الأربعاء، 28 أغسطس 2013

موجة التغيير القادمة


موجة التغيير القادمة






ما الدليل على كلامك ؟ لم تقنعني يا شيخ ؟ هل هذا الكلام منطقي ؟ أنا اختلف معك ! الى متى سنبقى في هذا الحال؟ فكرك لا ينتمي الى هذا العصر ! ..
هذه الاسئلة و العبارات و مثلها عشرات بتنا نسمعها و نقرأها عبر وسائل الاتصال الحديثة ضمن النقاشات المحتدمة و بشكل يومي أبطالها شبان في زهرة العمر يناقشون كل فكرة و كل كلمة ترد إليهم ، و انحسرت الى حد كبير صورة التابع الصامت و السامع المطيع .
لا أدري ماذا تسمى هذه الحالة ، و لا اعرف هل هي إيجابية أم سلبية ، و لا اجزم بالنتائج التي ستفرزها في المستقبل المنظور و البعيد ، و لكن الاكيد ان البنية العقلية في مجتمعنا تمر بمرحلة تغير و تبدل و ربما يكون هذا التغير الى الابد .
كنت اظن ان حالة تمرد الشباب على المورث الاجتماعي و الفكري و الثقافي حالة أقلة ، و لكن من خلال بحثي البسيط على مواقع الانترنت وجدت أن الحالة تكاد تشكل ظاهرة و هي غير محصورة في نطاق جغرافي محدد أو إطار مذهبي أو فكري خاص ، بل الحالة شمولية و تجتاح بقوة و تكبر يوما بعد يوم .
 
الآن ماذا  نحن فاعلون ؟؟

يجدر بالنخب الثقافية و الاجتماعية الانتباه والتفكير بوعي تام و دراسة هذه الحالة الفريدة في حياة المجتمعات ، و محاولة رسم خارطة طريقة لهذا الحراك قبل ان يعض البعض اصابع الندم .
وسائل الاتصال الحديثة اليوم التي تعاظم دورها بشكل كبير و خصوصا الواتساب و توتير و الفيسبوك أثرت النقاش في المجتمع و سهلت البوح من افكار و هواجس و خلجات في صدور الشبان و الفتيات فبات الشاب يتحدث بالفكرة قبل التفكير بها حتى ، هي في ذهنه مجرد فكرة قبل ان يصطرع الحوار حولها فتتحول من مجرد فكرة الى قناعة ، يدافع الشاب عن تلك الفكرة مدفوعا بالحوار السيء و الشخصاني الذي يطغى على الحوارات اليوم دون فكر واعي .
الشباب اليوم يقفون على لوح خشبي فوق موجة بحر عاتية ، هم فقط بحاجة الى من يرشدهم لطريقة الوقوف على الخشبة لا أكثر، لا يحتاجون لأبوية تحاول إنقاذهم بالقوة فهذه الطريقة لن تجدي بل ستغرق الجميع .

التغير الفكري و الثقافي و الاجتماعي  ليس كارثة ليخاف منها أحد ، بل هي دليل صحة و عافية و حيوية ، فقط نحن بحاجة الى تعلم مهارات التعامل مع موجة التغيير القادمة و الانسجام معها ، و من يقرر الوقوف في وجهها سيغرق بالتأكيد ..

الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

الحرية في تربية الاطفال

الحرية في  تربية الاطفال



الحرية في تربية الاطفال من المفاهيم الحديثة التي تصيغ نمطا جديدا في تربية الابناء ،  و هذا المفهوم يقوم على اساس أن الحرية قيمة تولد مع الانسان ، فكما أن الانسان البالغ يجب أن يحظى بالحرية الكاملة فإن الطفل يجب أن يتمتع بالحرية ذاتها .
معلوم ان قيم الانسان و أفكاره و سلوكه تصاغ بشكل أساسي في مرحلة الطفولة ، فكيفما يقولب الابوان و البيئة هذا الطفل فإنه سينشأ و يكبر بالتالي فإنه لم و لن يكن حرا في اختيار مستقبله .
تقوم هذه النظرية على اساس ان الاسرة و المدرسة و البيئة مسئولة عن تمكين الطفل من حريته و تحقيق إرادته و مساعدته في رغباته دون فرض نمط فكري أو ثقافي أو سلوكي عليه حتى لو خالف في ذلك رغبة الابوين أو المجتمع ، بل و توفير كافة الموارد الممكنة لتفعيل حرية الطفل و حمايته من كل محاولة للنيل منها أو انتقاصها و أعتبار ذلك نوع من العبودية .
يجب على الابوين و المجتمع عدم وضع نموذج محدد يوجه الطفل إليها باعتباره أمثل أو أفضل  ، كما يجب الا يتم تحقير اختيار الطفل لمجرد ان ذلك الخيار تم اعتباره سيئا سلفا .
نعلم ان الطفل ينظر الى الامور مجردةا من الاحكام المسبقة و العقد الاجتماعية المتراكمة عبر التاريخ و الحوادث التي مرت بالمجتمع و الاراء الدينية أو الافكار الفلسلفة ، و في المجتمعات الحرة يجب ان لا يفرض هذا الارث على الاطفال و تركهم لخياراتهم .
في الحقيقة ان هذا المفهوم صعب التطبيق لأسباب كثيرة ليس فقط مجتمعات في العالم الثالث بل حتى في المجتمعات في العالم المتقدم ، فالانسان بطبعه يحب ان يرى نفسه في أبناءه ، و يحب ان يحملوا ارثه ، فكيف يسمح لأولاده بتدمير هذا الارث طوعا .
في بعض المجتمعات التقليدية الاب يختار كل تفاصيل حياة ابناه من دينه الى مذهبه الى طعامه الى دراسته الى وظيفته الى زوجته الى ابناءه الى مسكنه مرورا بالكثير من التفاصيل في الطريق ، و ربما تكون حياة الاب بكامل تفاصيلها من اختيار الجد ، بالتالي فالمجتمع يدور في حلقة مفرغة منعدمة من حرية الاختيار و يكرر ذاته دون ادنى ابداع .
في المجتمعات الحرة هناك بحث دائما عن مزيد من الحرية ، و لكن في المجتمعات التي تفتقر للحرية و تمتلئ بالعبيد يبدو ان البحث عن مزيد من العبودية هو الطاغي .