع الهوية أفرزت التجارب العالمية نموذجين هما :

النموذج الاول
هو النموذج الفرنسي

و يقوم اساسا على صهر الهويات الفرعية في هوية وطنية شاملة...و السعي الى دمج الاقليات في الثقافة الام و تسهيل عملية ذوبانهم في المجتمع..

اما النموذج الثاني..
فهو النموذج البريطاني..

ويقوم على اساس تشجيع الهويات الفرعية على الاستمرار و النمو و تعويد المجتمع على تقبل الاختلاف .. و اعتبار الهوية الوطنية عبارة عن مزيج من الهويات الفرعية ..
و لعل سبب الاتجاه البريطاني الى هذه الاسلوب هو كون بريطانية دولة اتحادية تضم بالاساس عدة هويات و العلم البريطاني عبارة عن تجميع لاعلام الاقاليم المشاركة في الاتحاد.

على الصعيد الدوي فإن معظم حكومات العالم الثالث تتبنى النموذج الفرنسي و تعتبر ان صهر الهويات الفرعية في هوية وطنية شاملة ادعى للاستقرار السياسي..

و لكن دول اخرى كاستراليا و كندا حققت استقرارا كبيرا باستخدامها النموذج البريطاني .. فيما تعاني بعض الدول التي اعتمدت النموذج الفرنسي من الصراع المستمر..






الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014

الحج ... آفاق فكرية و روحية و اجتماعية

حوار حول :

الحج ... آفاق فكرية و روحية و اجتماعية



اعداد و تحرير :
عقيل عبدالله

المشاركون في الحوار :
د. صلاح الهاجري
د. علي الحمد
الشيخ جاسم الحسن
الشيخ رياض السليم
الاستاذ عقيل العليوي
السيد محمد طالع العلي
الاستاذ حسين الموسى
الاستاذ عبدالمحسن الحسين
الاستاذ صالح عساكر
الاستاذ كاظم الخليفة


للحج آفاق كثيرة و جوانب عدة يمكن من خلالها تناوله كالجانب الروحي او المعنوي الى الجانب الاجتماعي الى السياسي الى الاقتصادي الى الفقهي الى الخ..
و كل شخص يمكن ان يكون له جانبه المفضل في تناول الموضوع لذا ستكون المساحة كافية للجميع للتعبير بما يناسب المقام من افكار و معلومات ، هذا الحوار الراقي كانت ساحته قروب آراء و أصداء الواتسابي .

وله ثلاثة محاور وثلاثة أسئلة مفتاحية:

الأول: معنويا وروحيا،
كيف يمكن استثمار طاقة الحج الروحية لبعث روحي للإنسان المسلم المعاصر الذي يعاني تراجعا على مستوى المعنويات وإحباطا على مستوى الإنجازات؟

الثاني: اجتماعيا وسياسيا،
هل يمكن أن تثمر البساطة في الملبس والوحدة في المقصد والسلوك صفاءا لرؤية ضبابية، وجلاءا لهموم متراكمة، وتوحيدا لجهود مشتتة ومتضاربة؟

الثالث، اقتصاديا، كيف يمكن أن نستغل الهدي والكفارات في سد بعض حاجة أهلنا وفقرائنا في مدننا وقرانا؟


أفتتح المشاركات  د.صلاح الهاجري فقال:
 في الحج يلتقي المسلمون في ايام و اماكن محددة على اختلاف مذاهبهم و ثقافتهم ،و الكل يرى نفسه على الحق، فاذا انشغل كل طرف بتقييم عبادة الاخر
و اراد اصلاحه سيصطدم المسلمون مع بعضهم بعضا و سيكون الدين سببا للفرقه و الخلاف، اما اذا اعتقد الجميع ان الله وحده هو المقيم للعباد في عبادتهم سيكون الخلاف طبيعي و مقبول بل و سيتمنى الجميع الخير و القبول من الله برغم الخلاف و التناقض في بعض الاحكام الشرعية.

مهما عملوا هناك فروقات بين المذاهب و داخل كل مذهب و هذا نتيجة اختلاف الناس و افهامهم و بيئاتهم، و مرونة النصوص التي تجعلها تحتمل اكثر من وجه

فترك الحكم لله و الذوبان في محبته وطاعته و هو الضمان للوحدة وقبول بعضهم بعضا، و الحج هو اكبر مثال على ذلك  فتجمع للمسلمين يبين ذوبان الفروق بينهم في هذه الايام يعطينا درس كل خلاف بجانب عظمة الله صغير

