الأحد، 19 مايو 2013

حساكرونا



حساكرونا



{1}

منذ ظهور فايروس كرونا في الاحساء  و المجتمع يتفاعل مع انتشاره بشكل يومي بل لحظي و الفضل في ذلك لتوفر وسائل الاتصال الحديث ، و زاد في انتشار الاشاعات صمت وزارة الصحة لمدة طويلة و انعدام الشفافية في عملها ، و هنا سأحاول رصد ابرز صور التفاعل الاجتماعي مع انتشار هذا الفايروس .

1
قبل اسابيع بدأ الاحسائيون يتداولون فيما بينهم تحذيرا عن انتشار فايروس غامض لم يكتشف بعد محذرين من مستشفيات بعينها شهدت حالات اصابة أو وفاة، و كان التحذير مجهول المصدر و غير مستند الى ما يثبته .
2
بعد ايام اصبح للفايروس اسم (كرونا) و بدأ الناس يتداولون اسماء الضحايا و قصصهم و ارقام مهولة عن اعدادهم و التحذيرات من تحول الوضع الى وباء .
3
بعدها انتشرت رسائل تصف العلاجات الشعبية و الاعشاب التي يمكنها القضاء على الحالة الوبائية و الوقاية من الاصابة
كما ان التداول شمل الدعوة الى المواظبة على اذكار معينة أو تعليق عبارات مخصوصة على الابواب و المنازل كأحراز و تمائم ، كذلك انتشرت (المجربات) كعلاج للمرض .
4
من اللافت جدا استحضار تاريخ بعض بعض الاوبئة التي ضربت الاحساء و عرفها الناس في الزمن الماضي كمرض الكوليرا و الطاعون و اللاشمينيا
5
واحدة من الاساطير الاجتماعية التي تم تداولها ان ما أصاب الاحساء كان (عين) أو حسد بعد أيام من تتويج فريق الفتح الرياضي بطلا للدوري السعودي لأول مرة و ما صاحب ذلك من تسليط إعلامي على المحافظة بشكل مكثف ، و فسرت العقلية الاجتماعية أن الغيرة اشتعلت في قلوب المناطق الاخرى
6
ايضا تناقل الاحسائيون فكرة منسوجة بخيوط المؤامرة تتحدث عن أن الفايروس تم زرعه بالاحساء عمدا من قبل جهات ما من أجل القضاء على الشيعة فيها ، متناسين أن المحافظة يسكنها الكثير من ابناء المذاهب الاخرى كما أن الفايروس لم يفرق بين سني أو شيعي .

                                                                                                ... يتبع    

الخميس، 16 مايو 2013

حول حوار الحزب


حول حوار الحزب

 


