السبت، 10 نوفمبر 2012

تنمية المهارات المالية عند الاطفال

تنمية المهارات المالية عند الاطفال *


 


يعد المال واحدا من الركائز الاساسية التي يتعامل معها الانسان و تؤثر في حاضره و مستقبله ، و العامل المؤثر و المعول عليه هو طريقة تعاطي الانسان مع المال فالتعاطي السليم يحقق السعادة أما الاخفاق في التعامل معه يؤدي الى الفشل في الحياة .
إن تنمية المهارات المالية لدى الاطفال يعتبر احد الموضوعات المهمة التي لا يتعلمها الطفل في المدرسة بل من واقع اسرته و مجتمعه الذي يقوده نحو اكتساب نمط التعامل السليم أو السقيم ، لذا من المهم على الاباء الاهتمام بتنمية هذا الجانب، كما ان صندوق العائلة الخيري معني أيضا بتنمية الاداء المالي للعائلة ليضمن تحسن أوضاع ابناء العائلة مستقبلا مما يعني تقليل الضغط و الجهد على الصندوق كما أنه يضمن ايرادات معقولة له ..

ينقسم السلوك المالي  للفرد الى ثلاثة اقسام :
1-   كسب المال
2-   صرف المال
3-   ادخار المال

المحور الاول : كسب المال
يعيش الطفل الذي يولد في اسرة ميسورة حيث يتوفر المال دائما  حس التبلد و الكسل ، و يفقد الفاعلية في كسب المال ، لذا يجدر بالاباء تحفيز الطفل على كسب المال عبر الطرق المشروعة و المهارية .
في إحدى المدارس الامريكية قامت معلمة بتوزيع مبلغ خمسين دولار على اطفال الصف الرابع الابتدائي و طلبت منهم ارجاعها مع نسبة الربح بعد شهر ،  مع تزويدهم بأفكار لتوليد المال ، بعض الاطفال أكتفى بإرجاع المبلغ مع الزيادة من الاهل و لكن الغالبية ابتدعت افكار رائعة لكسب المال مثل بيع العصير أو الاقلام الملونة و هكذا .
يمكن الاباء تشجيع الاطفال على كسب المال عن طريق شراء "بسطة" للطفل تحوي بعض الحلويات و المأكولات اللذيذة و أغتنام أوقات العطل و المناسبات و الاعياد و التجمعات العائلية في كسب المال ، أو بيع الذرة و المثلجات في الحارة .
أيضا في تنمية هوايات الاطفال و مواهبهم مجال واسع ليكون مصدر لكسب المال ، و كذلك تشجيع الاطفال على اعادة استخدام الموارد المتاحة في المنزل كعلب البلاستيك و الخشب في صنع اشياء مفيدة و ذات قيمة يكسب الطفل مهارات الانتاج الايجابي .
أيضا على الاباء اصحاب المحلات التجارية اصطحاب ابنائهم الى تلك المحلات و تشجيعهم على ممارسة البيع  و الشراء و مكافئتهم على ذلك خصوصا في العطل و ايام المواسم .
التجارة باب رزق واسع فقد قيل " في التجارة تسعة اعشار الرزق" و للتجارة أسرار و مهارات يجب على الاباء نقلها لأولادهم قبل ان يداهمهم الموت لا سمح الله ، من المؤسف أن عائلتنا التي اشتهرت بالتجارة ترجعت في هذا المجال و أصبح أبناء التاجر موظفين ينتظرون راتب آخر الشهر ..

للأب أقول : من المهم تشجيع أبناءك على العمل التجاري الحر ، فهو مورد رزق كبير و يحصنهم من البطالة ،  من المهم ان يلحق الشباب بدورات مهارية تصقل فيهم الحس التجاري و تشجعهم على العمل الحر ، فالمستقبل سيكون لهذا المجال ..

المحور الثاني : صرف المال
قيل قديما (التدبير نصف المعيشة) فمن المهم للانسان تدبير طريقة صرفه و توزيع دخله حسب احتياجه ، كما من المهم تعلم الطرق السليمة في الشراء .
يبدأ دور الاب في اصطحاب ابنه معه الى مراكز التسوق لكي يتعلم الطفل مهارات الشراء ، من المهم أن تشرح للابن كيف تختار السلعة التي تريد شراءها ، أوضح له كل المعلومات التي تدقق فيها مثل نوع المنتج صلاحيته مصدره مكوناته العلامات التي تشير للجودة أو العكس .. كل هذا بالتفصيل ، في المرحلة الثاني كلف ابنك بالشراء ، سلمه المبلغ و أنتظر في البيت أو السيارة ، و كن صبورا معه ، سيخطئ اليوم و لكن غدا سوف تطمئن عندما تسلمه مبلغا كبيرا من المال ، سوف يكون بإمكانك الاعتماد عليه عندما تسافر أو تعد وليمة لضيوف و هكذا .
من المهم أيضا ان نعلم ابناءنا على الصرف في وجوه الخير و على المحتاجين ، و هنا أذكر قصة تأثرت بها في طفولتي عندما بت ليلة في منزل المرحوم عيسى علي بوصالح –بوعبدالله- في الثقبة عندما دخل الغرفة التي سأنام فيها و مع بعض ابناءه و أحفاده ، و وزع علينا ريالات و قال : اجعلوها تحت الوسادة و في الصباح ضعوها في صندوق الصدقات بنية صدقة أول الشهر .
من المهم أن يعود الاب أطفاله على الصدقة ، و فيما أذكر عندما أشترى لي الوالد سيارة سألته عن شركة تأمين ينصحني بها ، فقال لي : عندي لك شركة تأمين رخيصة و مضمونة فقل له ما هي ؟  قال : احرص كل يوم قبل الخروج من البيت أن تضع ريال في صندوق الصدقات ..

و للاب  أقول :
اربط اطفالك بالصدقات عن طريق صناديق صدقات خاصة بالاطفال ، أو مسابقة للطفل الذي يلتزم بدفع ريال واحد صدقة كل شهر و هكذا ..


المحور الثالث : ادخار المال
الادخار سلوك يحتاج الانسان ان يتعود عليه ، فالشخص الذي لم يعتد ادخار المال سيجد ذلك صعبا في مستقبل الايام خصوصا عندما يحتاج لشراء شيء مكلف مثل السيارة أو البيت ..
لذا يجب أن يتعود الطفل على الادخار مبكرا ، و هنا يأتي دورك كأب خصوصا في المناسبات كالاعياد حيث يجمع الطفل الكثير من الريالات من الاقارب هنا يجدر بالاب شراء حصالة للطفل و تعلميه كيف يضع الريالات في الحصالة و يصرفها لاحقا حسب الحاجة .
أيضا على الاب ربط طلبات الطفل بالادخار ، فمثلا عندما يطلب منك الابن شراء غرض ما أطلب منه أن يجمع جزء من المبلغ على وعد بأن تكمل له الباقي كمكافئة له على ادخاره المال .
عندما كنت صغيرا طلبت من والدي شراء (كمبيوتر صخر-العالمية) طبعا لن يعرفه جيل اليوم ، و لكن لتبسيط المعنى أقول كان لنا كما (الايبود) لجيل اليوم ، عموما طلب من الوالد ان ادخر نصف قيمة الجهاز كي يشتريه لي ، و فعلا سعيت إدخار المبلغ بل أني جمعت قيمته كاملا ، و تعلمت درس ادخار المال ..
من المهم على الوالدين تأخير طلبات الابناء الكثيرة و ربطها دائما بسلوكه المالي و أهم سلوك مالي على الطفل تعلمه هو ادخار المال ، فهذا سيجعله قادرا في المستقبل على ادارة دخله المستقل بشكل مثالي ..
و للاباء أقول :
إن توفير صندوق للادخار خاص بالابناء  على ان يتم رد المبلغ له في يوم زفافه مثلا سيكون له أثر اجتماعي عميق و يربي على ثقافة الادخار ، و هذا الصندوق تم تجربته في عدة عوائل و ثبت نجاعته و فائدته الكبيرة .

إن في تعلم المهارات المالية و خصوصا لأبناءنا الصغار نتائج و آثار كبذرة صغيرة تنمو و تزهر فتكون شجرة كبيرة لها ظلها الوارف على عائلتنا الكريمة بعد حين ..



الخميس، 1 نوفمبر 2012

لشباب في زمن الفتن


 الشباب في زمن الفتن




يمتلئ تراثنا الروائي بالكثير من احاديث الفتن و حوادث آخر الزمان ، و هي ليست بعيدة عن الواقع المعاصر اليوم ، فالفتن تكاد تطل برأسها بشتى الصور و الاشكال في كل مجال فكريا و ثقافيا و اجتماعيا و سياسيا و اقتصاديا ،  كما أن الصراع الفتنوي لم يعد محصورا بل تعدد دينيا و طائفيا و فئويا و توجهات و تيارات و خطوط ، و الاشتباك اصبح على اشده و الناس بلغت حد التوتر الساخن .
ولكن السؤال ما هو واجب الشباب في زمن الفتنة هذا ؟؟
و لا نحتاج لكثير تفكير فالجواب جاهز لدى امير المؤمنين  و سيد الحكماء علي -عليه السلام- إذ يقول: (كن في الفتنة كابن اللبون: لا ظهر فيُركب، ولا ضرع فيُحلب)
و أبن اللبون صغير الابل فظهر ضعيف لا يمكن ركوبه و لم يبلغ سن النضج فيمكن ان يحلب .
إن الفتن التي تدور اليوم في محيطنا و من حولنا هي صراعات في أغلبها لا حق فيها و لا باطل ، لذا يجدر بشبابنا التحلي بأقصى درجات الوعي و الفطنة ، فلا يكون حطبا في حريق لا يخرج منها بشيء ، و لا يأخذنا الحماسة و الفتوة فتركب بنا مهاوي التهور .
و هنا لا ندعو الى السلبية و الركون الى الخمول و التبلد و كأن شيئا مما حولنا لا يعنينا ..
مطلوب من الشباب الترقي في درجات الوعي و التفكير العميق ، عليه ان يعرف حقائق الامور و دقائقها فكثير مما يصلنا في وسائل الاعلام المختلفة و الالكترونية بالذات غالبا ما يكون مشوها أو منقوصا أو مكذوبا أو محذوفا منه بقصد لها مآربها .
نرى بين فينة و أخرى ظواهر متشنجة في مجتمعنا تحتاج منا الى التفكر بعقلانية و العمل على تجاوز المجتمع لتلك الظاهرة بدل الدخول في الصراع و الانتصار لطرف في وجه طرف آخر .
مجتمعنا بحاجة الى كل الشباب الواعي و المثقف ، يوجد الكثير مما يمكن أن نخدم به مجتمعنا بعيدا عن تلك الفتن و الصراعات التي لا تفيدنا ..