ثم أنطلق الاستاذعقيل العليوي:
 في الحج ارى هناك من الفوائد الكثيرة تعود للفرد وعلى الامة ،  لو استغل الانسان وجوده في مكه وعرف كيف اتى كل شخص الى مكه لعرف قصة الكفاح والكدح التي اوصلته الى مكه ،
في الحج تتعرف على مختلف الوان واطياف المذاهب او مذهبك الذي تنتمي اليه ، لقد قابلت بنفسي  العراقيين المغتربين في امريكا واستراليا وتعرفت على اوضاعهم وكذلك ساعدني الحج في زيارة بعثات المراجع الدينيه وماهي هموم هذه البعثه ففي بعثة السيد الشيرازي مثلا تجد التوصيات من اكثر من رجل دين يجلس معك ، اتذكر في اول حجه جلسة مع سماحة اية الله سيد مرتضى الشيرازي اسدى الي النصح وقال لي فليكن هدفك نشر فكر اهل البيت ليكن حلمك طباعة مليون كتاب واورد قصة عن والده السيد المجدد رحمه كيف شجع رجل لبناني  وفعلا طبع مليون كتاب تشعر من خلال هذه الكلمات بث الروح في شخصك من خلال كلمات التشجيع ، وكذلك جلسنا في العام الذي يليه مع الشيخ ناصر الحائري من نفس البعثه وناقش اوضاع العراق واهمية شورى الفقهاء ، حقيقة البعثات اذا جلست فيها وناقشت في فكر المرجع او اهداف المرجعيه تشعر ان هناك عمل ليس فقط وظيفة البعثه توزيع كتب او احكام تعطى ذهبت ايضا لبعثة المرجع الديني سيد تقي المدرسي وذكر اهمية الحج في توحيد المسلمين وكذلك المعاناة التي يعيشها شيعة اهل البيت وماهوالدور المطلوب منهم وكان الحج شبه بورشة عمل على الفرد وعلاقته بربه وعلى مستوى الامه والهموم التي تعيشها الامه وماهو دورك كفرد او كمجموعه ان تشعر انك مسلم وهموم المسلمين تسمعها هذا وذاك تجعلك في موقف مع نفسك ماهو واجبي تجاه المسلمين ،  تأليف كتاب او تغرد او تساهم في نشر فكر بناء يهدم التطرف والعصبية التي تعيشها الامة هذا تصوري عن الحج .


السيد محمد العلي:  يشعل ومضة ضوء فيقول :

الحج .. شهر الصلح

يقول تعالى (فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج)
أشهر الحج .. توحي لنا بالتصالح مع الذات ومع الآخرين .. هي سلام نفسي وتسليم الذات لبارئها جل وعلا ومن باب آخر مسالمة وصلح مع الآخرين بالابتعاد عن الجدال المقيت والسباب واللغط الذي لا طائل منه.

- الحج شهر الوحدة والتوحد

يقول تعالى (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس)

مع كل الاختلافات وكل الخلافات اعمال الحج واحدة وإن اختلفت المسميات هنا وهناك .. اللبس واحد والتكبيرات واحدة المكان والزمان.. الأصوات تتعالى .. لبيك اللهم لبيك .. الكل عبيدك يا رب متساوون تحت بساط رحمتك .... لنتعرف أن مشتركاتنا ونقاط التقائنا أكثر مما نختلف حوله...

- الحج .. إخلاص

يقول تعالى ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق)

الحج نداء إلهي .. وإستجابة من العبد ليضع نفسه في ميزان الإخلاص .. فلا يجدك ربك إلا تلبيه مخلصا له لا توازيه بغيره .. ففي كل حركاتك وسكناتك تعبر عن اتصالك به تعالى .. حين تطوف فإنك تتعلم أن تكون وتعيش في الساحة الإلهية لا حول أحجار تفرغها من الروحية وإنما هي رمزية لتكون مع الله وله .. وحين تسعى تتفكر في مسعاك لدنياك وآخرتك لمن وفيما ولماذا؟!.. حين ترمي الجمرات فأنت تخاصم وترمي آثامك وما فسد من أخلاقك لتصلحها لترمي عداواتك وبغضائك.. حين تلبس لباس العيد فأنت تتلبس بلباس المحبة ولباس العلم.. وهكذا في كل حركاتك وأفعالك..

 د.علي الحمد ينسج رؤيته للحج فأتى تعليقه بـقوله:
  الحج، كما أراه، هو رحلة بحث عن الله.

فهناك من يبحث عنه في طقوس الحج، في التحقق وإعادة التحقق من النية، في عد أشواط الطواف، في الهرولة بين الأضواء الخضراء، في عد الحصيات وملاحقتها، في سؤال الشيخ عن كل تفصيل صغير، في اتصال منسق الحملة مؤكداً الذبح قبل التقصير، وفي القلق الذي يصاحب طواف النساء، وما أدراك ما طواف النساء.

وهناك في الطرف الآخر من يبحث عن الله في تزاحم الحجاج وتدافعهم، في ابتهالاتهم ودموعهم، في صراخ الأطفال المحمولين على أكتاف آبائهم، في عرق الشباب الذين يدفعون عربات أمهاتهم، في قرصات بعوض عرفات، في النوم بلا نوم في طرقات منى، في كل متر مربعٍ من الأرض أضحى سريراً لجسدٍ منهك، في كل كيسٍ قماشي جمع مدخرات شيخ فقير، في الشعر المتطاير في يوم النحر، في هدير الجمرات حين تصطدم بالصخر، في ابتسامة الحجاج عند إتمام مناسك حجهم، وفي عودتهم محملين بالهدايا التي اشتروها والحكايا التي سمعوها والإيمان الذي سرقوه في غفلة عن شياطينهم.



أما تعليق الاستاذ حسين الموسى فكان :

بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى:(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) [سورة الحج : 27] تأتي أهمية الحج كونه
 تجمعاً كبيراً ومحفلاً رائعاً لكافة أصناف البشر، أبيضهم وأسودهم، غنيهم وفقيرهم،صغيرهم وكبيرهم، ذكرهم وأنثاهم، في لباس واحد وأماكن موحدة،  لا يُرى فيها أي ميزة لأحد على أحد، وفي هذا إظهار لمعنى المساواة الحقيقية التي يدعو لها الدين الإسلامي الحنيف ويحث عليها، إذ في هذا المحفل لا يحس الفقير بفقره، ويتذكر الغني حال الفقير ويستشعر مأساته، ويتناسى الكل كل أشكال الفروق التي عهدوها في الأيام الماضية، فلا ميزة للون على لون ولا ميزة لعرق على عرق ولا لقبيلة على قبيلة، والكل هناك سواسية كأسنان المشط، والكل يضج بالتهليل والتكبير. لن نجد في غير هذا المحفل من المحافل العالمية الإظهار الحقيقي لمعنى المساواة، فما سوى الحج لن تجد إلا الفروق الواضحة والجلية. استطاعت فريضة الحج وعلى مر العصور والأزمنة أن تؤكد للبشرية أن الإسلام هو دين المساواة والعدالة وليست الأنظمة الوضعية والديانات المشوهة - أي الديانات التي تم العبث بأصولها من قبل معتنقيها-، فنجد أن تلك الأنظمة والديانات وإن ادعت المساواة لا تخلو من جانب التفضيل لفئة على فئة، ولعل ما نشهده من تعديات على حقوق الدول الأخرى من قبل مدعي المساواة والعدالة خير دليل على ذلك.



يقدم د.صلاح الهاجري وصفة أبداعيه فيقول:
موسمين حج في السنه الواحدة

يقال انه تم استشارة خبراء اجانب  مختصين في تنظيم المؤتمرات و المهرجانات للاستفادة من خبراتهم في التغلب على الازدحام. و صعوبة الحركة و النقل و التدافع والتزاحم، وبعد دراسة المشكلة كانت توصية الخبراء باقامة موسمين حج في السنة الواحدة!!
برغم غرابة هذا الحل الا انه موجود فعلا!!
كيف؟ 
فقط باحترام الخلافات المذهبيه اولا في تثبيت الهلال، هذا يجعل نصف الحجاج يقفون في عرفه و النصف الاخر يقف في اليوم التالي و هكذا بقيه المناسك
ثم لا ننسى الخلافات الفقهية الباقية بالنسبه لرمي الجمرات قبل الزوال او بعده وفي الليل للنساء و اصحاب الاعذار
و كذلك الاختلاف في احكام  الطواف و السعي ، واماكن التوسعة .
اذا تعدد المذاهب و الاجتهاد يوسع الاحكام ويسهلها ويعطي فرصة اكبر للعبادة و تذوق طعمها

كل المطلوب هو احترام التعدد المذهبي و الاجتهادي وترك الحكم لله وحده

أحد المشاركين علق على كلامه فقال:
رائع جدا د صلاح ما تفضلت به. فعلا لو يفعل هكذا أمر لما احتجنا ان نشنع على فقهائنا بانهم لا يقومون بتيسير احكام الحج لأن هذا الأمر ليس بيد المرجع حتى يغير رايه في اي من مسائل الحج .يقينا المرجع ليست من هواياته أن يتفنن في تعقيد الأحكام الشرعية لأني مؤمن بإنهم يعلمون بأن الله يحب أن يأتى برخصه كما ياتى بعزائمه ولكن هذا ما توصل اليه المرجع من دليل.



ينقل لنا عقيل عبدالله  تجربة مميزة فكتب :اليوم عصرا استمعت في المذياع لبرنامج يتكلم عن التجربة الماليزية في الحج.
كنت اعرف ان ماليزيا تحوز على لقب افضل بعثة حج .
لكن لم اكن اعلم ان الحاج الماليزي يكسب ماديا من الحج .. كيف؟
اليكم المفاجأة..
في ماليزيا اسست الحكومة صندوق باسم"صندوق الحاج"
مهمة هذا الصندوق استلام مبالغ شهرية بسيطة من كل مشترك ، يقوم الصندوق باستثمار هذه المبالغ وفق الشريعة الاسلامية ، بعد عدة سنوات يصبح المشترك مستحق لرحلة حج مجانية وفق عملية قرعة سنوية، كما يكون المشترك مستحق لأرباح سنوية سواءا ذهب الى الحج او لم يذهب و يمكنه الاستمرار في استلام الارباح حتى بعد الحج.
يقول احد المسؤلين على الصندوق نحن نطبق المفهوم القرآني "ليشهدوا منافع لهم "
فالنفعة تعم المجتمع ككل سواءا من يذهب للحج ام لا.
ايضا في ماليزيا مسجد الولاية وهو اكبر مساجدها ، و هو بحق مؤسسة رائدة ، عندما زرت ماليزيا التقيت باحد الماليزيين قال لي ان الحاج يجب ان يحضر ستة عشر فصلا دراسيا في المسجد ليكون مؤهلا للحج.
افكار ابداعية رائعة نحتاج لمثلها في مجتمعاتنا .


الاستاذ عقيل العليوي: يفتح ملف الحملات الاقتصادية المعروفة بأسم –حملات الرصيف - ، فيقول :

حملات الرصيف لذوي الخبرة وليس المبتدئين لمن يريد تحقيق خمسة حجات متتالية لاننسى ورود الرويات لتكرار الحج خمس مرات ورى بعض لذا على من يريد عمل هذا المستحب العظيم مراعاة مصروفاته ويذهب حملات الرصيف وواقعا حملات الرصيف تعتمد على خبرة الحج فهو من يختار مبيته اي وقت وهو من يخطط لاعمال الحج حتى الهدي بامكانه التعاون مع الجمعية دون الحملة لذا مميزات حملات الرصيف اتخاذ القرار بيد الحاج عطفا على ذلك انا بنفسي جربت حملة الرصيف صراحة اريح بكثير من الحملات الاخرى ،  لعدم وجود العوائل وتحمل مسؤليات العوائل وتاخيرهم وايضا ميزة الرصيف الاحكام الشرعية للحجاج تجد معرفة بالاحتياطات وتتعرف على احكام جديد من المعلم والحاج التنوع المرجعي بعض الحملات للاسف تقتصر على مرجعيه واحدة او مرجعيتين اما الرصيف خصوصا القطيف تجد ماشاء الله من المراجع تتعرف على التنوع المرجعي دون تعصب أو تشنج في ذكر الحكم لوجود التنوع طعبا هذا في الحملة التي ذهب معها ولا اعمم




