المرجعية و استحقاق التغيير
ولدت المرجعية في أول أمرها كحاجة اجتماعية ملحة لأبناء الطائفة في زمن لم تكون الدولة هي الحاضن الشمولي لحاجات الانسان ، كانت المرجعية عبارة عن شكل من اشكال التنظيم المدني ، فيبرز شخص يمتلك القدرة المعرفية و المكانة الاجتماعية فيتصدى لحل مشاكل الناس و معايشة همومهم .
لا يشك القارئ المنصف ان المرجعية منذ ظهورها و حتى وقت قريب قامت بأدوار مهمة في حياة المجتمعات الشيعية و استطاعت ان تحلحل عقدا لم تكن لتحل لولا تدخلها ، و لكن هذا كان في زمن المجتمعات البسيطة فماذا عن زمننا هذا ؟؟
في الزمن الماضي كانت المرجعية حالة نبوغ فردي عالي فلم يكن رجال الدين يتطلعون الى تلك المرتبة ، لذلك لم يكن المرجع يشعر بوجود منافس له ، كما ان هموم المجتمعات بسيطة لا تحتاج من المرجع إدراك الكثير من الفنون و المعارف فكان ما بين يديه يكفيه لقيادة زمام الامور .
في الزمن الماضي كانت المرجعية حالة نبوغ فردي عالي فلم يكن رجال الدين يتطلعون الى تلك المرتبة ، لذلك لم يكن المرجع يشعر بوجود منافس له ، كما ان هموم المجتمعات بسيطة لا تحتاج من المرجع إدراك الكثير من الفنون و المعارف فكان ما بين يديه يكفيه لقيادة زمام الامور .
منذ بدايات القرن العشرين كانت التحديات تعرف طريقها الى قلب المجتمعات الاسلامية و الاشكاليات تحتاج الى معارف لم تكن متاحة للمؤسسة الدينية لذلك خرجت الكثير من الفتاوى التي تعد اليوم من نمط (الغرائبيات) و بدلا من ان تسعى المرجعية الى تطوير وسائلها و آليات عملها لجأت الى الانغلاق و المحافظة على الارث العتيد .
و رغم كثرة الدعوات من داخل الحوزة بضرورة تطوير المرجعية و تجاوز نمط المرجعية التقليدية التي لم تعد تجدي في العصور الحديثة فقد بائت كل تلك الدعوات بالفشل بل تعرض اصحابها الى الانتقاص و المطاردة ، و لعل فيما سطره الشيخ مغنية من كلمات ترسم صورة عن عمق المشكلة في المرجعية .
المشكلة القائمة حتى اليوم تكمن ببساطة في عجز المرجعية عن التطور و مواكبة التغيرات الكثيرة التي حدثت فمازالت المرجعية تعتمد نفس الاساليب و الادوات التي كانت قائمة منذ قرون طويلة مما تسبب بحالة تشظي و صراعات محتدمة و مزمنة عنوانها الابرز "المرجعية"
في هذا العصر لا يكمن لأي فرد مهم بلغ من العبقرية و النباهة أن يدير اي عمل مهما بلغ حجمه إذا لم يعتمد على العمل المؤسساتي بينما تصر المرجعية على العمل الفردي العشوائي الغير منضبط بقواعد واضحة تغيب عنه الشفافية و المصارحة .
أما آلية وصول المرجع الى سدة المرجعية و تسيده هذه المنصب الهام فهي آلية أقل ما يمكن وصفها بأنها غير صالحة للاستمرار فلا يوجد ضمانة لوصول الاكفئ للمرجعية إنما يصل اليها من يثبت قدرته على كسب ثقة المرجع المعاصر و البروز بين تلاميذه و القادر على خلق مجموعة من "الفضلاء" وهم تلاميذه الذي يسوقون اسمه بين العامة و الخاصة ، و عندما تسأل ما الضمانة أن لا يكون المرجع العتيد أقل من غيره علما أو فهما أو فكرا أو وعيا ، فإنك لن تصل الى جواب حقيقي بل مجرد عموميات فضفاضة .
أما آلية وصول المرجع الى سدة المرجعية و تسيده هذه المنصب الهام فهي آلية أقل ما يمكن وصفها بأنها غير صالحة للاستمرار فلا يوجد ضمانة لوصول الاكفئ للمرجعية إنما يصل اليها من يثبت قدرته على كسب ثقة المرجع المعاصر و البروز بين تلاميذه و القادر على خلق مجموعة من "الفضلاء" وهم تلاميذه الذي يسوقون اسمه بين العامة و الخاصة ، و عندما تسأل ما الضمانة أن لا يكون المرجع العتيد أقل من غيره علما أو فهما أو فكرا أو وعيا ، فإنك لن تصل الى جواب حقيقي بل مجرد عموميات فضفاضة .
لكن تطوير المرجعية و الوصول الى مشروع مقنع يجب أن يمر اولا بمرحلة الاجابة عن سؤال مهم جدا ، هل مازال دور المرجع هو ذات الدور الذي يلعبه في العصور الغابرة ؟ هل مازال الناس بحاجة الى مرجع أصلا في هذا الزمن ؟ ألا يمكن إيجاد مؤسسات مدنية من ذوي الاختصاص تقوم بجميع الانشطة التي تقوم بها المرجعية اليوم ؟ هل للمرجع دور ضروري لا يمكن للانسان المسلم الاستغناء عنه ؟
إن تحديد دور المرجعية في العصر الحالي هو من سيقودنا الى رسم صورة واضحة عن شكل المرجعية المنتظرة ، و من يرفض فكرة تطوير المرجعية فإنه يغامر بإنقراضها بعدما يتجاوزها الزمن ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق