الأحد، 16 فبراير 2014

كوثر الاربش .. صوت مختلف

كوثر الاربش .. صوت مختلف




بشكل لافت و غير متوقع و في زمن تزاحم الأسماء و العناوين ، فجأة و دون سابق إنذار برز اسم السيدة (كوثر الاربش) في الوسط الشيعي السعودي ليثير زوبعة كبيرة و يصبح اسمها مصاحب للجدل الصاخب بين مؤيد و معارض ، و تشتد هذه الفورات كلما ظهرت كوثر على إحدى وسائل الاعلام إذ سرعان ما تتقاذف سيرتها الناس عبر وسائل التواصل الحديث لمدة من الزمن .
بالرغم من أنها مازالت شابة يافعة إلا أنها اختصرت الكثير من الزمن عبر كشفها لتناقضات المجتمع الشيعي و جدليته ، استطاعت كوثر بعفوية تامة ان تستفز الكثيرين الذين عجزوا عن الصمت لأسباب كثيرة بعضها ظاهر و بعضها الآخر يكمن في مكنون الصدور .
لماذا شكلت كوثر صدمة للكثيرين ؟؟
في رأيي هناك ثلاثة اسباب :
الاول : أنه و على غير العادة خرجت (امرأة) من الوسط المحافظ جدا ليكون لها صوت أرفع من الكثير من الرجال ، و هذا مستفز للعقلية الذكورية التي و مهما ادعت التسامح في قضايا المرأة تظل تتوجس و تخاف منها .
النقد و المراجعة و كشف المستور كان مرفوضا دوما في الوسط الشيعي –الشعبي- فما بالك أن تقوم به سيدة فهذا اشد على الكبرياء الذكوري .
الثاني : أنها شابة ناجحة ، استطاعت ان تصبح صحفية و عضو في مجلس ادارة جمعية الثقافة و الفنون ، و شاعرة و مثقفة دائمة الحضور في المحافل و الفعاليات الثقافية ، و لهذا النجاح ضريبة و لكل ناجح أعداء .
السبب الثالث و الاخير : الجرأة و الشجاعة الادبية و الصراحة و عدم المجاملة ، و هو ما عجز عنه الكثير من الرجال ، و لكن كوثر و في حالة نادرة بادرت بالحديث بوضوح عما يجول في فكرها و ما تؤمن به من أفكار ، بل إنها لم تقف عند مقدس – اجتماعيا- في نقدها ، و لم تصنم الشخصيات لتعطي لنفسها الحق في ممارسة حرية الفكر و النقد دون عقد مسبقة .
يخطئ من يعتقد أن كوثر الاربش تمثل نفسها ، بل هي مجرد صوت متقدم يمثل شريحة شابة و قادمة تبحث عن مكانها الطبيعي في الوسط الثقافي و تحاول ان تتلمس الطريق دون وصاية أو أبوية من أحد.
من الطبيعي جدا أن أختلف أنا و غيري من الشباب مع كوثر في بعض أفكارها و اساليبها و لكننا نتعاطف معها لأننا نرى أنها تمثل صوت الشباب الذي يفكر بصوت مسموع و عالي ، صوت يريد التغيير من الواقع المؤسف الى مجال فكري أرحب و أوسع ..
من المؤسف جدا أن الكثير من ردود الافعال ضد كوثر كانت متشنجة جدا و أخرج الكثير من المتحمسين أسوء ما لديهم من عبارات و أخلاق ليكشفوا عن حقيقة المستوى المتدني من التدين و السلوك ، كما أن النخب الدينية و المثقفة في أغلب الاحيان لم تستطع تفهم صوت كوثر أو التعامل بمنطقية مع المختلف ، فهم يرون في الناقد للذات عدو أو ضال ، و قد كان الاجدر بهم الحوار المتزن و احترام الرأي الآخر و الحرص على المساحة المشتركة التي مازالت أكبر من الاختلاف .
كوثر كما كثير من الشباب مازال أمامهم الكثير من القراءة و البحث و الاطلاع للوصول الى قناعات نهاية و مشاريع فكرية ناضجة و حقيقية يمكن البناء عليها ، و هذا الامر في صالح المجتمع و ليس ضده ، لذا يجدر بالمجتمع الواعي احتضان هذه الاصوات و ليس معاداتها .
في النهاية فمن يعتقد ان مشكلته الآن تتمثل في (كوثر الاربش) فهو واهم فما اسمها سوى بداية لسلسلة من الاسماء الشابة التي ستكون أكثر شجاعة في البحث الجاد عن الذات ..

الأحد، 2 فبراير 2014

الليبرالية .... محاولة للفهم 3/3

 الليبرالية .... محاولة للفهم

3/3






الولايات المتحدة الاميركية (كنموذج)

·        بالرغم من أن الولايات المتحدة الاميريكية تعتبر دولة ليبرالية إلا أننا نجد أن هناك تباين بين الاحزاب السياسية والنخب و المجتمع الامريكي في حدود و مساحة التطبيق الليبرالي .
·        بشكل اجمالي يعتبر الحزب الديمقراطيين أكثر ليبرالية من حزب المحافظيين
·        على المستوى الاجتماعي :  حزب الديمقراطيين يركز على الحريات الفردية و يدعم حق الاجهاض للمرأة و يوافق على منح المثليين (الشواذ) حقوق كاملة ، بينما نجد المحافظين يرفضون حق الاجهاض و حقوق المثليين و يعتبرونها تهدد قيم المجتمع الامريكي و في الوقت نفسه سمح الرئيس بوش بالتنصت على المكالمات من أجل الحفاظ على الامن القومي الامر الذي رفضه الديمقراطيين .
·        على المستوى الاقتصادي يدعم المحافظون ليبرالية الاقتصاد و يرفضون تدخل الحكومة في الاقتصاد ، و يفضلون تخفيض الضرائب على الاغنياء من اجل حفزهم على التوسع مما يعني ازدهار تجاري ، بينما تدخل الرئيس اوباما كثير لإنقاذ شركات السيارات و اشترت الحكومة حصصا كبيرة من اجل التدخل في ادارة الشركات كما تدخلت لإنقاذ الشركات و البنوك التي كانت على وشك الافلاس ، كما دعم الاسر الاقل دخلا من أجل مساعدتها على الانتاج و العمل

نموذج (سوبرمان) :

فكر الليبراليون في نموذج يمكن طرحه كبديل للنماذج التي يقدمها المحافظون و أتباع الاديان من رموز و شخصيات، و خصوصا صورة الرب و صور الانبياء، لذلك فكر بطرح نموذج معبر .
طرح الليبراليون نموذج يتحدث بأسلوب واضح عن افكارهم , تجسد في افلام (سوبرمان) الرجل الثري القوي المتحرر الذي يستطيع ان يقيم النظام و القانون في حين تعجز عنها سلطات الشرطة و القوات الامنية , فيما يكسب هو محبة الناس و تقديرهم ,  كما تبرز تمتع سوبرمان بكافة الصلاحيات و السلطات و يستخدم كافة الوسائل من اجل تحقيق الاهداف السامية التي يحققها .


نقد الليبرالية :

عندما نريد نقد فكرة معينة دخيلة أو جديدة على بيئتنا المعرفية فإن أفضل بداية تكون بالعودة الى البيئة الام لأكتشاف النقد الاولي هناك .
ان التيار الناقد للتيار الليبرالي اليوم في الغرب هو التيار المحافظ خاصة على المستوى السياسي و الاجتماعي , ففي حين يعيب المحافظون الاكثر تدينا مسيحيا على اللبراليين بأنهم دعاة فحش و انحلال و دمار للانسانية من خلال تشجيع التمرد الفردي و الغاء سلطات الحكومة المركزية لصالح الفرد , يصر الليبراليين على ان المحافظين يقودون المجتمع نحو السلطة الابوية و السيطرة و تقييد الحريات و مصادرة الحقوق .

أهم القضايا التي تشهد جدلا اليوم في الغرب بين الليبراليين و المحافظين :
-         حق الاجهاض للنساء
-         حقوق المثليين
-         حق الدولة في التدخل في الاقتصاد
-         حق الدولة في التنصت على الافراد من اجل الامن


و انقسام المثقفين و المفكرين العرب حول هذه المفاهيم الى تيارات ثلاث :
1- التيار الرافض الناقم
2- التيار المعتنق لها كافة جوانبها
3- التيار الذي يسعى الى التأصيل و التطويع
ولكل تيار من التيارات الثلاثة علاته و اخطاءه .

ايجابيات الليرالية :

1-     إن تعزيز احساس الفرد بذاته خلق مجال واسع للعمل و البذل ، فتحقيق الذات لا يمر إلا من خلال الانجاز الفرد دون الاتكاء على التراث و الانتماءات للقبيلة و الجماعة و الدين .
2-     تحييد الدولة في العلاقة مع المواطنين جعلهم عصاميين يسعون للعمل من أجل الحياة فمن لا يعمل لا يستحق العيش
3-    التأكيد على الحريات الفردية منع الازداوجية و النفاق الاجتماعي إذ لا حاجة له فالانسان يعيش كما هو دون الحاجة للتصنع .
4-    توافر الحريات الفردية أعطى للأقليات قدرة على العيش دون التعرض لظلم الاكثرية
5-     حياد الدولة تجاه الاديان و التيارات الفكرية خلق جوا واسعا من الابداع و العطاء الفكري و العلمي .


هناك الكثير من النقد الذي طال الليبرالية من خصومها ، و هنا سنحاول طرح بعضها بتوازن محاولين الانصاف :

1-    الليبرالية تناهض الاديان و تؤدي الى الالحاد :

يعتبر بعض نقاد الليبرالية أنها تعاكس الاديان و تنتهي بعتنقها الى الالحاد ، ذلك لأن الليبرالية تعتبر ان الانسان هو المسؤول عن تحديد أفكاره و معتقداته و هو غير ملزم بمعتقدات الناس و أديانهم .
و بالرغم أن الليبرالية تؤمن بالحرية الدينية إلا ان المدافعين عنها يقولون أنها تنسجم مع المنهج القرآن كقوله تعالى (لكم دينكم و لي دين) و قوله (لا إكراه في الدين)
لكن النقطة الجوهرية تكون في حرية الانتقال الى اي دين آخر دون ترتب أثر قانون أو مسؤولية على الفرد ، و هذا مرفوض  حسب فتوى الفقهاء ، و أيضا في دور الدولة تجاه الجماعات الدينية الناشئة في السماح لها بممارسة معتقداتها و هذا ايضا يرفضه العلماء الذين يعتبرون الدولة مسؤولة عن دين المجتمع ، و بشكل عام فإن الليبرالية تدعو لحياد الدولة تجاه الدين و هو ما يعني العلمانية .


2-    الليبرالية تؤدي الى انعدام الاخلاق (حركة لا أخلاقية) و تدمير المجتمع :

إن إيمان الليبرالية بحرية سلوك الفرد دون قيد سوى القيد القانوني يجعل من المسألة الاخلاقية جدلية ، فالليرالية تعتقد أن الافراد أحرار في أختيار أخلاقهم بعيدا عن سلطة الدولة و المجتمع ، و يبررون أن القانون وحده يمكنه أن يكون حاكما على سلوك الافراد ، بمعنى أن الفرد حر فيعمل ما يشاء مادام القانون يجيزه ، و لكن السؤال يقع ماذا سيفعل الليبرالي عندما يغيب القانون ؟ و ماذا سيفعل عندما ينتقل من دولة الى أخرى حيث يتغير القانون ؟ 
كما أن التركيز على الفردانية تجعل المجتمع يركز على ذاته و يضخم الانا و يلغي إي اعتبار للمجتمع فتتفكك الاسر و تضعف العلاقات خارج ايطار المصلحة الفردية .
إن القانون لايمكن أن يكون حاكما كافيا لسلوك الانسان فالاخلاق مهمة أيضا و تحييدها سيؤدي الى فوضى أخلاقية ، و سيلغي أحد واجبات الاسلام و هو (الامر بالمعروف و النهي عن المنكر)


3-    الليبرالية تؤدي للاباحية و العلاقات المحرمة :

واحدة من أهم الانتقادات التي وجهت لليبرالية هي تساهلها في العلاقات الجنسية خارج ايطار الزواج باعتباره حرية شخصية دون إي اعتبار للدين أو الاخلاق .
و لكن الحقيقة أن الليبرالية لا تدعو للاباحية و إن كانت تبررها ، و لكنها ايضا تعتبر ان القانون هو الحاكم فبإمكان الناس إن رغبوا أن يمنعوا العلاقات الجنسية خارج الاسرة بقوة القانون .
و يعود السؤال ماذا إذا غاب القانون ؟؟


4-    الليبرالية تؤدي الى طغيان رأس المال:

أدت فكرة الحرية المالية دون إلزام رأس المال بأدنى الاخلاقيات الى تغول الطبقة الرأسمالية و اجحافها بحق المجتمع ، مما ادى الى ازادياد الاغنياء ثراءا و ازداد الفقراء فقرا .


5-    الليبرالية و حرية الفكر يؤدي الى إضعاف الدين:

تؤمن الليبرالية بالحرية الفكرية و تمكن الناس من إعتناق اي أفكار يرون صوابها ، و هو بالنتيجة حسب معارضو الليبرالية إباحه للكفر و الالحاد و تحليل ما حرم الله .



ختاما :

فإن الليرالية مفهوم مازال جديد على الثقافة العربية و مازال يمكن فهمه بشكل أوسع و أرحب و يمكن نقده أيضا لإستخلاص الفوائد و زبدة الفكر الغربي بما يخدم المجتمعات العربية و الاسلامية  ، و ما قدمته هنا مجرد محاولة أولي يمكن للمهتمين البناء عليها من اجل مزيد من المعرفة  ،،