على خلفية الحوار الواتسابي الذي دار بيني و مجموعة من الاخوة الاحبة في أحد القروبات ، تعليقا على الرسم الكاريكاتوري الذي نشر في جريدة الشرق السعودية يوم الاربعاء بتاريخ 16/5/2013 ، اردت ان اوضح بعض الامور التي ربما تاهت في حوارنا السريع أو أننا لم نوفق لتوضيحها بالشكل الصحيح .
في البدء عليّ أن اقول أنني أقدر عاليا كل من شارك في الحوار بحرف واحد و إني أعدهم اساتذة و أخوة كرام استضيء بنور كلماتهم و أستفيد من حروفهم الكثير ، و هذا لا يعني أني اتفق معهم في كل شيء و لا يعني أن اركن لكل أفكارهم بل إن اختلاف الرأي مدعاة للتفكير و المراجعة .
أما عن الرسم كما كتبت سابقا بأن ميزة الرسم الكاريكاتوري انه يسمح لك بقراءته من زاويتك الخاصة منطلقا من افكارك و معتقداتك و خلفيتك الثقافية و الفكرية و الدينية فما تعتبره مسيئا قد لا يعتبره الاخرون كذلك ، لذا من الطبيعي ان يختلف الناس في نظرتهم للرسم و تفسيره . 
أما بالنسبة لحزب الله و قائده السيد حسن نصر الله ، فإني كتبت الكثير من المقالات حوله سابقا ، و بسبب ما كتبت تعرضت لبعض الكلمات الجارحة و المسيئة و اللوم من بعض الاصدقاء بل إن بعضهم قاطعني بسببها ، و المشكلة الاساسية لدى هؤلاء الكرام هي مسألة واحدة بسيطة هي أنهم يقدسون الحزب و قائده و يعتبرونه فوق النقد لذا لا يمكنهم تصور ان يمس أحد هذه المقدسات بحرف.
لقد كتبت  منذ العام 2000 م ممجدا لنصر المقاومة في لبنان فقد اعطى العالم درسا في الصمود و الانتصار و عنونت مقالي بـ
(الحرب الاولى) معتبرا أنها الحرب الاولى التي ينتصر فيها العرب باستحقاق على اسرائيل .
و في أتون الحرب على لبنان العام 2006 كتبت مقال بعنون
(حوار مع سعود الفيصل) و المقال كان حول لقاء جمعني صدفة بدبلوماسي سعودي في الرياض  أثناء الحرب و كنت أدافع عن موقف الحزب و أن العدو الواحد يجب ان يجعلنا حزبا واحدا .
و في العام 2008 كتبت أقول
(حزب الله.. هل يوضع في الميزان) على خلفية أحداث بيروت التي صدمنا فيها الحزب ، فلطالما قال السيد نصر الله أن بندقيته لم و لن توجه للصدر العربي و المسلم أبدا ، و لكن في ذلك اليوم رأينا الحزب للاسف يقتل اللبنانيين في وسط بيروت و في وضح النهار ...  يا لها من مأساة .
وفي العام 2009 كان لي مقال طويل حول التحولات الهامة التي عرفها حزب الله بعنوان (حزب الله .. من جديد هروب للامام) بينت فيها التحولات الثلاثة التي عرفها الحزب ، الاول عام 2000 بتحرير الجنوب اللبناني و الثاني عام 2006 بعد حرب الثلاثة و الثلاثون يوما و الثالث بعد اغتيال قائده العسكري عماد مغنية .
و بعدها بأشهر في العام 2009 كتبت مقالا آخر بعنوان ( تواضعا يا حزب الله) كان تعليقا على هزيمة الحزب في الانتخابات النيابية حينها ، و لكثرة ما وصلني من عتب حول المقال كتبت تعقيبا آخر بعنوان (العاذلين في نصر الله )
هذا ملخص حول ما كتبت عن الحزب العتيد في نحو سبع سنوات خلت ، أما اليوم فإن الحزب يعيش مخاضا هائلا على خلفية الازمة السورية و نحاول ان نفهم كيف سيؤثر ذلك على مستقبل الحزب و قياداته .

الموقف في حزب الله و قائده :
اريد أن أوضح أنني أحمل الود و المحبة و التضامن مع كل رجل أو حزب مقاوم بذل الغالي و النفيس في مواجهة العدو الاول وهو الكيان الاسرائيلي ، و إني مع كل رصاصة توجه الى صدر المحتل ، و لكني لست مع بنادق الفتنة بل إني ضد رصاص الغدر الذي تضيع بوصلته مهما كان صاحبه ، عندما يناضل حزب الله اسرائيل فنحن معه قلبا و قالبا أما عندما يخالف ذلك فلا .
نؤمن أن حزب الله حزب سياسي يتعامل بالسياسة التي هي فن الممكن حيث الاخذ و الرد و القبول بما يمكن تحقيقه و حيث لا ثوابت دائمة –هكذا هي السياسة- حتى لو ادعي خلاف ذلك ، أما أعضاء الحزب و قائده السيد حسن نصر الله فهم بشر يجتهدون فيصيبون ويخطؤون ، و ليس لهم قداسة أو أنهم فوق النقد ، لذا
ليس من حق أحد ان يمنعنا من ذلك .

