الاثنين، 30 يناير 2012

المنبر الحسيني

المنبر الحسيني
الماضي و الحاضر و المستقبل






مقدمة
منذ انطلاقة ثورة الامام الحسين عليه السلام وهي تشغل بال الباحثين و المحققين و الكتاب لما لها من اثر في وجدان الامة و مصيرها، و لما افرزته من ظواهر و امتدادات ، و لعل ظهور مجالس الحسين أو المنبر الحسيني أو الخطابة الحسينية واحدة من تلك الافرازات على اختلاف في ظهورها و شكلها إلا ان تواصلها عبر الحقب التاريخية و لو بأشكال مختلفة و عبر تأثيرها البارز على الشيعة لما لها من شعبية طاغية لدى مختلف النخب و شرائح المجتمع يجعل لها أهمية استثنائية ، و يجعلها جديرة بالبحث و التقصي ، على ان هذا الموضوع واسع جدا و محاوره كثيرة الا اننا سنسلط الضوء على بعض جوانبه تاركين بقية الجوانب لمستقبل الايام.

ماهو المنبر الحسيني
ما نعنيه بالمنبر الحسيني هو نوع من الخطابة التي اربتطت بذكرى الامام الحسين عليه السلام و جعلته محورا اصيلا و مهما فيها ، لذا فهي نوع خاص من الخطابة كالخطب السياسية و الخطب العسكرية و الخطب الدينية، و من اهم اجزاء تلك الفعالية ان يرتقي الخاطب مرتفعا وضع لأجل هذا الامر على صورة الكرسي المرتفع ذو درجات ليسهل عملية الصعود اصطلح عليه بالمنبر.

مميزات المنبر الحسيني
يتميز المنبر الحسيني على تعدد اساليبه بالتالي :
-         يجعل ذكر الامام الحسين جزءا اصيل و متكررا من الخطبة و هذا ما يميزها غيرها من الخطب
-         ابتدأ الخطبة أو أختتامها أو بالاثنين معا بذكر الرثاء على الامام الحسين سواءا شعرا او نثرا

كيف بدأ المنبر الحسيني
بالرغم من اجماع الباحثين على ان البكاء على الامام الحسين كان سباقا لمصرعه في كربلاء فقد روى ان النبي ص قد بكاء عليه كما في مسند أحمد بن حنبل  عن علي (عليه السلام) قال : (( دخلت على النبي (صلّى الله عليه وآله) ذات مرّة وعيناه تفيضان ، قلت : يا نبي الله ، أغضبك أحد ؟ ما شأن عينيك تفيضان ؟! قال (صلّى الله عليه وآله) : بل قام من عندي جبرائيل فحدّثني أنّ الحسين يُقتل بشط الفرات )) . ، إلا ان المنبر الحسيني لم يبدأ إلا بعد استشهاده ، و لعل أول من رقى منبرا و خطب خطبة ذكر فيها الحسين عليه السلام و مصرعه و ابكى الحضور هو الامام السجاد في خطبته المشهورة في الشام
ثم تتالت الوقائع من الائمة من بعده و من علماء الشيعة في ارتقاء المنبر و ذكر مصاب الامام الحسين عليه السلام.
و  شكل اقامة مجلس المنبر الحسيني اخذ في التغير و التطور عبر التاريخ ، فنجد الامام الصادق يجلس النساء خلف الملاءه  و يدعو الشاعر الى رثاء الحسين فيبكي الحضور ، و الامام الرضا يدعو دعبل لانشاد الشعر بطريقة حزينة حتى يبكي ،و هكذا

 مناهج المنبر:
يمكن تصنيف مناهج المنبر الحسيني حاليا الى :
1-    المنبر التقليدي :
و طريقة هذا المنبر انه يركز الجانب العاطفي في قضية الامام الحسين و ذكر الرثاء و المصيبة و موضوع الخطبة لا تخرج عن فضائل اهل البيت و كراماتهم و مقاماتهم و بعضا من وصاياهم و احاديثهم  ، فالمجلس من اوله الى اخره لا يخرج عن هذا الايطار .
و بالرغم من ان هذا المجلس يحظى بشعبية لدى كبار السن إلا انه غير مرغوب من فئة الشباب لبعده عن قضايا المجتمع و هو لا يختلف من مجلس لاخر في شيء
و قد يعاب عليه ان كثيرا من رواده ليسوا على مستوى من المعرفة الدينية و ليسوا من اهل البحث و التحقيق فينقلون من بطون الكتب الغث و السمين مما يؤثر سلبا على افكار الناس و معتقداتهم
2-    المنبر الحديث
و ميزته الفارقة انه يسعى لطرح موضوع يهم المجتمع و الحضور و يناقش قضايا الساعة و يستخدم الاساليب الحديثة في معالجتها كالاحصاءات و الابحاث و الارقام و اساليب التفكير العملية و البحثية
 و يحرص رواد هذا النهج على الدقة المعرفة و الامانة الادبية و المعلومة الصحيحة ، و لكن الاشكال الذي يقع فيه هذا المنبر انه يقع في شخصنة الفكر و عدم حياديته ، لذا تجد الخطيب ينتصر لفكره و معتقداته و اراءه و يقدمها للمستمع على انها الحقيقة و النتيجة النهائية السليمة ، دون ان يعطي فرصة التفكير و البحث و التحقق و الاختلاف أو الوصول الى نتائج أخرى من قبل المستمع .
3-    المنبر العام
اما المنهج الثالث فهو الخطبة العامة التي يتقدم بإلقائها متخصص سواء في العلوم الدينية او المعرفة الاخرى ثم يتبعه بعد ذلك قارئ الرثاء ، اما علاقة هذا الاسلوب بالمنبر الحسيني انه يستغل المناسبة العاشورائية من جهة كما انه يختتم بأبيات الرثاء بإلقاء شخص آخر ، و هذا الاسلوب لم ينجح في بيئتنا التي تعودت ان تسمع الخطبة و النعي من شخص واحد ، فلم تفضل هذا النوع من الفصل بالرغم من انتشاره في مجتمعات شيعية أخرى كايران مثلا .
تحديث المنبر :
إن الداعي للاهتمام بتحديث المنبر يكمن في دوره الخطير في التأثير على المجتمع في حاضره و مستقبله ، و لأن رواد المنابر الحسينية يشكلون كافة اطياف المجتمع باختلاف افكارهم و توجهاتهم و قناعاتهم ، لذا فإن تحديث المنبر الحسيني و تطويره يؤدي بشكل حتمي الى التأثير على المجتمع ككل و يسهم في تغييره و تطويره و العكس صحيح ايضا .
و مع ابقاء اصالة القضية الحسينية و جوهرها فما عداها يجب ان يخضع للتحديث .

غير ان هناك منهجان للتحديث
o      تحديث الاسلوب :
في زمن وسائل الاتصال المتطورة و المتقدمة بات من غير المنطقي استخدام نفس اسلوب و ادوات الاتصال التاريخية التي عفا عليها الزمن ، لذا يجب يتغير المنبر الى اساليب اكثر حداثة و قدرة على العطاء ، بل ان تصميم المجالس الحسينية يجب ان يختلف وفقا لمعطيات الاساليب العصرية .
ان استخدام تقنيات كأدوات العرض (داتا شو) أو البروجكتر ، و برامج العرض (البوربوينت) و الفلاشات و اساليب العرض البصري من ضرورات الخطابة اليوم ، كما استخدام فنون الاتصال و اللإلقاء و الموسيقى و التصوير يعطي مردودا ايجابيا في عطاء المنبر .
كما ان اسلوب الملقي و المستمع بات من الاساليب القديمة لصالح اسلوب التفاعل المتواصل بين الطرفين وهو ما يحقق الفائدة المرجوة

o      تحديث المحتوى
اما عن تحديث المحتوى في جانب الفكري و الثقافي و كما الادبي و الشعري ضرورة قصوى بعيدا عن اسلوب التكرار و الاجترار الذي بات سمة كثير من مجالس المنبر اليوم . 
ان محتوى المنبر الحسيني يجب الحرص على اعدادها و التحضير لها  لتكون حصيلة جهد مستمر طوال العام ليكون موسم عاشوراء وقت للحصاد ، و يجدر ان تتولى فرق عمل الاعداد الجيد لمحتوى الخطب العاشورائية بدل العمل الفردي الذي سيضل قاصرا دوما
                    إن اي عملية تحديث للمنبر الحسيني لن تؤتي دورها الإ بوجود مؤسسة راعية للمنبر و مشرفة عليه و قادرة على تطوير و تنمية و تحديث المنبر .   

تياران في ساحة المنبر :
يمكن القول و بشكل عام ان هناك تيارين غالبا ما يتصارعان في فرض وجهتي نظرهما ، تيار يركز على البكاء و الجانب العاطفي و تيار يركز على الاحياء الفكري و النظري
o      تيار العَبرة :
يستمد تيار العبرة و العاطفة قوته و دلالته في الكم الكبير من الاحاديث و الروايات التي تركز على البكاء و الحزن بل و الجزع على مصاب ابي عبدالله الحسين ، و عظم ثواب البكاء و الابكاء .
ان القضية الرئيسية في هذا التيار ترتكز على احياء شعائر الحزن و البكاء و اظهار الجزع على الحسين و مصابه و الحديث عما جرى عليه و على اهل بيته من قبل قاتليهم
o      تيار العِبرة
اما التيار الاخر فهو يعتقد ان الامام الحسين ع و من معه لم يستشهدوا ليبكى عليهم و لم يقتلوا لكي نقضي حياتنا في الحزن عليهم ، لقد خرج الحسين من اجل اقامة الدين و الاصلاح في الامة و بناء حضارة الاسلام و اقامة امر الله في ارضه ، و تحقيق اهداف ثورة الحسين لن تتم بالاقتصار على البكاء و النوح و اللطم ، انها تتحق عبر تحويل طاقة الحزن الهائلة الى مشاريع حقيقية على الارض تسعى للرقي بالانسان و اصلاح كما اراد الحسين ، تتحقق بالمعرفة و الوعي و الفكر الصحيح .
ان الحزن و البكاء مطلوب لكن ليس لذاته بل من اجل خدمة القضية و الحفاظ عليها .
كان البكاء و الحزن على الحسين في زمن الائمة يشكل خط الدفاع المتقدم للهوية الشيعة و الباعث المحرك للمجتمع نحو التغيير اما اليوم فقد تحول البكاء الى اشبه بالمسكن و المخدر الذي يجعل الشيعي يشعر بعد حضوره لمجلس البكاء على الحسين بأنه أدى واجبه و قام بدوه تجاه الاسلام و اهل البيت ، فيخرج من المجلس ليعود الى روتين حياته العادي دون ان يكون المجلس مغير في سلوكه و فكره .
                  
خاتمة و امنيات
للوصل الى المستوى المطلوب للمنبر نتمنى الاتي :
1-    تحويل عمل المنبر الحسيني من العمل الفردي الى المؤسسي عبر ايجاد معاهد متخصصة في اعداد الخطباء و المنبريين و راعية لهم
2-    ضرورة اشراك فئات المجتمع في مسيرة المنبر الحسيني و عدم الاكتفاء برجال الدين ذلك لقصور فئة واحد بأحتواء كافة معارف الحياة و احتياجات المجتمع خصوصا أننا في عصر تفرع العلوم و التخصص
3-    تحويل موسم عاشوراء الى موسم فكري و ثقافي و علمي و عملي لتجسيد عاشوراء في الواقع المجتمعي و الوعي الفردي
4-    رفع مستوى الافكار المطروحة بما يتناسب و التقدم الفكري و المعرفي للمجتمع
5-    ضرورة اشراك المستمع في الحوارات المنبرية و عدم ابقاءها في حال خطاب الاعلى الى الادنى
6-    استخدام الوسائل الحديث في تطوير اليات و اساليب المخاطب للمجتمع و للاخر في ذات الوقت



الأربعاء، 4 يناير 2012

رصيد نهاية العام


رصيد نهاية العام
 

يقال ان لكل شخص نصيب من مهنته ، فالانسان كلٌ لا يتجزأ لا يمكن ان يفصل ذاته في عمله عن ذاته في اسرته مثلا أو مع اصدقاءه فصلا تاما ، خصوصا عندما يكون قد قضى جل نهاره في عمله ، لذا كمحاسب لابد لي من التأثر الشديد بمهنتي ، فتاريخ 31/12 من كل عام تعني اقفال الحسابات لسنة ماضية و الاستعداد لبدء حسابات سنة جديد .
و لعل من شديد تأثري بمهنتي كما ذكر أحد الاصدقاء ان زواجي كان في نهاية العام 2006 لأقفل حسابات العزوبية و ابتدء حسابات حياة جديدة مع بداية عام جديد ..
ان اقفال الحسابات السنوية لا يقتصر على الامور المالية فحسب بل يجب ان تمتد لكافة جوانب الحياة ، لذا يجدر بنا في نهاية كل عام ان نجرد حصيلته النهائية و ننظر ماذا انجزنا و في ماذا اخفقنا ؟  هل كانت السنة المتصرمة من سنوات الربح أم سنوات الخسارة ؟ هل تقدمنا في ذواتنا سنة كاملة أم ان ما زاد فقط أعمارنا ؟
و بعد الاجابة على هذه الاسئلة يأتي دور التخطيط السليم لسنة جديدة قادمة ،و التخطيط السليم هو ما يساعدنا على التقييم في نهاية العام ، و بطريقة سهلة و بسيطة سأقول لكم ، كل ما هو مطلوب منا ان نضع عددا مناسبا من الاهداف لنحققها في سنة واحدة ، و لتكن الاهداف في مختلف جوانب الحياة  ، فكرية و ثقافية و روحية و مادية و اجتماعية و صحية و جسدية و .. .
لنضرب مثلا ، في الجانب الثقافي ضع هدفا محددا أن تقرأ عشرة كتب خلال السنة ، و في الجانب المادي حدد ان تدخر خمسة الاف ريال على سبيل المثال و في الجانب الصحي حدد ان تمشي لمدة نصف ساعة في ثلاثة ايام من كل اسبوع ، و هكذا انتقل من جانب الى جانب ، و في نهاية السنة سيكون سهلا ان ترى انك حققت اهدافك ام لا .
ابدأ الان ولا تتأخر ..
ابدأ بالتفائل و التحدي و الطموح ..
ابدأ متوكلا على الله عاقدا العزم على الانجاز و التفوق ..
ابدأ و لا تتأخر أكثر ..
كن الاول و لا  ترضى بغير التميز عن غيرك..
كن كما تشاء ..