الخميس، 4 أكتوبر 2018

هل وقع الطوفان فعلا؟



هل وقع الطوفان فعلا؟؟



توقفت قبل سنوات عند موضوع آيات العذاب في قصص الأنبياء التي وردت في القرآن والوارد أن الله أبادهم وسلط عليهم العذاب، فطرأ في بالي تساؤل:

كيف لله الرحمن الرحيم الذي هو –كما في بعض الروايات- ارحم بكم من أمهاتكم

كيف به يعذب ويهلك عبيده الذين خلقهم لأنهم عصوه ولم يؤمنوا به ولم يتبعوا رسله؟

نعم له حق التصرف فيما خلق ليس هنا الخلاف، الخلاف هل يتسق العذاب الوارد في الآيات بصفات الرحمة واللطف والحلم؟

لو أن ولدا أنكر أمه وجحدها وأهانها وأنكر نسبته لها ورفض طاعتها وبرها وقابل إحسانها بأشد أنواع الكفر والإسفاف، هل نتخيل أن هذه الأم ستلجأ الى إغراقه بالماء مثلا؟ أو دفنه حيا؟ أو إمطاره بالحجارة الحارقة؟

هل سنعتبر أن هذا السلوك متسق مع الرحمة والحنان الكبير من قبل هذه الأم؟

لو فعلت لما وجدنا لها مبررا وهي بشر، فكيف برب العباد الغني عنهم؟

طفقت أقرأ آراء اكابر المفسرين السنة والشيعة ولم اصل إلى ما يشفي الغليل ولا ما يقنع وكلها تقريبا تؤكد معنى العذاب الحقيقي والمادي الواقع على أقوام سالفة.

وبعدها أخذت أقرأ في بعض الكتب التي تناولت قصص الانبياء من زوايا مختلفة، ولتقادم العهد فقد نسيت اسماء الكتب وربما أعود للبحث فيها لاحقا، إلا أن خلاصتها في اتجاهين إثنين:

الإتجاه الاول:

 يرى أن تلك الآيات يجب أن تحمل على المجاز لا الحقيقة، فلا حقيقة لإغراق قوم نوح بالماء كما يفهم من قصة النبي نوح، بل أن الإغراق هنا إغراق معنوي لا مادي، كأن يكونوا في حالة من الهم والحزن مثلا.

ويستشهد برأي لباحثين جولوجيين يرون أن الأرض لم تشهد منذ ظهور الإنسان العاقل (الحالي) طوفانا غطاها كاملة كما هو التصور الديني للطوفان، فنحن لا نملك إلا أن نقول أما أن يكون الطوفان كان جزئيا أو أنه وقع قبل زمن الإنسان المعاصر أو أنه وقع في غير هذه الأرض، أو أنه لم يقع أصلا.



الإتجاه الثاني :

يرى أن القرآن ذكر قصص الأنبياء على سبيل استخدام التراث وليس الإخبار، بمعنى أن القرآن استخدم هذه القصص المعروفة والمنتشرة في زمن نبوة النبي محمد كحقائق من أجل التحذير والنذير وليس من اجل ذكر الحقائق والوقائع، فهي كما ورد في القرآن (اساطير الاولين) بمعنى قصص شعبية معروفة لدى كل الناس في وقتها، فكفار قريش لم ينكروا ما ورد لأنه من تراثهم، ولكنهم قالوا عنها أنها قصص الأولين، فاستخدمها كوسيلة صالحة لتحذير الناس بما لديهم من قبليات وأفكار مسبقة.



وأنا هنا لست في معرض تصويب رأي وتضعيف رأي آخر، وليست في وارد محاكمة هذا الرأي ورده أو قبوله، ولكني أحببت أن أطرق أبوابا أوسع للحوار، فحتى قصص الأنبياء وعذابهم يرد عليها الإشكال وقد لا ترد الإشكال الأصلي.