الاثنين، 31 يوليو 2017

راية الحيدري



راية الحيدري





قبل بضعة أشهر كنا في لقاء أخوي عندما مازح أحد الحضور صديقنا بقوله: مرحبا بوكيل المرجع الحيدري في الأحساء وضواحيها، فرد عليه صاحبنا بابتسامة مشرقة قائلا: أنا غير محسوب على أحد ولا أمثل أي مرجعية أو تيار أو طرف.

كان الرد بالنسبة لي على الأقل مريحا ويدعو للتفاؤل فصاحبي الذي اعتز به هو باحث صادق ولديه من القدرات المعرفية والفكرية ما يؤهله ليصبح واحدا من أهم الباحثين في مجال الدراسات الشرعية في المنطقة، والباحث يحتاج دائما أن يكون محايدا ومستقلا وإلا تحول إلى صدى للآخرين.

في الآونة الأخيرة لاحظت كما لاحظ آخرون أن صديقنا بات المنافح الأول عن أفكار ومقولات السيد الحيدري، واصبح حساسا جدا ضد أي نقد أو لوم أو مناقشة لأفكار الحيدري، والأخطر أنه يعتبر نفسه معنيا بأي شيء يتعلق بالحيدري، ومن الواضح أنه ليس حريصا على بيان رأيه الشخصي كباحث بل بالدفاع والمنافحة عن أفكار الحيدري مهما كانت هذه الأفكار والمقولات غير ذات أهمية جوهرية، وأحيانا يجد المتابع أنه يتكلف في الرد بشكل تتلاشى فيها حدوده مع حدود الحيدري، وكأن نقد أفكار الحيدري يساوي نقد شخصه.

قبل نحو ثلاثين عاما عندما خرج الكثير من الشبان يدفعهم الحماس الديني نحو الحوزات الدينية في مدينة قم توقعنا أن يرجعوا لنا علماء وفقهاء لكننا صدمنا أن كثيرا منهم أهمل الدراسة والمعرفة وعاد لنا رافعا رايات ومنخرطا في تيارات ليستقطب الكفاءات ويصادرها لصالح فلان وعلان، حتى استوطنت صراعات المرجعيات في بلادنا رغم أنهم بعيدون عنا، لذا أتمنى من صاحبنا الذي عرفته واعيا فطنا أن لا ينخرط في هذه الأجواء المسمومة، فحالة الصراع بين المرجعيات حالة قديمة وستستمر، والخسارة بالنسبة لنا ليس خسارة الحيدري بل هي خسارة باحث محايد وقلم ناضج يضيع في تلك الصراعات اللامنتهية.

إذا كنت قسوت في كلماتي فإنني أتألم من استمرار نزف النخب وضياع الطاقات في مثل هذه المماحكات وأتمنى على صاحبي العزيز أن يكون كما نتوقع منتجا للمعرفة والأفكار وباحثا محايدا يقف على مسافة واحدة من كل التيارات التي تعج في المنطقة فأمامنا الكثير للكتابة عنه والبحث فيه بعيدا عنها.