الاستاذ عبدالمحسن الحسين: يعلق بقوله

الحج يمثل رحلة العبد إلى خالقة بهدف اللقاء به حين تسمو روحه فوق ملذات الدنيا لترتقي  إلى هدف أرقى من آداء النسك الظاهرية للحج، مستلهما من الحج الإبراهيمي أعلى درجات الحب والتسليم حيث حين اختلى إبراهيم عليه السلام بربه ليرى أن قمة الحب والتضحية من أجل لقاء الحبيب هي التضحيةبذبح ابنه إسماعيل عليه السلام قرباناً لله مخلصاً بالعبادة لله وحدة لاشريك له مستسلما له الأمر، كما قال تعالى: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءرَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِرَبِّهِ أَحَدًا).

نعم أن الحاج حين ينوي تلك الرحلة يرى سمو النفس العرفاني المتعلقة بالخالق عزا وجل، مستصغرا نفسه الذليلة الحقيرة التي كانت تعيش حالة من الكبرياء وعدم الاعتراف بالذنب ليقوم مستصغراً لها بالاستحلال من الآخرين وطلب السماحة وبراءة الذمة من التبعات المالية والأخلاقية اتجاه العباد لأنه يعلم عظم هذه الشعيرة وعظيم من سيستضيفه ويقابله، ليذهب إليه صافيا من كل التبعات التي قد تضعف ذلك الاستقبال من مضيفه.

أن الحاج أول ما يستفتح حجة بطرق باب من أبواب الله حين يذهب إلى المدينة ليزور النبي الأكرم ليجدد له البيعة والعهد على أنه لازال على دينه وعلى صراطه المستقيم مقراً لله بالوحدانية ولمحمد صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة، ليستغفر عنده بنية صادقة يذرف دموع التذلل للنبي الأعظم عليه السلام ليشفع له عند الله في ذنوبه التي اقترفها في حق الله مستلهما من قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوك َفَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا).

أن الحاج حين يذهب للميقات من اجل الإحرام يبدأ بحالة العروج الروحي حين يقوم بأعمال الإحرام، فحين يغتسل للإحرام ظاهر بدنه يستشعر بذلك غسل النفس من متعلقات الدنيا التي قد تشغله عن لقاء حبيبه الذي ترك كل شيء من أجل لقاءه، وحين يلبس الإحرام متخلياً عن تلك الثياب الغالية الجميلة ومن كل زينة أعتاد أن يتزين بها أو عطر كان يتعطر به ليعيش حالة من التجرد المادي لتسمو الحالة المعنوية والحقيقة الفطرية للنفس.
ومن المعاني السامية للإحرام هو حين يتذكر المؤمن أن نهاية حياته ستكون بثوب مكون من قطعتين قماش لا مخيط فيهما ولا زينة وان رائحته ستكون أنتن من رائحة العرق أيام الحج، وأن مصير هذا الجسد المتغطرس المتكبر المتعالي سيكون طعاماً للدود، وليتذكر من وحدة الإحرام وحدة النهاية وكما يتساوى الجميع على اختلاف أعراقهم وألوانهم ولغاتهم في زيي واحد وشكل واحد تذوب كل الفوارق كذلك في نهاية الحياة تتحد في الكفن والقبر.

بعد هذا التخلي عن ملذات الدنيا والتجرد من كل ما يتعلق بها في صورة الإحرام يتجه الحاج إلى لقاء المتيم بحبه وهو ربه المتكبر العظيم ليلتقيه في بيته الحرام، ليعيش حالة من الروحانية يستلذ بها روح العبودية لله ليتسامى كما تتسامى الملائكة المحدقين بعرش الله عز وجل. ومن هنا يتجلى عشق الطائف المتذلل لله بالدعاء، كالعاشق الذي يطوف حول بيت محبوبته، ففي طوافه الإبراهيمي تتساقط كل الأصنام المادية أو المعنوية ليبقى طواف القلب المتعلق بالحضرة الربوبية.

بعد التذلل بالطواف وتجلي الألطاف الربانية والشعور بالقرب من لقاء ربه وهو في حالة الانتظار يكون مشغولاً في حالة سعي وسير في طريق طويل مستشعراً بفقره لله عز وجل قال الأمام الصادق عليه السلام: ( ما من بقعة أحب إلى الله من السعي لأنه يذل فيها كل جبار ). ففي السعي تردد في معالم الرحمة الإلهية، والتماس للمغفرة الربانية وهذاما نلاحظه من كثرة الأدعية في موقف مهيب يحب المولى أن يسمع ضجيج الدعاءمن عباده.

بعد أن طهر العبد نفسه من دنس الدنيا وتخلى عن مغرياتها وهزم النفس ووساوسها وطاف متذللاً ببيت ربه وسعى للقائه في عناء مخلصاً العمل له وحده لا شريك له يحين اللقاء في يوم عظيم أشبه ما يكون بيوم المحشر وهو يوم عرفة ليقف بين يدي ربه معترفاً بذنوبه لينكشف له الحجاب فيدخل في حرم الله الأمنع فيكون طريقاً الى بيته الأقدس.
 عن معاوية بن عمار قال (سألت أبا عبد الله ( ع ) عن عرفات لم سميت عرفات ؟ فقال : إن جبرائيل ( ع) خرج بإبراهيم صلوات الله عليه يوم عرفة فلما زالت الشمس قال له جبرائيل: يا إبراهيم اعترف بذنبك و اعرف مناسكك ، فسميت عرفات لقول جبرائيل ( ع) : ( اعترف فاعترف ).

ففي عرفات يتفاعل وجدان الحجيج في نشيج ملائكي حيث ازدحام الناس و ارتفاع الأصوات بمختلف اللغات كصورة النشر و الحشر ، حيث ترى المؤمنين في صور شتى ما بين متضرع و باك و داع . كل ذلك يذكرك بموقف الوقوف بين يدي الله عز اسمه في عرصات القيامة . ولا ننسى ذلك الدعاء العظيم للإمام الحسين عليه السلام يوم عرفه الملئ بالمعاني العرفانية والروحية والعبادية. ففي هذا اليوم يكون فيه الشيطان مدحوراً مكسوراً مخذولاً، وأن الله يباهي الملائكة بعبادة فعن مولانا زين العابدين ( ع ) : ( أما علمت أنه إذا كان عشية عرفة برز الله في ملائكته إلى سماء الدنيا ، ثم يقول : انظروا إلى عبادي ، أتوني شعثا غبرا ، أرسلت إليهم رسولا من وراء وراء ، فسألوني ودعوني أشهدكم أنه حق علي أن أجيبهم اليوم ، قد شفعت محسنهم في مسيئهم ، وقد تقبلت من محسنهم فأفيضوا مفغورا لكم ، ثم يأمر ملكين فيقومان بالمأزمين هذا من هذا الجانب و هذا من هذا الجانب ، فيقولان : اللهم سلم سلم . فما تكاد ترى من صريع و لا كسير ) .

للوصول إلى حقائق المعرفة على الحاج أن يكون ظنه قويا بالله و بأنه سيبلغه مراده ، فهو يوم شريف و موقف عظيم و هو ( يوم شرفته و كرمته وعظمته ، نشرت فيه رحمتك و مننت فيه بعفوك ، و أجزلت فيه عطيتك ، و تفضلت به على عبادك ... ) و من شرف هذا اليوم أن روي عنهم ( ع ) : ( إن من أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفات ثم ظن أن الله لم يغفر له ). فلا تذهل عن طلب حقائق المعرفة الإلهية و اطلبها في هذا الموقف بالنظر إلى ذلك بين ربك .. ( إلهي هذا ذلي ظاهر بين يديك ، و هذا حالي لا يخفى عليك ، منك أطلب الوصول إليك ، و بك استدل عليك ، فاهدني بنورك إليك .. واسلك بي مسلك أهل الجذب .. ).

وبعد هذا التجلي لعظمة الله يوم عرفة والتشرف بلقائه لقلول الإمام علي عليه السلام: (لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان). ونيل المغفرة والرحمة يحاول الحاج أن يحافظ على هذه المكتسبات بمحاربة الشيطان ورجمه ليبدي موقفه من كل شر وكرهه له سواءً شراً معنوياً أو قلبياً كالنفس الأمارة بالسوء أو الشيطان الظاهري العدو للإنسان. إن رمي الجمار هو تجسيد لمعنى الاستعداد و التأهب نحو مواجهة العدو الحقيقي للإنسان، مما يصعد روح المقاومة و الجهاد في نفس المسلم لمواجهة الشيطان والصمود أمام مزالقه وكبح النفس الأمارة بالسوء.

الحج شعيرة إلهية مقدسة تسمو بالنفس وترقى بها إلى أعلى مراتب القيم الإنسانية والأخلاقية، لتجعل من الإنسان مخلوق مرتبط بالله سبحانه وتعالى محققاً الهدف الذي من أجله خلق.ففي الحج يسمو الإنسان بروحه من التعلق بالدنيا وملذاتها إلى العروج بهانحو الكمال السامي الذي يجعل منه مخلوقاً يمثل خلافة الله في أرضه. ففي الحج  فرصة كبيرة حيث يستطيع الإنسان أن يغير من سلوكه وتصرفاته التي طالما كان غافلا عن إصلاحها بسبب ارتباطه وتعلقه القوي بالدنيا وملذاتها.


السيد محمد العلي: يتحدث عن الجانب الاجتماعي في الحج فيقول:
قال تعالى (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات)
الحج مؤتمر عالمي للمسلمين وفرصة لا تعوض لتبادل الروئ والخبرات حين يستثمر لطرق أبواب الفكر والعقل بعقد الندوات وورش العمل، كما أنه منطقة تبادل موروثات وتقاليد بين الشعوب.. أضف على ذلك دمج حركة الفرد بحركة الأمة حين يستشعر بأنه جزء لا يتجزأ منها عليه أن يعطيها لتعطيه ويبنيها لتحتضن أخوته وأبنائه.


الشيخ رياض السليم: يعلق معتذرا :
الحج لا يمكن اختصاره في سطور قليلة
الحج هو تجسيد محسوس لكل المعاني الأسلامية المتسامية.

الحج يحكي قصة الإنسانية وصراعها مع الشيطان.
قصة البحث عن الحيقية و العودة إلى الفطرة.
قصة صراع الانبياء مع الباطل بدأ من آدم وصولا إلى إبراهيم واسماعيل وصولا إلى النبي محمد.

الحج هو إعادة للإنسانية إلى رشدها وتذكيرهم بحقيقة انفسهم وتذكيرهم بحقيقة الدنيا الزائلة وتذكيرهم بحقيقة العبودية و الربوبية.

الحج تجربة روحية رائعة تعيد تأهيل الإنسان ليكون قادرا على إدارة الحياة وإدارة نفسه فإذا استطاع التحكم في نفسه أيام الحج باجتناب محرمات سيمتلك القدرة لادارة حياته بعد الحج.

الحج هو فرصة ذهبية لتقوية راوابط الأمة ببعضها هو فرصة للسياحة في الأرض و التعلم و الاعتبار.
وفرصة للتجارة وتحريك الاقتصاد.
الحج هو قلب نابض في جسد الإنسانية وركن أساس في شريعة الإسلام.

الشيخ جاسم الحسن:  يسرد شيئا من من ذكريات الحج ، يقول :
عندما كنت في الحج أخذ أحد مسؤولي الحملة الميكروفون يدور على حجاج الحملة للتعريف بهم ، حتى انتهى إلى حاج صغير الجرم مسن ، فعرف بنفسه ، من إحدى قرى الأحساء ، متقاعد من القطاع العسكري برتبة مرموقة (بالنسبة لطائفتنا) فسأله الحجاج عن حجته الأولى ، فذكر أنها كانت قبل عشرات السنوات ، لعلها خمسون أو أربعون ، فقيل له:  هل الحج اليوم أفضل أم حج ذلك الزمان؟ فقال بل حج ذلك الزمان أفضل ، فكان السؤال المرتقب : ولماذا؟؟ فقال:  كنا نصلي الصلوات الخمس في الحرم وليس مثل اليوم نصليها في السكن ، هنا قال بعض الطلبة : لكنك الآن تصليها جماعة ، فقال : الصلاة في الحرم أحسن ، فأجابه الطلبة مرة أخرى الجماعة أفضل فقال الرجل مغضبا منفعلا:  أنا عندي أحسن ، فسرت في الحجيج ضحكة متعددة الألوان ...فيما تفاجأ الطلبة بالرد ... موقف كثير الدلالات



أخذ الحماس الاستاذ صالح عساكر فنقل تجربته فقال: تجربتي لا أظنها ستضيف لنقاشكم المثمر الجميل
الا أني أرغب في المشاركة
ولو بهذا الموقف الذي أريد أن أكون فيه واقعيا نوعا ما..

تقديما للواجب على المستحب عرضت على من عرض علي الزواج تحجيجي قبل تزويجي، على نحو الهدية..فوافقت
ونال أجر تزويج أعزب وأجر تحجيج مو حاج!!
كان ذلك سريعا  لم ينتابني أي شعور ..ركبت الحافلة بليدا ، انطلقت بنا وأنا أفكر
متى سنعود!!
يشوش تفكيري تهنئات  الزملاء ودعائهم لبعضهم البعض..

يتخلل الدعاء والتهنئة إتفاقيات
بينهم شبيهة بالمؤامرات على اﻵخرين أو هي أشبه بخطط الحروب النظامية
اختاروا من يكون في المقدمة ومن يكون في الوسط ومن في المؤخرة، وتعاهدوا على أن لا يسمحوا بإختراقهم
وحددوا الوقت اللازم ﻹنهاء المهمة على أن يكون بأسرع وقت ممكن..

كان همي اﻷول أن لا أكون معطلا للمجموعة فكنت ملتزما بالوقت المحدد حين توقف الحافلة لقضاء حاجة أو ﻷي أمر ما، متحينا مترقبا فرصة للتدخين..

فدائما أدخن على عجل حتى
جاءت زحمة الغسل لﻹحرام والتجادل على من هو اﻷول حينها فقط تمكنت من احتساء الشاي وأنا أدخن..

أخذتنا الحافلة قريبا من الحرم نزلنا وكل زعيم مجموعة يذكر طاقمه باﻹتفاق والتعاهد..
سبقت خطواتهم خطواتي وأنا أحاول أن ألمح ظهورهم وأراقب تمايل أكتافهم ﻷعرف الباب الذي سيدخلون منه فلابد لي منهم..

دخلت خلفهم  رأيتهم يؤشرون ويتدارسون الساحة جلت بعيني على المكان ﻷفهم خطتهم

فوقعت عيني على الكعبة
العظيمة الشريفة..
ذهبوااااا
وتسمرت أنا في مكاني
لاأستطيع إدارة عيني
وأصبحت رجلاااااااااي
بالكاد تحملاني
قذف ما دخل قلبي..!!
اعترتني رجفة ورعشة
ذقت طعم دموعي

هي ليست كما يصفون
هي فوق مايصفوا
هي لا تشبه تلك التي خلف
الشاشه
هي أبهى وأنضر..
هي أروع

وأنا أنظر إليها شاهدت
اﻷنبياء يرعونهااااا
شاهدت الفيلة يموتون
قبل أن يصلوا إليها
شاهدت السيول تعجز
عن جرفها
شاهدتها تخرس
المكاء والتصدية
شاهدتها وهي تتحول
الى مشنقة لﻷصنام
شاهدتها وهي
تتحدى المنجنيق
شاهدت الحسين
يصونها ويحميها

كعبة يحل الحسين من إحرامه
حتى لا تهتك حرمتها، حري بنا
أن نفهم معناها ونستشعرهاااا
بشكل أعمق

لابد لصمودها وشموخها على مر العصور من سر في ذلك
وعلينا إكتشافه...!!

نظرتي اﻷولى للكعبة حولت حجتي من إلى...!!

أرى من اﻹجحاف بحق الكعبة أن يكون ذكرها موسمي، لما لها من رمزية لمعاني إسلامية جديرة بأن تكون قوانين تنظم حياة البشر..

التوعية بأهداف ومقاصد الحج ليس لها نصيب

فهم روايات غفران الذنوب بتأدية فريضة الحج أدى الى تهاون البعض بأرواحهم خاصة كبار السن

يصعب البعض طقوس الحج بحجة الحج اﻹبراهيمي!!

و عن تجربته  يقول الاستاذ عبدالمحسن الحسين:
 كنت في أول حجة لي، وكنت أصلي في الحرم بالمدينة وكان شخص يراقبني ويرصد حركاتي، فكلما غيرت مكاني غير مكانه بجنبي، كنت خائفا من ذلك الشخص ومراقبته لي، اطلت البقاء في الحرم لعله يمل ويتركني لكن دون فائدة، غادرت الحرم متجها الى سكن الحجاج وهو يتبعني، زاد خوفي منه، فقلت في نفسي لعله من المباحث او من الشرطة السرية ومشتبه بي..ومع الخوف التفت اليه وقلت له اخي اراك تراقبني وتتبعني خطوة بخطوة ما الأمر...

وبكل برودة يجاوبني انا معكم في الحملة وما أدل اروح السكن...طيب ليش ماقلت لي انك معانا بدل هذه المراقبة...وبكل برودة يرد علي شدراني انك ماتعرفني  أني معاكم في الحملة..

 الشيخ رياض السليم يقدم مجموعة من الاقتراحات فيقول :
 الحج موسم عبادي ثقافي اقتصادي اجتماعي ولكننا للاسف لم نستفد منه بالشكل المطلوب.
وكثير من حملات الحج لدينا دون المستوى المطلوب.
وهنا سأذكر بعض الاقترحات علنا نحقق الغاية المرجوة من الحج
1-  تشكيل حملة نخبوية ويكون عددها صغير من اربعين نفر كمثال وهذا يتيح المجال لأن يستفيدوا من بعضهم أكثر وبامكانهم التنقل بسهولة بين المشاعر ويمكن بسهولة زيارة بعثات الحج واستضافة شخصيات راقية من مناطق أخرى.
2- تشكيل معرض دائم في مكة أو المدينة  للكتب والمؤلفات الأحسائية ليتم تعريف الآخرين بالأحساء و بثقلها العلمي و الثقافي.
3- عقد لقاءات دورية بين اللجان الثقافية في حملات الحج ليتم الاستفادة من تجارب بعض وطبعا الكثير من حملات الحج لا يوجد بها لجنة ثقافية.
وطبعا قد عقد في الأحساء لقاءات بين حملات الحج أكثر من مرة وبعض اللقات كانت بإشراف الحوزة ولكنها كانت لقاءات عابرة ويغلب عليها الطابع التجاري و التوصيات القانونية.





و هنا ينطلق الاستاذ كاظم الخليفة فيطرح تجربة مهمة للسيد حيدر الاملي على شكل مقالين فيقول:

 [١] "الحج العرفاني.. السيد حيدر الآملي نموذجاً"

{"أول بيت وضع للناس ببكة مباركاً" يكون إشارة الى صدره الذي يحيط به كمكة بالمسجد، والمسجد بالكعبة، لأن الكعبة بمثابة القلب والصدر بمثابة المسجد والبدن بمثابة الحرم أو مكة.. ثم يدخل مسجد الصدر الذي هو المسجد الحرام حول القلب الذي هو الكعبة الحقيقية، ويطوف به سبعة أشواط، أعني يطلع عليه سبع مرات ليعرف حاله ويرتفع عنه حجابه الذي هو أخلاقه الذميمة وأفعاله الردية المعبرة عنه بسبعة حجب}.
السيد حيدر الآملي.


 الصوفية (العرفان)، والتي هي في مؤداها رؤية تنظر من خلالها الذات الى العالم بفهم مختلف عن التدين الرسمي والمقنن في كتب الفقه، حيث تحتل الروح مساحة كبيرة فيها باعتبارها القبس الالهي، وفي الحج تكون البيت الأول الذي يلتف حوله الكون كما يقول عبد القادر الجيلاني:{طُفْ بِحَانِي سَبْعاً ولُذْ بِذِمَامِي **  وَتَجَرَّدْ لِزَوْرَتِي كُلَّ عَامِ.
أَنَا سِرُّ الأَسْرَارِ مِنْ سِرِّ سِرِّي ** كَعْبَتِي رَاحَتِي وَبَسْطِي مُدَامي.
أَنَا فِي مَجْلِسِي أَرَى العَرْشَ حَقاً **  وَجَميعَ الأَمْلاكِ فِيه قِيَامِي.
كُلُّ قُطْبِ يَطُوفُ بالبَيْتِ سَبْعاً ** وَأَنَا الْبَيْتُ طَائِفٌ بِخِيَامِي.)
 هذا الفهم للشعائر الدينية  قد يحجب عنا طبيعة فهم الصوفية لشعيرة الحج وذلك عندما اشتهر في القرن الرابع الهجري مفهوم "الحج القلبي"، وهو الطواف المجازي بعالم الملكوت من خلال القلب باعتباره مركز القبس الالهي وتموضعه في الروح، والاستغناء عن الحج المادي والقصد إليه.
تلك الرؤية لم تتسيد المشهد الصوفي والعرفاني بأكمله، حيث الشهود الفعلي لمواسم الحج هي من تصدرت الواجهة الرسمية للطرق الصوفية الرئيسية.

