العبودية عند العرب
الاستعباد و اتخاذ الجواري و العبيد عادة درج عليها العرب منذ الجاهلية و بقت مستمرة دون تجريم الى وقت قريب بل هي مستمرة حتى اليوم و إن بأشكال مختلفة ..
كانت قبائل العرب في الجاهلية تشن غارات على بعضها البعض إما لثأر قديم أو خلاف مستجد و أحيانا رغبة في الكسب و النهب ، فيقتلون الرجال و يسترقون النساء و الصبيان حتى جاء الاسلام فوجد ان الاستعباد عادة يجب محاربتها بالتدرج فهذبها و سن الكثير من التشريعات لها و جعل في عتق العبيد فضيلة كبيرة و عقوبة لكثير من الذنوب و الخطايا ، و غني عن القول ان النبي الاكرم صلى الله عليه و اله وسلم و أصحابه و أهل بيته قد قاموا بمجهودات كبيرة في تحرير العبيد و الاحسان اليهم ، و لو أتخذ المنهج النبوي بشكله الصحيح لأنتهت العبودية عند العرب منذ قرون ..
الانعطافة حدثت عندما بدأت الحروب باتجاه فارس و الشام فيما سمي بالفتوحات الاسلامية ، حينما أسرت الجيوش الاسلامية أعداد كبيرة من العبيد و بدأت ظاهرة العبودية في الازدياد بدل الانقراض، و شهدت أسواق النخاسة و تجارة العبيد و الجواري رواجا كبيرا ، اصبح أقتنائهم من ضرورات الحياة في تلك الفترة ..
و أستمر الحال هكذا قرونا لعب فيها العبيد و الجواري ادوارا مهمة في تاريخ العرب و أشتهرت منهم أسماء كثيرة كان لها أثرا بارزا حتى بلغ الامر أن يصبح لهم دولة و هي دولة المماليك في مصر حيث كان حكامها عبيدا لدى الايوبيين .
و هكذا حتى أنطلقت موجة منع تجارة الرقيق من أوربا عندما أقرت الدول الاوربية معاهدة فينا عام 1814م ، و بعدها بدأ الضغط يمارس على الدولة العثمانية التي كانت تحكم معظم المناطق العربية لمنع تجارة الرقيق ، و لكنها لم تكن متحمسة خصوصا أن العبيد اصبحوا جزءا من النسيج الاجتماعي العربي .
و بعد سقوط الخلافة العثمانية طبقت دول الانتداب قوانين منع الرق على الدول العربية ومارست ضغوطا على دول أخرى كالمملكة العربية السعودية لمنع الرق و لكنه استمر في المملكة حتى نوفمبر عام 1962م عندما أُعلن عند إلغاء الرق و أعتاق العبيد في المملكة مع ضمان التعويض من الدولة لملاكهم .
و لكن و حتى بعد تحرر العرب من تجارة الرق و استعباد البشر نجد أنهم لم يتخلصوا من ثقافة العبودية و استعباد الآخر ، فكثير من العوائل تعامل العمال و خدم المنازل معاملة العبيد و ليس معاملة الموظف الذي يستحق أجرا على عمل يقوم به ، فعلى سبيل المثال رفضت معظم العوائل فكرة أعطاء العاملة المنزلية عطلة اسبوعية أو تحديد ساعات العمل في المنزل ، فهم يريدونها تعمل 24ساعة و سبعة ايام في الاسبوع ، أليست هذه عبودية ؟؟
الامر ذاته في تعامل التجار مع عمالهم فهم يتوقعون منهم العمل بلا كلل و لا ملل دون مراعاة لأبسط حقوقهم الانسانية وهذا يشكل ما اصطلح عليه (عبودية العصر الحديث) .
الامر ذاته في تعامل التجار مع عمالهم فهم يتوقعون منهم العمل بلا كلل و لا ملل دون مراعاة لأبسط حقوقهم الانسانية وهذا يشكل ما اصطلح عليه (عبودية العصر الحديث) .
و بالرغم من الكثير من حالات المعاملة الوحشية في العهود الماضية للعبيد إلا أنها لم تكن دائما سوداوية فقد وصف المستشرق الهولندي( سنوك هوروخرونيه) بعض ملامح حياة العبيد في الحجاز عام 1884م بقوله :( ومأكلهم متوفر ولابأس به. وهم بعد تحريرهم يسعى الفرد منهم للعمل بالأجرة كعمال بناء او سقائي مياه، الخ. فيما اغلبهم يفضلون البقاء تحت وصاية الأسر التي خدموا فيها خصوصا اذا قرروا الزواج ... ان اثرياء مكة يحبذون ملء منازلهم بالعبيد، وهؤلاء العبيد بدورهم يعيشون حياة مترفة مقارنة بغيرهم ويجري التعامل معهم كأفراد من العائلة. اما الكفؤين منهم فيتحولون تلقائياً الى مسيّري شئون التجارة للأسر التي يعملون فيها ... وأغلب عبيد المنازل يجري اطلاق سراحهم حال تجاوزهم سن العشرين، نظراً لخوف ملاّكهم من استمرار اختلاطهم كبالغين مع نساء الأسرة وجواريها ..) عن مدونة محمود عبدالغني صباغ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق