قضايا المرأة
تعتبر القضايا المتعلقة بأحوال المرأة من اكثر القضايا اثارة للجدال و النقاش في الفكر الاسلامي المعاصر ، و هذا مفهوم نتيجة المنعطف التاريخي الذي يمر فيه العالم الاسلامي ، و انعاكس للنتائج المعرفية و الحضارية التي وصلت لها الانسانية في العصر الحاضر ..
حجر الزاوية في قضايا المرأة يرجع الى فهم حقيقة المرأة و طبيعتها ، فلطلما أعتبرت المرأة مخلوقا أقل درجة من الرجل ، و أعتبرت أقل منه انسانية أو ان طبيعتها البشرية غير نقية لذا فهي لا ترتقي اليه ، و هذا المعتقد مسطر في كتب التاريخ و أعتقدت به الكثير من الامم السابقة ، بل و حتى على مستوى فلاسفة و مفكرين كبار ، و تسربت هذه الافكار للاديان ايضا ، و اذا كنا نقول ان الاسلام أنصف المرأة فإن أجتهادات الفقهاء في بعض اجتهاداتهم القديمة ظلموها اشد الظلم ، أما الممارسة في العصور الاسلامية فكانت دوما تعبر المرأة ناقصة الانسانية ..
إن الفلسفة الانسانية المعاصرة التي وصلت الى نتيجة نهائية تقول بمماثلة المرأة للرجل في الانسانية و الآدمية ، تلك النتيجة هي التي تمنحها الحقوق و الواجبات المتساوية دون تمايز اعتباري غير حقيقي ، ذلك الاعتبار الوهمي الذي ينتهك وجود المرأة الانساني فيجعله أدنى في الوجود بالتالي في الحقوق و الامتيازات .
و من هذا المنطلق الفكري أنعكس الامر على الممارسة ، فالرجل الذي يعتبر المرأة مخلوقا أدنى و وجوده منتهي الى الرجل و دوره خدمة الذكر و الحرص على متعته ، فإنه لا يعتبر الزواج إلا نوعا من عقود السخارة ، حيث يأتي الرجل بامرأة تقوم بخدمة و طاعته و الحرص على شهواته و ملذاته ، أما الفكر الانساني الذي يعتبر ان اهلية المرأة مساوية لأهلية الرجل فإنه يعتبر الزواج مشروع شراكة لطرفين متساويين في هذه الشراكة ، يحرص كل شريك على نجاح تلك الشركة (الاسرة) و استمرارها و كلاهما يتحملان المسؤولية بذات الدرجة في مستقبل الاسرة و استمرارها .
و إن كانت شراكة الاسرة تقتضي توزيع الادوار بما يتناسب و بما يرتضي الطرفين فإن هذا الامر لا يكون الا برضاهما و اختيارهما دون ان يعني دونية طرف دون آخر .
و الامر ذاته عند التطرق لموضوع التعدد ، فالذكر الحريص على شهواته لا يقيم وزنا لشريكه الآخر ، و يعتبر ان متعه و أهواءه مقدمة على زوجته التي لا يعطيها حق التدخل في أنقاذ الاسرة من صلفه و حماقته و يعينه على ذلك مجتمع ذكوري و ثقافة جائرة .
هناك فارق شاسع بين تكريم المرأة كانسان كامل الانسانية و بين إدعاء تكريم و المرأة و ممارسة أشكال التحقير و الاسفاف ، و بكلمة واحدة من يريد ان يكريم المرأة فعليه ان يعتبرها انسان مساوي له في الحقوق و الامتيازات ..