التحرش بالاطفال
تجارب شخصية
من واقع الاحتكاك و المتابعة خلال فترة عملي ضمن الانشطة الاجتماعية و قد أختتمتها في العام 2006 قضيت الشطر الاخير منها في متابعة التوجيه السلوكي للمراهقين اقول ان ملامستنا لواقع ملف التحرش و الانحرافات الجنسية مازال سطحيا و خجولا بسبب الخوف الاجتماعي من فتح تابوهات الجنس المحرمة..
كنت قبل سنوات قد وثقت تلك المرحلة في سلسلة مقالات بعنوان ..بين يدي الاستاذ.. و ذكرت نماذج من الحالات التي وقفت عليها ..
كانت الحالات متعددة و متنوعة فيها المضحك و جلها مبكي و مؤلم..
القاسم المشترك بين حالات التحرش و السلوكيات الجنسية الشاذة كان الجهل و نقص الوعي و غياب التوجيه و احيانا الفقر و غياب الاستقرار الاسري..
معظم حالات التحرش التي وقفت عليها كان احد اطرافها مراهق لم يتم توجيهه بصورة سليمة و تم توفير بيئة مناسبة بسبب غياب أو جهل احد الوالدين و الثقة التي وضعت في غير محلها..
من أغرب الحالات ان يتحرش الطالب المراهق بأستاذه الشاب ليتسبب في تركه المجموعة و التعليم ..
و من اكثر الحالات ألما الطفل الذي تحرش به خاله لسنوات انتهى به الحال الى الاعتداء الجنسي - حسب رواية الطفل - و كان مزعجا لي التعامل مع هذا - الخال - إذ انني اعرفه ولكن لم يكن بمقدوري مواجهته إذ لا دليل على الدعوى ، و هذه واحدة من المعضلات التي واجهتها حيث ان مجرد شكوى طفل او مراهق من التحرش او الاعتداء في ظل غياب دليل مكبل للناشط ، كما أن الطفل غالبا لا يحسن التصرف بسبب غياب الوعي و لا يوثق الحادثة بدليل مادي مبين ، لذا كنا نكتفي بالتوجيه دون القدرة على اتخاذ اجراء عقابي، و هذا يعطي الجاني فسحة للمزيد.
تعلمت مما وقع بين يدي ان المظاهر التي توحي بالتدين قد لا تعكس الحقيقة ، فقد أشتكى بعض الاطفال من أشخاص يتحرشون بهم في الخفاء رغم ان مظاهرهم تدل على الاستقامة..
اما اكثر الامور غرابة و قد تكرر بشكل يكاد يكون ظاهرة هو تحول الضحية الى جاني، بمعنى ان الطفل - المتحرش به- يتحول الى -متحرش-بالاطفال عندما يصل الى مرحلة المراهقة ، ففي حالات عديدة برر المتحرش فعله انه تم التحرش به دون معاقبة الجاني مما يجعله يسلك نفس المسار كإجراء انتقامي دون ان يقصد ،وهناك تفسير آخر وهو ان الطفل الضحية تتفتح غرائزه الجنسية باكرا جدا و بطريقة خاطئة يجعله يتجه لهذا النمط الوحيد الذي تعرف عليه دون وعي و معرفة منه او توجيه أسري سليم..
في حالات عديدة رأيت ان الطفل -المتحرش به- بحاجة ماسة للتأهيل النفسي لإعادة الثقة في نفسه كي يكمل حياته بنجاح..
و في حال غياب هذا التأهيل بسبب غياب المختص و المراكز النفسية و الاجتماعية فإن المشكلة تكبر مع الطفل..
ايضا غياب الاستقرار العاطفي للطفل يعمق المشكلة إذ يخشى الطفل البوح بما حصل له لوالديه خوفا من العقاب ، و إذا لم يجد من يأخذ بيده و يوجهه بشكل صحيح فإن الطفل يضل في حالة تأنيب ضمير و كأنه ارتكب جرما رغم انه ضحية.
من المهم جدا جدا ان يجد الطفل في والديه ملجأ في مثل هذه المواقف و هذا ما لاحظت غيابه للاسف الشديد..
ختاما ارى ان فتح ملف التحرش و الاعتداءات الجنسية على الاطفال و الاحداث مازال دون حجم المشكلة مما يؤجل علاجها بصورة سليمة و هذا له انعكاساته السليية على المجتمع..
ثقافة الحزن
واحدة من المفارقات الكثيرة التي يتسم بها سلوكنا الاجتماعي هو سيادة الفوضى و غياب النسق التنظيمي للمناسبات ..