السيد حيدر الآملي في القرن الثامن الهجري،  وفي كتابه "أسرار الشريعة وأطوار الطريقة وأنوار الحقيقة" لا يكتفي بالحج القلبي، بل يضيف للحج المادي صبغة روحية عميقة تتناول جميع فقراته بمعاني روحية حتى وكأنه يرتفع عن عالم المحسوسات.

فكما هو الإنسان مركب من ثلاثة أجزاء: البدن والنفس والعقل، يقدم السيد الآملي الدين باعتباره يناظر أقسام الإنسان حيث ظاهر الدين وهي الشريعة والتعاليم والضوابط الدينية، والطريقة أي السلوك الى الله وهي باطن الدين، أما الحقيقة فهي باطن الباطن "عبارة عن فناء العبد في الحق، والبقاء به علما وشهوداً وحالا لا علماً فقط.. وقيل علم اليقين ظاهر الشريعة، وعين اليقين الإخلاص فيها، وحق اليقين المشاهدة فيها".


الاستاذ كاظم الخليفة:

 [٢] "الحج العرفاني.. السيد حيدر الآملي نموذجاً"

إذن، حج أهل الحقيقة، كما هو في الشريعة،  يبدأ بالإحرام وهو "أن يحرم على نفسه مشاهدة عالم الجسمانيات وما يتعلق به من اللذات". وعند توجهه للكعبة المادية فعليه "التوجه الى الكعبة الحقيقية التي هي النفس الكلية ويطوف بها سبعة أشواط، ليحصل بكل شوط معرفة كل فلك من الأفلاك السبعة".
ثم يتوجه الى مقام ابراهيم "الذي هو مقام الوحدة والحضرة الواحدية المعبرة عنها بالعقل الأول والروح الأعظم ويصلي فيه ركعتي الشكر بوصوله الى تلك الحضرة، والركعتان عبارة عن فنائه أولاً عن عالم الظاهر وثانياً عن عالم الباطن وما اشتمل عليهما من المخلوقات والموجودات حتى نفسه".
السعي بين الصفا والمروة في مفهوم السيد الآملي متسق مع ما قبله من مفاهيم حيث هو السعي بين "عالمي الظاهر والباطن ليطلع عليهما بسعيه واجتهاده"
حسب الترتيب الرسمي لشعيرة الحج، يرى السيد الآملي أن الإحرام للحج بعد العمرة يكون بالتوجه الى الكعبة مرة أخرى الى مشاهدة النفس الكلية والاطلاع على حقائقها "ليأخذ إحرام الحج من عندها تحت ميزاب العقل على الترتيب المعلوم".
للتوجه الى عرفات معنى يؤكده الآملي باعتباره معرفة النفس والعقل واتحادهما لمعرفة الحقيقة "وليس وراء هذه الحضرة حضرة أخرى إلا حضرة الذات الممتنع الوصول إليها لأحد".
الرجوع الى منى هو في حقيقته رجوع الى البدايات كما فهمها الآملي من مقولة أبن الجنيد عندما سئل عن النهايات "ثم يرجع الى منى عالم الكثرة الذي هو عالم المشاعر الإلهية والمناسك الربانية.. وينظر اليهم ويشاهدهم على أنهم مظاهر إلهية ومشاعر ربانية.. ثم يشتغل بأداء المناسك فيه، أي في منى، عالم الظاهر من الرمي والذبح والحلق".
 يرمي الجمار في العقبة الأولى والتي هي الدنيا ومتاعها سبع طبقات، رمي عرفان وليس رمي عيان.. رميا للدنيا لا يمكن الرجوع إليها والى ملذاتها فيما بعد، وهذا ما يمكن تأكيده لاحقاً لشعيرة النحر حيث "يذبح نفسه مرة أخرى ذبحاً لا تكاد تعيش أبداً، أي بالحياة الدنيوية المجازية، لأنه صار حياً بالحياة الحقيقية المشار إليها في قوله {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم}.
حلق الرأس عند السيد حيدر هو "حلق رأس النفس عن محبة الدنيا ومتاعها حلقاً لا يكاد يرجع إليها أبداً رجوع نفساني لا غير. أو محو الموهوم مع صحو المعلوم".
الرجوع الى طواف الحج هو "رجوع من عالم الفناء الى عالم البقاء بعد الفناء"، أي يطلع على الكعبة مرة أخرى بسبع توجهات وأطوار،  وهي المعبر عنها بقوله {خلقكم أطواراً} ليحصل بذلك التصرف في سبعة أقاليم الأرض وسبعة أقاليم الأفلاك المعبرة عنهم بالملكوت والجبروت".
الصلاة مرة أخرى في مقام إبراهيم هي "الصلاة في مقام الوحدة الحقيقية، وركعتي الصلاة هما صلاة العيدين الأضحى والفطر".
الرجوع الى منى تالياً، هو رجوع الى عالم الكثرة في المراتب الثلاث: المعدن والنبات والحيوان، ويكون فيه  ثلاثة أيام من الأيام الإلهية لتكميل الغير، فإنه "مقام النهاية".