حزب الله هو حزب سياسي مسلح يشارك في السياسة و بيده سلاح و هذا وضع لا يمكن تصوره في اي دولة مدنية تحترم نفسها ، خصوصا عندما تعلمنا التجارب المتكررة أن هذا السلاح يوجه ضد عدو الحزب و ليس عدو الوطن ، فلو كنت مواطن لبناني بسيط فإني سأقلق من وجود هذا التنظيم المسلح .
حزب الله حزب لبناني المقر و لكنه دولي التوجه ، فهذا الحزب يمد أذرعته في كثير من دول العالم في سوريا و مصر و افريقيا و امريكا الجنوبية ، و هذا مبرر للبناني البسيط أن يقلق و يخاف على مستقبل أطفاله .
و في النهاية فإن حزب الله قدم تجربته الهامة و الطويلة التي اضاءت جوانب من حياتنا كما أن لها جوانب موحشة كالحة السواد ، و لي كما للجميع أن يقرأ هذه التجربة و يأخذ منها أو يترك حسب ما يمليه عقله و عقيدته بعيدا عن التقديس و التبعية العمياء .

الثلاثاء، 14 مايو 2013

المرجعية و استحقاق التغيير


المرجعية و استحقاق التغيير

ولدت المرجعية في أول أمرها كحاجة اجتماعية ملحة لأبناء الطائفة في زمن لم تكون الدولة هي الحاضن الشمولي لحاجات الانسان ، كانت المرجعية عبارة عن شكل من اشكال التنظيم المدني ، فيبرز شخص يمتلك القدرة المعرفية و المكانة الاجتماعية فيتصدى لحل مشاكل الناس و معايشة همومهم .
لا يشك القارئ المنصف ان المرجعية منذ ظهورها و حتى وقت قريب قامت بأدوار مهمة في حياة المجتمعات الشيعية و استطاعت ان تحلحل عقدا لم تكن لتحل لولا تدخلها ، و لكن هذا كان في زمن المجتمعات البسيطة فماذا عن زمننا هذا ؟؟
في الزمن الماضي كانت المرجعية حالة نبوغ فردي عالي فلم يكن رجال الدين يتطلعون الى تلك المرتبة ، لذلك لم يكن المرجع يشعر بوجود منافس له ، كما ان هموم المجتمعات بسيطة لا تحتاج من المرجع إدراك الكثير من الفنون و المعارف فكان ما بين يديه يكفيه لقيادة زمام الامور .
منذ بدايات القرن العشرين كانت التحديات تعرف طريقها الى قلب المجتمعات الاسلامية و الاشكاليات تحتاج الى معارف لم تكن متاحة للمؤسسة الدينية لذلك خرجت الكثير من الفتاوى التي تعد اليوم من نمط (الغرائبيات) و بدلا من ان تسعى المرجعية الى تطوير وسائلها و آليات عملها لجأت الى الانغلاق و المحافظة على الارث العتيد .
و رغم كثرة الدعوات من داخل الحوزة بضرورة تطوير المرجعية و تجاوز نمط المرجعية التقليدية التي لم تعد تجدي في العصور الحديثة فقد بائت كل تلك الدعوات بالفشل بل تعرض اصحابها الى الانتقاص و المطاردة ، و لعل فيما سطره الشيخ مغنية من كلمات ترسم صورة عن عمق المشكلة في المرجعية .
المشكلة القائمة حتى اليوم تكمن ببساطة في عجز المرجعية عن التطور و مواكبة التغيرات الكثيرة التي حدثت فمازالت المرجعية تعتمد نفس الاساليب و الادوات التي كانت قائمة منذ قرون طويلة مما تسبب بحالة تشظي و صراعات محتدمة و مزمنة عنوانها الابرز "المرجعية"
في هذا العصر لا يكمن لأي فرد مهم بلغ من العبقرية و النباهة أن يدير اي عمل مهما بلغ حجمه إذا لم يعتمد على العمل المؤسساتي بينما تصر المرجعية على العمل الفردي العشوائي الغير منضبط بقواعد واضحة تغيب عنه الشفافية و المصارحة .
أما آلية وصول المرجع الى سدة المرجعية و تسيده هذه المنصب الهام فهي آلية أقل ما يمكن وصفها بأنها غير صالحة للاستمرار فلا يوجد ضمانة لوصول الاكفئ للمرجعية إنما يصل اليها من يثبت قدرته على كسب ثقة المرجع المعاصر و البروز بين تلاميذه و القادر على خلق مجموعة من "الفضلاء" وهم تلاميذه الذي يسوقون اسمه بين العامة و الخاصة ، و عندما تسأل ما الضمانة أن لا يكون المرجع العتيد أقل من غيره علما أو فهما أو فكرا أو وعيا ، فإنك لن تصل الى جواب حقيقي بل مجرد عموميات فضفاضة .
لكن تطوير المرجعية و الوصول الى مشروع مقنع يجب أن يمر اولا بمرحلة الاجابة عن سؤال مهم جدا ، هل مازال دور المرجع هو ذات الدور الذي يلعبه في العصور الغابرة ؟ هل مازال الناس بحاجة الى مرجع أصلا في هذا الزمن ؟ ألا يمكن إيجاد مؤسسات مدنية من ذوي الاختصاص تقوم بجميع الانشطة التي تقوم بها المرجعية اليوم ؟ هل للمرجع دور ضروري لا يمكن للانسان المسلم الاستغناء عنه ؟
إن تحديد دور المرجعية في العصر الحالي هو من سيقودنا الى رسم صورة واضحة عن شكل المرجعية المنتظرة ، و من يرفض فكرة تطوير المرجعية فإنه يغامر بإنقراضها بعدما يتجاوزها الزمن ..

الاثنين، 6 مايو 2013

سجن اسمه التاريخ

سجن اسمه التاريخ





عندما تتأمل قليلا في العناوين التي يضج بها العالم الافتراضي اليوم بين مختلف التيارات الفكرية في الساحة الاسلامية و تحاول تصنيفها ستدهش كم نحن غارقون في الماضوية إذ ان جل تلك العناوين غارقة في مجاهيل التاريخ ..
ليس العيب في التاريخ فهو سجل الامم و ماضيها بحلوه و مره  ، لكن العيب فينا نحن الذين لم ننعتق من ربقة الماضي و دخلنا طائعين في سجن التاريخ ،و اسأنا استخدم التاريخ و جعلناه مدعاة للاقتتال و الخصومة .
تتمحور الفائدة من التاريخ في أخذ العبرة من أحوال من سبقنا فالاعتبار سيرة العقلاء ، و لكن لماذا يحب عليّ أنا ابن العصر الحديث أن أوقف الزمن و أسجن نفسي في دهاليز أحداث أنتهت منذ قرون؟ ، لماذا يجب أن أجعل حياتي رزنامة تاريخية نصبح على مولد فلان و وفاة فلان و يحرم علي أن احتفل بمناسبات القرن الحادي و العشرين و التفاعل الايجابي مع واقع العصر ؟.
 أفهم أن تحتفي الامم بحضارتها و عظمائها و لكن أن تتحول السنة كلها الى ذكريات و أطلال الماضي فهذا يعني أنها اسيرة للتاريخ و لا تعرف الحاضر و لا تتطلع للمستقبل .
يروي علي الوردي فيما يروي قصته مع صاحبه الاميركي الذي أستلقى على قفاه من شدة الضحك عندما علم أن الصراع السني الشيعي هو على خلفية صراع على أحقية الخلافة بين رجلين ماتا منذ ألف سنة ، أما نحن فيحق لنا أن نبكي على حالنا المرة التي تصطرع في أتون حروب التاريخ فمعركة الجمل لم تنتهي بعد و واقعة صفين مازلت مستمرة .
هل لهذه الامة التي تعيش في سجن التاريخ ان تنهض ؟؟ لا و ألف لا ، فمستقبلنا ماضي ، لا همّ لنا إلا الصراع من اجل اثبات حق متوهم و لم نتطلع لحل مشاكل عصرنا ، و لولا تكنولوجيا الغرب لما زلنا نشن حروبنا بالسيف و الرمح ، بل حتى تكنولوجيا العصر الحديث نستخدمها لنصرة الماضي .
ايها الاحبة ضعوا التاريخ على رفوف المكتبة و انطلقوا نحو المستقبل ..