إطلالـــــــــــــــــــة على
اسم الكتاب: ضوء من بعيد (مجموعة قصصية)
المؤلف: إبراهيم علي الطويل
الطبعة : الأولى 2016
عدد الصفحات: 80 صفحة
الناشر : فراديس للنشر والتوزيع-البحرين
القبض على اللحظة هو فن الأديب البارع بينما سرد الوقائع التاريخية هو فن المؤرخ الفذ، وعندما ينجح الكاتب في اقتناص اللحظة المدهشة من تاريخ البشرية فهو مبدع لأنه يتنفس برئتين ويفكر بعقلين ويعيش بقلبين، وهنا نقف أمام عمل نجح الكاتب فيه بذلك.
ضوء من بعيد اسم العمل الذي يوحي بالعمومية ولكنه في حقيقة الامر ترميز عميق في سياق ادبي قصص لما يمكن اعتبره لحظة تحول هامة شهدته منطقتنا (الأحساء) في مرحلة استثنائية حددت ما سيكون مستقبلها ومستقبل الخليج كله.
ولأن ذاكرتنا مثقوبة فهي لا تختزن إلا النزر القليل مما يمر عبرها، ولأن المئة العام الماضي كانت زاخرة بالأحداث والتحولات الدراماتيكية فإننا بحاجة ماسة لمن يذكرنا حتى بأسمائنا، بما كنا عليه فعلا، وبالرواية الكاملة لما حدث قبل أن تتحول إلى اسطورة لا حقيقة لها.
ضوء من بعيد عمل متورط في زمن التحول الذي عرفته الأحساء خمسينيات وستينيات القرن الماضي عندما فرض النفط نفسه كعامل تحول أساسي ولاعب فريد حول اقتصادنا من الزراعي إلى الريعي، ومن الجهل إلى التعلم، ومن البساطة إلى كل التعقيدات النفسية والاجتماعية والفكرية والسلوكية التي عرفناها وسنعرفها.
المرحلة التي بدأت فيه شركة الزيت العربية الامريكية بالعمل واستقطاب شبان المنطقة الشرقية لم تكن هادئة وعادية كما يريد البعض أن يتصورها بل زخرت بتموجات عنيفة أحيانا كالصراع الاجتماعي حول جواز العمل مع الكفار والتساؤل حول مستقبل الزراعة وتضعضع الفاعل الديني، وصولا إلى نظام العمل الجديد كليا على أبناء البلد بكل ما فيه من جوانب مضيئة وأخرى سوداء، وبما افرزته طبيعة العمل من احتكاك بين أبناء الريف البسطاء مع ألوان من البشر من الآخر الأمريكي إلى الشقيق العربي بكل التناقضات والأفكار التي يحملونها وكيف سيتعامل معهم وصولا إلى التصادم من السقف الرسمي.
ومع هذا كله فإن العمل الأدبي يبقى حاضرا في مجال الجماليات وزهو الحياة بكل ما تحمله من حب واحاسيس ومشاعر وخيبة وأمل وخوف وطموح.