في مناسبات الحزن كحالات الوفاة و فقد الاحبة ، من السهولة ان تلحظ غياب ثقافة الحزن و الجنائزية في مجلس العزاء..
في الحقيقة قد يشتبه الامر على الزائر نمط المناسبة و طبيعتها بسبب طغيان الفوضى و اللاتنظيم في تلك المجالس..
إذا كانت مناسبات الفرح تبيح شيء من الفوضى نتيجة الانفعال .. فإن مناسبات الحزن لكي تأخذ طابعها الجنائزي لا تسمح بذلك..
من المهم التركيز على الهدوء و المواساة لأهل الفقيد في مختلف التفاصيل و منها ما يقدم أثناء المناسبة..
فالوجبة المقدمة في مناسبات العزاء و التي عرفت قديما بـالوضيمة لا تختلف كثيرا عن ولائم الافراح و في هذا اجحاف بحق المناسبة و أهلها..
لنبتعد قليلا عن الجانب الشرعي في الاباحة او الكراهة او الاستحباب فالمسألة متعلقة بنمط إجتماعي يحتاج الى الترشيد و إعادة الضبط و التقويم و هذا يحتاج الى حوار إجتماعي منطلق من رؤى النخب في المجتمع ..
ما ادعو إليه هو ان يعيد المجتمع صياغة الانماط المناسباتية في المجتمع بما يناسب الواقع المعاصر بعيدا عن جبر العادات و التقاليد ، من المناسب جدا ان يعطى الناس في زمانهم فرصة لخلق أو إعادة تشكيل انماطهم الاجتماعية بصورة واعية دون إكراه التراث الذي يتجاوزه الحاضر..
بين وجبتين
يعد التفاعل و التغير الاجتماعي من اكثر الموضوعات اهمية في الدراسات السيسولوجية ، و كما يشر علماء الإجتماع ان المجتمعات في حال تبدل و تغير دائم و لكن الاختلاف في الدرجة و النوع ، فبينما تتغير المجتمعات المتقدمة بوتيرة اسرع و اكثر حيوية و خصوصا في الجوانب التي تمس حياة الافراد تجمد المجتمعات الأقل تطورا لتحمل افرادها المزيد من اعباء العادات و التقاليد و أحكام الاجداد و الحقب السالفة..
يميل الشباب عموما للتجديد و التغيير الاجتماعي بينما يميل كبار السن إلى المحافظة و الجمود.
لو اخذنا وجبة -وليمة العرس- و وجبة -طعام الفواتح- مثالا سنجد صورة أوضح..
في الاعراس استطاع مجتمعنا تجاوز تقليد الوجبة -وليمة العرس- رغم الاتفاق على استحبابها ذلك ان الشباب -عماد التغيير الاجتماعي- قد استطاع فرض التغيير خصوصا في مجتمعنا الاحسائي ، و ذلك لأن الشاب لديه فرصه لفرض إرادته في التغيير الامر الذي لا يتاح في حالات الوفاة و الفواتح إذ الامر بيد العائلة ككل لا بيد الشاب ، و الامر متعلق ايضا بطبيعة التنظيم الارتجالي و السريع لمناسبة العزاء بخلاف الاعراس.
موقف..
حضرت في إحدى المرات حوارا بين اب و ابنه رجعا للتو من مجلس عزاء،بدأ الابن بنقد اصرار اهل العزاء عليهم للبقاء حتى موعد الوجبة و ما تم من مظاهر و مبالغات خلالها،الاب بدى موافقا ثم قال: يا ولدي إذا انا مت فلا تضع وجبة في فاتحتي.
الابن بادر بالدعاء لوالده بطوله العمر.
انتهى الموقف و لكنه يعكس عجز الأبن حتى لو اراد بتطبيق رغبة والده إذ الامر متعلق بالاسرة وليس به من ناحية و من ناحية أخرى فإنه من غير المعتاد لدينا ان يبادر الانسان بالتخطيط لجنازته و مجلس العزاء فيه بل يكتفى بالمتعارف مما يرسخ الثقافة السائدة.
إن التغيير بما يناسب الزمن و الظروف تبقى مسؤولية النخب الواعية لتحريك ما يمكن تحريكه ليتجاوز المجتمع معوقات ازدهاره و تكيفه من الواقع المادي الصعب و التخفف من الالتزامات الاجتماعية الخانقة ..
القراءة.. تجربة شخصية
القراءة .. تجربة شخصية 1
ارتبط رقي الانسان و تحضره بل و تميزه عن بقية الكائنات بالمعرفة و العلم ، و ارتبطت المعرفة بالقراءة ، و أرقى القراءة هي قراءة الكتب ، فالكتاب هو قنطرة الحضارة و السبيل الى الرقي و التحضر .
قراءة الكتاب في سبيل نيل المعرفة يميز عن غيره في العمق و الشمولية الى جانب الجدية و المصداقية ، بخلاف باقي وسائل المعرفة التي تنقص درجة عن القراءة و أحيانا درجات ، لذا فالانسان الجاد لا يستغني عن القراءة و لا يتنازل عن الكتاب .
القراءة... تجربة شخصية 2
يجدر بالقارئ ان يتمرحل في قراءته فلا يبقى على ذات النمط طوال حياته ، و هذه المراحل برأيي يجب ان تكون كالتالي :
في المرحلة الاولى :
من الجيد ان يترك لنفسه العنان لتختار ما تريد و يقرأ في كل مجال و كل ما تقع يده عليه ،إذ الهدف هنا اكتسب محبة القراءة و الأنس بالكتاب و تحويل القراءة لعادة يومية و ممارسة اصيلة .
في المرحلة الثانية :
يجدر بالانسان التوجه للقراءة الاكثر عمقا و يبدأ بغربلة الكتب و التفضيل بينها و التمييز بين الكتّاب و المؤلفين ، و يكتسب مهارات القراءة و البحث و التصفح .
و في المرحلة الثالثة :
يجب على الانسان الجاد اختيار مجال يتخصص فيه و يبحر و يركز ليستطيع ان يعطي ..
في هذه المرحلة يجب ان يبدأ الانسان باقتناء الكتب التخصصية و التوسع في البحث و المتابعة لكل جديد في مجاله.
التخصص لا يعني الاكتفاء بالقراءة في مجال واحد فقط بل يجب ان يقرأ الانسان في مجالات شتى و لكن يعني ان يعطي هذا المجال الاولوية و الاهمية في القراءة.
متى يجب ان تبدأ هذه المرحلة؟
لا سقف زمني يحددها ..
انت فقط ستعرف متى يجب ان تتخصص في مجال ما.
القراءة... تجربة شخصية 3
معارض الكتاب مهمة للقارئ من عدة نواحي ..
اولا : متابعة الجديد حيث تشكل فرصة لمعرفة ما يستجد من كتب على الساحة.
ثانيا : فرصة للوصول للكتاب غير المتاح محليا خلال السنة.
ثالثا : مجال ارحب للمقارنة و المفاضلة في ظل تعدد الكثيرات و كثرتها.
رابعا : الحصول على سعر افضل احيانا.
خامسا : الاستفادة من الفعاليات المصاحبة للمعرض.
القراءة .. تجربة شخصية 4
تتفاوت النظرة تجاه الكتاب و أهمية بين افراد المجتمع ،لكن الاكيد ان معظم من يقدر الكتاب و يقرأه تعلم ذلك في الصغر و هذا يوضح اهمية تربية الاطفال على القراءة.
أجهزة الجوالات الحديثة فضحت المتذرعين بانعدام الوقت او ظروف العمل خصوصا في ظل الكتاب الالكتروني ،فما يقرأه الانسان العادي في الواتساب مثلا يعاد كتبا ضخمة ، لكن محتوى الواتساب يغلب عليه السطحية و الضعف و عدم المصداقية.
من هنا يأتي الحديث عن الكتاب الالكتروني و أهميته في اختصار الوقت و الجهد و التكلفة و سهولة الاستخدام .
إن الانتقال من طور الكتاب الورقي الى الالكتروني يشبه الى حد بعيد التطور من الكتاب ذو الطباعة الحجرية الى الطباعة الكمبيوترية الحديثة، إذ المسألة هي تعوّد و ألفه لنمط معين دون آخر و الوقت كفيل بتغيير الثقافة السائدة ، من يظن ان الكتاب الورقي باق هو يشبه ظن اجددنا الذين كانوا ينحتون النقوش على الالواح الصخرية ، فهم لم يظنوا ان الانسان سيتجاوز نقوشهم و ربما عابوا على الكتب الورقية سهولة تلفها مقارنة بالنقش على الحجر و لكن الحياة تغيرت ، و عن عيوب الكتاب الالكتروني فإن الانسان قادر على ابداع الحلول و تطوير الواقع الحالي ، لذا ليس من الحكمة مقاومة التطور .