الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

الطاعة أم التمرد

الطاعة أم التمرد

1


في مجال البحث عن نمط سلوك الانسان فإن السؤال الذي يبحث عن اجابة هو : هل تميل الطبيعة البشرية نحو الطاعة أم أنها مجبولة على التمرد ؟
الاجابة على هذا السؤال يحتاج الى دراسات إثنولوجية عميقة ، و لكن لا يمنع ذلك من محاولة الاجابة عن طريق الملاحظة .
الملاحظ ان الانسان في مرحلة الطفولة يميل الى الطاعة بشكل عام و تقليد الاكبر سننا حتى يصل الى سن المراهقة فتعصف به رياح التمرد و الرغبة في كسر الممنوعات ، و لكنه ينتكس في مرحلة ما بعد المراهقة نحو البحث عن الاستقرار و الالتزام و الطاعة لمختلف القوى المحيطة به تصل حتى الجمود و الخوف من أي تغيير في مرحلة الشيخوخة .
في المجتمعات بشكل عام يطغى الرغبة في التقليد و تلقين فروض الطاعة لأبناءها منذ الصغر و لكن الملاحظ ان الحرص على التقاليد هي سمة شرقية تكون أقل حدة في المجتمعات الغربية .
2

أما في الاسلام فنجد ان بعض الأيات في القرآن الكريم أنتقدت الطاعة العمياء لدى مجتمع قريش فقد قال تعالى على لسانهم (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا)
و بشكل عام يطبع القرآن الكريم في عهده المكي طابع الدعوة الى التمرد و عدم إطاعة الزعماء المحليين في ذلك الوقت وهو ما يناسب مرحلة الثورة و التغيير ،  و لكن العهد المدني يدعو الى طاعة الله و الرسول و أولي الامر و الى العودة الى أهل المعرفة و العلم و هو ما يناسب مرحلة بناء الدولة و المجتمع الجديد .
و في الاسلام قانون عام روي عن الرسول عليه الصلاة و السلام إذ قال ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) و في هذا القانون تحميل للانسان مسؤولية التفكير قبل إطاعة الاوامر .
هذا الامر يوافق القانون الدولي اليوم الذي يعاقب الجندي على إطاعته لأوامر لرؤسائه في حال صدرت له أوامر بإرتكاب جرائم بحسب القانون ، فلا يعفي الالتزام بالنظام و الانضباط الذي هو صفة العمل العسكري في أقصى صوره من رفض الاوامر و التمرد عليها عندما يتعلق الامر بإنتهاكات و جرائم .
3
هناك نوع من الطاعة و هي طاعة القادة السياسيين و الاجتماعيين و الدينيين طاعة عمياء و هذا ما درسه المفكر الامريكي ايريك هوفر في كتاب المؤمن الصادق .. أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية ، فـ هوفر يعتبر ان الاحباط و الرغبة في الخلاص مسؤول عن اندفاع الانسان نحو الطاعة المطلقة للقادة و بشكل متطرف .
يردف هوفر أن الحرية ايضا تتسبب في شقاء الانسان و إحباطه احيانا إذ أن للحرية مسؤوليات يسعى الانسان للتخلص منها فيلجأ الى القادة الذين يمكنه الوثوق فيهم فيتحملوا عنه عبء اتخاذ القرار و تحمل المسؤولية ، و كنتيجة يقول هوفر أن مجتمع العبيد أقل رغبة في التمرد من مجتمع الحرية المنقوصة أو الاحرار الجدد خصوصا عندما يشعر الحر بالعجز عن ممارسة حريته و طاقاته الفردية .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق