الحرية في تربية الاطفال
الحرية في تربية الاطفال من المفاهيم الحديثة التي تصيغ نمطا جديدا في تربية الابناء ، و هذا المفهوم يقوم على اساس أن الحرية قيمة تولد مع الانسان ، فكما أن الانسان البالغ يجب أن يحظى بالحرية الكاملة فإن الطفل يجب أن يتمتع بالحرية ذاتها .
معلوم ان قيم الانسان و أفكاره و سلوكه تصاغ بشكل أساسي في مرحلة الطفولة ، فكيفما يقولب الابوان و البيئة هذا الطفل فإنه سينشأ و يكبر بالتالي فإنه لم و لن يكن حرا في اختيار مستقبله .
تقوم هذه النظرية على اساس ان الاسرة و المدرسة و البيئة مسئولة عن تمكين الطفل من حريته و تحقيق إرادته و مساعدته في رغباته دون فرض نمط فكري أو ثقافي أو سلوكي عليه حتى لو خالف في ذلك رغبة الابوين أو المجتمع ، بل و توفير كافة الموارد الممكنة لتفعيل حرية الطفل و حمايته من كل محاولة للنيل منها أو انتقاصها و أعتبار ذلك نوع من العبودية .
يجب على الابوين و المجتمع عدم وضع نموذج محدد يوجه الطفل إليها باعتباره أمثل أو أفضل ، كما يجب الا يتم تحقير اختيار الطفل لمجرد ان ذلك الخيار تم اعتباره سيئا سلفا .
نعلم ان الطفل ينظر الى الامور مجردةا من الاحكام المسبقة و العقد الاجتماعية المتراكمة عبر التاريخ و الحوادث التي مرت بالمجتمع و الاراء الدينية أو الافكار الفلسلفة ، و في المجتمعات الحرة يجب ان لا يفرض هذا الارث على الاطفال و تركهم لخياراتهم .
في الحقيقة ان هذا المفهوم صعب التطبيق لأسباب كثيرة ليس فقط مجتمعات في العالم الثالث بل حتى في المجتمعات في العالم المتقدم ، فالانسان بطبعه يحب ان يرى نفسه في أبناءه ، و يحب ان يحملوا ارثه ، فكيف يسمح لأولاده بتدمير هذا الارث طوعا .
في بعض المجتمعات التقليدية الاب يختار كل تفاصيل حياة ابناه من دينه الى مذهبه الى طعامه الى دراسته الى وظيفته الى زوجته الى ابناءه الى مسكنه مرورا بالكثير من التفاصيل في الطريق ، و ربما تكون حياة الاب بكامل تفاصيلها من اختيار الجد ، بالتالي فالمجتمع يدور في حلقة مفرغة منعدمة من حرية الاختيار و يكرر ذاته دون ادنى ابداع .
في المجتمعات الحرة هناك بحث دائما عن مزيد من الحرية ، و لكن في المجتمعات التي تفتقر للحرية و تمتلئ بالعبيد يبدو ان البحث عن مزيد من العبودية هو الطاغي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق